بقلم غالب قنديل

وعد نصرالله الجديد ومسؤولية الوطنيين

غالب قنديل

كان الترقب كبيرا في جبهتي الخصوم والأصدقاء لمعرفة حقيقة الخيار الذي سيسلكه حزب الله في معركة مكافحة الفساد بعدما تم التلويح بالفتنة المذهبية بوجه إثارة ملف الحسابات المالية ورغم عدم إيراد أية أسماء من قبل الحزب والنائب حسن فضل الله الذي تقدم بملفين إلى النيابة العامة المالية فقامت الدنيا ولم تقعد وانفتحت أبواب التحريض على مصراعيها كما ارتسمت خطوط حمراء تجاهل من رسموها كم من الخطوط الحمراء الأميركية والغربية والصهيونية والإقليمية أسقط حزب الله حتى الآن ولم يأبه للكلفة.

تساءل كثيرون هل ينكفيء الحزب ام يواصل المعركة وهو الذي اظهر تحسسا كبيرا لمخاطر الاحتكاك المذهبي خلال السنوات المنصرمة وشغل الأمر حيزا مهما في حساباته السياسية وخطواته العملية على غير صعيد داخلي وفي اكثر من مرحلة.

جاء خطاب الأمين العام السيد حسن نصرالله بمثابة إعلان حاسم لتصميم حزب الله على مواصلة المعركة ضد الفساد والهدر المالي الذي اعتبره السيد مصدرا لتوهين وإضعاف قدرة لبنان على الصمود في وجه الضغوط والتدخلات الأجنبية فهذه الآفة تجوف من الداخل هياكل الوطن الذي حرره المقامون واستطاعوا حمايته بأرواحهم ومن هنا يستنهض سماحة السيد موضوعيا جميع المعنيين بخيار المقاومة وبقضية الاستقلال والتحرر ليكونوا مشاركين في المعركة لو لم يسم أحدا منهم ولو اكد عزم حزب الله على السير ولو منفردا إلى النهاية فكلامه لايجب ان يعتبر موجها فحسب إلى مناضلي حزب الله وجمهوره.

هي معركة وفق مضمون خطاب السيد تنطلق هادئة وسلسة ومن غير مواقف وتصنيفات مسبقة وتتناول القضايا الكبرى والدسمة من ملفات الفساد والهدر المالي المتراكمة كمسارات لنهج التقاسم والمحاصصة الذي أدار البلاد بعد اتفاق الطائف وتضع قيادة حزب الله تلك الملفات بتصرف القضاء مع عين مفتوحة تتابع المسارات والنتائج لكن سماحة السيد أكد وبقوة استعداد حزب الله لمفاجاة الجميع بخطواته العملية في هذا الموضوع واكد استعداد المقاومة لفعل كل شيء في حسم هذه المسألة المصيرية والحيوية وعلى الجميع ان يتوقعوا من الحزب فعل أي شيء في محاربة الفساد والهدر المالي.

خطاب السيد نصرالله يفتتح مرحلة جديدة وهو وضع جميع من يرفعون شعارات التغيير امام مبادرة جدية ونوعية لا تنفصل عن قضية التحرر الوطني التي ناضل حزب الله في سبيلها وتقدم الصفوف وحقق الإنجازات خلال العقود الأربعة الماضية وعلى سائر القوى الوطنية والشعبية ان ترص صفوفها في جبهة شعبية سياسية داعمة لمبادرة نصرالله بدلا من البقاء على مقاعد المتفرجين بانتظار النتائج.

في ما مضى تذرع الكثير من الوطنيين بقلة إمكاناتهم في تفسير التقصير والقصور وعجزهم عن لعب دور متقدم في مقاومة الاحتلال رغم تواجدهم في ساحة العمل الوطني قبل ولادة الحزب بسنوات بل وبعقود وهم تحصنوا بتلك الرواية ليبرروا انكفاءهم وعدم مبادرتهم لبناء حلف مقاوم كبير يقوده الحزب الذي حمل الراية ولم يتنكر لتضحيات من سبقوه في طريق المقاومة والتحرير بل قدم تجربته كامتداد عضوي وكاستمرار لجميع التضحيات والتجارب الغنية التي اجتازها العمل الوطني في مجابهة العدوان الصهيوني وفي مقاومة الاحتلال الصهيوني بعد العامين 1978 و1982 في مراحل سبقت ظهور الحزب وتأسيسه في الحياة الوطنية.

اليوم تواجه القوى والأحزاب والتيارات الوطنية القديمة والجديدة بدون أي استثناء اختبار المصداقية الأصعب ومعها كل من يتحدث عن عيوب نظام التقاسم الطائفي وعن فساده وهو نظام بات اعتلاله المالي مصدرا لتكريس الهيمنة والوصاية الأجنبية كما تبرهن الشروط اللصيقة بسلال القروض الأجنبية التي تحيط آفة الفساد بآليات الحصول عليها وبوجوه إنفاقها كما تبرهن جميع تجارب العالم الثالث المديونة ففي الغرب لصوص وسماسرة لا “سعاة خير” ومن “يتدبر” قرضا لدولة مديونة يقتطع حصة له من الأصل وكذلك من يتدبر عقدا لشركة أجنبية او محلية تنفذ مشروعا مرتبطا بالقرض له عمولة وللساسة والموظفين المحليين المشاركين في الترتيبات والتسهيلات القانونية والإدارية حصص مرصودة وتلك جميعها عناصر عملية نهب وفساد وهدر معروفة في جميع تجارب العالم المعاصر.

أيها الوطنيون أيها اللبنانيون هل تريدون فعلا نواة وطنية لهياكل دولة حديثة يحاصر فيها اللصوص والنهابون والسماسرة وهل تريدون قطع أذرع اخطبوط الهيمنة والوصاية الأجنبية داخل المجتمع اللبناني فلتنظموا انفسكم في اطر شعبية وسياسية داعمة لمبادرة حزب الله ولتكونوا جاهزين للمشاركة في هذه المعركة الوطنية الهامة التي لا يجوز التفرج عليها.

أخيرا يفترض بكل من يخشى انكفاء قيادة الحزب امام المصاعب والتعقيدات الكثيرة ان يشبك الأيدي مع هذا الحزب المبادر ليعزز صموده وثباته وتصميمه على المتابعة إلى النهاية وان يستعد لمواصلة الكفاح واستكمال المسيرة لو هانت عزيمة الحزب او وهنت لأي سبب كان وهذا لايبدو واردا كما قال السيد الذي خبرنا معنى تصميمه وصلابته في السنوات الصعبة والمعارك الضارية التي قادها ضد العدوان الصهيوني وضد غزوة التكفير الإرهابية التي حركها واحتضنها الغرب الاستعماري وحلفاؤه من الرجعية العربية ومعه الكيان الصهيوني محور حسابات الغرب وخططه في منطقتنا.

قدم امين عام حزب الله وصفة نموذجية للدمج بين قضية التحرر الوطني والتغيير السياسي وهو جواب عملي على أسئلة شغلت الكثير من حسني النية وبلبلت تفكيرهم في البحث عن ترتيب الأولويات … اليوم نقول للجميع هنا التحدي فهذا وعد نصرالله الجديد وهيا إلى العمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى