بقلم غالب قنديل

كفى للسعودية وأكثر

sayed2 1

غالب قنديل

يتقدم حزب الله وأمينه العام الصفوف العربية في التضامن مع اليمن وفي رفض العدوان السعودي الأميركي وذرائعه الواهية المستخدمة لتغطية مذابح وجرائم متمادية تطال سكان هذا البلد العربي الأقحاح أصحاب الميراث العظيم من الثقافة والحضارة والمدنية هؤلاء الذين عرفوا الممالك والمؤسسات والدواوين منذ آلاف السنين عندما كانت شبه الجزيرة العربية تغط في سباتها الصحراوي وتسترسل في جاهليتها..

اولا كفى عالية وصارمة أشهرها قائد المقاومة في وجه المملكة التي نشرت معاهد التكفيرالوهابية في البلاد العربية والعالم الإسلامي وعملت منذ عقود على استمالة الشباب الساخط إلى تنظيمات الإرهاب والتكفير التي دعمتها بالتمويل والسلاح وسخرت في إنشائها سلسلة من رجال الدين والدعاة الوهابيين وما شهده لبنان خلال السنوات الأخيرة من فصول هذه الخطة شكل عنصر اضطراب وتهديد ما يزال مستمرا وهو أودى بقتلى لبنانيين من ضحايا التفجيرات الإرهابية وممن جندتهم آلة الموت السعودية ودفعت بهم إلى الحريق السوري تحت شعار الجهاد.

دائما تعالت صيحات “الجهاد” السعودية في خدمة الهيمنة الأميركية الصهيونية وهي انطلقت في مجابهة جمال عبد الناصر واستكملت مسارها فاستعملت لتركيع سوريا امام كمب ديفيد في ثمانينيات القرن الماضي وكان في بلاد الشام حينها أول نسيج لجماعات الإرهاب التكفيرية المعاصرة التي نقلت من سوريا إلى أفغانستان بعد هزيمتها وهناك في أفغانستان وباكستان نشأت سلسلة معاهد الوهابية والتكفير وانطلقت نواة شبكة القاعدة التي غزت العالم قبل ما يزيد على ثلاثين عاما.

هذا الدور الرئيسي للوهابية السعودية في تدمير بلدان بأكملها تصاعد بقوة في السنوات الأخيرة وهو يتبدى في سياق العدوان الاستعماري على سوريا كما انه يواكب المخاض الدامي في العراق منذ قدوم الجيوش الأميركية لاحتلال هذا البلد الذي استنزفته السعودية لثماني سنوات في الحرب على إيران كما حط التكفير الوهابي الدموي رحاله في ليبيا ومصر واليمن وتحت الرعاية الأميركية لمشاريع التدمير والاستنزاف.

ثانيا الشراكة السعودية الأميركية الصهيونية في هذا المخطط الجهنمي التدميري كانت ظاهرة منذ البداية انطلاقا من معسكرات تدريب إرهابيي الأخوان المسلمين السوريين في الأردن بإشراف ولي العهد آنذاك الأمير حسن بن طلال وما بعدها قامت السعودية بإعادة توجيه إرهابييها إلى أفغانستان بأمر أميركي فأوعزت بنقل من اصطادتهم وزجت بهم في المعركة الخاسرة ضد سوريا طيلة ست سنوات بين العامين 1978 و1984 ليجري تجميعهم وإعدادهم في أفغانستان بخليط قتالي من التكفيريين بزعامة أسامة بن لادن ابن العائلة التي اوكلت إليها العائلة السعودية المالكة مقاولاتها العمرانية وجانبا مهما من تشغيل اموالها ويومها صدرت المملكة السعودية آلاف الشباب الساخط في نجد والحجاز للتخلص من خطر انفجارهم مجددا بعد ثورة جهيمان ومن يرغب في استعادة بعض الوقائع يمكن له قرءاة بعض الكتب النادرة عن تلك الحقبة مثل “النوم مع الشيطان” و”المملكة من الداخل” وسواهما ليكتشف القليل مما يمثله متطرفو المؤسسة الوهابية من خطر حقيقي على المنطقة والعالم وكيف استخدمت العائلة المالكة كل ذلك الويل في خدمة الهيمنة الأميركية.

قبل معركتي سوريا وأفغانستان وتأسيس القاعدة ابتكر وهابيو الأخوان المسلمين في مصر عقيدة التكفير والهجرة وانتشر التبشير بها تحت ثوب سلفية سعودية المصدر والتمويل وانتشرت شبكات تجنيد الشباب الساخط في البلاد العربية والعالم الإسلامي في مواكب تهجير لتنفيذ عمليات إرهابية منظمة ومتنقلة لحساب المخابرات الأميركية التي تولت التدريب والقيادة وبعد الستعينيات تلونت ادوات الاستقطاب المالي والثقافي بإشراف مخابرات المملكة في كل مكان ونشرت المساجد والمعاهد والصحف والقنوات الفضائية لبث التكفير الوهابي ونشره ولتنظيم التحريض والتعبئة أنشئت لجان الدعاة التكفيريين بأسماء مضللة في الأوطان والمهاجر للتجنيد والتحضير لمعارك متنقلة يخوضها الإرهابيون التكفيريون الذين تدعمهم المملكة وتلك المعارك كانت وما تزال منذ أربعين عاما في مواقيتها ومواضيعها وميادينها تخدم الهيمنة الأميركية الصهيونية بلا منازع بل إنها لم تخدم مصلحة سعودية خالصة غير تصدير شباب الجزيرة الساخطين إلى الموت لحساب العم سام غرباء عن وطنهم وعن أهلهم خشية انفجارسخطهم في الداخل وهم ساخطون من وطأة الجهل والحرمان والبطالة والتخلف ومن مفارقات البطر اللصيق بأمراء العائلة الحاكمة.

ثالثا عارية تخوض السعودية حربها على شعب اليمن بقصد إخضاعه وسحق انتفاضته الاستقلالية وهي بذلك تتوج مسيرة من التلاعب بأقدار العرب والمسلمين وقد قرع الخطر أبوابها ومسار الحرب الظالمة والهمجية ضد شعب اليمن يشير إلى تعثر الأهداف وارتباك القيادة وكذلك إلى تفكك التحالف المزعوم الذي شرع المشاركون فيه يتنصلون بين الحياد الباكستاني الذي فرضه الشعب بتظاهراته والتردد التركي الذي عبرت عنه كلمات أردوغان من طهران عن الحل السياسي وبين الموقف المصري الواقف على مسافة الاشتراك الجوي والبحري دون التورط البري الذي وصفه جنرال سابق بأنه مستحيل في مجابهة شعب متمرس بالقتال عبر العصور.

ما كل شيء يشترى وليس لكل موقف ثمن هذا أوان قولها للمملكة التي عممت تقاليد البيع والشراء في السياسة والإعلام لما يزيد على نصف قرن وقد اختار السيد حسن نصرالله ان يجهر بها نيابة عن الضمير العربي الحاضر والغائب وعن الشارع العربي الغافل والمستغفل فبوادر صحوة متدرجة بدات تظهر مؤخرا في غير مكان من بلاد العرب وسيكون للأسابيع القادمة فعلها بالتزامن مع الصمود اليمني ومع اتساع نطاق المقاومة اليمنية التي تعتمد الصبر الاستراتيجي وتحتفظ بقدرات الرد الرادعة على جدول أعمالها الطويل من غير إغلاق أبواب التراجع أمام القيادة السعودية وهي قادرة على ذلك إذا شاءت اختيار النزول عن الشجرة وإلا فستواجه بالتأكيد مصيرا قاتما في اليمن عالي الكلفة ماديا ومعنويا وستمتد نتائجه لتشمل الأمة بأسرها بتصدع أوكار الظلام وانهيارها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى