بقلم غالب قنديل

ثورة البحرين وكلام نصرالله

bahreinn

غالب قنديل

تحركت مجموعة من الردود على كلام السيد نصرالله بشأن ثورة البحرين الشعبية السلمية ذات الشعارات المتواضعة والنسيج العابر للطوائف والمذاهب بحكم تكوين قيادتها والقوى والأحزاب والشخصيات المشاركة في صدارة الانتفاضة المستمرة رغم أهوال القمع والبطش.

أولا ما قاله السيد نصرالله عن البحرين هو حاصل معلومات ووقائع ومتابعة حثيثة لحقيقة ما يدور في هذا البلد الخليجي الصغير والمظلوم ويمكن الكلام في البحرين عن أي شيء إلا عن المذهبية فالمعارضة الشعبية والسياسية المطالبة بالديمقراطية وبانتخابات برلمانية لإقامة ملكية دستورية تضم في تكوينها قوى وقيادات وكتلا من السنة والشيعة والرموز الدينية فيها كانت هي الأحرص على نبذ العنف ومنع الانقسام بأي شكل يتقدمها أمين عام الوفاق الإسلامي المناضل الشيخ علي سلمان الذي اعتقل مؤخرا.

قام السيد نصرالله بالكشف عن رفض السلطات القائمة للحوار وتصميمها على ممارسة القمع بكل أشكاله مستقوية بقوات درع الجزيرة التي تقودها المملكة السعودية على شعب أعزل ينكل به بشتى أساليب القمع والقتل وتمارس ضده أساليب عنصرية وتستقدم وحدات مرتزقة من خارج البلاد لإخماد تحركاته                    المستمرة وهنا وجه الشبه مع إسرائيل التي باتت “الأخ النصوح” لبعض حكومات الخليج واحتلت مقعد نظام الشاه في العقود الماضية.

ثانيا المكانة المعنوية لقائد المقاومة وحصانته الأخلاقية ومصداقيته التي يعترف بها العدو قبل الصديق أعطت لكلماته أصداء اوجعت حكومة المنامة ورعاتها في الخليج وهذا سر بعض الردود التي لم تقدم واقعة واحدة تدحض ما أثاره السيد نصرالله حول البحرين في حديثه عبر قناة الميادين ومن الترددات الإيحاء وربما الطلب إلى السيد وليد جنبلاط بالرد على سماحة السيد نصرالله .

جنبلاط ما زال يولول زاعما ان ما يجري في سورية ثورة رغم انفضاح الطابع الإرهابي التكفيري الطاغي للجماعات التي تقاتل الجيش العربي السوري ورغم انكشاف عمالة الواجهات السياسية الرثة التي يسميها جنبلاط معارضة سورية وهويريد من قائد المقاومة الصمت على الثورة السلمية الوطنية المستقلة الوحيدة في البلاد العربية.

انتقد جنبلاط كلام السيد نصرالله بدعوى الحرص على مصالح اللبنانيين العاملين في الخليج وهي عودة إلى الإيحاء والتهديد بالضغط على بعض اللبنانيين المغتربين الذين ينتمون إلى بيئة المقاومة في لبنان وهذا ما سبق للسيد ان كشف قبل سنين عديدة كونه وصفة إسرائيلية جربت في غرب أفريقيا وفي أميركا اللاتينية وفي بعض دول الخليج كذلك وتلك الأساليب لم تنفع في ثني الناس عن مبادئهم والتزاماتهم الاجتماعية والأخلاقية وهي لن تنفع.

ثالثا إن مسؤولية قائد وزعامة شعبية ووطنية عربية كالسيد حسن نصرالله تجعل منه مرجعية قومية معنية باتخاذ موقف واضح وصريح من سائر المشكلات والقضايا العربية التي يتأكد ترابطها الحيوي كما أن لشعب البحرين بسنته وشيعته وبجميع تياراته الوطنية الديمقراطية من إسلاميين وعروبيين وشيوعيين وثوريين وناصريين دين كبير في ذمة المقاومة والشعب اللبناني عمره اكثر من ثلاثين عاما فهم لم يتوانوا جميعا عن دعم المقاومة الوطنية اللبنانية منذ انطلاقتها ببياناتهم ومواقفهم ووقفاتهم التضامنية مع شعب لبنان وبحملات التبرعات التي طافوا بها بلدان الخليج وسواها وقد كان الزعيم البحريني المعارض الراحل عبد الرحمن النعيمي ( وهو ماركسي عروبي وليس شيعيا بالمناسبة ) يقود من دمشق وبيروت أوسع شبكة عربية للتضامن مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية طيلة حياته النضالية وكانت آخر وقفاته قبل مرضه ووفاته امام مبنى قناة المنار بعد انتصار تموز التاريخي في حارة حريك يوم 14 آب 2006 المشهود على رأس وفد قيادي من حركات التحرر العربية قدم من دمشق.

رابعا قبل اكثر من خمسين عاما تشكلت في البحرين البلد الصغير نخب مثقفة مناضلة قادت انتفاضات وتحركات سلمية متلاحقة تطالب بالتغيير وهي في هوياتها الفكرية تنوعت دائما فمنها إسلاميون وماركسيون وقوميون تلاقوا على رفض الهيمنة الاستعمارية البريطانية والتبعية لنظام الشاه وتصدوا للمظالم الاجتماعية وقد شهد تاريخ النضال السلمي لشعب البحرين هبات شعبية وعمالية عديدة وتميز القادة والمناضلون بمثابرة مميزة على النضال الجماهيري السلمي وبتفاعل مستمر ودائم مع قضية فلسطين وبتبني ودعم كل مقاومة عربية ضد الاحتلال الصهيوني وهم اظهروا حرارة مثيرة في دعم المقاومة الشعبية والعسكرية اللبنانية ضد الاحتلال في الثمانينات ونشروا تلك الروح في بلدان الخليج وجمعوا التبرعات ونظموا النشاطات الداعمة بدون انقطاع ورموز هذه الحركة الشعبية الوطنية الديمقراطية والسلمية كانوا على الدوام ضد الطائفية والمذهبية .

اليوم تشهد البحرين هبة شعبية سلمية متواصلة منذ أربعة أعوام وترفع شعار الملكية الدستورية خلفا لنظام الحكم العائلي المطلق القائم وحيث رئيس الوزراء امضى حتى الآن اكثر من أربعين عاما في السلطة والتصميم على سلمية التحركات الشعبية شكل السمة البارزة لهذه الهبة رغم شراسة القمع الذي تمارسه قوات السلطة القائمة ومعها قوات درع الجزيرة بقيادتها السعودية .

خامسا الخوف من انتشار العدوى يفسر تكاتف الجهود التي تبذلها حكومات عديدة بقيادة سعودية لخنق ثورة البحرين السلمية ونجاح شعب البحرين في انتزاع مجلس نيابي منتخب ودستور يقر بالاستفتاء الشعبي سيكون أول الطريق لحراك خليجي شامل .

الثورة الشعبية في البحرين هي النموذج الأصفى والأرقى من بين ثورات ما سمي بالربيع العربي ورغم ذلك يلاحقها التعتيم الإعلامي والتشويه المدبر وتحظر التحركات التضامنية مع هذه الثورة الديمقراطية السلمية المتواصلة وآخرها استهداف المناضل السياسي والبرلماني الكويتي الدكتور عبد الحميد دشتي بفعل نشاطه الداعم لشعب البحرين ولحركته الديمقراطية السلمية وهو قاد العديد من الأنشطة الدولية والعربية الداعمة لشعب البحرين والضاغطة لانطلاق حوار بين السلطة والمعارضة في المنامة بهدف التوصل إلى حل سياسي سلمي للأزمة هناك بل إن الدكتور دشتي كان احد الوسطاء الذين جهدوا لإقناع حكام البحرين بفرص الحوار والتفاهم دون جدوى وهو شاهد على التعنت والصد اللذين تقابل يهما مطالب هبة شعبية سلمية متواضعة في شعاراتها وحريصة وعاقلة في سلوكها الرافض للعنف وللعصبيات …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى