بقلم غالب قنديل

ردع أردوغان ومسؤولية الحلفاء

ardd

غالب قنديل

العربدة الجبانة والمنظمة التي يقودها رجب أردوغان مسخرا قدرات تركيا وإمكاناتها في العدوان على سورية لاتستهدف سورية وحدها بل هي تطال المحور السوري في المنطقة والعالم وهي تعني بالذات كلا من روسيا وإيران والصين الشركاء الاستراتيجيين لسورية الذين لديهم القدرة على اتخاذ خطوات حاسمة تفرض على حكومة الوهم العثماني مراجعة حساباتها .

اولا وضع الحكم الأخواني التركي جميع إمكاناته في تصرف جماعات الإرهاب التكفيري ووحدات المرتزقة والعملاء التي تعمل المخابرات الأميركية لتجنيدها ومن الواضح لكل من يتابع ان الحكومة التركية ترمي بثقلها في العدوان على سورية وهي رأس الحربة الفعلي في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة فهي تحتضن داعش والنصرة وغيرهما وسائر الواجهات السياسية العميلة المعادية للدولة الوطنية السورية وتقيم على أرضها غرف العمليات ومخازن السلاح ومعسكرات التدريب لجميع الفصائل المسلحة وتوفر العبور الآمن إلى سورية لآلاف الإرهابيين القادمين من مختلف دول العالم .

حاولت روسيا وإيران بصورة خاصة اختبار فرص احتواء الدور التركي والحد من تورط انقرة في العدوان على سورية ويمكن القول إن التوغل التركي الأخير يمثل نعيا للمحاولات الروسية والإيرانية المنسقة التي جرت خلال الأشهر الأخيرة من خلال زيارة الرئيس بوتين إلى تركيا والتي وقعت خلالها رزمة من الاتفاقات الثنائية بينما لم تنقطع الاتصالات الإيرانية التركية على جميع المستويات ولم توفر طهران جهدا لمحاولات التأثير على الموقف التركي وقد نسق الحليفان الكبيران لسورية إيران وروسيا خطواتهما في جهود مركزة للتأثير على الموقف التركي الذي لم يوفر فرصة استعراض عدوانية ولو في حدود إثبات الحضور بعدما غرق في خسارات كبرى لرهاناته الخائبة بفعل الصمود السوري ولكنه ما زال يمثل مصدر الخطر الذي يغذي أدوات العدوان ويرعاها لما هو أبعد من الثمن الخليجي المدفوع.

ثانيا النفاق السياسي التركي اتجاه موسكو وطهران وبكين يغطي مروحة واسعة من الابتزاز الاستراتيجي فحكومة الوهم العثماني منخرطة في حلف الناتو وشريكة للسعودية وقطر اللتين تغدقان المال عليها في سبيل تدمير سورية وتحت عنوان اعتراض صعود إيران ونفوذها في الإقليم وبتناغم مباشر مع إسرائيل يدير هؤلاء الشركاء حربهم على سورية عبر الأردن وقد انكشفت حقائق كثيرة في الأشهر القليلة الماضية عن البعد الإسرائيلي المحوري في العدوان على سورية من حيث الأهداف والقيادة الاستراتيجية بينما شرعت تل أبيب توسع دورها في العدوان على سورية تعويضا عن استنفاذ الآخرين لأدوارهم وقدراتهم ويبدو المشهد اليوم عاريا فسورية مستهدفة من الشمال بقيادة أردوغان بدواعشه وقاعدييه وليبرالييه وأخوانه ومن الجنوب بقيادة نتنياهو والكومبارس العربي المالي والميداني يضم في الجبهتين كلا من قطر والسعودية والأردن وبعض الأدوات كتنظيم الأخوان وفصائل القاعدة.

أدوات الردع الاقتصادي والسياسي التي تملكها إيران وروسيا والصين في مواجهة الابتزاز التركي هي الأشد فاعلية نظرا لدرجة الاعتماد التركي على العلاقات مع طهران وموسكو بوجه الخصوص وفي حين تلاقي تركيا صدا غربيا متواصلا لمساعيها الهادفة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والظفر بمكانة مميزة في أسواقه للسلع والمنتجات التركية فإنها تكاد تكون تابعة لكل من إيران وروسيا والصين في مجالات كثيرة اهمها النفط والغاز والتبادل التجاري.

ثالثا تحولات الميدان السوري حاسمة وواضحة في اتجاهها وبعد انتقال سورية ومحور المقاومة إلى الهجوم انطلاقا من الجبهة الجنوبية حيث تقوم معادلات ردع استراتيجية ضد إسرائيل يكرسها القرار بالمبادرة والاستعداد لمجابهة أسوأ الاحتمالات حتى لو بلغت المواجهة حد الحرب الكبرى في المنطقة وهو ما يفسر الخرس الصهيوني الكلي رغم استمرار عمليات الجيش العربي السوري التي تشارك فيها وحدات من حزب الله والحرس الثوري الإيراني جهارا وبراياتها المرفوعة والمنظورة تصريحا عن وحدة المحور وعن القرار التاريخي الذي اتخذته القيادة السورية بردع إسرائيل بالشراكة مع إيران والمقاومة .

معادلة الجنوب ينبغي ان تصح في الشمال وادوات الردع في مجابهة تركيا تحتوي تدابير وخطوات تجارية ونفطية قد يكون مجرد التلويح بها كافيا بالنظر لنتائجها الصعبة والمكلفة ويقتضي الأمر من القيادتين الروسية والصينية التصرف مع تركيا على الطريقة الإيرانية بلغة الإدانة العلنية لخطواتها الرعناء المرفوضة والمدانة وإشعار حكومة اسطنبول بالتبعات الاقتصادية الموجعة للتمادي في هذا السلوك الأحمق ضد دولة محورية مهمة هي اليوم رأس الحربة العالمي في الكفاح ضد الهيمنة الأميركية الأحادية.

الصين وروسيا معنيتان مباشرة ليس فحسب انطلاقا من حصاد صمود سورية وعائداته عليهما التي ارتدت تعزيزا لمكانتهما المؤثرة في خارطة العالم الجديدة بل كذلك لأن مشاريع وخطط حزب الحرب الأميركي تلحظ دورا تركيا محوريا في إعادة توجيه الإرهاب التكفيري نحو وسط آسيا ضمن خطة استراتيجية لإشعال الحرائق واستنزاف روسيا والصين وردع تركيا اليوم سيكون دفاعا مشروعا عن النفس في الغد القريب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى