بقلم غالب قنديل

الغاية القصوى : عرقلة نهوض إيران

iran

بغض النظر عن النتيجة التي ستعلن من فيينا اكانت اتفاقا مبدئيا ام تمهيديا ام مهلة لإتمامهما يمكن اختصار جميع الضغوط والمواقف السلبية التي تحيط بالمفاوضات حول النووي الإيراني بكلمة العرقلة ، أوشراء الوقت فقد حسم أمر التكيف المبدئي مع صعود القوة الإيرانية رسميا ونهائيا منذ العام الماضي وعلى صعيد المؤسسة الأميركية الحاكمة ولم تعد المسألة مرتبطة بهوية الحزب الحاكم في واشنطن وقد اشتغلت مراكز التخطيط على دراسة وتقييم المزايا والمضار الناشئة عن الاعتراف بإيران كقوة إقليمية كبرى وكعضو في النادي النووي.

تبلور الخيار الأميركي النهائي بعد التراجع العلني عن ” ضربة أوباما ” ضد سورية حيث عقد اتفاق جنيف الشهير وانطلقت جولات جديدة من التفاوض بين إيران ومجموعة الست التي تلعب داخلها كل من روسيا والصين دور الشريك الباحث عن التسويات الممكنة .

كانت ضربة اوباما ضد سورية آخر المحطات في سلسلة اختبارات القوة التي انطلقت في حرب تموز 2006 وقد صمم ما سمي بالربيع العربي لمحاولة المس بمعادلات القوة الرادعة التي تتربع عليها منظومة المقاومة وتتحصن بها إيران وانطلقت المحاولة الأميركية عبر استهداف سورية وتصنيع تناقضات واقعية وافتراضية تمزق نسيج التضامن الشعبي العربي مع أي قوة تحرر في المنطقة ولتقويض التعاطف الذي أظهرت استطلاعات الرأي الأميركية ان إيران تحظى به نتيجة تحديها للمشيئة الأميركية وعدائها                  لإسرائيل .

يومها علا ضجيج حكومتي المملكة السعودية وإسرائيل احتجاجا على قرار الولايات المتحدة وبلغت النبرة السعودية درجة التهديد بانقلاب استراتيجي وعندما حضر وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة طرح الأسئلة الصعبة على شريكي حكومته الأبرز والأقوى في الشرق الأوسط مبينا لشريكيه في تل أبيب والرياض أن بديل التفاوض هو الحرب وقد أكد كيري لنتنياهو والملك عبدالله ان الولايات المتحدة غير قادرة على تحمل التبعات التي ترتبها حرب إقليمية كبرى قد تتحول إلى مواجهة كونية مدمرة وعرض عينات لتلك التبعات والأكلاف الكارثية كما بينت التقارير الصحافية الأميركية التي نوهت بغمز المسؤول الأميركي من حجم الانعكاسات على إسرائيل والمملكة ومن كون حليفي واشنطن الأقرب يطالبانها بدفع التكاليف الكارثية لحساب احقادهما وعجزهما عن التكيف الواقعي مع التغييرات الإقليمية القاهرة خصوصا وان جميع الوسائل جربت ضد إيران مباشرة وبالواسطة طيلة خمسة وثلاثين عاما.

تظهر المفاوضات الجارية حول النووي الإيراني اهمية عامل الزمن في البندين المتصلين بالتخصيب الإيراني لليورانيوم وتفكيك العقوبات التي سبق ان اتخذت ضد إيران عبر الأمم المتحدة وبصورة احادية من الجانبين الأميركي والأوروبي .

الوقائع تؤكد عدم وجود أي علاقة بين مسار التفاوض والأكاذيب الأميركية السعودية الإسرائيلية عن القنبلة النووية الإيرانية فباعتراف الوكالة الدولية للطاقة يتأكد الطابع السلمي للمشروع النووي الإيراني وهنا ما يخيف هذا الثلاثي بالتحديد هو البعد الاقتصادي النوعي لامتلاك إيران تكنولوجيا صناعة الوقود النووي واستخدام الطاقة النووية في سائر خطوط الإنتاج الصناعي وخصوصا في التعدين الضروري للثورة التكنولوجية المعاصرة .

العرقلة وشراء الوقت هما موضوع التفاوض الفعلي مع إيران في مجالي التخصيب والعقوبات ولذلك فإنه وبعد التسليم بحق التخصيب تجري محاولة تأخير امتلاك التكنولوجيا والخبرات عبر التلاعب بنسب التخصيب المتاحة لأن لدى إيران جيش صناعي كبير من الخبراء والمهندسين واكثر من ألف وثلاثمئة منجم يوارنيوم طبيعي لم يجر استثمارها وهو ما يؤهلها مع انطلاق آليات التخصيب الصناعي النووي لتصبح من اهم الدول المصدرة للطاقة النووية في العالم إلى جانب كونها من بين الدول الأهم في قطاعي النفط والغاز مما سيعني دخول إيران نادي الدول العظمى اقتصاديا وتقنيا وبغض النظر عن قدراتها العسكرية التي يعرفها الغرب ومعه إسرائيل عن كثب .

أما محاولة المفاوضين الغربيين تاخير آجال رفع العقوبات فهي ناتجة عن إدراكهم لاستحالة فرض عقوبات جديدة في مجلس الأمن بفعل التوازنات العالمية التي بلورها الصمود السوري فمنذ الفيتو الروسي الصيني المزدوج لم تصدر أي قرارات من خارج التوافق الدولي الممكن بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة ثانية ويدرك المخططون الأميركيون ان إزالة العقوبات والإفراج عن الأرصدة المجمدة سيعنيان سرعة اندفاع النهوض الإيراني اقتصاديا وتجاريا في العالم وفي المنطقة الممتدة من مضيق جبل طارق إلى باكستان وأفغانستان وعموم آسيا الوسطى مرورا بحوض المتوسط كله.

إيران القوة العظمى تعبير يزعج العديد من ملحقات واشنطن والدائرين في فلكها لكنها الحقيقة القادمة باعتراف الإمبراطورية الأميركية الراغبة في شراكة صعبة مع الدولة الإيرانية الفتية التي لن تكون أفضل مراسا من الصين الشعبية منذ لقاء ماوتسي تونغ بريتشارد نيكسون في سبيعنيات القرن الماضي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى