تقارير ووثائق

كيف تنتقل الأسلحة من البلقان إلى سوريا؟

 

تصدردول كثيرة من شرق أوروبا أسلحة إلى الشرق الأوسط تقدر قيمتها بأكثر من مليار يورو، وهي موجهة غالبا للسعودية، غير أنها تستأنف طريقها من هناك الى مناطق الحرب في سوريا. وتوجه المعارضة الألمانية انتقادات للحكومة بهذا الشأن .

تعج الحرب السورية بالعديد من أنواع الأسلحة المختلفة. فهناك آلاف البنادق من طراز كلاشينكوف والبنادق الآلية “AK-47”، ومدافع الهاون وقاذفات الصواريخ والأسلحة المضادة للدبابات، والدبابات العتيقة من طراز “تي 55” و “تي 72”. ويحتمل أن تكون هذه الأسلحة قد جاءت إلى سوريا من البوسنة، وبلغاريا، وكرواتيا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، والجبل الأسود، وصربيا ورومانيا. ويتم نقلها بطرق غير مباشر بالطائرة أو السفينة إلى المملكة العربية السعودية أو الأردن أو الإمارات العربية المتحدة أو تركيا وبعدها من هناك إلى مناطق الحرب في سوريا، وتقدر قيمتها بحوالي 1.2 مليار يورو.

جمع أدلة على مدار سنوات

من أجل الكشف عن الطرق الستخدمة في نقل هذه الأسلحة، كانت هناك عمليات بحث واستقصاء لسنوات طويلة، قام بها صحفيون من شبكة البلقان للتحقيقات الإخبارية(BIRN) ومشروع تقارير الجريمة المنظمة والفساد(OCCRP) . وقام هؤلاء بتقييم بيانات وتقارير التصدير للأمم المتحدة، كما شاهدوا المئات من أشرطة الفيديو والصور، وتابعوا تحركات السفن والطائرات، وتفحصوا عقود أسلحة وتعقبوا العديد من الإشارات والتنبيهات لدوائر تعمل في تجارة الأسلحة.

وهناك بعض الأمثلة: ففي وثيقة سرية من عام 2013، حصل عليها صحفيون في “شبكة البلقان” و”مشروع تقارير الجريمة المنظمة والفساد” يشرح مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الصربية كيفية تنظيم مبيعات الأسلحة إلى السعودية ونقلها من هناك إلى سوريا. كما يوجد أيضا تقرير مفصل لطائرات شحن جوي، أثبتت أنه خلال أكثر من 70 رحلة بالطائرة تم نقل أسلحة إلى مناطق الحرب عبر طرق غير مباشرة وبشكل مؤكدوتقول شبكة البلقان للتحقيقات الإخبارية“BIRN” ومشروع تقارير الجريمة المنظمة والفساد“OCCRP” إن تنسيق التجارة بالأسلحة كان يتم من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) وتنفيذها عبر تركيا ودول الخليج. وفي ظل وجود جهات غير مشكوك فيها فقد تنتقل تلك الأسلحة إلى أماكن أخرى من خلال التحايل على جميع الموافقات والتصريحات المنصوص عليها والملزمة. كثير من أوراق النقل الجوي، التي اطلعت عليها “شبكة البلقان”، وتتحدث في الواقع عن شحنات بآلاف الأطنان من البضائع، لم تشر إلى مضمون حمولتها، حيث اعتبرت شحنات أسلحة من بلغاريا وسلوفاكيا بأنها “بضائع مجهولة الهوية“.

بقايا حروب البلقان

يعود جزء من هذه الأسلحة لفترة ما بعد انتهاء حروب البلقان في تسعينات القرن الماضي. “الناس احتفظوا بأسلحتهم بسهولة”، كما يوضح نيلس دوكيه، وهو خبير في شؤون الاتجار بالأسلحة بالمعهد الفلمنكي للسلام في بروكسل. وفي كثير من الأحيان – وبدافع الضرورة – تم بيع الأسلحة المخزنة. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، تم العثور على آثار لهذه الأسلحة في ألمانيا. ففي ولاية بافاريا عثرت الشرطة على مجموعة كبيرة من بنادق ومسدسات وقنابل يدوية ، بعد تفتيش شاحنة من الجبل الأسود.

لا تستخدم هذه الأسلحة المستوردة من أوروبا الشرقية من قبل الجيش السوري الحر فقط ، ولكن أيضا من قبل المقاتلين الإسلامين من جماعة أنصار الشام أو جماعة فتح الشام، (جبهة النصرة، سابقا) المرتبطة بتنظيم القاعدة، وكذلك من قبل مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية“.

وتؤكد المنظمتان“BIRN” و “OCCRP” على نتائج أبحاثهما وأدلتهما خصوصا من خلال صور ومقاطع فيديو وكذلك صور في مواقع التواصل الاجتماعي.

باتريك فيلكن، خبير في أبحاث الحد من الأسلحة لدى منظمة العفو الدولية، وبوديل فاليرو، معدة تقارير حول تجارة الأسلحة لدى البرلمان الأوروبي، يؤكدان ثقتهما بأن العديد من علميات النقل المبهمة انتهكت قوانين الاتحاد الأوروبي والقوانين الوطنية والدولية الخاصة بتصدير الأسلحة.

انتقادات لدور ألمانيا

في البرلمان الألماني (البوندستاغ) ينشط خصوصا سياسيو الحزب اليساري وحزب الخضر ضد تصدير الأسلحة إلى مناطق الأزمات والحروب. وجوابا على سؤال لحزب الخضر، أعلنت الحكومة الألمانية أنها قامت فعلا بتقديم دعم مالي لعدد من الخطط التي هدفت إلى جمع وتدمير أسلحة وذخيرة من البلقان، حيث كلف ذلك مبلغ نحو مليون يورو سنويا. وتعتبر المعارضة إن حجم هذا المبلغ ضعيف جدا.

أغنيسكا بروغر الناطقة باسم الكتلة البرلمانية للخضر في قضايا نزع السلاح والتسلح. انتقدت صادرات الأسلحة الألمانية إلى المملكة العربية السعودية. وفي مقابلة مع DW قالت بروغر: “التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير تبدو بالنسبة لي في منتهى السخرية، عندما يقول إن السعودية تشكل عامل استقرار في المنطقة، ويجب علينا أن نحافظ على علاقات جيدة معها.” وتضيف بروغر: “في السعودية ساء وضع حقوق الإنسان، ولم يتحسن“.

وأكدت منظمتا “BIRN” و “OCCRP” في أبحاثها أقوال بروغر، التي أوضحت أن نقل أسلحة حربية إلى سوريا تم عبر السعودية. كما اتهمت بروغر الحكومة الاتحادية بالتقصير في عملها بهذا الشأن.

ويتعارض هذا الموضوع مع تصريحات نائب المستشارة مريكل، ووزير الاقتصاد زيغمار غابريل. فعند تقديم أحدث تقرير حول تصدير الأسلحة تحدث غابريل علنا عن حالات قام فيها متلقون لأسلحة مستوردة من ألمانيا بنقلها (إلى طرف آخر) بطريقة غير مشروعة، مشيرا إلى وجود مثل تلك الأسلحة في مناطق الحروب أيضا، وأضاف: “ومن هذه الخلفية أدخلنا عمليات التفتيش بعد الشحن. يعني ذلك أن من يتلقى صادراتنا يجب عليه أن يسمح لموظفين ألمان في البلد المستقبل بالتحقق من منشأ تلك الأسلحة ومكانها المقصود”، كما صرح الوزير غابرييل.

عمليات التفتيش هذه لم تبدأ بعد، حسب ما تظن أغنيسكا بروغر. أما غابرييل فيوضح أنه لم تكن هناك حتى الآن شحنات تتطلب القيام بضرورة التفتيش. في حين لامت بروغر الوزير غابريل على عدم استطاعته حتى الآن القيام بتنفيذ قانون تصدير الأسلحة، الذي كان قد أعلن عنه بنفسه. كما أعلن وزير الاقتصاد عن تعيين لجنة، للتحقق من إجراءات التراخيص الخاصة بالتصدير.

موقع دوتشيه فاليه الألماني

http://www.dw.com/ar/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/a-19454936?maca=ara-newsletter_ar_akhbar-2363-html-newsletter

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى