تقارير ووثائق

التقرير الأسبوعي لمراكز الابحاث الاميركية 06/12/2015

 

                             المقدمة    

       ابرز قضايا الاهتمام الاعلامي والفكري كانت نتائج الانتخابات التركية، عضو حلف الناتو الوفي، وقرار الرئيس اوباما ارسال بضع مئات من الجنود الاميركيين للعراق لتدعيم القوات الموجودة هناك، فضلا عن الجدل الداخلي في اروقة الكونغرس وصراعه من الرئيس اوباما حول مصادقته على اتفاقية التجارة العالمية – التي تلقت هزيمة مدوية اثناء اعداد هذا التقرير .

         سيتناول قسم التحليل مسألتي القوات الاميركية الاضافية للعراق، واستقراء نتائج الانتخابات التركية وتداعياتها على مجمل السياسة التركية، التي لن تستمر كما هي عليه في دعم وتسليح القوى التكفيرية في سورية والعراق – على الاقل في المدى المنظور. المخرج المنطقي، كما يقال، ان يتم التوافق على صيغة تحالف لاقتسام السلطة، بيد ان الأمر لا يزال بعيد المنال نظرا لتموضع وتمترس الاحزاب المختلفة وراء مواقفها، لا سيما حزب العدالة والتنمية الحاكم.

         “فورة” القوات الاميركية للعراق تعيد الى اذهان الاميركيين سياسات الرئيس السابق جورج بوش الابن، وهزائم حرب فيتنام عقب تعزيز “اعداد المستشارين العسكريين” الى جانب حكومة سايغون.

                  

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث

اميركا: قرار المحكمة العليا بشأن القدس

         اصدرت المحكمة العليا قرارها حديثا، غير القابل للطعن، يقضي اختصارا باعتبار القدس ارضا محتلة ولا تخضع لسيادة اي دولة. الادارة الاميركية اعربت عن رضاها للقرار ليس في بعده الجغرافي، كما هو في الظاهر، بل لتثبيت مبدأ حصر بلورة وتنفيذ السياسة الخارجية بالسلطة التنفيذية. واعتبر معهد المشروع الاميركي ان القرار يأتي في مصلحة ادارة الرئيس اوباما، لما له من ابعاد في “ترسيم السياسة مع ايران،” دون تدخل سلطات او اطراف اخرى. واضاف ان القرار من شأنه اعطاء الدعم للادارة لناحية العقوبات الاقتصادية على ايران بأنها “تتناقض مع سياسة الرئيس الخارجية.”

اميركا: تحديث معسكر الاعداء

         قدم احد اهم الباحثين والخبراء الاستراتيجيين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، انثوني كوردسمان، شهاد امام اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب، موضحا ان معادلة الحرب الباردة كانت شديدة الوضوح لناحية اعتبار “روسيا مصدر تهديد اوحد” للسياسة الاميركية. واضاف ان التغيرات الدولية تشير الى “امكانية اقتناء ايران اسلحة نووية وربما القدرة على تشغيل الصواريخ العابرة للقارات يشكل احد عناصر التهديد للمستقبل والذي يضم ايضا كوريا الشمالية .. فضلا عن روسيا مسلحة باحدث انواع الاسلحة وتنامي القدرات الاستراتيجية الهائلة للصين” وما تنطوي عليه ترسانتهما معا من اسلحة نووية تكتيكية ونوعية. واوضح كوردسمان لاعضاء الكونغرس انه “مع الحذر من تغليب مشاعر الذعر من اسوأ الاحتمالات المستقبلية، هل ينبغي علينا البدء في التفكير بالخروج من قفص ثنائية روسيا بمواجهة اميركا، ام تغيير القفص بغية اجراء عملية تقييم ادق للمخاطر الكونية وقوة الردع المطلوبة ونظام الدفاع الصاروخي والحد من الاسلحة النووية؟

ما بعد “الربيع العربي

         اشار معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى الى تراجع الآمال باجراء اصلاحات سياسية “بعد انقضاء اربع سنوات على الربيع العربي لا تزال منطقة الشرق الاوسط ملتهبة، ولم تسقط الدول العربية بايدي الاسلاميين كاحجار الدومينو،” وفق توقعاتها السابقة؛ بل انضمت مجموعات جديدة من “المجتمع المدني، من افراد ومنظمات غير حكومية واحزاب سياسية، تنافس مبدأ سيطرة الحكومة الدينية.” واستطرد بالقول ان تنظيم “الدولة الاسلامية ومتطرفين اسلاميين آخرين لا يزالوا بأوج قوتهم في بعض الاماكن، واستمرار تسلط المستبدين التقليديين المستندين الى شرعية دينية في مناطق اخرى.”

تهديدات الدولة الاسلامية

         استعرض معهد الدراسات الحربية جملة تهديدات قد تنجم عن شن تنظيم الدولة الاسلامية هجمات جديدة في شهر رمضان، سيما وانه “داب على شن هجماته الكبرى في الاعوام الثلاثة الماضية خلال شهر رمضان الفضيل .. كما في حال سلفه تنظيم القاعدة في العراق الذي ضاعف من ارتكاب موجات العنف خلال الشهر عينه.” واوضح انه بالامكان القول ان “تنظيم الدولة الاسلامية يستعد لتصعيد نوعي في عملياته بغية تحقيق اهداف يعتبرها هامة، بل قد “يحيي ذكرى اعلان دولة الخلافة في الاول من رمضان عام 2014، بما يتيح له التفوق على اجواء الاعلان آنذاك .. عبر تحقيق انتصارات عسكرية جديدة، واستهداف مراكز دينية.” وشدد المعهد على ان تنظيم الدولة الاسلامية سيعمد الى “تدشين بدء شهر رمضان وانتهائه بهجمات عسكرية كبيرة في العراق وسورية.”

         اعلان الرئيس اوباما الاخير عن الدفع ببضع مئات من الجنود الاميركيين الى العراق اثار انتقادات الاوساط المعارضة، لا سيما معسكر انصار الحرب واللوبي “الاسرائيلي.” ووصف معهد واشنطن تلك التطورات بأنها “اجراءات خجولة .. وستسكشف الادارة قريبا ان مهمتها المعلنة في العراق لقتل المسلحين الاسلاميين ستواجه الحقيقة قريبا بأن مهمة انقاذ دولة منهارة تقتضي اعتماد حملة مفتوحة لمكافحة الارهاب.” وجدد توصيفه “للسياسة الاميركية في العراق بانها تشارف على الشلل،” مناشدا الادارة الاميركية “الالتزام بارسال ما بين 3،000 الى 5،000 عنصر من القوات الخاصة الاميركية” لمهام استشارية ودعم القوات العراقية، كما ينبغي عليها استغلال تلك الخاصية للضغط على الحكومة المركزية في بغداد لتخصيصها مزيد من الموارد لاستقطاب “السنة والاكراد.”

لبنان

       اعتبر معهد كارنيغي حزب الله “اقوى حزب سياسي في لبنان” اليوم، بيد انه “يواجه تحديات متزايدة في سورية .. ماديا وسياسيا” معتبرا قراره بالمشاركة في قتال الجماعات التكفيرية هناك كلفه “خسارة الدعم الشعبي في العالم العربي، وانحسار حضوره السياسي من كونه بطلا قوميا عربيا الى مجرد لاعب محلي في لبنان.” واضاف ان الحزب “لا يستطيع الانسحاب من سورية الى ان يتم التوصل الى حل يكون مقبولا بالنسبة الى ايران .. تسوية سياسية تباركها الاطراف الخارجية المؤثرة – السعودية واميركا وروسيا.” واردف ان تداعيات التسوية المقبلة ستفرض نفسها على الحزب “وتقيد حريية حركته .. ومستقبله سينطوي على آفاق اكثر تواضعا.”

تركيا

         اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان الهزيمة الانتخابية التي تلقاها حزب العدالة والتنمية كان بالامكان تفاديها “لو ان اردوغان اختار عدم الترشح لمنصب الرئاسة العام الماضي .. واضحى عليه لزاما التعامل مع مناخ سياسي مناهض جديد ليس مواليا لرغبته في توسيع صلاحياته الدستورية فحسب بل ايضا للحد من قدرته الاستمرار في ممارسة صلاحيات تنفيذية هائلة بحكم الأمر الواقع.” واوضح المركز انه بصرف النظر عن الترتيبات المقبلة التي يعد لها حزب العدالة والتنمية “فإن الثابت هو افول عصر تفوقه بلا منازع بقيادة اردوغان.”

         اعتبر معهد كارنيغي ان حزب العدالة والتنمية بات عليه التفكير بالعمل ضمن بناء تحالفات ةمع احزاب اخرى لم يتعود عليها، ومن المرجح، بنظر المعهد، اقامة تحالف بين الحزب الحاكم وخصمه حزب الحركة القومية، بقيادة مولود باتشيلي “نظرا لتقارب الحزبين عقائديا .. بيد ان الخلاف الرئيس بينهما يتلخص في تعارض رؤيتيهما لحل الازم الكردية.” اما الخيار البديل، في نظر المعهد، فيمثل في اقامة تحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري “تحالف قد يصبح حقيقة” في الزمن المظور.

         حذر معهد واشنطن حزب العدالة والتنمية من خطورة الحكم ضمن صيغة تحالف مع احزاب اخرى نظرا للسياق التاريخي في تركيا “اذ لم تكتمل فترة حكم اي تحالف او حكومة اقلية، وعادة ما تدخل البلاد في ازمات سياسية واقتصادية عقب فشل اداء تلك الحكومة والمشاحنات المرافقة بين اعضاء التحالف.” ورجح المعهد انتظام الرأي العام وراء حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة بمفرده “في حال دخول تركيا ازمة عدم استقرار سياسية واقتصادية في ظل صيغة حكم التحالف.” واستطرد بالقول انه بالمقابل فان “احزاب المعارضة تستطيع تحميل حزب العدالة والتنمية مسؤولية التدهور، مما سيعزز حظوظ فوزها في انتخابات استثنائية” ان عقدت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى