بقلم غالب قنديل

سقط القناع وانكشفت الثورة الملونة

غالب قنديل

شعر العديد من اهل اليافطات اليسارية بالضيق من تصميمنا على توصيف ما شاع في الشوارع والساحات بعد بضعة أيام من هبة تشرين العفوية بالثورة الملونة التي يحركها الأميركيون بسفارتهم وجامعتهم ويقودونها ويرسمون طريقها والشعارات لينتقلوا بها إلى تحريك قوة ضغط وتدخل ضد المقاومة ولمصلحة العدو الصهيوني محور الاشتغال الأميركي الأساسي في شؤون المنطقة وشجونها.

 

اولا وجد المنساقون خلف وهم الثورة انتقاصا من أصالة مواقفهم ومن تاريخهم الوطني أحيانا بينما أغراهم التواجد في الساحات وحمل بعضهم على الأكتاف داخل الخيم وداخ في الهتاف والتصفيق رغم ضياع الحدود المتعمد بينهم وبين المجموعات المعروفة بارتباطاتها وشبهاتها فقد كانت تلك الهبة التشرينية مغرية للركوب بمشهد الحشود المتدفقة من أبناء الشرائح المدينية الوسطى التي هزها الهلع على تدهور مستوى العيش في صدمة انهيار شامل مالي واقتصادي ونقدي.

تاه بعضهم في زهو قيادة الحدث كما تخيل وارتبك في محاولة التقرب من الفقراء فزل في فلتات اللسان عن روائح العرق التي صنفها طائفيا بصورة تخطى قبحها تعبيرات العنصرية الأميركية التي فاضتا مؤخرا بينما كانت الإمرة معقودة في صياغة البرنامج والشعارات لآخرين ليسوا سوى خليط هجين ممسوك يسوسه منظرون من غير اهل التغيير والثورة وطامحون إلى الحلول على مقاعد الوزارة والنيابة حتى لو اقتضى الأمر سيرا في ركاب خطة استهداف للمقاومة ومكانتها في المعادلات السياسية وهذا ثمن مستحق للتسهيل الأميركي والفرنسي البريطاني.

ثانيا كانت وجهة الكلام الكثير المتدفق الكترونيا وعبر الشاشات وفي تحريض المقدمات التلفزيونية والإذاعية المشبوكة وفي مقالات معظم الصحف تحميل المقاومة مسؤولية ما جرى عبر التسبب بالعقوبات مرة بتوريط مزعوم للبلد في لعبة محاور الإقليم ومرة اخرى بالصمت عن الفساد الذي رموا به أبرز حلفائها من شركاء الحكم وما لبثوا ان رموها به مباشرة وألحقوا الحكومة الوافدة من مقاعد التدريس الجامعي ومن بيوت الخبرة الاجنبية والمحلية.

الشعار البراق هو اسقاط الفساد والفاسدين ذهب عمليا إلى متاهة جديدة لأنه بلا محتوى سياسي ويصلح لتزعم الجموع بدون برنامج ويخدم السيد الأميركي في تجريد المقاومة من حلفها السياسي وفي إعفاء هذا الأميركي المهيمن والمتسلط من مسؤوليته السافرة والفاضحة عن سن العقوبات التي فرضت توقيت الانهيار وتجفيف الأسواق المحلية من الدولارات الوافدة  بسيف العقوبات المسنون والمسموم بعدما أغرق البلد بالديون وأعلن الغرب بالتدريج دفاتر شروط مده بسيولة لا مفر معها من تنازلات سياسية واضحة.

ثالثا بالتمام وعلى ذات الإيقاع صمم موعد تجديد الثورة الملونة وخلع القناع فانكشف المستور مع رفع شعارات واضحة حول نزع السلاح والقرارات الدولية التي استصدرت من سنوات لخدمة الهدف الصهيوني وظهر الحزب العريق في خدمة هذا الخارج ومعه جوقة مربوطة بالسفراء والقناصل ومن حسن المصادفات وللتذكير بأصول المتآمرين وجذورهم كان الموعد المطروح هو اليوم أي  ذكرى الاجتياح الصهيوني الذي احرق لبنان واحتل أرضه عام 1982 .

مهما انكروا وتحايلوا صارت الصورة اكثر من واضحة وفاضحة ولا ظلال فيها بل سفور وفجور لكن فيها مفارقة ودلالة غباء يدفعه حقد وانتقام رغم كل ما يحل في القوة العظمى التي ينفذون اوامرها وهي تحت وطاة زلزال كبير فالإمبراطورية تصدعت وليس احد في مؤسستها واثقا من قدرتها على القيام من الهزة التي اجتاحتها بعد الاضطرابات التي شملت جميع ولاياتها ومدنها ومن الاحتمالات أن ترغم على انكفاء شامل في العالم او أن تشهد انقساما يفككها فلا تعود كما هي وينحل جبروتها إلى غير رجعة أوترتد إلى هموم الداخل وذلك أضعف الإيمان.

رابعا رهيب امر العملاء في لبنان كيف  يتمادون في غيهم ويخلصون لأسيادهم ومشغليهم فيسيرون خلف السيد الأميركي مغمضي العيون مغلقي الآذان رغم كل ما يجري في قلب الولايات المتحدة  ورغم اضطراب اخلص العملاء والتوابع وعجزهم عن التقدير وحتى صهيون مرتبكة ونتنياهو فزعان لكن فتيان المؤامرة في بيروت ماضون في الخطة التي تبلغوها يسقون الشبيبة حقدا وتحريضا كريها لحساب سيد متزعزع لا يلوي على شيء.

لن تكون الخيانة وجهة نظر ولن تكون العمالة اجتهادا ثقافيا او سياسيا ولعن الله الطائفية التي يحتمي بها لصوص الهيكل من حبل المشنقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى