بقلم غالب قنديل

قانون الفرصة الأخيرة

غالب قنديل

تكشفت ازمة النظام السياسي الطائفي عن أخطر فصولها في الساعات الماضية وكانت الأجواء السياسية والإعلامية قد دخلت في نفق الإثارة والتحريض وكانت توحي بصدام وشيك إلى ان بادر رئيس الجمهورية إلى رسم المسار والأجل الزمني للخروج من عنق الزجاجة بقانون انتخاب جديد وتلافي التفاعلات المشحونة بالتوتر الطائفي والمذهبي في مناخ تصادمي تفجيري قد لا يبقي ولا يذر.

شهر جديد للتفاهم على قانون انتخاب دار التفاوض بشأنه وجرى الحديث عنه في منتديات السياسة والتشريع وسائر المنابر اللبنانية الرسمية والشعبية طيلة اثني عشر عاما وعلى الرغم من إطلاق عملية حوار مكثفة بهذا الخصوص منذ خطاب القسم الرئاسي.

لايحق لأي كان استهجان النبرة الطائفية او المذهبية في التعامل مع الموضوع طالما هو نفسه يتبنى تعبيرات ومعايير طائفية ومذهبية وهذه مصيبة البلد الذي تختفي فيه العصبيات المدمرة خلف الجمل المنمقة المطرزة بمزاعم عن الوطن والوطنية عند العديد من الأطراف التي تمضي جلسات الحوار حول قانون الانتخاب في حساب نوابها المحتملين وبهوية ناخبيهم الطائفية والمذهبية.

الاستعصاء في الحلقة المفرغة لا تكسره سوى التسويات والتفاهمات الممكنة في حدها الأدنى ولو أردنا الاسترسال في وصفة ثورية حالمة فالتقيح الطائفي والسياسي لا يعالج جذريا بغير الثورة والتغيير الشامل والجمعية التأسيسية التي تدشن مرحلة بناء الدولة الوطنية المدنية على انقاض النظام الطائفي العصري المقيت الذي عطل فيه حكم ما بعد الطائف جميع آليات ومفاتيح التقدم نحو تجاوز الصيغة الطائفية إلى نظام المجلسين من اجل تكريس منظومة سلب ونهب وامتيازات الخصخصة والتقاسم.

ماسرب عن وصفة مرجحة للقانون تلقى قبولا سياسيا يفتح كوة امل بأن يكون الشهر الذي فرضه رئيس الجمهورية فرصة إنقاذية عسى ان تلتقط بعدما تبدت أسوأ الكوابيس في يوميات العبث بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي في حين كان الجمهور العريض موزعا في خنادق العصبيات الطائفية والمذهبية التي تستنكرها نخبة علمانية معزولة لا ثقل مؤثرا لها فعليا في حساب توازنات الكتل الطاحنة التي أقنع الزعماء المنضوين فيها ان مصالح معظم اهل النظام هي مصالح “طوائفهم” التي برهنت التجارب أنهم يلقون بها في الجحيم في الظروف الحرجة ويهربون مع عائلاتهم إلى المنتجعات الوارفة بحقائب ثرواتهم وأعمالهم وارتباطاتهم الخليجية والغربية.

هي فرصة أخيرة للتفاهم الوطني ولإنقاذ البلد وينبغي استثمارها بكل ثانية تنقضي منها وبروحية التنازلات المتبادلة والحرص على فتح أبواب التغيير والتقدم امام الأجيال الشابة لشعبنا الفتي وفخامة الرئيس أثبت بشجاعة تقدر انه القوة الضامنة والدافعة في هذا الاتجاه بقراره الذي لاقاه إليه الرئيس نبيه بري فتخطى البلد قطوعا خطرا وغير بسيط.

فرصة أخيرة بعد تفويتها سيكون ويل كبير يهدد البلاد وهذا يتطلب تسهيلا للتفاهم على الصيغة التي تردد ان الواقع السياسي بجميع اطرافه قد اقترب من الموافقة عليها ولتسجل الملاحظات علنا لكن لتكن بداية مع النسبية وليكن تفاهم على صيغة التأهيل المطروحة كما هي أي بالأرثوذكسي أم معدلة ولكن الأهم ألا تضيع الفرصة التي ستعني إضاعتها إما التمديد لمجلس النواب الحالي او التورط بإحياء قانون الستين البائد كأمر واقع والتصادم السياسي الكبير هو نتيجة مضمونة في الحالين وليتذكر جميع المعنيين ان الطريق الطائفي الذي اتبع منذ سبعة وعشرين عاما ولد تداعيات طائفية ينبغي تفهمها لمعالجتها وليس لتكريس مناخ تناحري خطير استوحى منه بعض الإعلام التذكير بشبح الحرب الأهلية بمصادفة توقيت ذكرى 13 نيسان المشؤوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى