تقارير ووثائق

التقرير الأسبوعي لمراكز الابحاث الاميركية 13/3/2015

 

المقدمة    

  المفاوضات النووية مع ايران كانت الحدث الابرز ضمن اهتمامات النخب الفكرية والاعلامية الاميركية، والتناقضات التي افرزتها رسالة تهديد اعضاء الحزب الجمهوري للقيادة الايرانية، مما استدعى تنديدا واسع النطاق، حتى ان بعض الموقعين بدأ مراجعة مواقفهم السابقة، ابرزهم السيناتور جون ماكين .

         سيستعرض قسم التحليل الجدل المرافق للرسالة بشقيه القانوني والدستوري، وصلاحيات كل من السلطة التنفيذية والتشريعية ابرام اتفاقيات مع الدول الاخرى؛ بالاشارة ايضا الى جملة سوابق بقيام اعضاء الكونغرس (من الحزبين) بالتواصل السياسي مع قادة وزعماء دول اجنبية اينما خدمت اجنداتهم.

         كمنا سيتناول التحليل مشروعية توقيع الرئيس اوباما على اتفاقيات دولية، والتي سبقه رؤساء آخرون بذلك عبر تاريخ الولايات المتحدة؛ بيد ان المسألة المحورية تبقى في ديمومة مفعول الاتفاقية بعد مغادرة الرئيس اوباما للبيت الابيض، اذ يحق لمن سيخلفه الغاء العمل بها من جانب واحد دون اللجوء للحصول على تأييد الكونغرس.

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث

ايران محور صراع وصلاحيات السلطات الاميركية

         برز دور معهد كاتو في حملة ذم وقدح اعضاء الكونغرس الموقعين على الرسالة الموجهة للقيادة الايرانية، متهما قيادة الحزب بأنها تخلت عن مسؤولياتها السياسية “لصالح تيار المحافظين الجدد فيما يخص بند السياسة الخارجية بأكمله، ولم تتخذ اجراءات لكبح ميول هذا النمط من (الحنكة السياسية،) لو سلمنا بالقدرة على وصفها بذلك.” وحذر المعهد من توقع المزيد من تلك الممارسات الضارة ان لم “يقفز ممولوا الحزب الجمهوري ويتخذوا قرارا بوضع حد لذلك التصرف والدفع باتجاه تغيير المسار.”

         معهد المشروع الاميركي سعى جاهدا لتخفيف الاضرار الناجمة عن تداخل الصلاحيات الدستورية، اذ ان “الرسالة قيد البحث تثير الشكوك لدى البعض حول الحكمة الديبلوماسية” للمضي بها، خاصة وان العرف السياسي الاميركي المتبع “منذ زمن طويل يخول رئيس البلاد صلاحية ادارة السياسة الخارجية حصرا،” مستدركا ان الكونغرس ايضا تصدر مشهد السياسة الخارجية “في عدة محطات من التاريخ الاميركي.” واوضح لمن فاته الأمر بأن الحكمة من وراء “حصر المسار الديبلوماسي في منصب الرئاسة كان يرمي لحرمان الدول الاجنبية من المناورة والتلاعب بموقف السلطات المختلفة ضد بعضها البعض.” وحث المعارضين على عدم المبالغة بأهمية الرسالة التي لا ينبغي معاملتها ابعد من “خطاب يتضمن نسخة من الدستور الاميركي دون عرضها على الرئيس اوباما لابداء رأيه بها.”

         اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان المسألة الأهم من الرسالة هي جولة المفاوضات النووية الجارية التي “لا تدل اي من المؤشرات انها ستسفر مجال واسع من الانفراج بأي صيغة مرئية، (نظرا) لعدم توفر اي تغيير كبير في سياسة ايران العدائية المعلنة نحو الولايات المتحدة واسرائيل ..” واضاف ان “المعتدلين في الحكومة الايرانية هم نتاج النخبة الثورية عينها التي ينتمي اليها المتشددون .. وان يمكن ملاحظة مركز توجه اولئك المعتدلين نحو الالتفات لمعالجة احتياجات ايران الاقتصادية، وتميزهم بالنظرة الواقعية .. والتحلي بالديبلوماسية.” ولفت المركز الانتباه الى ان “مركز وهيكلية القوة مرتبط (بشخص) المرشد الاعلى، وجهاز الحرس الثوري ومتشددين آخرين والذين لا زالوا يتمتعون بنفوذ واسع.”

         تناول معهد كارنيغي مسألة التفاوض النووي مع ايران ايضا باسلوبه البحثي المعتاد، مذكرا كافة الاطراف بأنه “من السهل علينا اغفال أهمية عقد المفاوضات وانه لا يتوفر لدينا خيار بديل افضل من المسار الراهن.” وحث الجميع على ضرورة المضي للخطوة المنطقية التالية “التوصل الى حل شامل طويل الاجل، وهو أمر غير يسير نظرا لأن واشنطن وشركائها يطلبون المزيد من ايران للقيام به، كما ان الايرانيين لديهم مطالب عدة.” ولم يغفل المعهد تذكير الجانب الاميركي بأن الطرفين، الاميركي والايراني، يتشاطران مشاعر عدم الثقة ببعضهم البعض.

         اعرب معهد واشنطن عن اعتقاده بأن الرئيس اوباما عازم على التوصل لاتفاق مع ايران “انطلاقا من رغبته بارساء اسس الانفراج” السياسي معها، ساخرا من ذلك التوجه ومؤيديه في الحكومة الاميركية استنادا “لتجربة مماثلة للانفراج مع الصين ذات الصدى الاجوف هذه الايام.” وحذر المعهد صناع القرار من الانزلاق للمبالغة في دور ايران بمحاربة التنظيمات “السنية المتشددة في عقر دارها .. اذ ان مردوده سيفرط عقد الدول المنخرطة في التحالف ضد الدولة الاسلامية وترجيح اشعال فتيل الصراع السني – الشيعي في الاقليم.”

مصر

         تناول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تقلص دور مصر في الاقليم كلاعب اساسي “مقابل صعود دول اقليمية اخرى تتصدر المشهد داخل مصر.” واضاف ان ذلك “الانحدار يلخص فشل الربيع العربي لبلورة مؤسسات ومسارات سياسية تضم الجميع، ديموقراطية الطابع وقادرة على الاستمرار.” ولفت الانظار الى دور كل من “السعودية والامارات .. اللتين تعتبران الساحة المصرية نقطة انطلاق لتهميش الطموحات السياسية للمجموعات الاسلامية ومركزا هاما في سياق الصراع ضد منظمات الجهادية – السلفية المتشددة.”

العراق

         اعتبر معهد كارنيغي “مشاركة القبائل السنية” لقوى الأمن والحشد الشعبي العراقية مركزية “لاخراج الدولة الاسلامية من الموصل،” التي تتعرض لتدهور الاحوال المعيشية والخدمات اليومية على ايدي داعش. ولفت الانظار الى الهوة الفاصلة بين السكان المحليين والحكومة المركزية في بغداد “على خلفية التجربة الطائفية والاقصائية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي .. والخشية من نزعة الانتقام لدى الميليشيات الشيعية.” واضاف ان “ثقة السنة في المؤسسة السياسية العراقية اقل مما كانت عليه خلال الاحتلال الاميركي .. وزعماء العشائر عالقون بين المطرقة والسندان .. اذ مزق داعش هياكل تمثيلها التقليدية ومنعها من حكم مناطقها.” وحث تلك العشائر “استخلاص العبرة من تجربة الصحوة الاولى، وايجاد وسائل كفيلة باعادة حقبة الحكم الرشيد في العراق ..”

فلسطين المحتلة

         طالبت مؤسسة هاريتاج الحكومة الاميركية وقف برنامج المساعدات المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الاونروا، نظرا “لتخليها عن تطبيق مهمتها الاساسية الممثلة بايجاد حل لأزمة اللاجئين الفلسطينيين منذ عدة عقود خلت .. علاوة على انتهاكها المستمر للدور الحيادي المنوط بها والمنظمات الدولية” الاخرى. وحثت الجانب الاميركي على “استبدال مؤسسة الانروا” بجهاز آخر “يضع حلاً نهائيا لوضع اللاجئين الفلسطينيين وتيسير سبل اندماجهم كمواطنين في الدول المضيفة .. او اعادة توطينهم في الضفة الغربية وغزة،” كمقدمة ضرورية لاعتبار السلطة الفلسطينية “طرفاً في اي اتفاق سلمي نهائي بين اسرائيل والفلسطينيين.”

دور الدول الكبرى

         استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دور الدول الكبرى في “الشرق الاوسط وآلية تطورها،” نظرا لتغير الظروف الدولية التي تفرض على “الدول الكبرى صياغة استراتيجياتها الشرق اوسطية في سياق مختلف عما كانت عليه المعايير ابان الحرب الباردة او ما تم الرسو عليه فيما بعد .. المعروفة بالسياسة الصفرية” لكافة الاطراف واللاعبين. واوضح ان صراع الدول الكبرى على مناطق النفوذ في الشرق الاوسط “انتقل ولأول مرة خارج عباءة الصراع الكوني .. ونظرتها الى ان تحقيق مصالحها الذاتية يتم عبر سياق العلاقات الثنائية مع الدول الشرق اوسطية،” بخلاف ما كانت عليه معايير “العلاقات مع مصر في عهد (الرئيس) جمال عبد الناصر او ليبيا في عهد (الرئيس) معمر القذافي.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى