بقلم غالب قنديل

إيران قلعة التحرر والاستقلال

iran-flag

غالب قنديل

تحل ذكرى انتصار الثورة الإسلامية التي قادها الإمام آية الله روح الله الموسوي الخميني وأطاحت بنظام الشاه الديكتاتوري الذي كان وكيلا إقليميا للهيمنة الاستعمارية الغربية وسمي بشرطي الخليج في سبعينيات القرن الماضي وتميز تاريخه بعلاقة عضوية وثيقة مع الكيان الصهيوني بلغت حد الدعم السياسي والنفطي لإسرائيل في حروبها ووسم جرائمه التنسيق الوثيق بين جهازي السافاك والموساد في مطاردة المقاومين الفلسطينيين وسائر القوى التحررية العربية .

اولا كانت لحظة انتصار الثورة مشحونة بفيض من مشاعر الفرح والاحتفال عند الثوريين العرب وانصار الحرية في العالم منذ اللحظة الأولى التي برزت فيها الطبيعة الشعبية التغييرية والاستقلالية  لهذا الحدث التاريخي الكبير وقد تاهت عن الجوهرالتقدمي  لتلك الثورة وأبعادها قوى عديدة مخبولة وعاجزة بعضها سلم ولو بعد حين بأخطائه في الفهم والتحليل .

كان واضحا من اللحظة الأولى ان قيادة هذه الثورة جعلت من قضية فلسطين ركيزة حاسمة لتوجهاتها ونهجها ولهوية الجمهورية الإسلامية التي أقامتها وقد كان الحدث الأهم في أيام الثورة الأولى اقتحام سفارة العدو في طهران ورفع علم فلسطين على المبنى الذي سلمه الثوار لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات و بدا واضحا مدى الغيظ والاستنفار في الدوائر الاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة للنيل من الثورة وجمهوريتها الفتية بينما اجتاح الذعر بلاطات الرجعية العربية بفعل خسارة الحكومات التابعة للغرب حليفا قويا ومهما وانطلقت على الفور المؤامرات التي توجت بحرب عدوانية دامت ثماني سنوات أوكل الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي خوضها إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بينما نظمت حكومات الخليج أوسع تحريض عدائي ضد الجمهورية التي قامت على انقاض حكم ” الأخ الأكبر ” شاه إيران عراب الرجعيين والعملاء في البلاد العربية فنصبت للغاية منصات إعلامية عملاقة تديرها أمبراطوريات أمراء النفط العرب بمعونة خبراء من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وجندت جيشا من الكتاب والإعلاميين في تصنيع الاتهامات وشن الهجمات…  لقد خافت منظومة الهيمنة الاستعمارية  من خطر انتقال العدوى الثورية إلى شعوب المنطقة.

ثانيا  تفرد الرئيس الراحل حافظ الأسد بموقف استراتيجي شجاع منذ الأيام الأولى لانتصار الثورة وقد وجد فيها حليفا موثوقا في الصراع ضد الكيان الصهيوني وخطره واتخذ مواقف مشهودة وداعمة للجمهورية الجديدة التي جاهرت بمساندة صمود سورية وقيل الكثير عن اعتبار الأسد ان انتصار الثورة الإيرانية عوض الدولة الوطنية السورية خسارة مصر ووزنها الاستراتيجي بعد كمب ديفيد وهو ما لم يلبث ان تجسد في شراكة سورية إيرانية متقدمة في دعم قوى المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية بعد الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 ويعود لهذه الشراكة الفضل في احتضان النضالات اللبنانية ضد اتفاق 17 أيار والحكم الدمية الذي فرضته الوصاية الاستعمارية الصهيونية على البلاد وقد تم بعد ذلك توظيف إمكانات هائلة سورية إيرانية في تعزيز قدرات حزب الله وسائر فصائل المقاومة اللبنانية وصولا إلى تحرير معظم الأراضي اللبنانية المحتلة الذي كان إنجازا تاريخيا هو الأول من نوعه في مسار الصراع العربي الصهيوني وهذه الشراكة ذاتها مكنت المقاومة الفلسطينية من تحرير قطاع غزة واليوم يتحدث جميع المراقبين في العالم عن قوة المحور الذي يضم سورية وإيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية الذي حطم هيبة الردع الصهيونية في حرب تموز 2006 وهو يخوض الصراع ضد الحلف الاستعماري الصهيوني التكفيري على ارض سورية حيث تلقي إيران بثقلها مع سورية والمقاومة وقوى تحررية عديدة في المنطقة والعالم في صنع توازنات عالمية جديدة متحررة من الهيمنة الأحادية الأميركية بالشراكة مع روسيا والصين ومجموعة البريكس.

ثالثا  هوية الثورة الإيرانية ومشروعها التحرري تجسدت من خلال نهج الاستقلال عن الهيمنة الاستعمارية والسيطرة التامة على الموارد الوطنية الضخمة لصالح خطة للتنمية الوطنية والعدالة الاجتماعية وقد تمكنت الجمهورية الإسلامية من تجديد بناها ومؤسساتها بابتكار هندسة عبقيرية للمؤسسات قاعدتها الاحتكام للإرادة الشعبية وفقا لما رسمه قائده الثورة الإمام الخميني وتابعه وطوره مرشد الجمهورية الإمام السيد علي الخامنئي بحيث منع تكلس مؤسسات السلطة وقام التنافس بين التيارات السياسية ضمن تلك المؤسسات مما سمح بالحفاظ على وهج الثورة وديناميكية التغيير في المجتمع وهذا ما اتاح للجمهورية ان تحول التهديدات إلى فرص وان تحبط ما تعرضت له من حصار وعقوبات استعمارية وما جابهته من مؤامرات سياسية ومخابراتية استهدفتها ولا تزال وصولا إلى ما حققته من غإجازات عظيمة ببناء قوة اقتصادية ضخمة مستقلة ومكتفية ذاتيا رغم الحصار والحروب.

إن البرنامج النووي السلمي الذي يشكل اليوم عنوان الصراع المركزي بين إيران والغرب الاستعماري يشكل التعبير الحي عن هويتها الاستقلالية لأنه يمس العصب الرئيسي لمنظومة الهيمنة الإمبريالية المتمثل باحتكار التكنولوجيا والمعرفة العلمية  فإيران تناضل لاستكمال ثورتها الصناعية ولتأكيد استقلالها التام بامتلاك التكنولوجيا وهي تنتزع المزيد من المكاسب ببراعة تدعو للإعجاب والتقدير.

التحول النوعي في واقع إيران ودروها الحضاري وفي كونها قوة مساندة لكفاح الشعوب الحرة وبالذات لقضية فلسطين هو إنجاز ثمين لتلك الثورة فاضت حصيلته على شعوب المنطقة ودولها الحرة فذكرى هذه الثورة العظيمة تحل ذكراها مكللة بالإنجازات الكبرى التي تستحق التحية ومعها تحية مستحقة لقيادة ولشعب شقيق ولدولة شقيقة تقف مع سورية والمقاومة في وجه العدوان الاستعماري الصهيوني وفلول الرجعية في المنطقة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى