بقلم غالب قنديل

مدرسة نصرالله

sayyyd

غالب قنديل

عرفت السياسة في الثقافة الشعبية اللبنانية كما هي في معظم صالونات السياسيين ومنتدياتهم على أنها فن التلون والحسابات الباطنية والكيد والتذاكي والتقلب تبعا للمصالح الضيقة حتى ان اللبنانيين العاديين درجوا من عقود طويلة على نسبة السياسة في حياتهم لكل مظهر او سلوك اجتماعي يرتبط بالكذب والتلون والانقلاب على الصداقات والشراكات وبالبلف والدجل وقد اصطلح على وصف كل تلك المزايا بالفهلوة والشطارة والبراعة السياسية والدهاء ونال كثير من الزعماء الذين حملوا تلك الصفات تعظيما وفيرا من جوقات المنتفعين حتى شاعت انطباعات لدى العامة تمجد تلك القيم المنافية لأي اعتبار او التزام اخلاقي وردد الكثيرون عبارة “لا اخلاق في السياسة ” بكل بساطة وبرودة.

من عكس السير الشائع والمعروف يشتق سماحة السيد حسن نصرالله نهجا وسلوكا قيميا في رسم خيارات وسياسة حزب الله تماما كما كانت المقاومة البطلة نهجا من عكس السير وضد المألوف والشائع وهو بذلك يكرس قيما ثورية في الوعي الشعبي ترد الاعتبار للأخلاق والمناقبية والمباديء عبر تركيزه المختار في البداية على قيميتن اخلاقيتين كبيرتين هما الصدق والوفاء .

حزب الله ميزته الصدق والوفاء وهو الذي راكم انتصاراته بالصدق في كل كلمة تقولها المقاومة ويتحدث بها قائدها حتى عن العدو الصهيوني الذي صارت خطب السيد تفعل فيه وتؤثر بتوازناته الداخلية وبجمهوره لصدقها واما عن الوفاء فحدث ولا حرج بدءا بالشهداء والأسرى وعائلاتهم وصولا لآخر صديق او حليف قال كلمة حق لصالح المقاومة في لحظة حرجة .

بكل هذا الرصيد التاريخي المعروف والمعترف به للمقاومة يقدم قائدها درسا في الأخلاق بقوة النموذج لجميع أفراد الشعب اللبناني وبمناسبة استحقاق سياسي كبير ومفصلي هو انتخابات الرئاسة اللبنانية مكرسا مرجعيته المعنوية لجميع اللبنانيين في معركة الوعي وبث روح جديدة في الممارسة السياسية … السيد يعلم الجميع بمواقفه كيف يكون الصدق والوفاء وكيف تكون الواقعية السياسية ويقدم نهجا ثوريا في السلوك السياسي وفي المسؤولية الوطنية بعيدا عن المخاتلة والتحايل والتذاكي على الاخرين.

كنس خطاب السيد نصرالله جبالا من اللغو الفارغ ومن الاستنتاجات البائسة ومن الحملات المغرضة والمشبوهة التي هدفت إلى تمزيق الحلف الحاضن للمقاومة وبث التناحر بين مكوناته وقدم صياغة راقية حضارية ووطنية تحتوي هواجس الناس وطموحات الشركاء وحساباتهم وهي مشروعة ومقبولة .

خطاب الصدق والوفاء الذي وجهه قائد المقاومة حول الانتخابات الرئاسية يكرس نهجا جديدا في ممارسة السياسة بالتزام اخلاقي ووطني يقوم على المصارحة المكشوفة بدون حسابات باطنية ومن غير اعتماد لغتين وبلا مداورة او مناورة … السيد حين يصارح يصدق وحين يعد يفي وهو يلم شمل الحلفاء والأصدقاء ويرص صفوف الجمهور كله من جديد مؤكدا ان الخيار الوطني يتقدم بسباق الخصوم على مرشحيه الكبيرين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية قاطعا الطريق على ألعاب الخصوم الذين عمموا كثيرا من الترهات الكاذبة لستر مأزقهم وتصدير ازماتهم إلى جبهة الثامن من آذار …تثبيت التحالفات والشراكات الكبرى مع عون وبري وفرنجية وسائر شركاء الخط … لا ضرورة للسلة برئيس من فريقنا فقد أدرناها ضمانة لخصومنا ولا جلسة لا ينتخب فيها عون رئيسا … وفرنجية نور العين وثقتنا به كبيرة وثابتون مع عون حتى النهاية أي انتخابه او انسحابه ولو كنا سمينا فرنجية قبل سنة ونصف لقلنا نفس الكلام والخلاصة المطلوب حوار وتواصل بين الجميع لبلورة الحل والضمانات المتبادلة واول الحوار والتواصل يجب ان يجري بين الحلفاء والأصدقاء الذين عزز السيد تلاحمهم وكرس اتحادهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى