بقلم غالب قنديل

وقائع قاهرة لا يطمسها الفجور

sayyed223

غالب قنديل

بعد التفنيد المنطقي والرد المفحم على عاصفة الذرائع التي بررت الرياض بها عدوانها على اليمن بسط السيد حسن نصرالله قائد المقاومة العربية الليلة الماضية وقائع اكثر من نصف قرن من السياسة السعودية في المنطقة وناقش جوهر الخيارات التي تبنتها المملكة في قضية فلسطين والصراع ضد الكيان الصهيوني حيث يعلم القاصي والداني ان القيادات السعودية رمت بثقلها منذ أكثر من نصف قرن للنيل من كل قوة او جهة عربية نهضت في وجه العربدة الصهيونية بدءا من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

أولا الردود الانفعالية التي ظهرت بعد خطاب السيد نصرالله تقدم دليلا على حالة من التوتر والعجز عن مناقشة الحجج ومن الواضح ان طابورا كلف بتكرار الكلام المعلوك الذي يفيض كراهية وتحريضا بينما قائد المقاومة تكلم بلغة الوقائع والمعلومات والمعطيات ولم يلق خطابه ردا مقنعا او معقولا.

لم تصدر المملكة مثلا بيانا تنفي فيه معلومات هامة تعرف للمرة الأولى كشف عنها السيد تتعلق بزيارة وفد من انصار الله للمملكة مؤخرا ومباحثاته مع المسؤولين فيها حول آفاق العلاقات اليمنية السعودية بعد ثورة 21 أيلول سبتمبر كما لم يرد الرداحون على مناقشة السيد المنطقية ومحاججته في ذرائع العدوان على اليمن وهم بالطبع خرسوا امام قوة منطق السيد نصرالله في الكلام عما يدعونه بالنفوذ الإيراني .

فالحرب العدوانية على اليمن لا تحمي شرعية دستورية لأن الرئيس منصور هادي انتهت ولايته ومددت وانتهى تمديدها ثم كرس بنفسه تلك الحقيقة بالاستقالة وبالتالي الحجة الشكلية واهية وغير موجودة ومفبركة اما مزاعم الحضور الإيراني في اليمن فلم يقدم أي كان قرينة واحدة على ذلك كما قال السيد الذي اكد من موقعه القيادي المسؤول ان العلاقة بين انصار الله وطهران وحزب الله هي نفسها حديثة ومستجدة وكذلك فذريعة تهديد المملكة ودول الخليج لا أساس لها والمعروض من قيادات اليمن هو الشراكة والندية وحسن الجوار الذي قوبل بالعدوان ويبدو ان الحقد على قوى الثورة اليمنية هو لتمسكها بالندية ورفضها للوصاية.

ثانيا وضع السيد نصرالله يده على بيت القصيد عندما خلص إلى الاستنتاج ان غاية العدوان تكريس الهيمنة والوصاية على اليمن ومنع شعب برمته من تحقيق تطلعاته الاستقلالية بعد زمن طويل من الاستباحة والاستضعاف والوصاية السعودية بعدما فكك نصرالله جميع المزاعم والتلفيقات وفضح حقيقة التواكل السعودي والعربي عن دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته وحيث لم تبد المملكة وشركاها “نسمة حزم ” واحدة في دعم من يقاتلون ضد الاحتلال الصهيوني والعدوان الصهيوني في لبنان وفلسطين طيلة عقود بل إن جميع المؤامرات التي حيكت ضد حركات المقاومة عليها بصمات مالية وأمنية سعودية وفي سياقها الحرب التي تشن ضد الدولة الوطنية السورية والرئيس المقاوم بشار الأسد.

لقد وقفت المملكة بحزم خلف جميع المساعي الأميركية لتدجين العرب ولجرهم إلى الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن حقوقهم واستخدمت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وفرنسا الثقل السعودي والدور السعودي لتحقيق هذه الغاية ومنذ سبعينيات القرن الماضي تنفق المملكة مليارات الدولارات على إمبراطورياتها الإعلامية المكرسة لخدمة تلك الأهداف المكشوفة والمعروفة وبينما امتنعت المملكة السعودية وسائر الدول العربية إلا الجمهورية العربية السورية عن دعم قوى المقاومة الفلسطينية والللبنانية برز تبني إيران لذلك الدعم كأولوية في سياستها الخارجية حتى في زمن الضيق والمصاعب التي ولدتها الحرب التي مولتها المملكة السعودية ودفعت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى إشعالها ضد الجمهورية الإيرانية الوليدة على انقاض نظام الشاه الذي كان حليف إسرائيل وزعيم منظومة الحكومات العربية التابعة للغرب بقيادة المملكة السعودية لعقود وهنا ومن هنا خاطب السيد الحكام بما يليق في تفسير ما يسمى بالنفوذ الإيراني الناتج عن علاقة احترام ودعم بلا شروط قدمته طهران ودمشق وحدهما لقضية فلسطين ولقوى المقاومة.

ثالثا أيا كانت طبيعة العمليات التي يشنها الحلف السعودي الأميركي في العدوان على اليمن ومع الحجم الضخم للقدرات العسكرية التي تم حشدها فالنتيجة ستكون استنزافا للمعتدين امام إرادة المقاومة والاستقلال والتحرر التي تلاقت عليها غالبية يمينة واسعة عابرة للتيارات والقبائل والمذاهب وهي هبت دفاعا عن الوطن ومن يتابع اوضاع اليمن عن كثب يعرف كيف يتزايد عدد الشخصيات والجهات اليمنية التي تراجع حساباتها منذ وقوع العدوان وهي تلتحق بأعداد متزايدة بجبهة الدفاع عن الوطن التي يتوحد اليمنيون في إطارها .

معركة الدفاع عن اليمن هي معركة حق وعدل يخوضها شعب حر عزيز ضد الطغيان والهيمنة والغطرسة التي مارستها القيادة السعودية اتجاه جميع العرب وهذه المعركة ستكون بوابة لتغييرات كبرى شاملة وجذرية في الوطن العربي كله .

جميع التجارب التاريخية القريبة والبعيدة تجزم بأن حروب المقاومة تستنزف المعتدين ومهما كانت نقطة انطلاقها فهي تتوج بالنصر والأكيد ان حلف العدوان على اليمن أقل قدرة من جيوش الاحتلال الصهيوني في لبنان ومن أساطيل الناتو عام 1982 وان المقاومين اليمنيين هم اليوم قوة أكبر وأعلى قدرة مما كانت عليه نواة المقاومة اللبنانية في بداياتها من حيث الخبرة والإمكانات … ختاما ويقينا سيكون انتصار اليمن الذي بشر به سيد المقاومة ووعدها الصادق … فاتحة لتحولات كبرى عربية ودولية لاحدود لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى