تقارير ووثائق

وكلاء الشيطان في إسرائيل عازمون على تدمير أميركا؟: جيمس بتراس

 

في قرية دوما، توفي طفل فلسطيني يبلغ من العمر 18 شهرا في أعقاب الحريق الذي اشعله مستوطنون إسرائيليون في منزل عائلته. والد الطفل مات في وقت لاحق ايضا متأثرا بجراحه، والأم والاطفال الاخرون لا زالوا على قيد الحياة.

لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة كشفت أن “السبب الجذري” من تصاعد العنف هو “السياسة المستمرة للتوسع الاستيطاني اليهودي (والذي يموله ويدافع عنه نتنياهو وحكومته) والإفلات من العقاب.

المقدمة

الاتفاق النووي الذي تم بين الولايات المتحدة وإيران مؤخرا، بعنوان “الخطة الشاملة للعمل المشترك” له آثار أبعد من إنهاء ما يقرب من 40 عاما من المواجهة الإقليمية.

العديد من القضايا الأساسية المتعلقة بطبيعة السياسات الأميركية، وقوة الأجانب (الاسرائيليين) في البت في مسائل الحرب والسلم وتكوينات السلطة ودور المنظمات والولاءات الخارجية تلعب دورا في صنع وكسر السلطتين التنفيذية والتشريعية في الولايات المتحدة.

للتحقيق في هذه القضايا الأساسية يجب مناقشة السياق التاريخي المؤدي إلى تفعيل دور تلك المنظمات: “فالقوة العالمية” يجب ان لا تخضع لإملاءات دول الدرجة الثانيةالتي تخترقها استراتيجيا وتفرض نفوذها من خلال منظمات محلية مكونة من مواطنين يقسمون ولاءاتهم.

مركزية اسرائيل ليس لديها منافس إقليمي

القوة المحركة للسياسة الخارجية والداخلية الإسرائيلية تسعى للتفوق دون وجود منافس إقليمي من خلال الهيمنة العسكرية، الحروب واحتلال الأراضي، التدخلات المسلحة الوحشية، والاغتيالات السياسية للمعارضين. لضمان هيمنتها التي لا جدال فيها كونت إسرائيل ترسانة أسلحة نووية كبيرة لديها القدرة على اطلاق الصواريخ في كافة انحاء المنطقة، وأعلنت صراحة رغبتها في استخدام الأسلحة النووية ضد منافسيها في المنطقة.

تعويذة إسرائيل المتكررة أنه يواجه “تهديدا وجوديا” من جيرانها العرب والفلسطينيين. على العكس من ذلك، فقد علمنا التاريخ أن إسرائيل، بشكل مباشر وغير مباشر، قامت بسلسلة من الحروب العدوانية المدمرة ضد جيرانها العرب والمسلمين. فقصفت إسرائيل وغزت لبنان، مصر، الأردن، سوريا، فلسطين والسودان. واغتالت اسرائيل العلماء في إيران والقادة السياسيين الفلسطينيين وكذلك المثقفين والكتاب والشعراء في الخليج والأردن وأوروبا. ولم ينجوا حتى أفراد الأسرة من الإرهاب الإسرائيلي.

يمكن لإسرائيل أن تبطش بجيرانها وتفلت من العقاب بسبب تفوقها العسكري الهائل، ولكن قوتها الحقيقية وجدت في وكلائها في الخارج، وتكوينات القوة الصهيونية لتل أبيب، تتمركز في أميركا الشمالية وأوروبا. ولكن ابرز المنظمات والأفراد تعمل في الولايات المتحدة.

تلقت إسرائيل أكثر من 150 مليار دولار في شكل منح اقتصادية وعسكرية وقروض من دافعي الضرائب الأميركيين في نصف القرن الماضي. كل عام تحصل إسرائيل على المليارات كتبرعات من المليارديرين الموالين لإسرائيل والذين يحملون الجنسية الأميركية المزدوجة، الذين حصلوا على ثرواتهم من العمال الأميركيين والمستثمرين والمقامرين، ومئات المليارات عن طريق الاستثمار والتكنولوجيا .

التحويلات الاقتصادية والعسكرية لإسرائيل ناجمة عن قوة الصهاينة في الولايات المتحدة. لا أحد يجادل اليوم في ان “اللوبي المؤيد لإسرائيل هو التكوين الأقوى داخل واشنطن. اللوبي الاسرائيلي، يؤثر وبشكل كبير على المسؤولين السياسيين في تحديد القضايا ذات الأولوية من قبل القيادة الإسرائيلية.

قدرة السلطة الإسرائيلية على صنع وتنفيذ السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ادت الى غزو العراق وسوريا وليبيا، والمقاطعة الاقتصادية الراهنة والحصار المفروض على إيران، وتفكك السودان، وقصف الصومال.

السلطة الإسرائيلية في الولايات المتحدة تعمل من خلال الأدوات السياسية المختلفة في الأطر المؤسسية المختلفة. اقطاب وسائل الإعلام المؤيدة لإسرائيل في واشنطن بوست، وول ستريت جورنال، ونيويورك تايمز وجميع شبكات التلفزيون تدافع دون قيد أو شرط عن القصف والتشريد الذي تمارسهم إسرائيل على الفلسطينيين في حين تشوه صورة أي دولة عربية أو إسلامية، تعارض وحشيتها – وتدعو في كثير من الأحيان للولايات المتحدة لفرض عقوبات و/ أو شن هجمات مسلحة ضد منتقدي إسرائيل.

الحملة العسكرية الأمريكية المعروفة باسم “الحرب العالمية على الإرهاب”، هي سلسلة من الغزوات الوحشية و “تغيير الانظمة”، بعد هجمات 11 سبتمبر، وضعت في العام 2001 ويروج لها الوكلاء الإسرائيليين المتعصبين في مواقع استراتيجية داخل حكومة بوش، وخاصة بول وولفوفيتز ودوغلاس فيث، “سكوتر” ليبي، إليوت أبرامز وريتشارد بيرل.

وقد صممت مقاطعة إيران وتنفيذها من قبل مسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية ليفي وكوهين. وتم قرع طبول الحرب في العراق ونشر تقارير “الاستخبارات” الزائفة عن “أسلحة الدمار الشامل” من قبل صحيفة نيويورك تايمز والكاتب جوديث ميلر، المصممة من قبل وولفويتز وفيث، المدعومة من قبل 52 رئيس منظمة يهودية أمريكية، ما دفع في نهاية المطاف بحياة أكثر من خمسة آلاف أميركي وكذلك أكثر من مليون مدني عراقي، وتدمير وتقسيم العراق، المؤيد منذ فترة طويلة للحقوق الوطنية الفلسطينية، وكل ذلك تم انجازه دون فقدان حياة إسرائيلي واحد – على الرغم من الفائدة الكبيرة التي حصلت عليها اسرائيل من الحرب!.

ومع ذلك فقد كانت كلفة الحرب عالية جدا بالنسبة للشعب الأمريكي (ومكلفة جدا بشكل لا يمكن تصوره بالنسبة للعراقيين): أكثر من ربع مليون إصابة جسدية وعقلية حصلت بين القوات الاميركية. الـ2 تريليون دولار التي انفقتهم الولايات المتحدة في حربها على العراق شلت الاقتصاد الأميركي وادت الى تزايد نسبة المعارضة من قبل الاسلاميين والمتمردين القوميين ضد المصالح الأميركية في جميع أنحاء المنطقة.

تكوين قوة إسرائيلية داخل الولايات المتحدة قادت الولايات المتحدة إلى الحرب، مما عزز هيمنة إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وادى الى تسارع ضمها للأراضي الفلسطينية. ولكن الطموح الإسرائيلي ما زال يواجه خصما هائلا لاحتلالها للشرق الأوسط وهو ايران،المؤيد القوي للشعب وللسيادة الوطنية في فلسطين وسوريا ولبنان.

نظام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المدعوم من قبل المعارضة السياسية الإسرائيلية برمتها، والغالبية العظمى من الناخبين اليهود، يضغط بقوة لمواجهة الولايات المتحدة مع ايران – من خلال الحرب الاقتصادية والعسكرية.

كان هناك عشرات الاجتماعات العامة والخاصة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، التي املى بها نتنياهو تعليماته لتكوين قوة صهيونية لشن هجوم اقتصادي وعسكري ضد إيران بهدف “تغيير النظام” وتفتيت وتدمير الجمهورية الإسلامية – على غرار تدمير العراق وليبيا والآن سوريا.

وكلاء إسرائيل… أوباما – وإيران والاتفاق النووي

جميع وكالات التجسس الاميركية بما فيها وكالة الاستخبارات المركزية، اكدت منذ فترة طويلة بأن إيران لم يكن لديها برنامج للأسلحة النووية، وبرنامجها يقتصر على الاستخدام المدني القانوني والسلمي.

عندما تحدثت وكالة الاستخبارات الأميركية عن عدم وجود سلاح نووي في ايران، ردت إسرائيل وبوقاحة باغتيال خمسة علماء ومهندسين الايرانيين، ووجهت وكلاء الولايات المتحدة لدفعها نحو فرض أكبر عقوبات اقتصادية عليها. وتصاعدت الحملة الإعلامية الى تشويه صورة إيران، مما دفع لحصارها اقتصاديا وعسكريا باستخدام القوات البحرية الأمريكية في الخليج الفارسي وقواعدها العسكرية في البلدان المجاورة. مسؤولون اسرائيليون ارادوا حرب أخرى على غرار غزو العراق.

مع التغيير الأخير في قيادة الحكومة الإيرانية بعد الانتخابات الديمقراطية كان هناك عبارات خطيرة بقدر أكبر من المرونة فيما يتعلق بعمليات تفتيش منشآتها النووية. في نفس الوقت واجهت واشنطن العديد من التصعيد في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وأفغانستان. وهذا وفر إطار للرئيس أوباما لفتح “محور” تجاه المفاوضات والدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق مع إيران، وبعيدا عن المواجهة العسكرية.

وقد أغضب هذا نتنياهو وحكومته، فقد اجتمع زعماء الحكومة مع رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى الـ 52، مثل (دنيس روس)، والمليارديرات الصهيونية ودفعوهم الى إطلاق حملة شاملة لتخريب الاتفاق بين إيران ودول الـ 5+1.

الجهاز السياسي الصهيوني قدم مليون دولار لتقويض الرئيس الأمريكي، (إيباك) حشدت مئات الموظفين بدوام كامل، لغزو الكونجرس الأميركي بعروض مدفوعة التكاليف، وقامت بحملة تهديدات سياسية وتجاذبات وحملة “تبرع” وابتزاز صريح.

انضم الى المؤتمر الصهيوني عضو مجلس الشيوخ تشارلز شومر، يرافقه زملائه الصهاينة م مثل ستيف يسرائيل، تيد دويتش، إليوت إنجل ونيتا لوري، واختاروا علنا ​​متابعة إملاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد إخوانهم الديمقراطيين والرئيس الأميركي باراك أوباما. شومر وبعض حلفائه يعلنون الولاء الأساسي لإسرائيل بدل الولايات المتحدة.

المنظمات الـ 52 أعلنت بوقاحة ميزانية من 40 مليون دولار لتمويل جماعة إسرائيلية لتقويض الرئيس أوباما في وسائل الإعلام وصفحات التحرير. ولكن اتفاق أوباما إيران هو اتفاق يحظى بدعم أغلبية الجمهور الأميركي الذي أنهكته الحرب وبدعم قوي من علماء الولايات المتحدة والحائزين على جوائز نوبل.

الرئيس أوباما أخيرا هاجم هذه الحملة، لافتا الى أن “الاشخاص نفسهم الذين قادونا إلى حرب العراق يدفعون بنا إلى الحرب مع إيران”. ولكن الرئيس رفض تحديد الروابط الإسرائيلية.

أوباما يدرك أن البديل لاتفاق السلام الذي تعارضه إسرائيل وأعضاء الكونجرس الأمريكي بقيادة الصهاينة سيكون حرب اقليمية مدمرة، تكلف تريليونات الدولارات وخسائر كبيرة للاقتصاد الأميركي، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى – ناهيك عن ملايين الضحايا الإيرانيين – وحرق البيئة! في حين تقوم السلطة الصهيونية بنشر مجموعة أكاذيب لا تنتهي.

في حين أن العديد من المثقفين والليبراليين والتقدميين واليساريين في الولايات المتحدة دعموا الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران ولكن أحدا لا يجرؤ على تحديد ومهاجمة وكلاء الولايات المتحدة وإسرائيل التي تعزز جدول اعمال الحرب مع إيران.

نجاح أو فشل الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران لديه عواقب تاريخية تذهب إلى أبعد من الشرق الأوسط. أوباما محق تماما بسؤاله: هل تريدون الاتفاق الدبلوماسي او الحرب المدمرة طويلة الأمد؟. ولكن الحرب تحددها إسرائيل، وقادتها، والأغلبية الحزبية وتسير بها الولايات المتحدة.

السؤال الأساسي الذي يطرحه الأميركيون هو ما إذا كان يحق لهم كدولة ذات سيادة السعي الى تحقيق السلام من خلال الدبلوماسية، فهذا كان له اثار جيدة تكشفت مع إيران وكوبا، والحل العسكري الذي يسعى اليه وكلاء الشيطان في إسرائيل يؤدي الى تدمير أميركا لا إسرائيل .

انفورميشين كليرينغ هاوس

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان

http://www.informationclearinghouse.info/article42607.htm

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى