بقلم غالب قنديل

الصمود والثبات السوري

syrrr

من الأفكار المهمة التي تناولها قائد المقاومة السيد حسن نصرالله مؤخرا أن دور جزب الله في سورية كان تثبيتا لإرادة الصمود ولمقاومة المخطط الاستعماري بالشراكة مع الشعب والجيش والقيادة الوطنية السورية وقد اعتبر السيد ان الثبات المستمر لأربع سنوات كان بذاته انتصارا على المخططين الذين تحدثوا عن بضعة أشهر لإسقاط سورية.

اولا إن محور المقاومة والحلف العالمي المناهض للهيمنة الأميركية يتحركان دفاعيا في وجه الهجمة الغربية الرجعية الصهيونية الهادفة لكسر المواقع والقوى التي تعيق فرض سيطرة الحلف الأميركي الصهيوني وأدواته في المنطقة والعالم والدولة الوطنية السورية التي تركز عليها الهجوم الاستعماري منذ البداية تخوض معركة دفاعية بالأصالة عن نفسها وعن جميع الشركاء والحلفاء بالنظر للمكانة الاستراتيجية التي تمثلها سورية في حسابات الإمبراطورية الأميركية وإسرائيل ودول الغرب والحكومات الإقليمية التابعة وخصوصا معسكر ما يسمى عرب أميركا ونظام الوهم العثماني في تركيا بأطماعه ومشاريعه التوسعية الغاشمة.

ثانيا منذ بداية الأحداث السورية أكد الرئيس بشار الأسد على ان النضال الذي يخوضه الشعب السوري والجيش السوري سيطول لسنوات حتى يتوج بكسر الحلف الاستعماري وادواته ومصدر هذا الاعتقاد هو الأبعاد المؤسسة للتوازنات العالمية الجديدة في الحدث السوري التي تجعل إقرار الحلف المعادي بهزيمته عملية مكلفة ومعقدة .

إضافة لما تقدم تأتي طبيعة الحرب غير المباشرة التي تديرها الإمبراطورية الأميركية وأعوانهاوعملاؤها بواسطة جماعات التكفير الإرهابية وتسخر لها إمكانات عملاقة سياسية وإعلامية ومخابراتية وعسكرية وحيث يدرك الرئيس الأسد كونها مواجهة مركبة لا ينبغي التهاون في ما تتطلبه من الجهود والإمكانات ومن الوقت ولذلك رأيناه وعلى امتداد فصول الصراع يدهش العالم بصلابة مواقفه وبنفسه الطويل في التعامل مع الأحداث.

ثالثا في جميع المعايير العلمية يشكل إفشال الخطط المعادية والصمود الدفاعي أول الطريق إلى انتزاع نصر ناجز وقد خبر حزب الله في طريق تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني هذا النوع من الحروب خلال مسيرة المقاومة التي راكمت إنجازاتها طيلة ثمانية عشر عاما حتى صنعت التحول الكبير واجتازت مراحل كر وفر وذللت صعوبات كثيرة بمعونة الاحتضان السوري الإيراني الذي ضاعف قدراتها على الإنجاز الهجومي والردع الدفاعي .

وفي أي تحليل استراتيجي عميق لتجربة المقاومة في لبنان يمكن لنا الاستنتاج ان الاختراق الصهيوني للنسيج الوطني والاجتماعي اللبناني بالميلشيات والجماعات العميلة في العمق اللبناني وفي الشريط الحدودي كان اخطر العقد التي اطالت من امد الصراع ورفعت كلفة التحرير وبهذا القياس تعتمد الحرب الاستعمارية على سورية جماعات التكفير الإرهابية وجيوش المرتزقة بخليطها المحلي والأجنبي وهي جماعات إجرامية تبحث عن بيئة محلية حاضنة تمد فيها جذورها وتتحصن بها ولذلك يعطي الرئيس الأسد اهمية كبيرة للمصالحات المحلية ولقرارات العفو المتلاحقة رغم الاكلاف الكبيرة التي ترتبها هذه الخيارات وما تتطلبه من جهد سياسي وتعبوي وامني كذلك.

رابعا من العلامات الفارقة لتفوق التجربة السورية صمود الدولة الوطنية بجميع مؤسساتها العسكرية والطبية والتعليمية والاقتصادية والخدمية وتجذر طابعها المدني وهويتها التكوينية الجامعة التي عززت رسوخ الوحدة الوطنية للشعب وهذا ما يمثل بعدا مهما وخطيرا في توازن القوى وترجيحا لفرص النصر على الغزوة الاستعمارية وادواتها .

أهم عناصر القوة والثبات نجاح الرئيس بشار الأسد في إفشال مخطط تمزيق سورية وشعبها من خلال دوره القيادي الهام كزعيم شعبي وكرئيس للدولة وقائد للجيش بحيث تنعقد عنده وتتلاقى من خلاله جميع عناصر القوة ومصادرها وهذا ما لعب دورا حاسما في صلابة القوات المسلحة وتماسكها وكذلك في صمود المؤسسات الدينية وتحصينها للوحدة الشعبية وانخراطها الهجومي في التصدي للتكفير الإرهابي وللتحريض الطائفي بصورة مبكرة وكذلك في الضبط المناسب لأداء المؤسسات العامة بما يضمن تكيفها مع مستلزمات الصمود والمقاومة إلى حد بعيد وتصميم الرئيس الأسد على عدم التهاون مع مظاهر الخلل بذريعة الظروف الاستثنائية التي تستدعي حزما أشد لأن كل خلل يضعف منظومة الصمود الشعبي يخدم حلف العدوان كما اكد الرئيس في اكثر من مناسبة.

خامسا الشراكة بين سورية والمقاومة اللبنانية تتخذ ابعادا استراتيجية مهمة بعد التحولات والإنجازات التي حققتها وهي تمثل منظومة دفاعية قومية متطورة بديناميكية عالية سترتب تغييرا كبيرا في البيئة الاستراتيجية الإقليمية وهذا ما سيكون عامل تسريع في انتصار سورية على العدوان الاستعماري .

ليست المسافة السورية عن الانتصار بالساعات والأيام وربما حتى بالشهور لكن مجرى الأحداث يؤشر إلى سياقات عامة جديدة مقبلة يتسنى عبرها توقع تحول متراكم في التوازنات وبدء تبلور مشهد سوري جديد تتعزز معه إنجازات الجيش العربي السوري وتنهض به الدولة الوطنية السورية في طريق إعادة البناء الوطني واسترجاع المكانة والدور على مساحة المنطقة والعالم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى