بقلم غالب قنديل

لعبة الجوكر العثماني

turkkk

غالب قنديل

ليست غرف العمليات الأطلسية التي يقودها ضباط أميركيون في قاعدة انجرليك منذ العام 2011 هي الشكل الوحيد للتورط التركي في العدوان على سورية ولا شبكات بيع النفط المنهوب من سورية والعراق لحساب داعش والمشحون عبر الموانيء التركية لزبائن من الولايات المتحدة وإسرائيل.

في المسرح التركي مئات المواقع والمكاتب لتجنيد المقاتلين ولتجهيز الأجانب الوافدين لشحنهم إلى سورية وهي تتخذ شكل مكاتب لجمعيات إسلامية مرخصة ومحمية رسميا تحت عناوين إغاثية يديرها أعضاء من تنظيم الأخوان المسلمين من مختلف الجنسيات وإلى جانبها معسكرات تدريب ومستودعات سلاح تماما كما حصل في باكستان قبل ثلاثين عاما.

كلما تقدم مراسلو الصحافة الغربية نحو الحدود السورية التركية تحدثوا عن مظاهر الحشد وتهريب المقاتلين وتمرير المساعدات المالية والعسكرية إلى مناطق سيطرة داعش وجبهة النصرة وفصائل الجيش الحر والجبهة الإسلامية وسواها من عصابات الإرهاب .

في تركيا يتواجد كل ذلك الخليط العالمي من الإرهابيين والمرتزقة وأعضاء الجماعات التكفيرية من ثمانين جنسية وعبرها يتدفق آلاف الإرهابيين من مختلف أنحاء العالم وتقوم البنية التحتية واللوجستية للإسناد والتسليح والإغاثة والخدمات الطبية المكرسة لمعارك الإرهابيين وجهدهم الحربي التدميري في العمق السوري.

أفضلية العثماني الأخواني رجب طيب أردوغان هي لتنظيم داعش الذي دعمه ورعاه وضمن استمرار تدفق الأموال إليه متحديا القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي مؤخرا بموافقة الإدراة الأميركية ولكن الرئيس التركي يوفر كذلك رعاية خاصة لجبهة النصرة فرع القاعدة الرسمي تلبية لشريكه القطري الذي يحتضنها ويمولها ولكل خدمة تركية سعرها وثمنها منذ انطلاق العدوان ضد سورية والجوكر الذي يرتبط بالولايات المتحدة يرفع صوته منتقدا ويساوم على شروط مشاركته في حلف اوباما بينما هو يواصل دعم إمارة داعش التي يفترض أن الحلف أقيم للقضاء عليها.

يكرس الرئيس التركي بعضا من جهوده لدعم واحتضان ألوية وكتائب وفصائل إرهابية غير داعش ما تزال تعمل تحت يافطة ما يسمى الجيش الحر ويقودها مناصرون للحزب الحاكم في تركيا أي تنظيم الأخوان المسلمين الذي يمد أذرعته في تشكيلات مقاتلة كثيرة تتعدد يافطاتها لأسباب جهوية ومناطقية احيانا وتتنافر لنزاعها المستديم على موارد المال والسلاح أولصراعها المستميت على الإمساك بسلطة الهامش داخل سورية في ما يسميه الإرهابيون “مناطق محررة ” والسيد أردوغان يبيع لواشنطن صورة انه الأوفر حظا في احتضان “معتدلي” اوباما من المرتزقة وقد هربت بعض جحافلهم إلى تركيا تحت نيران النصرة وداعش معا في شمال سورية وشرقها.

عدة الحرب على سورية بجميع منوعاتها تتواجد في منطقة غازي عينتاب التركية القريبة من الحدود حيث حملات الإغاثة التي تنفق المليارات على شبكات وجمعيات تقتطع مئات الملايين سنويا وتحتال في نهب الأموال بالفواتير المتورمة والوهمية قبل إيصال الفتات عبر الحدود لبعض المواطنين المنكوبين وهو ما اشتكى منه أشخاص اتهموا بالمنازعة في حصتهم من بضائع وادوية تباع للتجار الأتراك ويعاد بيعها عبر الحدود ليشتريها السوريون وعليها دمغات دول المصدر وجهات المساعدة الدولية وختم الأمم المتحدة في بعض الأحيان وفقا لما ينقله المراسلون الغربيون.

تفوح روائح السرقات في أحاديث الفنادق التركية التي ينقل الصحافيون والمراسلون بعضها ويدورشيء من هذا الكلام في عمان وبيروت حيث تحول ملف النازحين تجارة رابحة لجماعات طالما وصفت بالنخب التي يتشارك النهب زعماؤها مع مسؤولي الإغاثة الدولية من مسؤولين أممين وأوروبيين وأميركيين وخليجيين ولبنانيين وأردنيين والمشهد يعود بالذاكرة القريبة إلى فضائح المساعدات الإنسانية في البوسنة والهرسك وما رافقها من تجارة بالأطفال والنساء ليس بعيدا في الواقع عما تشهده مخيمات النزوح السوري في تركيا ولبنان والأردن ويتربع على قمة لصوصيات الإغاثة الجوكر العثماني أردوغان.

الجوكر العثماني يتنطح بكامل أحقاده السلجوقية المعادية للعروبة ويتلمظ لأخذ الإذن والتغطية بتحريك جيوشه إلى العمق السوري مع كل فرصة يتوهمها ثم يرتد خائبا أمام حسابات السيد الأميركي الذي يعرف الكلفة التي يجلبها مثل هذا الخيار فينتقل الجوكر إلى الجبهتين الروسية والإيرانية ليبيع تراجعه وليضاعف التباس الصورة في لعبة ابتزاز نفطية وسياسية.

لكن الجوكر العثماني ما زال يتصدر واجهة العدوان ومعه إسرائيل في جبهة الجنوب وقد انكشفت الحقيقة الدفينة عن الترابط الأخواني الصهيوني بينما تتحد في العدوان على سورية حكومات السعودية وقطر والأردن رغم كل ما يحكى ويقال ومعها وخلفها جوقة الزجل اللبناني بأسطوانتها المشروخة الباهتة عن الثورة السورية المزعومة ونجوم الجوقة بكل عناد : وليد جنبلاط وسعد الحريري وسمير جعجع .

الجوكر العثماني رغم كل شيء ليس في أحسن حال لأن التورط في سورية حمل ارتدادات ومخاطر داخل تركية تدفع مخابراته لمداهمة مقرات ومواقع وفنادق حظيت بغطاء كبير خلال السنوات الماضية بعدما انتشرت جماعات التكفير التركية في الداخل وارتد بعض الداعشيين إليه بينما تفاقم النزاع على الفالق الكردي واشتد التوتر بعد عين العرب في مناخ مشحون داخليا بفعل قاموس أردوغان الطائفي والمذهبي عن سورية وانعكاساته في قلب النسيج التركي واستقطاباته التناحرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى