بقلم غالب قنديل

الرد على عدوان القنيطرة

rajmat

غالب قنديل

تبارى سياسيون ومحللون ومعلقون من مواقع مختلفة في الإدلاء بآراء واجتهادات حول الرد الذي ستسدده المقاومة ضد العدو الصهيوني بعد العدوان الإجرامي الذي استهدف مجموعة من المقاومين قرب القنيطرة في هضبة الجولان السوري وذهب البعض في تناول الموضوع إلى الكلام عن حرب شاملة قادمة وعن سيناريوهات متخيلة عديدة وصدر ذلك من موقعي انصار المقاومة وخصومها فالأنصار يتمنون ان تكون ساعة المجابهة الفاصلة المؤجلة قد أزفت على عهد تحرير فلسطين بينما اجتر الخصوم أسطواناتهم البالية والبائسة عن كلفة ما يدعونه تدخل حزب الله في سورية وهم في هذه المرة بدوا وكأنهم يكرسون ذلك التدخل ويعترفون به ولكنهم يتمنون على قيادة المقاومة أن تحصر ردها في الجبهة السورية على طريقة ” كش برا وبعيد “.

أولا أكد العدوان للعديد من المخالفين الحقيقة التي رددها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله حول البعد الإسرائيلي الجوهري في العدوان على سورية سواء من حيث ارتباط الأهداف الكامنة خلف تلك الحرب بسعي إسرائيل للنيل من منظومة المقاومة التي تمثل سورية العربية بقيادة الرئيس بشار الأسد محورها وعصبها الجغرافي والعسكري والسياسي او من حيث التدخل الصهيوني المتصاعد في الميدان السوري والذي يتحول من كواليس العمل المخابراتي والضربات العدوانية المتنقلة إلى التحركات المكشوفة والمباشرة من خلال التبني السافر لعصابات من المرتزقة والتكفيريين وتقديم الدعم المالي واللوجستي لعملياتهم بحيث بات كلام السيد نصرالله عن ذلك الترابط العضوي بين التكفير والصهيونية يحظى بمصداقية عالية تؤكدها سلسلة الأحداث الجارية في الجبهة السورية الجنوبية التي تم عبرها تنسيق خليجي أردني تركي إسرائيلي بقيادة أميركية أطلسية في عمليات التدريب والإعداد والتمويل والتسليح منذ اكثر من عامين .

إن إطار المواجهة في الجبهة الجنوبية السورية بات محكوما بسعي العدو لإقامة شريط حدودي عميل تهيمن عليه إسرائيل وتقيمه بالشراكة مع العملاء والمرتزقة الجاري تدريبهم في الأردن والسعودية وتركيا وأساسا مع جبهة النصرة فرع القاعدة الرسمي في سورية.

ثانيا لا تتصرف قيادة المقاومة بعقلية الثأر في التعامل مع الاعتداءات والجرائم الصهيونية التي تستهدف قادتها وكوادرها المنذورين للشهادة والذين اظهرت عائلاتهم على الدوام استعدادا مستمرا للتضحية وتقدمت بصورة تثير الإعجاب للمفاخرة بشهدائها ونجحت قيادة حزب الله في ترسيخ ثقافة التضحية والاستشهاد في صفوف جمهورها لدرجة ان شهداء الجولان هم أبناء شهداء وأنسباء شهداء ويعلم ذوو الشهداء ان ما يفي الدماء حقها هو انتصار موعود وقادم في سورية كما في لبنان وفلسطين وفي سياق مسيرة لا تقاس بعملية بعينها ولا تحدد بموعد أو تاريخ.

مما لاشك فيه ان للرد في عقل قيادة المقاومة العلمي وظيفة حاسمة في تثبيت توازن القوى الجديد الذي أنشاه التحالف الاستراتيجي بين حزب الله وسورية وإيران منذ التحرير عام 2000 ثم أعاد هذا التحالف تثبيته بقوة في حرب تموز 2006 وانتقل به إلى معادلات جديدة انطلاقا من التصدي للعدوان على سورية مع تواجد حزب الله على الأرض السورية وفي ظل قرار الرئيس بشار الأسد بفتح جبهة الجولان امام فرصة نشوء مقاومة شعبية سورية مقاتلة يدعمها حزب الله بعدما انهت إسرائيل بعدوانها العسكري وبتدخلاتها الاستخباراتية اتفاقية فض الاشتباك مع الجمهورية العربية السورية وفقا لقاعدة السيد المعروفة عن “تحويل التهديد إلى فرصة”.

ثالثا على جميع المجادلين الانتباه جيدا إلى أن الحساب الجاري والمفتوح مع الكيان الصهوني يتحدد بتصفية ركائز الشريط الحدودي السوري الممتد من الجولان إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الذي تسعى إسرائيل إلى إقامته وتحشد كل ما لديها من قدرات أمنية ولوجستية لهذه الغاية ورد المقاومة على الجريمة الأخيرة يتحدد بهذه الأولوية التي تعني تكريس قواعد جديدة للصراع على الجبهة الممتدة من الناقورة حتى الحدود السورية الأردنية .

الرد الموضعي والعاجل على جبهة الجولان قد يكون هو خيار قيادة المقاومة إلى جانب التحضير والإعداد لمواصلة المعركة لتصفية ركائز مخطط الشريط الصهيوني الحدودي وقد سبق للمقاومة الشعبية السورية التي يدعمها حزب الله أن سددت ضربات محكمة لمواقع عسكرية صهيونية حساسة داخل الجولان المحتل وفي سفوح جبل الشيخ وربما نكون هذه المرة أمام نمط جديدة من العمليات على هذه الجبهة يصاحبه استعداد واسع لردع أي اعتداء صهيوني جديد، لكن جل ما ينبغي التركيز عليه هو استخراج العبر والدلالات التي تثبت صحة خيار حزب الله في سورية لحماية لبنان والعمل على تعزيز الثقة بالمقاومة وقيادتها والاستعداد لتحمل التضحيات في فصل جديد من مسيرة الدفاع عن الوجود اما السير في تكهنات على طريقة المنجمين فذلك لا يضيف شيئا في معركة الوعي وهو ضرب من هدر الطاقات والجهود بلا طائل فالأكيد انه حين تنضج ساعة حرب كبرى لتحرير فلسطين لن يعرف بالقرار إلا من يتخذونه في القيادة العليا لمحور المقاومة والأكيد كذلك أن ثمة عددا من المهمات العاجلة لا تزال تشغل حيزا غير قليل من الاهتمام لدى قيادة المحور أقلها الانتصار في سورية وتقطيع أيدي الصهاينة الممتدة على جبهة الجولان ومزارع شبعا لتأكيد وحدة الجبهة اللبنانية السورية ضد العدو الصهيوني الحاضن الرئيسي للإرهاب التكفيري بالشراكة مع تركيا الأطلسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى