بقلم غالب قنديل

العدالة لميشال سماحة

sma7a

غالب قنديل

شكل إعلان وزير العدل أشرف ريفي عن وجود معلومات حول محاولة لاغتيال الوزير المعتقل ميشال سماحة نقلة مفاجئة في هذه القضية التي يكتنفها غموض وملابسات كثيرة وقد اعتبرت عائلة سماحة إعلان الوزير ريفي بادرة للضغط السياسي على المحكمة العسكرية لمنع الموافقة على طلبات إخلاء السبيل المتكررة التي يوجهها محامو الدفاع هذا مع العلم ان حماية سماحة من أي خطر محتمل وهي نظريا مسؤولية الدولة اللبنانية أولا وأخير اتجاه مواطنيها لا تكون باستمرار اعتقاله مع تجاوزنا للإيحاءات السياسية التي تضمنها كلام وزير العدل.

أولا من الوجهة القانونية تبدو قضية سماحة عالقة في مربع حجب الشاهد المفترض ميلاد كفوري عن المثول امام المحكمة وبالتالي منع مواجهته بالوزير ميشال سماحة وهذا ما يسبب حجب معلومات ووقائع يجد فيها محامو الدفاع قرينة تفرض ضم كفوري إلى ملف القضية كمتهم بوصفه شريكا ومتدخلا وهو الشخص الذي يعتقد كثيرون انه تم تجنيده في لعبة مخابراتية استهدفت الإيقاع بسماحة في فخ محكم وإذا ما تم إثبات ذلك بمقابلة المتهم بالشاهد فهو يطعن بأركان الاتهام الذي تم بموجبه توقيف هذه الشخصية السياسية البارزة عبر تصنيع اتهام بالتوريط والاستدراج لاستثمار العملية سياسيا وإعلاميا عبر توسيع دائرة الاتهام في اتجاه الدولة الوطنية السورية.

المؤشرات على الفخ المخابراتي كثيرة كما ترى اوساط عديدة سياسية وحقوقية تلمح إلى شراكة فرنسية مباشرة باستهداف الوزير ميشال سماحة واختيار كفوري الذي تحيط بتاريخه شبهات امنية تتصل بعمله سابقا في امن ميليشيات القوات اللبنانية خلال الحرب الأهلية وبعلاقته القديمة مذاك بالوزير ميشال سماحة التي يعتقد انها وفرت لدى المخططين المفترضين الثقة بأن دس هذا الشخص على سماحة امر متاح بالنظر إلى تلك الصلة الشخصية ويضاعف من شبهات هذا اللغز أن تدبير الفخ الأمني المخابراتي لسماحة تم على الأرجح بواسطة هذا الشخص بتزيين فكرة القيام بعمل ما ضد جماعات التكفير الإرهابية في لبنان التي باتت اليوم هدفا يعترف الجميع بأولويته في حماية اللبنانيين بمن فيهم ألد اعداء الوزير ميشال سماحة الذين تباهوا باعتقاله وطوروا خطب الاتهام والتشهير ضد شخص موقوف لدى السلطات ينتظر فرصة الدفاع عن نفسه امام القضاء وبينما ينتظر المحاكمة أصدقاء سماحة وخصومه لجلاء حقيقة ما جرى تخيم الشائعات والأخبار المتضاربة حول مكان إخفاء كفوري الذي يعامل على انه من أسرار الدولة في حين ان الجاري بالنتيجة هو تعطيل المحاكمة ومنع القضاء من التعرف على جوانب ما تزال خفية في هذه القضية التي شغلت الرأي العام اللبناني والطبيعي هو طلب العدالة في مثل هذه القضايا كحق مشروع لأي متهم وفق القوانين اللبنانية والمواثيق الدولية.

ثانيا  يرى بعض المتابعين ان التصميم الفرنسي على النيل من سماحة يعود إلى موقفه من التورط الفرنسي في الحرب على سورية فقد ربطت الوزير ميشال سماحة علاقة قديمة ومتينة بالسلطات الفرنسية وتم اعتماده كمحاور ووسيط بين فرنسا والقيادة السورية بتفويض مشترك في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي ومع تطور مواقف سماحة السياسية من العدوان على سورية باتت باريس تعتبره خصما لدودا منحازا بالكامل ضد الحلف الذي تلعب فيه دورا قياديا طورت من خلاله منصات الحرب على سورية بجهد فرنسي مباشر تمثل في دور باريس النشط برعاية الواجهات السياسية والتنظيمات الإرهابية المنخرطة في القتال ضد الدولة السورية وقد انطلق قسط كبير من ذلك الجهد الفرنسي عبر لبنان لدرجة ان السفارة الفرنسية في بيروت قامت بدور كبير في سحب خبراء ومحاربين عبر البقاع الشمالي خلال معركة تحرير بابا عمرو في مدينة حمص وترددت روايات مثيرة في الصحافة الفرنسية عن هذا الملف وذلك كله يبرر الاعتقاد بوجود قرار فرنسي بالانتقام من سماحة الذي ساهم في علاقاته الفرنسية والفاتيكانية بإثارة وكشف مخاطر التورط الغربي في دعم جماعات الإرهاب التكفيري وفصائل القاعدة لتدمير سورية وهو قام بعمل مكثف عبر صلاته السياسية والإعلامية في فرنسا واوروبا عموما للبرهنة على الخطر الوجودي الذي يتهدد مسيحيي الشرق والمسيحيين في لبنان وسورية بشكل خاص كما صرح بنفسه في إطلالاته الإعلامية.

من الشواهد التي تستوقف أصحاب هذا الرأي أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عبر عن موقف عدائي واضح اتجاه الوزير ميشال سماحة خلال زيارته إلى لبنان ومن قصر بعبدا عندما سئل عن سماحة وعن الموقف الفرنسي من توقيفه فأجاب ” هذا الشخص لا تربطه أي علاقة بأي جهة حكومية فرنسية منذ مباشرتي لعملي كرئيس للدولة ” وهذا الكلام من الرئيس الفرنسي مباشرة يعتبر بمثابة رفع للغطاء الفرنسي عن شخص ربطته علاقات متينة بجهات فرنسية فاعلة على مدى اكثر من ثلاين عاما وهو يعزز الاعتقاد بدور فرنسي رئيسي في فخ التوريط وفي عملية التوقيف المبنية عليه.

ثالثا بغض النظر عن المواقف السياسية في هذه القضية وعن ملابسات ما جرى وعن الاعترافات المنسوبة لسماحة حول قيامه بنقل متفجرات وأموال سلمها لكفوري وبعد انقضاء زمن غير قصير على اعتقال سماحة تفترض العدالة بداهة عقد المحاكمة بإحضار ميلاد كفوري ومواجهته المباشرة بالوزير سماحة ووضعه امام القضاء وبتصرفه وحده وعدم إبقائه في وضعية الشاهد المحمي بقرار سياسي كما تفترض النظر بمشروعية إلى مخاوف عائلة الوزير سماحة وشكوكها اتجاه الضغوط السياسية على القضاء لمنع الموافقة على طلبات محامي الدفاع بإخلاء سبيله بضمانات مثوله امام المحكمة لاحقا او اتخاذ قرار الإفراج عنه بانقضاء المدة الافتراضية لعقوبة نقل المتفجرات.

هذه القضية هي قضية رأي عام والحرج والصدمة اللذان أثارتهما الاعترافات التي نسبت لهذه الشخصية البارزة لدى العديد من أصدقائها وحلفائها لا يجب ان يمنعا أحدا اليوم من طلب العدالة لميشال سماحة بدلا من تركه في وضعية باتت أقرب إلى الاعتقال السياسي حيث يخشى أن تتصرف بمصيره جهات سياسية قد تسعى لإبقائه محتجزا برسم مساوماتها المحتملة مع سورية والمقاومة عندما تكتمل دورة هزيمة الحرب على سورية وتستدير حكومتا فرنسا والسعودية مجددا إلى دمشق وباليد من بين أوراق قليلة باقية ملف السجين ميشال سماحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى