تقارير ووثائق

تقرير معهد بروكينغز :الانتخابات الرئاسية الأميركية ومرشحوها

 

ملاحظة المحرر: تم الانتهاء من العمل على هذا التقرير في 15 فبراير 2016. في 20 فبراير 2016، فازت هيلاري كلينتون بانتخابات المؤتمر الحزبي الديمقراطي في ولاية نيفادا بنسبة 52,6 بالمئة من الأصوات، فحصلت على 19 من أصل 34 مندوباً. من جهته، فاز دونالد ترامب بالانتخابات التمهيدية للجمهوريين في ولاية كارولينا الجنوبية، متفوّقاً على المندوبين الـ 50 جميعهم بنسبة 32,5 بالمئة من الأصوات. أما جيب بوش، الذي حصل على 7,8 بالمئة فقط من الأصوات الناخبين، فانسحب من سباق الرئاسة .

تأتي كلّ انتخابات رئاسية أمريكية بمفاجآت، ولكنّ حملة العام 2016 قد أتت بمخزونات تبدو غير متناهية من الصدمات والارتباكات. تأتي هذه المفاجأة من مجموعة متنوعة من الأسئلة: من يبلي حسناً؟ من أداؤه أقل من المطلوب؟ ما هي القضايا التي تتمّ مناقشتها؟ من بين مجموعة من المرشحين بلغ عددهم حوالي 23 مرشحاً، سيفوز مرشّحٌ واحدٌ في نهاية المطاف وسيكون رئيس الولايات المتحدة القادم خلفاً لباراك أوباما. وسيكون للمرشحين والقضايا التي يناقشونها آثار بعيدة المدى، ليس بالنسبة إلى السياسة الأمريكية العامة فحسب، ولكن أيضاً للقيادات والسياسات في مختلف أنحاء العالم، وبخاصة في الشرق الأوسط.

يقدّم هذا التقرير لمحةً مفصّلة عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016. يبدأ بمناقشة طريقة عمل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتسلسل المراحل الانتخابية على مدى الأشهر المقبلة. ثمّ يناقش هذا التقرير ما يجعل هذه الانتخابات فريدة من نوعها، حتى بحسب المعايير الأمريكية. وبعدها، يقوم بوصف القضايا الرئيسية التي تتم مناقشتها في الحملة، وبخاصة تلك التي تهمّ منطقة الشرق الأوسط. وأخيراً، وبعد تقديم نبذة عن كلّ مرشح من المرشحين الرئيسيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يقدّم هذا التقرير بعض الاستنتاجات بشأن نوع السياسة الخارجية التي يمكن توقّعها من الإدارة الأمريكية القادمة.

طريقة عمل الانتخابات الرئاسية الأمريكية

الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي عملية معقدة متعددة المراحل، ومربكة ومبهمة في آنٍ معاً. تبدأ الانتخابات عندما يبدأ المرشحون بالإعلان عن نيتهم خوضها، وغالباً ما يحصل ذلك قبل عامين من الموعد الفعلي للانتخابات. يبدأ المرشحون بتوظيف فريق عمل وتنظيم جهاز حملة وطنية، والأهم من ذلك، جمع الأموال. وقبل الحملة الانتخابية الأخيرة العامة، يتعيّن على المرشحين من كلّ حزب رئيسي – الديمقراطيين والجمهوريين – التنافس في حملة تمهيدية ليصبحوا مرشح الحزب للرئاسة.

وتشتمل الحملة الأولية على الخطابات والمقابلات وتصريحات أسياسة والتواصل مع الناخبين، بالإضافة إلى بذل الجهود لحشد تأييد شخصيات رفيعة المستوى وجمع التبرعات والمناظرات في نهاية المطاف. وخلال هذه المناظرات، التي بدأت في أواخر لعام 2015، يواجه مرشحو الأحزاب سلسلة من الأسئلة يوجهها لهم الإعلاميون.

لم يبدأ التصويت الفعلي لدورة انتخابات العام 2016 حتى فبراير، مع انطلاق سلسلة “الانتخابات المصغرة” من ولاية إلى ولاية والتي تشكّل العملية التمهيدية. بالنسبة لكلّ حزب، تُعطى كلّ ولاية عدد محدد من المندوبين، ويستند هذا العدد إلى حدّ كبير على عدد السكان وحجم الحزب في تلك الولاية. ويتمّ مكافأة هؤلاء المندوبين على أساس حسن أداء كلّ مرشح في الانتخابات التمهيدية في كل ولاية. وفي نهاية المطاف، يتمّ جمع المندوبين من الولايات كلها لتحديد من يصبح مرشح كل حزب. يتمّ عادةً تحديد هؤلاء الأفراد في مرحلة مبكرة من العام، ولكن لا تكون التسمية رسمية قبل أن يجتمع مندوبو الولايات أنفسهم لترشيحهم رسمياً في المؤتمر الوطني لكلّ من الحزب الديمقراطي والجمهوري .

تدوم السباقات التمهيدية من أوائل شهر فبراير حتى منتصف يونيو، وتبدأ مؤتمرات الأحزاب بعد أكثر من شهر، أي في أواخر يوليو. لا يتم عقد الانتخابات الفعلية إلا قبل 15 أسبوعاً آخرين، أي في أوائل نوفمبر، ويتمّ تنصيب الرئيس الجديد أخيراً في 20 يناير 2017.

حتى الانتخابات العامة في حد ذاتها هي عملية معقدة. فعلى عكس أنظمة رئاسية عدة في مختلف أنحاء العالم، يتم اختيار الرئيس الأمريكي وفقاً لعملية غامضة تعرف باسم المجمع الانتخابي (Electoral College). بحسب المجمع الانتخابي ، تُعطى كل ولاية عدد من “الناخبين”، ويتمّ عادةً احتساب عددهم على أساس عدد سكان كل ولاية. (يستند هذا التوزيع رسمياً على أساس مجموع عدد الممثلين من كل ولاية في مجلسيْ النواب والشيوخ في الكونغرس الأمريكي). يكون لكلّ من الولايات التي تضمّ أقلّ عدد من السكان 3 ناخبين على الأقل، في حين تحظى كاليفورنيا بالعدد الأعلى البالغ 55.

في الانتخابات العامة، تعطي كلّ ولاية ناخبيها للمرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الشعبية على مستوى الولاية. على سبيل المثال، في انتخابات العام 2012، حصل باراك أوباما على الأصوات الانتخابية الـ55 في ولاية كاليفورنيا لأنه حصل على 60 بالمئة من الأصوات هناك. وبالمقابل، نال ميت رومني جميع الأصوات الانتخابية الـ38 في تكساس لأنه حصل على 57 بالمئة من الأصوات في الولاية.

وعموماً، ثمة 538 ناخباً موزّعين على الولايات الأمريكية. والمرشح الفائز هو من يحصل على 270 صوتاً انتخابياً على الأقل في المجمع الانتخابي. ويتم اعتبار هذا الشخص الفائز في الانتخابات الرئاسية.

انتخابات رئاسية أمريكية فريدة من نوعها

لا يمكن التنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. تشهد كلّ منها تقريباً منافسة محتدمة إلى حدّ ما، وعادة ما يفوز بها مرشحون من خلفيات مماثلة – نائب رئيس أو سيناتور أو حاكم. وفي الواقع، كانت المرة الأخيرة التي تمّ فيها انتخاب رئيس أمريكي بدون أحد هذه الألقاب مع دوايت أيزنهاور في العامين 1952 و1956. ومنذ العام 1788، كان كلّ مرشحي الحزبين الرئيسيين من الرجال، وحتى العام 2008، كان جميعهم بيض. وكان أولئك المرشحون جميعاً مسيحيين.

يمكن القول إنّ المرشحين لانتخابات العام 2016 متنوعون جداً من الناحية الديموغرافية. بن كارسون أمريكي من أصل إفريقي، وتيد كروز وماركو روبيو من أصول لاتينية، وبوبي جندال أمريكي من أصلٍ هندي بينما هيلاري كلينتون وكارلي فيورينا امرأتان، وبيرني ساندرز يهودي. وثمة ثلاثة مرشحين لم يشغلوا من قبل منصباً منتخباً، وهم ​​دونالد ترامب وبن كارسون وكارلي فيورينا.

في بداية الحملة، كان للعديد من المراقبين – بمن فيهم المؤلف – بعض الآراء حولها. أولاً، من المرجح أن يكون طريق هيلاري كلينتون نحو أن تصبح مرشّحة الحزب الديمقراطي سهلاً. ثانياً، سيحقق مرشحو الحزب الجمهوري أصحاب السيرة الذاتية الجيدة والذين يحظون بدعم قوي من الحزب نتائج جيدة، بمن فيهم جيب بوش وسكوت ووكر. ثالثاً، كان دونالد ترامب مرشحاً يفتقر إلى الجدية، ولن يبقى في السباق الرئاسي إلا مؤقتاً. رابعاً، نظراً لما تتطلبه الحملات الانتخابية الرئاسية من أجل جمع الأموال والتوظيف، فضلاً عن التحديات التنظيمية، سينخفض عدد المرشحين بسرعة بحيث يبقى عدد قليل أكثر جدية. وفي الجدول أدناه قائمة بالمرشحين الـ 22 الذين تقدموا للانتخابات الرئاسية على مدار الحملة – والعدد الذي تبقى منهم.

لم تتحقق أيّ من هذه التوقعات. فبادئ ذي بدء، واجهت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون سباقاً محموماً مع السيناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت، وهو مرشح يساري يصف نفسه بأنه اشتراكي. وبينما حافظت كلينتون خلال الحملة على تقدّم كبير في استطلاعات الرأي العامة الوطنية، كانت نتائجها ونتائج ساندرز متقاربة في الأيام التي سبقت الانتخابات التمهيدية المبكرة في ولايتيْ أيوا ونيوهامشير. في نهاية المطاف، تقاسم ساندرز وكلينتون الجولتين الأوليين. ففي حين فازت كلينتون في انتخابات ولاية أيوا بفارق ضئيل، فاز بيرني ساندرز بمهارة في انتخابات ولاية نيوهامشير التمهيدية.

وثانياً، في استطلاعات الرأي العام المبكرة، حقق حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش وحاكم ولاية ويسكونسن سكوت ووكر نتائج جيدة. فعلى سبيل المثال، ووفقاً لريل كلير بوليتيكس (RealClearPolitics)، حصد كلّ ​​من جيب بوش وسكوت ووكر نحو 17 نقطة مئوية في الاقتراع في 1 أبريل 2017، أي متقدّميْن بفارق أكثر من 9 نقاط مئوية عن أقرب منافسيهما. وفي 1 يناير 2016، كانت تنائج جيب بوش في الاستطلاعات أكثر بقليل من 4 بالمئة، وانسحب سكوت ووكر من السباق الرئاسي بسبب مستويات الدعم المنخفضة.

وثالثاً، مثّل دونالد ترامب قوة خطيرة في حملة الانتخابات الرئاسية، وكانت شعبيته كبيرة ومستمرة. كما قد أصبح مرشحاً أقوى وأكثر فطنة ومهارة مع مرور الوقت. وبعد أن لم يكن ترامب يُؤخذ على محمل الجد، أصبح مرشح الحزب الجمهوري الأقوى. بحسب ريل كلير بوليتيكس، حصد دونالد ترامب أعلى المعدلات الوطنية في استطلاعات الرأي كلّ يوم منذ 20 يوليو 2015، باستثناء يوم واحد وهو 5 نوفمبر. توجّه ترامب إلى الناخبين الساخطين والغاضبين في الحزب الجمهوري، وتطرّق إلى همومهم ومصالحهم بأساليب فعالة. ورغم التعليقات الهجومية والأوقات التي بدت أنها ستقضي على حملته بشكل مؤكد، حافظ ترامب على دعمه من داخل الحزب وزاده حتى.

رابعاً، عندما بدأ التصويت في 1 فبراير 2016 في ولاية أيوا، كان لا يزال 14 مرشحاً في السباق: 3 من الحزب الديمقراطي و11 من الحزب الجمهوري. إنّ الحملات التمهيدية للانتخابات الرئاسية مكلفة ومرهقة ومجهدة، وعادةً ما ينسحب المرشحون الذين يحققون نتائج سيئة في استطلاعات الرأي لفترات طويلة من السباق ويعترفون بأنّ ليس لديهم أي فرصة في الفوز. قام بعض المرشحين بذلك، ولكنّ عددهم كان قليلاً. حتى المرشحين الذين حققوا باستمرار أقل من 10 بالمئة في الاستطلاعات طوال الحملة الانتخابية لا يزالوا في السباق الرئاسي.. وقدرة التحمل هذه مفاجئة ومحرجة على حدّ سواء.

لو أعدنا التفكير في الموضوع، لوجدنا أنّ بعض هذه النتائج منطقياً. في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، بات الناخبون تقدميين بشكل متزايد – يميلون إلى اليسار أكثر من أيّ دورات إنتخابية سابقة. زد على ذلك مجموعة داخل الحزب الديمقراطي تشعر بخيبة أمل بسبب الفرص التي يعتبرون أنّ إدارة أوباما أضاعتها بدل تحقيق المزيد لقضاياهم، بالإضافة إلى بعض الديمقراطيين الذين يرغبون في شخص جديد ومختلف. يفي بيرني ساندرز هذه الشروط، بينما تعتبر هيلاري كلينتون أكثر وسطية منه ولكن غير جديدة على الإطلاق بما أنها زوجة رئيس سابق ومرشحة رئاسية سابقة وعضوة سابقة في مجلس الشيوخ وعضوة سابقة في إدارة أوباما. وهذا ما يجعل ساندرز أكثر جاذبية للناخبين في بعض الولايات، مما يحوّل السباق الذي اعتُبر ذات يوم فوزاً سهلاً لكلينتون إلى منافسة أقوى بكثير.

أما بالنسبة للجمهوريين، فنجد أنّ الكثير من الناخبين غاضبون من الحكومة ومن حزبهم على حدّ سواء، إذ يشعرون أنه قد تمّ تجاهلهم وتجاهل مصالحهم، ليس في عهد أوباما فحسب، ولكن حتى في عهد إدارة جورج بوش الإبن. وبالإضافة إلى ذلك، لا تثق شرائح من الحزب الجمهوري، بل وتزدري حتى، المجموعات التي لا تشبهها، بما في ذلك المسلمين واللاتينيين والمهاجرين عموماً. وقد كانت المناظرة حول الهجرة من الجانب الجمهوري حادة بشكل خاص، إذ سعى بعض المرشحين إلى تمييز أنفسهم عن الآخرين باعتماد خطاب متطرف. ولكن يعود الكثيرون منهم إلى اعتماد شعار مشترك بين الجمهوريين، ألا وهو “إبقاء المهاجرين خارج الولايات المتحدة”. وبالنسبة إلى اليمين، شكّلت عمليات الترحيل الجماعي والجدران الأمنية عند الحدود الأمريكية أو كلاهما الوسائل المفضلة للتعامل مع قضايا الهجرة.

تسرّب الغضب بسبب الهجرة أيضاً إلى السياسة الخارجية، وأضيف إلى المخاوف من الإرهاب. وهذا هو السياق حيث أصبح المسلمون هدفاً محدداً لأكثر خطابات المرشحين الجمهوريين حدّة. شبّه بن كارسون المسلمين بـ”الكلاب المسعورة”، واقترح عددٌ من المرشحين حظر استقبال اللاجئين المسلمين، وانتقد تيد كروز الذين يعارضون الخطاب المعادي للمسلمين. وفي الوقت عينه، اقترح دونالد ترامب فرض حظر على جميع المسلمين الذين يدخلون إلى الولايات المتحدة، واقترح أيضاً إغلاق المساجد وتسجيل جميع المسلمين الموجودين أصلاً في البلاد في قاعدة بيانات تديرها الحكومة. اعترف دونالد ترامب، أكثر من أي مرشّح آخر، بواقع الغضب وكراهية الأجانب، وعزّز ذلك الدعم. وما يبدو مسيئاً أو غير مناسب للبعض يروق كثيراً لجزء كبير من الناخبين الجمهوريين، ويعكس الدعم الذي يحظى به ترامب هذا الواقع.

السياسة الداخلية

في بعض الانتخابات الأمريكية، يرغب المرشحون من مختلف الأحزاب في مناقشة قضايا مختلقة. وعلى غرار ذلك، تكون في بعض الأحيان مجموعة من القضايا قوية بالنسبة لأحد المرشحين وضعيفة بالنسبة لآخر. في تلك الحالات، نادراً ما يتطرّق المرشحون إلى مواضيع متعلّقة بالسياسات، ويقومون بدل ذلك بالتحدث بطريقة تجعل من الصعب على الناخبين المقارنة بين سجلاتهم. إلا أنّ انتخابات العام 2016 مختلفة حتى الآن. فكلا الحزبان الرئيسيان مهتمّ بالحديث عن جزء كبير من القضايا عينها، مما يقدّم مقترحات مختلفة إلى حدّ كبير بشأن كيفية حلّ المشاكل.

من حيث السياسة الداخلية، يتمحور العديد من القضايا حول الاقتصاد. هذا مسار معقول بالنسبة إلى الديمقراطيين وجهد استراتيجي من قبل الجمهوريين. يحاول الديمقراطيون الاستفادة من الاقتصاد الناجح إلى حدّ ما في عهد الرئيس باراك أوباما. وتظهر أبحاث العلوم السياسية بشأن الانتخابات الأمريكية أنه عندما يكون الاقتصاد في حالة ازدهار، يميل الحزب الحاكم إلى البقاء في السلطة. في عهد الرئيس أوباما، تم إنشاء حوالي 10 مليون فرصة عمل جديدة، وحافظ النمو على معدلات متسقرة، واستقرت النظم المالية، وتضاعفت قيم أسواق الأسهم القيادية. ويتباهى الديمقراطيون بهذه النجاحات على أمل تحويل هذه المكاسب الاقتصادية إلى أصوات في الانتخابات.

وفي الوقت عينه، يقرّ الديمقراطيون أنّ الانتعاش الاقتصادي لم يساعد الأمريكيين جميعاً بالطريقة عينها. لقد تدفق العديد من المكاسب إلى الأغنى منهم، لذلك يتحدّث الديمقراطيون عن قضايا عدم المساواة وكيفية مساعدة الطبقتيْن المتوسطة والفقيرة في البلاد.

يركّز الجمهوريون أيضاً على الاقتصاد، متحدّثين عن الانتعاش ليس باعتباره ناجحاً، بل ضعيفاً وغير كافٍ. يتحدثون عن عدد الأمريكيين الذين لا يزالون عاطلين عن العمل وعدد أولئك من بين الذين وجدوا فرص عمل جديدة يكسبون مالاً أقل من قبل الركود في العام 2008. يوضحون أنّ النمو الاقتصادي كان بطيئاً جداً وغير قادر على تشغيل الاقتصاد. ويحاول الجمهوريون والديمقراطيون بناء صلة مع المجموعة عينها من الأمريكيين – أولئك الذين لم يختبروا فوائد الانتعاش الاقتصادي. وفي حين يقول الديمقراطيون: “يمكننا أن نحقق لكم المزيد”، يواجههم الجمهوريون بالقول: “لقد خذلكم أوباما“.

وبعيداً عن الاقتصاد، تشمل قضايا السياسة الداخلية الأخرى التي تجري مناقشتها قوانين حيازة السلاح وسياسة الهجرة وقضايا المرأة (بما في ذلك المساواة في الأجر والحصول على التعليم والحقوق الإنجابية). لكل من الطرفين وجهات نظر مختلفة بشأن كيفية معالجة هذه القضايا أو حتى مناقشتها، ولكنها تشكل جزءاً أساسياً من المناظرة حول السياسة الداخلية.

السياسة الخارجية والقضايا ذات الصلة بمنطقة الشرق الأوسط

لم يركز السباق الرئاسي لعام 2016 حصرياً على السياسة الداخلية. لقد لعبت السياسة الخارجية أيضاً دوراً هاماً، ولا تزال. تشكّل هذه القضايا جزءاً من أي حملة انتخابات رئاسية، نظراً لدور الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة ومكانة البلاد على الساحة العالمية. وقد ظهرت قضايا السياسة الخارجية إلى الواجهة بخاصة مع ظهور المنظمات الإرهابية الدولية والهجمات الإرهابية في كلّ من فرنسا، وتركيا، وأندونيسيا، وبوركينا فاسو، وكينيا، ولبنان، وحتى في الولايات المتحدة.

أصبحت السياسة الخارجية في الواقع موضع التركيز المهيمن على حملات مرشحي كلا الحزبين، وهذا أمر غير اعتيادي من بعض النواحي. لطالما اعتُبرت السياسة الخارجية مجال الحزب الجمهوري، وأظهرت استطلاعات الرأي العام منذ عقود أنّ الأمريكيين يثقون في الحزب الجمهوري أكثر من الحزب الديمقراطي عندما يتعلق الأمر بمثل هذه القضايا. ولكن في انتخابات العام 2016، يرغب الطرفان في مناقشة السياسة الخارجية. يناقش الجمهوريون هذه المسألة من المنطلق الاعتيادي عينه، ويعتبرون أنّ قيادة الرئيس أوباما الفاشلة قد تسببت بالعديد من المشاكل التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، وأفريقيا، وجنوب شرق آسيا، والصين، وروسيا، وشبه جزيرة القرم، وأوروبا.

ثمة مرشح ديمقراطي واحد على الأقل حريص أيضاً على مناقشة السياسة الخارجية. تتمتع هيلاري كلينتون، باعتبارها وزيرة خارجية سابقة، بسيرة ذاتية أقوى من أي مرشح آخر في السباق التمهيدي للحزب الديمقراطي في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، لا بل تكاد سيرتها الذاتية في ما يتعلق السياسة الخارجية أقوى في نواحٍ كثيرة من أي مرشح رئاسي آخر. وتعتبر كلينتون هذه التجربة بمثابة فرصة لها ولحزبها لتحقيق النجاح. ونتيجةً لذلك، تقوم بمناقشة القضايا التي تلعب لصالحها.

تتنوع قضايا السياسة الخارجية التي تجري مناقشتها في سباق العام 2016 إلى حدّ كبير من حيث طبيعتها. وتشمل هذه القضايا مسألة الأمن السيبراني مع الصين والقضايا النووية مع كوريا الشمالية وقضايا السيادة في أوروبا الشرقية وديناميكيات السلطة مع روسيا والاتفاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي ودول المحيط الهادئ. ومع ذلك، لم تهيمن قضايا الشرق الأوسط على مناقشة السياسة الخارجية فحسب، بل أيضاً على الحملة ككلّ. أما القضية التي تتم مناقشتها على نطاق واسع خلال الحملة النتخابية، فهي ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وانتشاره وهجماته في العديد من من البلدان، بما في ذلك الاعتداءات التي نفذها متعاطفون معه في الولايات المتحدة. وتتّصل بهذه المسألة محادثة أوسع نطاقاً بشأن الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبخاصة في سوريا والعراق وإيران ومصر وليبيا واليمن.

وبالإضافة إلى ذلك، شكّل الاتفاق النووي مع إيران الذي دخل حيز التنفيذ مؤخراً سياسة مثيرة للجدل لإدارة أوباما، كما أصبحت قضية حاسمة في الحملة. يدعم الديمقراطيون كلّاً من الاتفاق والرئيس، بينما يعارضه الجمهوريون بشدة، إلى حدّ أنّ كثيراً من المرشحين هدّد بالانسحاب عند تولي منصب الرئاسة.

أما قضية السياسة الخارجية الأخيرة المهيمنة على هذه الحملة، فتتعلق بالدعم الأمريكي لإسرائيل. ويقول الجمهوريون إنّ العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد انهارت تحت إدارة أوباما وإنّ التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل واستقلاليتها ودفاعها ومصالحها ينبغي أن يشكّل جزءاً أساسياً من السياسة الأمريكية الخارجية. لا يختلف الديمقراطيون عنهم بالرأي كثيراً، إلا أنهم لا يعتبرون الرئيس أوباما مسؤولاً عن أي تعقيد في العلاقات بين البلدين.

بشكلٍ عام، ليست مناقشة السياسة الخارجية في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية مجرد مسألة سياسة. فالسياسة الخارجية، وبخاصة القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، ستشكّل موضع تركيز كبير للإدارة القادمة، بغضّ النظر عمن يُنتخب رئيساً للبلاد. ويعني ذلك أنّ الدول في مختلف أنحاء المنطقة ستلعب دوراً كبيراً في هذا النقاش. وعلاوةً على ذلك، سيلعب حلفاء الولايات المتحدة الدائمون في المنطقة دوراً رئيسياً واستراتيجياً في تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية. وستؤثّر الآراء والمقترحات المحددة التي تقدّم بها المرشحون الرئاسيون على المنطقة بطرق مختلفة، مما يجعل نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016 بالغة الأهمية لمنطقة الشرق الأوسط عموماً، ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً.

لمحة عن المرشحين

نقدّم في ما يلي لمحة عن أبرز المرشحين من كلّ حزب. تغيّر الانتخابات الرئاسية الأمريكية بسرعة الشؤون التي يمكن أن تكون غير متوقعة إلى حدّ كبير. رغم ذلك، من الواضح أنّ بعض المرشحين يحظون بفرصة تأمين ترشيح حزبهم لهم، في حين أنّ البعض الآخر لا يتمتع بفرصة مماثلة. نقدّم ههنا لمحةً عن سبعة مرشحين – مرشّحان ديمقراطيان، وهما هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز؛ وخمسة مرشحين جمهوريين، وهم جيب بوش وبن كارسون وتيد كروز وماركو روبيو ودونالد ترامب. تضمّ كلّ لمحة معلومات أساسية عن خلفية المرشح ومناقشةً لمواقفه بشأن القضايا الرئيسية بالنسبة للشرق الأوسط، مع بعض التحليلات أيضاً. وتتضمّن كل لمحة أيضاً قسماً بعنوان “قضايا أخرى”، تضمّ الموضوعات الأقل شيوعاً التي يناقشها المرشح.

من المهم أن نشير قبل ذلك إلى بعض المسائل. أولاً، ليس المرشحون كلهم متماثلين من حيث كمية المعلومات المقدّمة، وهذا تحدٍ في انتخابات العام 2016. لقد تمكّن بعض المرشحين من خوض حملة انتخابية واكتساب الدعم والحفاظ عليه، وحتى المشاركة في المناظرات بدون تقديم تفاصيل مهمة حول مجموعة متنوعة من وجهات النظر السياسية. وقدّم بعض المرشحين – بخاصة روبيو، وكلينتون، وبوش – تفاصيل مهمة بشأن وجهات نظرهم حول القضايا ذات الصلة بمنطقة الشرق الأوسط، بينما اعتمد آخرون الغموض في هذه الناحية. لم يقم الناخبون بمساءلة هؤلاء المرشحين المبهمين الذين تمكنوا من الحفاظ على الدعم رغم القليل من المعلومات الفارغة التي قدموها. ويبدو أنّ الابتذال كافٍ، في حين قد يعرّضهم التطرق إلى التفاصيل للانتقاد. لم تقم وسائل الإعلام الأمريكية هي الأخرى بمساءلة المرشحين بشأن هذه النقاط.

يُعتبر الشرق الأوسط منطقة حاسمة من الناحية العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية. كما وانّ استقرارها أو غياب الاستقرار فيها مهمّ بالنسبة إلى الشؤون المالية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة ومختلف أنحاء العالم وسلامتها وأمنها. ورغم أنّ الشرق الأوسط هو المنطقة الأحرج في العالم حالياً بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، نجد أنّ التفاصيل المحدودة التي يقدّمها بعض المرشحين في هذا الشأن واقع ينذر بالخطر.

المعلومات الواردة في اللمحات مأخوذة من المواقع الإلكترونية التابعة للحملة، والمناقشات، والظهورات الإعلامية، والخطابات العلنية، والمواقع الإلكترونية التي تجمع مواقف المرشح.

هيلاري كلينتون

الدولة الإسلامية – تقدّم كلينتون استراتيجية من ثلاثة أجزاء للتعامل مع الدولة الإسلامية. يتضمن الجزء الأول هزيمة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا من خلال زيادة العمليات الاستخباراتية، وزيادة ضربات قوات التحالف الجوية، وشن حملة برية تدعمها قوات أمريكية خاصة يقودها العراقيون السنة والأكراد وتضمّ شركاء أوروبيين ودول عربية مجاورة. ويركّز الجزء الثاني على قطع تمويل الدولة الإسلامية وشبكاتها. ستعمل كلينتون على تحديث العقوبات الإرهابية التي تفرضها الأمم المتحدة، ودفع السعوديين والقطريين إلى منع رعاياهما من المساعدة بالتمويل، وإشراك المجموعات المحلية والمجتمعات المسلمة في جميع أنحاء العالم للمساعدة في مكافحة التطرف، بالإضافة إلى مكافحة التجنيد عبر الإنترنت بشكل نشط. أما الجزء الثالث، فيركّز على الأنظمة الدفاعية في الولايات المتحدة، مما يحدّ من قدرة الدولة الإسلامية على اختراق الحدود الأمريكية أو التجنيد من داخلها.

سوريا واللاجئون – بالتزامن مع الجهود لمكافحة الدولة الإسلامية، تدعم كلينتون فكرة العمل مع مجموعات محلية لإزالة الأسد من الحكم والتخطيط للانتقال إلى حكومة معتدلة. وتريد كلينتون أن يعيد الكونغرس النظر في تفويض استخدام القوة العسكرية ضدّ الإرهاب للعام 2001. تؤيد كلينتون فرض منطقة حظر جوي فوق شمال سوريا قرب الحدود التركية، وإنشاء مناطق آمنة للاجئين تمكّنهم من البقاء في سوريا، في مأمن من الدولة الإسلامية ونظام الأسد. وستقوم كلينتون بإشراك العالم العربي للمساعدة في دعم هذه المناطق الآمنة. بالإضافة إلى ذلك، تدعم كلينتون استقبال الولايات المتحدة لعشرات الآلاف من اللاجئين ودفعها للحلفاء الأوروبيين والعرب لاستقبال المزيد من اللاجئين.

إيران/الاتفاق النووي – تقدّم كلينتون استراتيجية خماسية للتعامل مع إيران: أولاً، تعميق التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل من خلال دعم الدفاع، وتحديداً في مجال الكشف عن الأنفاق والدفاع الصاروخي. ثانياً، التأكيد على أنّ منطقة الخليج تشكّل مصلحة أمريكية حيوية من خلال وجود عسكري قوي والحفاظ على مضيق هرمز مفتوحاً وزيادة التعاون الأمني ​​مع دول مجلس التعاون الخليجي. ثالثاً، مكافحة وكلاء إيران في الدول الأخرى وإشراك دول مثل تركيا وقطر في تضييق الخناق على الدعم المقدّم لهؤلاء الوكلاء. رابعاً، التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وخامساً، العمل مع دول عربية لوضع استراتيجية إقليمية شاملة. تؤيد كلينتون الاتفاق النووي مع إيران وتصفه بمقاربة “غير موثوق بها، ولكن تحققت”. وقالت إنها سوف تلجأ إلى عقوبات إضافية أو إلى القوة العسكرية إذا لزم الأمر لفرض الاتفاق.

إسرائيل – تدعم كلينتون التحالف القوي والمتين مع إسرائيل، فضلاً عن حلّ الدولتين. وقالت إنها ستدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض في خلال الشهر الأول من رئاستها لتعيد الالتزام بالتحالف بين البلدين ولإظهار تضامنها مع إيران. كما قالت إنها ستلتزم بأمن إسرائيل من خلال توفير الدعم الدفاعي المذكور.

دول الخليج – تريد كلينتون أن تعيد التأكيد على أنّ منطقة الخليج شريك مهم من الناحية الأمنية والتجارية والدفاعية. قالت إنّ السعودية أساسية من أجل التغلب على الدولة الإسلامية وتحييد إيران وتحقيق الاستقرار في المنطقة. تريد كلينتون أن تدفع الدول العربية، مثل السعودية وقطر وغيرها إلى بذل المزيد من الجهود لدعم المعركة ضد الدولة الإسلامية، سواء من خلال الدعم المالي أو العسكري. كلينتون ملتزمة بحماية دول مجلس التعاون الخليجي من التوغل الإيراني، وقالت إنها ستدفع دول الخليج نحو اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ مواطنيها الذين يقدمون الدعم المالي للمنظمات الإرهابية.

بيرني ساندرز

الدولة الإسلامية – يريد ساندرز أن تقود الدول العربية المعركة ضدّ الدولة الإسلامية، بما في ذلك استخدام القوات البرية، مطلقاً على الحملة اسم “معركة من أجل روح الإسلام”. ويقول أيضاً إنّ على دول المنطقة، ولا سيما دول الخليج الغنية، أن تبذل المزيد من الجهود لتمويل الحرب ضد الدولة الإسلامية. يدعم ساندرز الضربات الجوية لقوات التحالف، ولكنه يعارض اللجوء إلى قوات برية أمريكية. كما يدعم أيضاً فكرة هزيمة الدولة الإسلامية أولاً ثمّ القلق بشأن الأسد لاحقاً.

سوريا واللاجئون – لم يكن ساندرز واضحاً بشأن تأييده فكرة إقامة مناطق آمنة، ولكنه يعارض فرض مناطق حظر جوي كجزء من أي جهد، خوفاً من جرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة طويلة الأمد. يؤيد ساندرز استقبال الولايات المتحدة عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، واعتبار نزوحهم أزمةً إنسانية. ويطالب أيضاً الشركاء الأوروبيين والعرب الالتزام باستقبال اللاجئين.

إيران/الاتفاق النووي – يدعم ساندرز الاتفاق النووي مع إيران، باعتباره الوسيلة الأكثر فعالية لمنع هذه الأخيرة من تطوير سلاح نووي. لا يعتبر ساندرز أنّ الاتفاق خالٍ من العيوب، إلا أنه صفقة من المفيد إبرامها. كما أنه يؤيّد إعادة فرض عقوبات إذا ما انتهكت إيران الاتفاق، ويقول إنّ التدخل العسكري لا يزال خياراً مطروحاً، ولكن يجب أن يكون الملاذ الأخير. يعارض ساندرز التدخل العسكري الأمريكي من جانب واحد، مشيراً إلى أنه في حالة إيران، يفضّل أن يتم فرض شروط الاتفاق من قبل تحالف.

إسرائيل – يدعم ساندرز الأمن الإسرائيلي، فضلاً عن حل الدولتين. لطالما انتقد ساندرز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان المشرع الأول الذي أعلن أنه لن يحضر خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في العام 2015. يدعم ساندرز حلّ الدولتين الذي يضمن حق إسرائيل في أن تكون آمنة وحق فلسطين في الحصول على وطن. يعارض الصواريخ التي تطلقها حركة حماس على إسرائيل، ويدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وهو يعارض أيضاً الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.

دول الخليج – بالإضافة إلى اعتباره أنّ على دول الخليج بذل المزيد من الجهود للتغلب على الدولة الإسلامية وتحقيق الاستقرار في المنطقة، احتفظ ساندرز ببعض التصريحات القاسية للمملكة العربية السعودية وقطر. وقال في كلمة ألقاها في جامعة جورجتاون إنّ على السعودية أن تركّز بدرجة أقلّ على الحرب في اليمن وعلى قطر أن تركّز بدرجة أقلّ على كأس العالم، وتحويل مواردهما إلى العراق وسوريا.

القضايا الأخرى – يدعم ساندرز القيام بإصلاحات جذرية لميزانية وزارة الدفاع الأمريكية للحدّ من الهدر وإعادة توجيه الموارد نحو مصالح ضرورية أكثر، مثل محاربة الدولة الإسلامية. قد يزيد رفع موارد الدفاع في منطقة الشرق الأوسط أو إعادة توجيهها إلى هناك من اعتماد الولايات المتحدة على قواعدها العسكرية وحلفائها هناك. بالإضافة إلى ذلك، يعارض ساندرز الصفقات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف، بحجة أنها تؤذي العمال الأمريكيين عادة. ويمكن أن تؤدي هذه المعارضة إلى تغييرات في ديناميكية الاتفاقات التجارية الأمريكية مع سلطنة عُمان والبحرين والجهود الرامية إلى إنشاء اتفاقيات التجارة الحرة بين الولايات المتحدة ودول الخليج.

جيب بوش ( أعلن انسحابه مؤخرا )

الدولة الإسلامية – يعتبر بوش أنّ محاربة الدولة الإسلامية ستتطلب عملية برية كبيرة، ويؤيد بناء تحالف يقوده مقاتلون محليون، بمن فيهم العشائر السنية، والقوات العراقية، والبشمركة الكردية، ويرى أنّه ينبغي بالولايات المتحدة تقديم الدعم لهذه الفئات كلها. يقول بوش إنه يمكن القضاء على الدولة الإسلامية من خلال مشاركة قوات من دول الخليج وزيادة عدد القوات البرية الأمريكية. وتحقيقاً لهذه الغاية، سيدعم بوش توسيع مهمة القوات الأمريكية الموجودة على الأرض حالياً –لتتخطى حدود التدريب والمساعدة– وتوسيع نطاق الحملة الجوية الأمريكية ضد الدولة الإسلامية. وقد قال على وجه التحديد إنّ مفتاح الفوز بالحرب ضد الدولة الإسلامية هو “إشراك المسلمين المحبين للسلام”، مشيراً إلى أنّ المسلمين يشكلون الجزء الأكبر من ضحايا هذا التنظيم.

سوريا واللاجئون – تحدّث بوش عن الرغبة في إزالة الأسد ودعم المعتدلين السوريين وتجهيزهم للانتقال السياسي بعد سقوط الأسد. يعتقد بوش أنّ على الولايات المتحدة مساعدة القطريين والأتراك والسعوديين الذين سبق لهم أن عملوا لمساعدة المعتدلين السوريين. يسعى بوش لتوسيع الجهود الدبلوماسية، بالإضافة إلى الجهود العسكرية، ويؤيد إقامة مناطق آمنة داخل سوريا تساندها منطقة حظر جوي. كانت نقاشات بوش بشأن موضوع اللاجئين السوريين مختلطة، فقد اقترح أنه يتعين على الولايات المتحدة تعليق قبول اللاجئين إلى حين حلّ المشاكل في نظام دراسة الخلفية (The Screening System). يؤيد استقبال الأيتام، ومن يمكن أن تضمن الولايات المتحدة أنهم ليسوا إرهابيين، والمسيحيين. وكان قد انتقد اقتراح دونالد ترامب منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، بحجة أنه يعزل الدول العربية التي تحتاج الولايات المتحدة كثيراً إلى التحالف معها للتغلب على الدولة الإسلامية.

إيران/الاتفاق النووي – كانت آراء بوش بشأن الاتفاق النووي الإيراني متنوعة. ففي أوائل العام 2015، قال إنه سيرفض أيّ اتفاق مع إيران، وإنّ أي اتفاق يشكّل تهديداً لإسرائيل. ومع ذلك، في وقت لاحق من العام عينه، قال إنّ التراجع عن الاتفاق ليس باستراتيجية، ودعا إلى اتباع نهج أكثر دقة في التعامل مع إيران. قال إنه سيعيد فرض العقوبات بسبب التجارب الصاروخية الإيرانية الأخيرة. يسعى بوش إلى وقف النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقال إنه سيقدم أنظمة دفاع صاروخي للحلفاء في المنطقة لحمايتهم من التهديدات الإيرانية.

إسرائيل – يريد بوش أن يعيد التأكيد على العلاقات الأمريكية مع إسرائيل، معززاً الشراكة بينهما التي يرى أنها ضعفت في ظلّ إدارة أوباما. يؤيد حلّ الدولتين. هذا وسيقدّم لإسرائيل أنظمة أسلحة متطورة كوسيلة لحماية نفسها من أعدائها. وذكر أنّه كرئيس، سيساعد إسرائيل في حربها ضدّ حزب الله وحركة حماس.

دول الخليج – كان بوش واضحاً لناحية أنّ على دول مجلس التعاون الخليجي واجب المساعدة في المعركة ضدّ الدولة الإسلامية وتوفير قوات للقيام بذلك. يسعى بوش إلى إعادة بناء تحالفات مع دول مجلس التعاون الخليجي وتعزيز التحالفات مع مصر وتركيا ولبنان والأردن وتونس لما تقدّمه هذه التحالفات من مزايا استراتيجية للتعامل مع الدولة الإسلامية وقضايا أخرى. وقد أشاد بوش بجهود القطريين والسعوديين الرامية إلى تمويل المعتدلين السوريين ودعمهم في معركتهم ضد الأسد والدولة الإسلامية.

القضايا الأخرى – لقد أعلن بوش عن رغبته في إعادة بناء الجيش الأمريكي وتمويله بشكل أفضل. وقد دعا خصيصاً إلى زيادة مستويات القوات، وامتلاك طائرات جديدة، وتوسيع الأسطول البحري، والتوسع في برنامج الغواصات. قد تؤثر هذه الزيادات في القوة العسكرية على دول مجلس التعاون الخليجي التي تستضيف منشآت عسكرية أمريكية.

بن كارسون

الدولة الإسلامية – يؤيد بن كارسون إعلان الحرب رسمياً على الدولة الإسلامية. يقول إنه سيستخدم عدداً كبيراً من القوات البرية الأمريكية للتغلب على التنظيم. لم يحدّد عدداً معيناً، ولكنه قال إنه سيوافق على أيّ عدد من القوات البرية يطلبه القادة العسكريون. وقال إنه سيسعى لتشكيل ائتلاف من القوات الأمريكية وعدد كبير من القوات من “شبه الجزيرة العربية”. وتضمّن جزء من مقترحاته تدريب الشبان السوريين الذين تهجّروا إلى المملكة العربية السعودية والأردن ليصبحوا مقاتلين ضدّ الدولة الإسلامية. ويؤيد أيضاً قطع قدرات التنظيم المالية، وقال إنه سيستخدم القوات الأمريكية لقطع خطوط الإمداد إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، بدون مناقشة الآثار التي تترتب عن ذلك على المدنيين في تلك المناطق.

سوريا واللاجئون – قال كارسون إنه سيمنع الولايات المتحدة من قبول أي لاجئ، خوفاً من دخول أعضاء الدولة الإسلامية سراً إلى البلاد. كما أضاف أنّ اللاجئين السوريين يفضلون إعادة توطينهم في سوريا (بمجرد توقف القتال على ما يفترض)، وليس في الولايات المتحدة أو دول أخرى. ويقول أيضاً إنّ مخيمات اللاجئين القائمة في دول مثل الأردن تعاني من نقص التمويل، وإنّه ينبغي على الدول العربية توفير التمويل اللازم لهذه المخيمات واستقبال اللاجئين على حدّ سواء.

إيران/الاتفاق النووي – يعتبر كارسون أنّ برنامج إيران النووي ليس إلا واحدة من المشاكل التي تمثلها إيران. ويشير إلى أنّ هذه الأخيرة تشنّ أيضاً حرباً ضدّ النساء والجماعات الدينية، وإلى أنّ الولايات المتحدة تخالف بمشاركتها مع إيران قيمها الخاصة في تلك المناطق. ويعتقد كارسون أّن الاتفاق مع إيران يعرّض الولايات المتحدة للخطر ويشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل. وكان قد قال إنه سيتراجع عن الاتفاق فور توليه مهام المنصب الرئاسي، وسيتعامل مع إيران بالطريقة التي يرغب فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

إسرائيل – أشار كارسون مراراً وتكراراً إلى التزامه بتحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل. يقول إنّ العلاقة قد تدهورت في عهد الرئيس أوباما وإنه سيعيد التأكيد على عمقها عند توليه الرئاسة. يعتبر أنه يتم “تشويه” المستوطنات اليهودية عندما تتم مناقشتها. لطالما كان كارسون داعماً كبيراً لرئيس الوزراء نتنياهو، واصفاً إياه بـ “القائد العظيم”. وقد أعرب عن شكوكه بشأن حلّ الدولتين التقليدي في ما يتعلق بالقضية الإسرائيلية-الفلسطينية، مشيراً إلى أنه يدعم إقامة دولة فلسطينية، ولكن يجب أن تقام (في مكان ما) في مصر.

دول الخليج – قدّم كارسون بعض التعليقات بشأن دول مجلس التعاون الخليجي على وجه التحديد. وكان أحد الاستثناءات عندما سمّى دول مجلس التعاون الخليجي بالتحديد –كلها– وقال إنه من واجبها استخدام ثرواتها لتوفير التمويل اللازم لمخيمات اللاجئين السوريين في مختلف أنحاء المنطقة واستقبال المزيد من اللاجئين.

القضايا الأخرى – قال كارسون إنّ تخفيض الإنفاق على الدفاع يعرّض الولايات المتحدة للخطر. وأضاف أنه سيزيد هذا الإنفاق لضمان عدم تعرّض القوات أو القدرات العسكرية الأخرى لأي تهديدات. قد يؤثر مثل هذا الإنفاق على وجود القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعلى دول الخليج التي تستضيف منشآت عسكرية أمريكية. يؤيّد كارسون أيضاً الاستفادة من استكشاف الطاقة في الولايات المتحدة لجعل الدول الأخرى في مختلف أنحاء العالم معتمدة على الطاقة الأمريكية، ويقول إنهاوسيلة لزيادة القوة والقيادة في المنطقة.

تيد كروز

الدولة الإسلامية – كانت تصريحات تيد كروز بشأن كيفية التعامل مع الدولة الإسلامية خليطاً من التصريحات المتطرفة والمبهمة، مما أثار انتقادات بين منافسيه من الحزب الجمهوري. يؤيد كروز مستوىً معيناً من القوات البرية في سوريا، مع أنه يعتبر أنه يمكن الانتصار في الحرب ضدّ الدولة الإسلامية بدون القوات البرية الأمريكية. يؤيد كروز تسليح قوات البشمركة الكردية في العراق وسوريا ودعمها، كما يؤيد استخدام “القوة الجوية الساحقة” ووابل من القنابل في أي مكان تتواجد فيه الدولة الإسلامية. يريد تعليق دعم الولايات المتحدة لنظام الحكم في بغداد، بحجة أنه يجعل الوضع في المنطقة أسوأ من ذي قبل. كما وأنّه يؤيد الدعم للأكراد العراقيين والسوريين، ولإسرائيل، ومصر، والأردن، إذ يعتبرهم لاعبين رئيسيين في القتال. في موضوع المعركة ضدّ الدولة الإسلامية والمجموعات الأخرى، حرص كروز أن يذكر أنه لا يعتبرها حرباً على العقيدة الإسلامية برمتها، بل ضدّ “العناصر المتطرفة” في الإسلام.

سوريا واللاجئون – إنّ كروز مترددٌ في موضوع إزالة الأسد من الحكم لأنه يشكك في المعتدلين السوريين ويخشى أن تملأ الدولة الإسلامية الفراغ. أما في ما يتعلق باللاجئين، فقال كروز إنه يريد تعليق استقبال الولايات المتحدة للقادمين من أي بلد فيه أراضٍ تسيطر عليها الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة إلى حدّ كبير، بما في ذلك سوريا. وكونه سيناتور، كان قد اقترح تشريعاً للقيام بذلك. وقد تجنّب إلى حدّ كبير إعطاء إجابات بشأن ما إذا كان يؤيد فرض مناطق حظر جوي أو إقامة مناطق آمنة في سوريا.

إيران/الاتفاق النووي – يعارض كروز الاتفاق النووي مع إيران ويقول إنّه سيتراجع عنه فوراً متى أصبح رئيساً. ويقول إنّ الاتفاق يسهّل على إيران أن تصبح قادرة على المستوى النووي ويهدد أمن الولايات المتحدة.

ماركو روبيو

الدولة الإسلامية – من بين المرشحين الجمهوريين جميعهم، كان ماركو روبيو من تقدّم بالخطة الأشمل للتعامل مع الدولة الإسلامية، مقترحاً استراتيجية سياسية وعسكرية في آنٍ معاً. وتتضمن الاستراتيجية إقامة تحالف متعدد الجنسيات يضمّ المزيد من القوات الأمريكية، وخصوصاً القوات الخاصة. وبموجب خطة روبيو، ستقوم العشائر السنية المحلية والأكراد الذين يرفضون الدولة الإسلامية بقيادة التحالف. يقول روبيو إنه لا بد للولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي بتمويل تلك المجموعات وتسليحها ودعمها. وفي الوقت عينه، يؤيد منح المزيد من الاستقلالية للعشائر السنية في المحافظات. يدعم روبيو توسيع نطاق الضربات الجوية الأمريكية ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، ويشير إلى أنّ ضرب شبكة التنظيم المالية وإزالة سيطرته على موارد النفط جزء من هزيمة هذا التنظيم. ويقول أيضاً إنه بغية مكافحة التجنيد الذي تقوم به الدولة الإسلامية، ينبغي على الولايات المتحدة رعاية حملة إعلامية موجهة للعموم تسلط الضوء على عمليات القتل والانتهاكات التي يرتكبها التنظيم ضدّ المسلمين وغيرهم.

سوريا واللاجئون – يريد روبيو إزالة الأسد من الحكم وتدريب المتمردين المعتدلين ليس لمحاربة الدولة الإسلامية فحسب، بل أيضاً للانتقال إلى تأليف حكومة في مرحلة ما بعد الأسد في سوريا. ويشير إلى أنه لن يتعاون مع روسيا حتى يلتزم بوتين بإزالة الأسد من الحكم. وقد تطور رأي روبيو بشأن اللاجئين مع مرور الوقت، ففي البداية، كان يؤيد استقبال الولايات المتحدة عدداً محدوداً من اللاجئين السوريين. ولكن بعد هجمات باريس في نوفمبر 2015، أشار إلى أنّ الوضع قد تغيّر وبات يعارض قبول اللاجئين في الولايات المتحدة. وفي نهاية المطاف، وجد رأياً وسطياً، واعتبر أنّ الولايات المتحدة تستطيع قبول عدد محدود من اللاجئين، وهم من الأيتام وكبار السن. يدعم روبيو إقامة مناطق حظر جوي ومناطق آمنة لهؤلاء النازحين في سوريا.

إيران/الاتفاق النووي – قال روبيو إنه سيتراجع فوراً عن الاتفاق النووي مع إيران ما إن يصبح رئيساً ويعيد فرض العقوبات على الفور. وذكر أيضاً أنه سيزيد العقوبات (عما كانت قبل الاتفاق على ما يفترض) لمعاقبة إيران على رعايتها الإرهاب وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. ويقول روبيو إنه سيهدد باستخدام القوة العسكرية لفرض العقوبات ومعارضة البرنامج النووي الإيراني.

إسرائيل – روبيو من أشدّ المؤيدين لدولة إسرائيل، وكذلك لحلّ الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. يقول إنه سيعيد الالتزام بالتحالف الأمريكي الإسرائيلي وبحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها متى يصبح رئيساً، وإن إسرائيل هي أهمّ حليف للولايات المتحدة. وهو يؤيد المساعدة لدعم إسرائيل في مواجهة اعتداءات حركة حماس وحزب الله، كما هو ملتزم بمحاربة الجهود الرامية إلى نزع الشرعية عن الدولة الإسرائيلية.

دول الخليج – قال روبيو إنّه على السعودية تقديم المزيد من المساعدة في الجهود الرامية إلى القضاء على الدولة الإسلامية. وقال أيضاً إنه يدعم دول الخليج المعتدلة التي تفتقر إلى الديمقراطية، وسمّى المملكة العربية السعودية على وجه التحديد. وقال إنّ هذا الدعم ليس مثالياً، ولكنه ضروري للاستراتيجية في المنطقة.

القضايا الأخرى – يريد روبيو أن يعزّز القوات الأمريكية ويطوّر قدراتها إلى حدّ كبير، منتقداً تخفيضات الإنفاق الدفاعي في ظل إدارة أوباما. قد يكون لهذا الإنفاق العسكري تأثير على منطقة الخليج، ولا سيما على الدول التي تستضيف منشآت عسكرية أمريكية. يؤيد روبيو إلى حدّ كبير هيئة تشجيع التجارة، التي من شانها أن تمكّن الرئيس من إبرام اتفاقيات تجارية في مناطق إضافية من العالم. وأخيراً، يعتبر روبيو الولايات المتحدة البوصلة الأخلاقية للعالم، وهو ملتزم بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الاقتصادية على الصعيد الدولي.

دونالد ترامب

الدولة الإسلامية – تقدّم دونالد ترامب بخطة معقدة يصعب اتباعها غالباً في ما يتعلق بالدولة الإسلامية. في البداية، كان متردداً بشأن التدخل في الصراع، بحجة أنه لم تكن لديه مشكلة في ترك روسيا تحارب الدولة الإسلامية. وقال إنه لا حاجة إلى التدخل الأمريكي وإنّ الولايات المتحدة تستطيع ببساطة “الاهتمام بالبقايا” بعد أن تهزم روسيا التنظيم. وفي إطار أي جهد أمريكي، يؤيد ترامب استخدام عدد محدود من القوات البرية الأمريكية. يؤيد قصف حقول النفط العراقية لقطع إيرادات التنظيم، ولكنه يريد أيضاً أن تزوّد العراق الولايات المتحدة بـ 1.5 تريليون دولار أمريكي من عائدات النفط لسداد تكاليف الحرب. يدعم ترامب قتل أسر مقاتلي الدولة الإسلامية في محاولة لوضع حدّ للتجنيد. ويقول إنّه ينبغي القضاء على الدولة الإسلامية قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع الأسد.

سوريا واللاجئون – أوصى ترامب باستخدام “قوة هائلة” ضد الأسد وأعرب في الوقت عينه عن قلقه إزاء ما سيأتي بعد سقوطه. وقد أعرب عن تشكيكه بموضوع تدريب المعتدلين السوريين وما إذا كان يمكن الوثوق بهم. يعارض فرض مناطق حظر جوي في سوريا، ولكن يدعم إقامة مناطق آمنة. يقول ترامب إنه سيمنع اللاجئين من دخول الولايات المتحدة وإنه سيمنع جميع المسلمين من الدخول إلى البلاد حتى يقوم نظام الهجرة بتحسين إجراءات الفرز.

إيران/الاتفاق النووي – يعارض ترامب الاتفاق النووي مع إيران ويقول إنه قادر على التفاوض على صفقة أفضل. بدا تارةً أنه مستعدّ للتراجع عن الاتفاق، واقترح تارةً أخرى أنّ التراجع عنه استراتيجية سيئة. يقول ترامب إنه سيوقف البرنامج النووي الإيراني “بأي وسيلة ضرورية”. كما ويؤيد زيادة العقوبات الاقتصادية لأكثر مما كانت عليه قبل الاتفاق على ما يفترض.

إسرائيل – أعرب ترامب عن دعمه الكبير لإسرائيل كشريك عسكري واقتصادي. يؤيد ترامب التحالف الوثيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لم يكن واضحاً بشأن رأيه بإنشاء دولة فلسطينية. وهو يؤيد أيضاً الهجوم الإسرائيلي الأحادي على إيران.

دول الخليج – يطالب ترامب بأن تتحمل دول الخليج كلفة إقامة مناطق آمنة في سوريا، مضيفاً أنّ الولايات المتحدة يمكن أن تساهم ببعض المساعدة في هذا الإطار. ويقول أيضاً إنّ على السعودية التعويض مالياً للولايات المتحدة كلما ساعدتها هذه الأخيرة في حماية مصالحها.

القضايا الأخرى – يقول ترامب إنه سيعيد التفاوض في كل الاتفاقات التجارية الأمريكية التي تضرّ بمصالح الولايات المتحدة، بحجة أنه قادر على التفاوض على صفقات أفضل. يمكن لإعادة التفاوض في هذه الاتفاقات التأثير على الاتفاقات التجارية القائمة مع البحرين وسلطنة عُمان، وكذلك على الجهود المبذولة لإبرام اتفاقات تجارية مع منطقة الخليج. يقول ترامب إنه يؤيد استخدام حروب التعرفة، حتى ضدّ دول مثل الصين، التي قال إنها “لا تلعب وفقاً للقواعد”. كما يقول إن على الولايات المتحدة التدخل في الصراعات في أنحاء العالم فقط عندما يكون تهديدها مباشراً على البلاد، وليس لأغراض إنسانية فحسب. وأخيراً، يؤيد ترامب الديكتاتوريين في مختلف أنحاء العالم إذا كانوا يضمنون الاستقرار.

تأثير ولايتي أيوا و نيوهامشير

بدأ السباق الرئاسي رسمياً يوم 1 فبراير 2016 مع إدلاء الناخبين بأصواتهم (في المؤتمر التحضيري للانتخابات) في ولاية أيوا. في الأسبوع التالي، أجرت ولاية نيوهامشير انتخاباتها التمهيدية. صحيحٌ أنّ كلا الولايتين ليس لديها عدد كبير من المندوبين، إلا أنّ نتائج الانتخابات فيهما بدأت بتغيير ملامح السباق الرئاسي. شهدنا بسرعة مدى تنافسية سباق الحزب الديمقراطي. وبعد أن فاز كل من ساندرز وكلينتون في إحدى الانتخابات التمهيدية الأوليين، بدأ المرشحون يهاجمون بعضهم البعض بعدوانية أكبر ويجمعون الأموال بوتيرة قياسية، بينما أدرك الناخبون أنّ السباق الرئاسي سيكون طويلاً وشاقاً.

أما بالنسبة للجمهوريين، فحدث ما كان متوقعاً. فاز تيد كروز في انتخابات ولاية أيوا، وفاز دونالد ترامب في ولاية نيوهامشير. وكان لهذه النتائج تأثيرٌ هام على السباق. أولاً، جاء فوز ترامب ليؤكّد على جدية ترشحه، وتستمر معاناة الحزب الجمهوري في تقبّل الواقع أنه يجب على الحرب أخذ ترامب على محمل الجد لأنّ الناخبين الجمهوريين يأخذونه على محمل الجد. ثانياً، أصبحت المنافسة أسوأ وأكثر عدوانية مما كانت عليه، حيث لجأ كل المرشحين تقريباً إلى إعلانات الهجوم والمواجهة خلال المناظرات والفعاليات التابعة لحملاتهم الانتخابية. ثالثاً، سرعان ما غربلت نتائج الاتنخابات التمهيدية في ولايتي أيوا ونيوهامشير المتسابقين. إذ خرج من السباق كل من كارلي فيورينا، وكريس كريستي، ومايك هاكابي، وريك سانتوروم، وراند بول، وانضموا إلى المتسابقين الآخرين الذين غادروا السباق في وقت سابق، تاركين ستة مرشحين جمهوريين فقط، هم: دونالد ترامب، وبن كارسون، وجيب بوش، وجون كاسيك، وتيد كروز، وماركو روبيو.

لا بد من الإشارة إلى أهمية الولايات الأولي وتأثيرها على تغيير السياسات الرئاسية. جاء جون كاسيك (لم نقدم لمحة عنه في هذه الورقة) في المرتبة الثانية في نيوهامشير، فأنعش حملة كانت قد ماتت فعلياً. إذ كان كاسيك قد واجه صعوبة في الحصول على تفاعل بين الناخبين الجمهوريين على الصعيد الوطني، رغم خبرته القوية التي ضمّت فترة ناجحة في الكونغرس الأمريكي وولايتين كحاكم ولاية أوهايو. صحيحٌ أنّ مصير كاسيك في السباق الرئاسي يبقى غير واضح، لا سيما وأن نسبة الأصوات التي يحصدها في انتخابات الولايات التمهيدية القادمة سيئة للغاية، إلا أنّ نتائج نيوهامشير قد حوّلته إلى لاعب مهم في السباق، ولو حتى مؤقتاً، بعد أن كان وجوده ليس له أهمية سياسية كبيرة.

الخاتمة

من المهم أن نشير إلى أنّ خطاب المرشحين الرئاسيين الأمريكيين لا يُترجم دائماً على أرض الواقع بعد تسلّم المنصب، ومعتقل غوانتانامو في كوبا خير مثال على ذلك. انتقد باراك أوباما المعتقل خلال حملته الرئاسية الأولى، وشكك في فائدتها والجدوى منها، وأعلن عن نيته إغلاقها. وبعد أكثر من سبع سنوات على توليه الرئاسة، لم يتمّ إقفال المعتقل بعد.

وبالتالي، من المهم ألا نفترض أنّ ما يقوله المرشح في حملته الانتخابية سيصبح سياسة بعد أدائه اليمين الدستورية. وفي كثير من الحالات، يكون ذلك أفضل. إنّ الحملات الانتخابية الرئاسية معروفة بتصريحات المرشحين المبالغ فيها، ووعودهم المفرطة، وجهودهم المبالغة لتمييز أنفسهم عن منافسيهم. وما من مكان يتجلى ذلك فيه بشكل أفضل من مجال السياسة الخارجية. ولكن رغم تلك الشكوك، ثمة استنتاجات عدة يمكن أن يأخذها الأمريكيون والمتابعين خارج الولايات المتحدة من حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية تمكنهم التنبؤ بشكل السياسة الخارجية للإدارة المقبلة.

ثمة شيء واحد مؤكد وثابت بين المرشحين جميعهم، وهو أنّهم ملتزمون جميعهم بعلاقة قوية ودائمة ومتبادلة مع إسرائيل. ويعتبر المرشحون الرئاسيون من الطرفين أنّ تحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل من بين التحالفات الأهم والأكثر استراتيجية في العالم. كما أشار المرشحون جميعهم أو ألمحوا إلى تدهور العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس أوباما وتعهدوا بإعادة تأكيدها.

وبالإضافة إلى ذلك، اقترح كلّ من المرشحين اعتماد نهج أكثر عدوانية للتعامل مع الدولة الإسلامية. تختلف هذه المناهج كثيراً بين الحزبين وبين المرشحين. فالديمقراطيين مثل هيلاري كلينتون سيقومون بتوسيع نطاق السياسة الحالية التي تتبعها إدارة أوباما، بينما سيقوم العديد من المرشحين الجمهوريين بإرسال المزيد من القوات البرية وقوة جوية إضافية إلى المنطقة في محاولة للتعامل مع هذه المشكلة.

تقدّم بعض المرشحين باقتراحات متطرفة وعدوانية، مثل القصف الشامل للأراضي أو قتل أفراد أسر مقاتلي الدولة الإسلامية. ولكن في الحقيقة، يلعب المستشارون العسكريون أدواراً مهمة في أي إدارة، ومن المرجح أنهم سيتمكنون من إقناع الرئيس بخطر تنفيذ سياسات متطرفة للغاية. ومن شأن تلك النصائح أيضاً أن تحول دون تحول بعض الخطابات المقلقة كثيراً خلال السباق الرئاسي إلى سياسة في نهاية المطاف.

هذا وتتشابه آراء المرشحين أيضاً بشأن منطقة الخليج. وفي حين توجه بعض المرشحين بعبارات قاسية لدول مثل المملكة العربية السعودية، دعا العديد من المرشحين دول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تبذل المزيد من الجهود لمكافحة الدولة الإسلامية ومساعدة المعتدلين السوريين، شهدت الخطابات في هذا الشأن شيئاً من الوحدة. لم يسعَ أي مرشح إلى الحدّ من علاقة الولايات المتحدة مع دول الخليج أو إعادة النظر فيها. وفي الواقع، أشار العديد منهم إلى أهمية وجود الدول المستقرة في المنطقة كشركاء اقتصاديين، وعسكريين، واستراتيجيين في المجالات كلها – وليس في التعامل مع الدولة الإسلامية فحسب. إنّ التحالفات مع دول مثل المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وغيرها غايةً في الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة وقدرتها على العمل في مختلف أنحاء العالم. وستبقى تلك التحالفات على حالها أو يتم تعزيزها، وبخاصة مع استمرار المعركة ضدّ الدولة الإسلامية. وفي الواقع، تبقى ضرورة الحفاظ على علاقات مستقرة وفعالة ومثمرة مع دول مجلس التعاون الخليجي أمراً ضرورياً بالنسبة إلى الجمهوريين إذا كانوا يرغبون في زيادة القوة العسكرية الأمريكية في المنطقة، وذلك نظراً لاستضافة هذه البلدان القواعد الأمريكية.

بشكل عام، السياسة الخارجية الأمريكية متّسقة نسبياً بين الرؤساء – وحتى بين الرؤساء من أحزاب مختلفة. مع ذلك، ثمة بالتأكيد مواضع خلاف بين المرشحين، وتشير هذه الخلافات إلى اختلافات كبيرة في الإدارة المقبلة. ومن بين مواضع الخلاف تلك، نذكر الخطاب الرئاسي، وأزمة اللاجئين السوريين، والعلاقات مع إيران.

صحيحٌ أنّ الخطاب في الحملة الانتخابية قد لا يُترجم إلى واقع، إل أنه يمكن أن يشير إلى نوع الخطاب الذي سيصدر من البيت الأبيض في عهد رئيس معين. لا بد من الإشارة إلى أنّ التصريحات المتعلّقة بالسياسة الخارجية والتنفيذ يتساويان من حيث الأهمية، في بعض الأحيان. من المؤكّد أنّ البيت الأبيض سيكون أكثر هدوءاً ومراعاةً وأقل عدوانية لو فاز أيٌ من هيلاري كلينتون أو بيرني ساندرز أو جيب بوش. ومن المرجح أن تكون السياسة الخارجية خلال فترة حكم أي منهم أهدأ ومتعاونة ومنسّقة وتعمل من وراء الكواليس. من الناحية الأخرى، قد يكون مرشحون آخرون، مثل تيد كروز ودونالد ترامب وحتى ماركو روبيو، أكثر فظاظة. ستكون خطاباتهم، حتى لو لم تُترجم مباشرة إلى أفعال، مليئة بالتهديد بالحرب والعبارات القاسية والتباهي. قد ينجح هذا النهج في بعض السياقات، أما في سياقات أخرى، فيمكن أن يقوّض الجهود الدبلوماسية وجهود السياسة الخارجية المنسقة إلى حدّ كبير.

أما في ما يتعلّق بالتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، فسيكون لاختيار الرئيس تأثير كبير على شكل السياسة الأمريكية. سيقوم الديمقراطيون على الأرجح باستقبال عشرات الآلاف من اللاجئين، كما سيساعدون الدول الأخرى ويشجعونها على استقبال اللاجئين ودعمهم، وفي حالة هيلاري كلينتون، سيقومون أيضاً بدعم إقامة مناطق آمنة محمية بالقوة الجوية في سوريا للتعامل مع الأزمة. من ناحية أخرى، سيرفض مرشحو الحزب الجمهوري اللاجئين السوريين، كما وأنّ بعضهم لن يشجّع فكرة إنشاء مناطق آمنة داخل سوريا. بدلاً من ذلك، سيعتمدون كلياً على دول المنطقة لاستقبال اللاجئين والتعامل مع الأزمة في مكان أقرب من مصدرها. سيترتّب على هذه الخيارات عواقب وخيمة، وليس بالنسبة إلى السياسة الأمريكية فحسب، فهي ستؤثر أيضاً على فرص نجاح التعامل مع الأزمة الإنسانية، فضلاً عن توقعات دول الخليج.

المسألة الإيرانية هي أكثر مسألة ستشكّل فيها هوية الرئيس المنتخب موضع الاختلاف الأكبر في السياسة المعتمدة. المرشحان الديمقراطيان هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز متحدان تماماً في هذا المجال، وهما يؤيدان الاتفاق النووي ومن المرجح أنهما سيطبقانه ضمن إطار تشكيك سليم باستعداد إيران للامتثال له. كما هما على استعداد لفرض عقوبات اقتصادية كبيرة في حال حدوث انتهاكات إيرانية. في نهاية المطاف، هما مستعدان للعمل في إطار الاتفاق القائم ومع المجتمع الدولي لمساءلة إيران. ولكنّ الجمهوريين يختلفون عنهما في ذلك. يقول معظمهم إنهم سيتراجعون عن الاتفاق فور توليهم المنصب وسيسعون فوراً إلى إعادة فرض العقوبات التي كانت قائمة قبل الاتفاق. وقد اقترح العديد من الجمهوريين زيادة العقوبات الاقتصادية في محاولة لتغيير سلوك إيران. ولكن إلى جانب إعادة فرض العقوبات، من غير الواضح ما إذا كان للجمهوريين الذين يعارضون الاتفاق مع إيران خطة بديلة للعمل على منع هذه الأخيرة من السعي للحصول على سلاح نووي، أو إذا كانوا يعتقدون أنّ العقوبات ستحقق هذه المهمة. ولم يناقش أيّ من المرشحين ماذا سيعني التراجع عن الاتفاق بالنسبة إلى العلاقات مع الجهات الأخرى الموقّعة.

في النهاية، سيكون لهوية الرئيس القادم الذي ستنتخبه الولايات المتحدة تأثير كبير على اتجاه السياسة الخارجية، ولا سيما على أساس كلّ قضية على حدة. وقد تشهد الخيارات بشأن الاتفاقات والشراكات والصفقات والتحالفات القائمة تغيّرات في ظلّ الإدارة المقبلة. ولكن ينبغي وضع تغييرات السياسة الخارجية الأمريكية في سياقها. وغالباً ما يكون خطاب مرشحي الرئاسة صيغةً مبالغة عن معتقداتهم الحقيقية أو الإجراءات التي سيتخذونها إذا تمّ انتخابهم. وفي كثير من الأحيان، من أجل فهم ما ستكون عليه الإدارة القادمة، إنّ قراءة ما بين السطور أهمّ من قراءة السطور بحد ذاتها.

عن المؤلف

جون هوداك هو نائب مدير قسم الإدارة العامة الفعالة في معهد بركينغز . تركز أبحاثه على المسائل المتعلقة بالسلطة الرئاسية في سياقات الإدارة وشؤون الموظفين والسياسة العامة. وتركّز أيضاً على الحملات الانتخابية والانتخابات والعملية البيروقراطية والتفاعل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى