تقارير ووثائق

التراجيديا اللبنانية نهاية حلم محاولة لفتح نافذة في الواقع المظلم بقلم الدكتور غسان غوشة

 

 

 رغم ان المسرحيات التراجيدية الفرعونية هي تاريخيا السباقة ،الا ان الشهرة ذهبت للمسرحيات التراجيدية اليونانية التي تعود نشأتها الى القرن الخامس قبل الميلاد.

 

ومن اشهرها الالياذة والاوديسة.

الملفت، ان المسرحيات التراجيدية اليونانية،كانت

سباقة في استشعار النهاية

الدراماتيكية للامبراطورية اليونانية،على يد ابناءها،

وهم رفاق الاسكندر ،

الذين تآمروا سويا على تسميم قاءدهم العظيم في بابل لانهم تعبوا من الفتوحات.

وهكذا تفتت الامبراطورية العظمى وتقاسمها رفاقه

وبعدها. ذهبت ريحهم.

اما الفينيقيين، اجداد اللبنانيين،فهم، رغم انهم كانوا شعبا قليل العدد،

لكن طموحاتهم كانت كبيرة

وهكذا  ذهبت اساطيلهم من صور وحطت في تونس واسسوا قرطاجة التي كادت على يد ابنها القاءد العظيم ان تحتل روما وتخضعها،

وكاد هنيبعل ان يصبح امبراطور العالم ،لولا سوء الحظ.

لكن يجب ان لا ننسى ،ان من حطم حلم هنيبعل، هم اهل قرطاج ،اي اهله الذين سلموه اسيرا للرومان,واستطاع بعدها الهروب من الاسر وعاش مطاردا في بلاد الاناضول لسنوات عديدة الى ان تمكن منه الرومان وقتلوه.

وهكذا ،انتهت الامبراطورية الفينيقية قبل ان تبداء.

كانت محاولة هنيبعل ،اول محاولةوطنية لبنانية جادة ومستقلة،ومن، بعدها،لم يشهد لبنان سياسة مستقلة

ولا طموحات،وارتضى اللبنانيون،الخضًوع او المساكنة مع كل استعمار او انتداب او وصاية.

المهم، ان اسطورة جديدة،

قد تم اختراعها،وتسويقها،

وصدقها اكثر اللبنانيون.

وهي لبنان الجنة،لبنان البلد المعجزة،لبنان سويسرا الشرق،لبنان الشاغل الكون،اللبناني العبقري،اللبناني المتفوق على كل البشرية،ولكن مع اعتراف ضمني بتفوق الرجل الابيض الغربي واستعداد اللبناني للعمل في خدمته.

من اجل تكوين الاسطورة

واقناع الناس بها،

تم تصوير الاستقلال على انه كان نتيجة كفاح مرير وصراع عظيم مع المستعمر،

بينما كل عاقل يعلم ان لولا الضغط الانكليزي على الفرنسيين لما نلنا استقلالنا.

المهم،خرج لبنان بعد نيله استقلاله،الوهمي،

من الكولونيالية الى النيو كولونيالية.

نتيجة ظروف اقليمية ودولية كانت كلها مناسبة لتطور الاقتصاد والحلم اللبناني

واذكر بشكل خلص مردود

الناتج النفطي العربي

اضافة الى هروب الرساميل العربية الى لبنان من سوريا والعراق ومصر وكذلك هجرة اللبنانين الى دول الخليج والاستفادة الفوق طبيعية من الفائض النفطي،

ثم دارت الايام ،وبداء الحلم الجميل بالذبول,فانهار اقتصاد البلد ، وتمكن الساسة ورجال المال والاعمال من نهب تعب اللبنانيين،واصبحت   ليرتهم قروشا،واصبحت المجاعة على الابواب  وحتى الاغنياء

طالتهم عمليات النهب المصرفي.

وتفتق العقل العبقري اللبناني عن حل لهذا الوضع

الخطير الا وهو العودة الى الكولونيالية وهكذا ظهرت شريحة لبنانية لا بأس بها تطالب بعودة الاستعمار الفرنسي .ولكن ما هو الحل الذي يتوقعه هؤلاء

من الوصفة الغربية لانقاذ البلد؟

طبعا هناك مؤتمر سيدر الموعود والذي تأمل فرنسا ان تمول دول الخليج صندوق دعم للبنان ولكن الدول الخليجية لم تعد في وارد دعم لبنان بغير المساعدات الغذائية والطبية

ويبقى فقط امامنا القروض البسيطة التي سيقدمها المصرف الدولي وهي مشروطة بالوصفة الجاهزة للمصرف الدولي واهمها تحرير قيمة صرف العملة ورفع الدعم عن المواد الاساسية

هذا سيساعد فقط بتاجيل موعد الوفاة وكلنا يعلم ان تأجيل الموت ليس موعدا جديدا مع الحياة.

ان السير بشروط المصرف الدولي سيؤدي بوصول سعر الدولار الى ثلاث عشر الف ليرة وستصبح المواد الاولية الحياتية باهظة الثمن مما سيؤدي الى مجاعة واضطرابات اجتماعية لا مثيل لها.

لكن ،اذا كان السياديون اللبنانيون يطبلون و يزمرون لعودة الانتداب،فماذا تفعل القوى الاخرى،اي مختلف القوى التحررية المعادية تاريخيا للاستعمار والمناضلة من اجل التقدم والتحرر.

في لبنان توجد مقاومة ضد المشروع الصهيوني، ولكن لا يوجد مشروع وطني مقاوم.يجعل المقاومة هما وطنيا شاملا يحمل ابعادا ثقافية واقتصادية وعابر للطواءف.

يكون كل وطني معنيا بفعل المقاومة.

في لبنان يوجد مناضلون يساريون يسعون لعدالة اجتماعية ولكن لا يوجد مشروع اقتصادي اجتماعي

يؤسس لقيام نظام اجتماعي عادل في البلد.

في لبنان، يوجد عروبيون ولكن لا يوجد مشروع وحدوي عروبي.

في لبنان يوجد ثوريون ولكن لا يوجد مشروع  ثوري

في لبنان يوجد اصلاحيون

لكن لا وجو د لمشروع اصلاحي

في لبنان، الكل طاءفي ومذهبي ولا هم له الا انتزاع مزيد من المكاسب والنفوذ في السلطة.المقاومة التي حررت الارض  لم تستطع ان تنتج مشروعا وطنيا يحول الشعب اللبناني الى شعب مقاوم

ولم تستطع الربط بين معركة التحرير ومعركة محاسبة الفساد، ولم تتقدم بمشروع اجتماعي اقتصادي يحسن من معيشة الطبقات الضعيفة.

من ناحية اخرى ، تغيب فكرة العروبة عند المقاومة رغم ان موضوع فلسطين والقدس موجود في قلب ادبياتها،الا ان معركة تحرير فلسطين هي معركة عربية، اسلامية ، مسيحية انسانية وتقدمية.

ما العمل …..

ما المطلوب

اقترح القيام بانتفاضة فكرية

تطيح بالافكار السائدة التي ادمناهاوالتي استسهلت المساومات واستصعبت التحديات.

المطلوب هو  نظرة بعيدة المدى،لا تغرق باليوميات وبردود الفعل

المطلوب اطلاق تيار فكري اصلاحي تغييري عابر للطوائف يحمي الوطنيين

ويحمي الفقراء والمساكين

يحمي البلد من اسراءيل وعملاءها ,يحمي عروبتها

يحمي وحدة لبنان ويملك برنامجا اقتصاديا واجتماعيا

مختلف عن الموجود الذي

سيأخذنا الى الكارثة والى الارتهان الى الخارج

يعني الى الرأسمال الصهيوني.                             اسمحوا لي بان اذكر ان قيامة ونهضة الصين الحديثة قامت على اساس فكرة”دع الف زهرة تتفتح

وكذلك هناك مثل قديم

يقول”افتح علبة الاحلام

واغلق علبة الباندورة

وعلبة الباندورة هي علبة اللعنة الاغريقية

ختاما : لا يمكن الخروج من المستنقع. باتباع نفس الافكار والاساليب التي اوقعتنا فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى