بقلم غالب قنديل

الغرف السوداء وقوة حزب الله

7izb allah

 

يمكن القول انه خلال العقود الثلاثة الماضية لم تلاحق الشائعات والفبركات قوة سياسية في العالم بقدر ما استهدف بها حزب الله منذ انطلاقه لمقاومة الاحتلال الصهيوني في لبنان وبعد نجاحه في إلحاق الهزيمة بأسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر .

اولا  تقود الولايات المتحدة عبر خبرائها في فنون الدعاية والتسويق وفي علم النفس مجموعة من الفرق الاستخبارية التي تدير مطابخ إعلامية متخصصة في إطلاق الشائعات وتعميم الانطباعات عبر روايات وتقارير إعلامية يتم تنسيق انتشارها وتداولها عبر منظومة ضخمة من المؤسسات الإعلامية العملاقة في المنطقة والعالم وهي تقدم للرأي العام بلبوس الحقائق التي لا تدحض ليبنى عليها مناخ من الكراهية والمس بمعنويات الخصوم .

تتناغم تلك المنظومة العالمية دائما وتتوحد تعابيرها ومفرداتها عندما يكون الهدف قوة مناهضة للهيمنة الأميركية ولإسرائيل كحزب الله والدولة السورية وإيران أو روسيا فلاديمير بوتين الدولة العظمى التي يلاحقها الأميركيون لتشويه صورتها وللنيل من زعيمها الذي روجت له الدعاية الأميركية والغربية صورة تشبه الزعيم النازي أدولف هيتلر في الأعوام الأخيرة بعدما تجرأ على تحدي الهيمنة الأميركية الأحادية في العالم ومن قلب الأمم المتحدة ومجلس الأمن فأشهر الفيتو بالاشتراك مع الصين لمنع أي قرار يفتح طرق العدوان على سورية.

وقد كتب العديد من الخبراء والصحافيين في الغرب دراسات وأبحاثا تناولت مفهوم شيطنة الخصوم الذي يمثل أحد أعمدة الدعاية الأميركية في حين ان الحرب النفسية في إدارة الصراعات والحروب تعتمد أسلوب الحملات الإعلامية المخططة والمبرمجة وهي من الأدوات التقليدية المعروفة.

ثانيا في قلب المنظومة التي تقودها الولايات المتحدة تقع سلسلة من الإمبراطوريات الإعلامية السعودية والقطرية المتخصصة في تعميم منتجات الغرف السوداء وقد تصاعد دورها مع انطلاق العدوان على سورية وهي تركز جانبا مهما من لعبتها في استهداف حزب الله وتعتمد على مواقع ومنابر إعلامية لبنانية عديدة في تدوير شائعاتها وتقاريرها التي تستهدف الحزب ومنها ما ظهر الأسبوع الماضي بصورة لافتة.

فقد عممت مواقع لبنانية إلكترونية وقنوات وصحف سعودية معلومات منسوبة لمصادر لبنانية تتحدث عن تململ في قاعدة حزب الله التنظيمية بسبب الخسائر التي يتكبدها الحزب في سورية وعممت انطباعات عن ملامح ضعف في القدرات العسكرية لمقاتلي الحزب على السلسلة الشرقية وبعد نشر المقال المتضمن هذه المزاعم في صحيفة اليوم السعودية سرعان ما انتقلت المعطيات الافتراضية ذاتها إلى الإعلام الإلكتروني في لبنان ولكن ما قد يكون مفاجئا للبعض ان يظهر بعد أيام قليلة تقرير في الواشنطن بوست كتبه هيو نيلر وهو يلوك باللغة ذاتها تلك الكلمات.

هذه الحملة الإعلامية أعقبت الجولة التفقدية التي قام بها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بعد معركة بريتال وما نشر عن مضمون لقاءاته مع مقاتلي الحزب في السلسلة الشرقية ولكن مقال الواشنطن بوست اختلف عن النصوص العربية بفكرة مهمة ولافتة وهي تأكيد الكاتب أنه بينما تعيش إسرائيل خوفا متزايدا من تعاظم قوة الحزب ومن نتائج ذلك في أي حرب قادمة فإن نيلر يزعم ظهور ملامح ضعف وتراجع في قوة الحزب امام الجماعات التكفيرية التي قاتلها في سورية وعلى حدود لبنان الشرقية .

ثالثا يتبين بنتيجة ما تقدم أن الأهداف الرئيسية من هذه الحملة هي التالية :

1-    التأثير على الحالة المعنوية لجمهور المقاومة ومقاتليها وتثبيط الهمم وبالتالي التشويش على النتائج السياسية والتعبوية لجولة قائد المقاومة التفقدية.

2-    التركيز على واقعة بريتال باستثمار نصف حقيقة وهي مهاجمة موقع للحزب سقط فيه شهداء وتغييب النصف الثاني للحقيقة المتمثل باستعادة الموقع وملاحقة المهاجمين وتنفيذ ضربات موجعة لمواقع أخرى للعصابات التكفيرية في جرود السلسلة الشرقية ونصب كمائن ناجحة لمجموعات من النصرة وداعش في المنطقة ذاتها.

3-    ترويج صورة تثير غبارا كافيا لستر الهلع الإسرائيلي المتصاعد من قوة المقاومة وقدراتها .

4-    تعزيز الفكرة القائلة بأن قوى التكفير الإرهابي هي الوسيلة المناسبة لاستنزاف قدرات المقاومة خصوصا مع تراجع القوة الإسرائيلية بعد هزائمها الأخيرة وهذا ما يخدم مشغلي هذه الجماعات أي حكومات تركيا وقطر والسعودية التي تنازع في أولوية مكافحة الإرهاب بل تتنصل من خطة الاحتواء الأميركية.

5-    إضعاف تأثيرالوقائع المتزايدة عن هزائم الجماعات الإرهابية امام الجيش العربي السوري الذي يقاتل بالاشتراك مع وحدات من حزب الله في بعض المناطق وحيث يحظى مقاتلو الحزب بإعجاب واحترام الضباط والجنود والمواطنين السوريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى