بقلم غالب قنديل

2014 : سورية قلعة ستغير العالم

Syria 240-animated-flag-gifs

غالب قنديل

خفض أسعار النفط كان آخر ضربات الإمبراطورية الأميركية وادواتها في المنطقة العربية للنيل من روسيا وإيران اللتين تقودان حلفا داعما للدولة الوطنية السورية في وجه العدوان الاستعماري منذ أربع سنوات وحيث مرغ وجه الإمبراطورية ومعها إسرائيل والحلف الأطلسي ومجموعة الحكومات الإقليمية العميلة بوحل بلاد الشام بعدما هزمت موجات متلاحقة من العدوان ووظفت مئات المليارات النفطية العربية وتدحرجت رؤوس أميركية وخليجية كثيرة على حد الفشل في النيل من دولة مقاومة وشعب صلب عنيد وجيش راكم الخبرات وتكيفت آلته القتالية مع ظروف المعارك المتحولة .

أولا إنها حرب كونية ضارية تستخدم فيها كل الأسلحة وعلى نتائجها يتوقف مستقبل العالم ومنذ أربع سنوات تبدو كلمة السر في المؤسسة الحاكمة الأميركية أن الهيمنة الأحادية التي أقيمت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي تنقذ أو تسقط من دمشق وقد برهنت الأحداث ان صمود سورية أسقط حتى الآن جميع محاولات احتواء الفشل الأميركي في الشرق فقد انهارت فصول خطة أخونة المنطقة ومعها وهم الوصاية العثمانية وآخر المطاف كان ما جرى في تونس بعد اليمن ومصر وليبيا والفضل في كل ذلك لصمود سورية الذي فضح حقيقة تنظيم الأخوان كأداة استعمارية عميلة وحاضنة للتكفير والإرهاب كما تأكدت قوة ومتانة محور المقاومة بالشراكة بين سورية وحزب الله وإيران والمقاومة الفلسطينية خلال العدوان الأخير على غزة.

الولايات المتحدة ماضية في رفض التكيف مع التوازنات الجديدة وفي صد عروض الشراكة في القرار العالمي وهي تطور من استراتيجيتها بما يتناسب مع حرب عالمية باردة طويلة وكلما توافرت مؤشرات عن احتمال رضوخها للتسويات أقدمت على خطوات أو قرارات تعكس تصميما على مواصلة عدوانها الكوني الذي لا يزال محكوما بعقيدة مجلس الأمن القومي الأميركي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي : منع قيام قوى عالمية منافسة .

على الرغم من انبثاق تلك القوى المنافسة وتجمعها في البريكس ومنظمة شانغهاي ومن ثبات انتقال ثقل الثروة العالمية إلى شرق الكرة الأرضية تسعى الإمبراطورية الآفلة إلى تقويض المعادلات الجديدة بأدوات الحرب الحديثة متمكنة من هيمنتها في عالم المال والبورصات والأسواق العالمية والإعلام وهي تشهر أسلحة المضاربة والعقوبات وتشد خيوط شرانقها المنظورة والخفية ضد محور المقاومة العالمية المناهضة للهيمنة وبالذات ضد روسيا وإيران بينما يتمادى فشلها في النيل من سورية وزعيمها.

ثانيا الإرهاب التكفيري الذي تستهدف به الدولة الوطنية السورية ليس نتاج الأزمة الداخلية المحكي عنها بل هو أداة عدوان إمبريالي ومن يدقق في الوقائع الفعلية عن دعم العصابات الإرهابية وتجميع عناصرها في العالم من ثمانين بلدا وحشدها وتسهيل انتقالها يستطيع التعرف على أشرس اخطبوط عالمي لشن حرب عدوانية لتدمير دولة مستقلة بالواسطة عبر جيوش المرتزقة وفروع شبكة القاعدة وتنظيمات الأخوان المسلمين وكل ما يدور اليوم من كلام عن مكافحة الإرهاب ومخاطر ارتداده ليس سوى تعامل مع النتائج.

سورية ليست الدولة الأولى في العالم التي تستخدم الإمبراطورية الأميركية جيوش المرتزقة وعصابات القتل والإجرام في محاولة تفكيكها والنيل منها فقد حصل ذلك في نيكاراغوا خلال الربع الأخير من القرن الماضي ولم تكن شبكة القاعدة قد ظهرت بعد فكانت الكونترا عصابة عميلة تديرها الاستخبارات المركزية وينبغي اليوم تذكير المعتوهين الماضين في معالجة الوضع السوري بمفردات الأزمة الداخلية بأن روبرت فورد السفير الأميركي السابق في دمشق كان القائد الفعلي لواجهات المعارضة وتربطه صلات بجميع تشكيلاتها الناشطة وليس فحسب بائتلاف العملاء والمرتزقة والجنرال ديفيد بيترايوس كان يقود غرفة عمليات كونية لإدارة الحرب على سورية من تركيا بتمويل سعودي قطري ولم يكن يتنزه في هضبة الأناضول ولا زار الجزيرة العربية لمعاينة حفريات عسير بل لطلب تعيين نائب له في غرفة عمليات العدوان على سورية موهبته الوحيدة هي القدرة على حشد فصائل القاعدة في سورية ومدها بالمال والسلاح وليتذكر من يتباكون على ثورتهم المغدورة من معارضين في الداخل والخارج أن سوء التقدير وعدم المعرفة في شأن كالعلاقة الوثيقة على جبهة الجولان بين “ثوار”هم وجبهة النصرة القاعدية في حضن الموساد ليس شأنا تفصيليا ولا يمكن تجاهله وله وصف وحيد هو الخيانة .

ثالثا صمود سورية أفهم حلفاءها وأصدقاءها حقائق كثيرة لم يكونوا يعرفونها او يعترفون بها في البداية وقد استغرقوا وقتا غير قليل للإقلاع عن تصورات خاطئة وواهمة وافتراضية مما كلف سورية الكثير وهم اليوم وبعد اختبار ذلك كله باتوا أشد يقينا من ثبات القلعة السورية ومن صمود قائدها الرئيس بشار الأسد ومن صلابته المبدئية ومن سعة أفقه الاستراتيجي وقد راكموا بفضل سورية الإنجازات الاستراتيجية وشهدوا لرئيسها بوقفات مبهرة في الصبر والصمود والإيمان بالشعب وعندما قصده العديد منهم متسائلا عن جدوى الانتخابات الرئاسية ومخاطر عدم الإقبال واهتزاز الصورة تبعا لذلك كان جوابه انه يعرف شعبه وعلى ثقة بوجهة إرادته وجاء الزحف الشعبي الكبير بمثابة انتفاضة للإرادة الوطنية والقومية السورية بدءا من زلزال السفارة السورية في لبنان الذي أصاب حلف العدوان بالذهول وسدد ضربة قاتلة لإمبراطوريات التزوير والخداع وقد تشكلت يومها قناعة الحلفاء التي جاهر بها الرئيس فلاديمير بوتين من تركيا مؤخرا عن الشرعية الشعبية والدستورية للرئيس الأسد وانطلقت تتكون مواقف عربية واجنبية جديدة في التعامل مع سورية الصامدة من هذه الزاوية مع انهيار وتفكك واجهات العملاء والانتهازيين المتاجرين بدماء الشعب العربي السوري في الداخل والخارج ممن يحاولون التسلق لنيل المناصب على جماجم الفقراء واوجاعهم وهم لا يعادلون قيراطا واحدا من شعبية الرئيس بشارالأسد والجيش العربي السوري وحزب البعث والدولة الوطنية السورية في اوزانهم الفعلية وشبه المعدومة .

الانتخابات الرئاسية السورية كانت حدث العام 2014 ونقطة التحول الحاسمة في مسيرة مقاومة العدوان الاستعماري وفي كفاح شعوب العالم للتحرر من الهيمنة الأميركية الخانقة وقد شكلت إشارة الانتصار السوري الأتي لأنه في جميع الحروب الكبرى حيث يكون الشعب يكون النصر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى