اوباما و”التفاهم التاريخي” مع ايران د.منذر سليمان
وصف اوباما ما جرى في لوزان بالوصول الى تفاهم تاريخي مع ايران، من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وشركائهاواستبق اوباما المعترضين والمشككين بتقديمه مطالعة شاملة تدافع عن التفاهم التمهيدي، مؤكدا ان المفاوضات والمسار الديبلوماسي هو الاكثر ضمانا لسلمية البرنامج النووي الايراني.
فنّد اوباما مخاطر المقاربات الاخرى مثل العقوبات التي لم تعرقل تقدم ايران في برنامجها، مذكرا بأن الخيار العسكري لن يكون مفعوله سوى عامل تأجيل او تأخير فقط، لا بل قد يكون الحافز لاتباع مسار نووي تسليحي له ما يبرره.
ذكّر اوباما بمبادرات ديبلوماسية جريئة قام بها رؤساء سابقون مثل كنيدي ونيكسون وريغان ضمنت السلام الدولي في مرحلة الحرب الباردة. كما رحب ببدء جدل ونقاش حيوي في اميركا والعالم، في الاسابيع والشهور القادمة، حول عناصر الاتفاق الاساسية، مبديا ثقته بأن الاتفاق سيجسد حقيقة انه اتفاق جيد لأمن اميركا وحلفائها والعالم.
كشف اوباما، في معرض طمأنة حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، انه تحدث مع العاهل السعودي وسيدعو قادة دول مجلس التعاون الى لقاء قمة في منتجع “كامب ديفيد” هذا الربيع، لمناقشة كيفية تعزيز التعاون الأمني والسعي لحل الازمات المتعددة التي تسبب المتاعب وعدم الاستقرار في المنطقة.
اصرار اوباما على انجاز الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني يبدو كمن يحاول تحقيق ما يعتبره انجازا مفصليا او ارثاً فعلياً له كي يستحق جائزة نوبل للسلام التي نالها بناء على نواياه في مستهل عهده.
ردود فعل اميركية داخلية
التزم قادة الحزب الديموقراطي “الصمت الحذر،” وعدم ابداء تعليقات حول الاتفاق النووي، بينما اوضح رئيس مجلس النواب، جون بينر، في بيان شديد اللهجة معارضته القوية للاتفاق التمهيدي قائلا “معايير الاتفاق النهائي،” كما نشرها البيت الابيض بالامس، “تشكل فارقا مقلقا بالمقارنة مع الأهداف الأساسية التي حددها البيت الأبيض؛” معربا عن خشيته من إمكانية رفع العقوبات عن طهران في المدى القصير.
رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب كوركر، كان حذرا من توجيه انتقاد صارخ للادارة، معربا عن عن أمله اتاحة الادارة فرصة للكونغرس لمراجعة تفاصيل اي اتفاق نهائي مع ايران “إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي … يجب أن تتاح الفرصة للشعب الأمريكي من خلال ممثليه المنتخبين لإبداء الرأي للتأكد من قدرة الاتفاق حقا على القضاء على خطر البرنامج النووي الإيراني ومحاسبة النظام.”
انتقدت يومية “واشنطن بوست،” في افتتاحيتها الاتفاق المعلن نظرا لسماحه ببقاء “البنية التحتية النووية لايران على حالها، رغم تعليق بعض اجزائها لمدة 10 سنوات .. وعليه ستغدو ايران في طريقها الى دولة نووية فور انهيار الاتفاق.” واوضحت ان المعايير التي ارساها الرئيس اوباما، عام 2012، بان “الاتفاق الممكن قبوله مع ايران .. سينص على انهاء برنامجها النووي والالتزام بقرارات الامم المتحدة” التي تدعو ايران لوقف تخصيب اليورانيوم. ووصفت المعلومات الصادرة عن البيت الابيض “بالغموض” فيما يتعلق بتعليق العقوبات المفروضة على ايران “دون توضيحه ماهية الخطوات او الاسس التي ستقوم عليها عملية التحقق” من امتثال ايران لشروط الاتفاق.
محرر صفحة الرأي في صحيفة “واشنطن بوست،” والمقرب من الاجهزة الاستخبارية الاميركية، ديفيد اغناطيوس، رحب بالاتفاق على الرغم من انه “ليس اتفاقا نهائيا.” ووجه كلامه لفريق المتشككين وخصوم الاتفاق بأن الادارة الاميركية رسمت “قائمة دقيقة للبنود التي يتعين على ايران الالتزام بها،” والتي جاءت بعنوان “معالم خطة عمل مشتركة.” ولفت اغناطيوس الانتباه الى “التباين الواضح” بين الوثيقة الاميركية المنشورة وبين “البيان المقتضب الذي ادلت به وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، فيديركا موغيريني، ونظيرها الايراني محمد جواد ظريف.”
واضاف اغناطيوس ان البيان المشترك المشار اليه نص على عزم “البدء بصياغة النص وملحقاته استنادا الى الحلول التي تم التوصل اليها” في لوزان “مما يعني ان هذا الاتفاق لن يخدم مصلحة ايران على الاطلاق.
في جانب الترحيب بالاتفاق اوضحت الصحيفة ان الاتفاق لا يمكن وصفه بالمثالي، ويمثل “افضل بديل واقعي .. بل إن البنود المبدئية الواردة تتجاوز في الواقع توقعات الكثيرين، وهو ما يجعله انجازا مبشرا للغاية لولا مسألة انه لم يتم التوقيع عليه.”
من اهم ما جاء في تقرير “واشنطن بوست،” اقرارها بتطلعات الولايات المتحدة للتوصل الى صيغة اتفاق “اكثر صرامة .. والحد بشكل محسوب من العقوبات مقابل الحصول على تنازلات كبيرة من ايران” لكن “يبدو ان الولايات المتحدة تراجعت عن موقفها بشأن هذه المسألة الرئيسة.”
صحيفة “نيويورك تايمز” اوضحت ان الرئيس اوباما “سيواجه صعوبة في اقناع الكونغرس،” نظرا لقلق ساسة الحزبين العميق مما اعتبروه “مجازفة سياسية” للرئيس اوباما “الذي باءت طموحاته لإعادة تشكيل العالم بفشل متكرر .. والتهديد باحباط الاتفاق الذي دفع به لدرجة انه تخلى عن (اعتبارات) الأمن الاميركي والاسرائيلي.”
واستدركت بالقول ان تواضع انجازات السياسات الاميركية المتعددة “حيرت الرؤساء الاميركيين على مدى عقود .. وساهمت اخفاقات سياسة الرئيس اوباما في اعلاء صدارة الملف الايراني الذي اضحى بالنسبة له السبيل لاعادة تشكيل المنطقة.
واضافت ان الاتفاق يعزز من “احتمال حدوث مصالحة بين واشنطن وطهران بعد عداء دام لنحو 36 عاماً .. والذي من شأن الاتفاق وما سيعقبه من ترتيبات احداث تغيير في سياسات الشرق الاوسط وتزويد (الرئيس اوباما) بإرث اقوى من اي رئيس آخر في العصر الحديث.”
واعتبرت عزم الرئيس اوباما التوصل لاتفاق بأنه “رهان بكل ما يملك على الاتفاق النووي وليس لديه شيء يخسره .. واثبات انه جدير بجائزة نوبل للسلام” التي اعترف بنيله لها قبل الاوان.”
صحيفة “يو اس ايه توداي” رحبت باتفاق الطرفين “وتمكنهما منن التوصل لاتفاق شامل (نهائي) بحلول الثلاثين من حزيران / يونيو المقبل .. وبما يضمنه من نقل مخزون ايران من اليورانيوم المخصب للخارج، وتخفيض اجهزة الطرد المركزي” لديها. واوضحت ان “اتفاق الاطار .. يقابله رفع العقوبات الدولية المفروضة على ايران.”
من جهة اخرى، انتقد كافة المرشحين المحتملين للرئاسة عن الحزب الجمهوري الاتفاق التمهيدي مما يعزز من واقع ان حسابات السجال الانتخابي بين الحزبين سيضيف الى الصعوبات التي سيواجهها اوباما والحزب الديمقراطي في حملتهم لتسويقه داخليا.