تقارير ووثائق

إعادة كتابة الحرب في سوريا ديفيد كينير

 

يدعو تقرير غير منشور حول سوريا لإعادة النظر جذريا بمفاهيم كيفية تحقيق السلام في هذا البلد الذي مزقته الحرب وبينما تفقد المعارضة المسلحة المعتدلة في سوريا الأرض تشرع الأمم المتحدة بوضع استراتيجية جديدة للسلام، معد التقرير هو باحث مهتم بما يجري في سوريا وقد كتب أكثر إعادة تقييم جذرية لديناميات الحرب في تاريخ الصراع

.

الكاتب، الصحفي السابق نير روزين، هو باحث مشارك في مركز الحوار الإنساني وهي منظمة الوساطة في النزاعات ومقرها جنيف. تقرير روزن هو كناية عن 55 صفحة ضمنها مع الوقائع تحليله الخاص وخلاصات من حوارات أجراها مع المسؤولين السوريين وهويقول إن المعارضة المسلحة اجتاحها التطرف وبات ميؤوسا منها، في حين أن نظام الرئيس بشار الأسد غير طائفي في طبيعته ويرى أن السبيل الوحيد للخروج من الصراع، كما يقول، هو من خلال وساطة تقوم بها الامم المتحدة لتعميم تجربة اتفاقات “وقف إطلاق النار المحلية” بين المعارضة المسلحة والنظام، والذي من شأنه أن يمهد الطريق لوضع حد لإراقة الدماء وظهور المؤسسات المحلية، وإن كانت الكلفة هي التخلي عن الجهود لإجبار الرئيس بشار الأسد على التنحي في المستقبل القريب.

وجاء التقرير بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدها روزين مع المسؤولين الامريكيين والمحللين في واشنطن، وكان مضمونه محاولة للإجابة على الأسئلة المطروحة عليه خلال تلك المناقشات. وقال انه تم إرسال الأجوبة إلى المسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، بما في ذلك مدير منظمة روزين روبرت مالي، حيث تم توزيعه بين بعض المجموعات السياسية سوريا. وفي الوقت نفسه، أنتجت نسخة في 11 صفحة من تقرير روزين تضم المقترحات ولكن حذفت الاقتباسات من المسؤولين السوريين والعديد من التصريحات حول طبيعة المعارضة المسلحة ونظام الرئيس الأسد.

الولايات المتحدة لا تزال تكافح من أجل تحديد الطريق إلى الأمام في سوريا، يمكن الاستنتاج أن الدعوة لتشجيع اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية تجد دعما في البيت الأبيض. في الشهر الماضي، قالت إدارة أوباما إنها أطلقت مراجعة لسياستها في سوريا، لذلك فإن الجهود الرامية إلى مكافحة الدولة الإسلامية من شأنها أن تنسجم مع استراتيجية أكبر في البلاد. ولكن في حين قال وزير الخارجية جون كيري إن العلاقة بين الدولة الإسلامية والنظام السوري هي نوع من “التكافلية”، فقد رفض أوباما مرارا وتكرارا وضع الإجراءات التي يمكن عبرها إجبار الرئيس الأسد على الخروج من السلطة. وردا على سؤال يوم 16 نوفمبر الماضي إذا كانت الولايات المتحدة تعمل على مناقشة سبل إزاحة الأسد كجزء من التحول السياسي، أجاب أوباما ببساطة: “لا“.

على الرغم من الصعوبات الواضحة، من المرجح أن تحط خيارات الإدارة على [فكرة تشجيع الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار] في غياب أي خطة أخرى أمكن تطويرها في البيت الأبيض”، وفقا لتعبير روبرت فورد، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في سوريا حتى فبراير، وهو الآن زميل أقدم في معهد الشرق الأوسط.

إصدار ورقة قدمت إلى الإدارة حول السياسة الخارجية قيل أنه يمثل فقط وجهات نظر روزين وليس الموقف الرسمي للمركزالذي يعمل معه ومع ذلك، فإنه يستخدم عبارات مثل “ما نطلبه”                  – في اشارة الى روزين ومنظمته – ويظهر من خلال المعلومات عن نشاط مركز الحوار الإنسانيأنه الميسر للاتصالات مع جميع الجهات في سوريا وإن المنظمة يمكنها أن تصل إلى الجميع من كبار المسؤولين السوريين إلى الضباط السوريين المنشقين، إلى قادة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.

وتضيف المعلومات أن المركزلعب بالفعل دورا في تسهيل وقف إطلاق النار في حمص، و”ساعد بإقناع المسؤولين بأهمية هذه الصفقات.” ورفض كل من روزين ومركزالحوار الإنساني التعليق على هذا المقال.

ورقة روزين هي أكثر بكثير من تقديم مشورة بشأن السياسات فهي تمثل محاولة لإعادة النظر بشكل جذري بالافتراضات الغربية حول طبيعة الصراع السوري، والجهات الفاعلة على جانبي الحرب.

إعادة التفكير في نظام الأسد

روزين، الذي من المرجح أنه أنفق الكثير من الوقت أكثر من أي باحث آخر في إجراء مقابلات مع المسؤولين السوريين خلص إلى ضرورة إعادة النظر في صورة النظام السوري. “لم تكن الدولة السورية من الدول الأكثر جاذبية قبل انتفاضة عام 2011، لكنها لم تكن أسوأ نظام في المنطقة”، كما يكتب. واضاف “لقد أقامت سورية أنظمة قوية من التعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية وبالمقارنة مع معظم الحكومات العربية كان نظامها تقدميا اجتماعيا وعلمانيا …. وكان يقيم بنية تحتية متينة وخدمة مدنية فعالة نسبيا “.

هذا الوصف يخالف بشكل كبير نظرة معظم المسؤولين الامريكيين والمحللين إلى النظام السوري . في السنوات التي سبقت الانتفاضة، كان الشائع عن نظام الرئيس الأسد اتهامه بتنظيم حملة من الإرهاب في لبنان ضد منتقديه، وبناء محطة للطاقة النووية بمساعدة سرية من كوريا الشمالية وتسهيل تدفق الجهاديين إلى العراق لمحاربة الاحتلال الأمريكي – ناهيك عن قمع المعارضة في الداخل.

ويقول روزين أيضا أنه ضد الافتراض أن الأسد يترأس نظاما يهيمن عليه العلويون “معظم النظام هو من السنة، ومعظم أنصاره هم من السنة، وكثير [إذا] لم يكن معظم جنوده من السنة”، كما يكتب “قد يكون النظام استبداديا وفاسدا وآخر مايوصف به ولكن لا ينبغي أن ينظر إليه على أنه يمثل الطائفة العلوية“.الطائفية التي لا وجود لها في سوريا، يقول روزين، هي في المقام الأول، موجودة على جبهة المعارضة المناهضة للأسد بينما تبدي الدولة السورية تصميما على التصدي للطائفية أكثر من معارضيها.

لهذا السبب، يقول روزين، إن النظرة التقليدية التي تكرس المزاعم بان نظام الأسد يقمع الأغلبية السنية في سوريا تنطوي على عيوب قاتلة. ” والأكثر دقة هو النظر إلى النظام باعتباره النظام العلماني الحاكم لسكان سوريا بدلا من تكرار فرضيات الحكم العلوي“.

على الجانب الآخر من الانقسام السياسي في سوريا، يقول روزين إن مجمل المعارضة المناهضة للأسد مسلحة وتسعى للهيمنة الطائفية على سوريا ولا تعمل لأي نوع من المستقبل العلماني والديمقراطي للبلاد. “لا يوجد مقاتلون معتدلون فعليا سواء فكريا أو من حيث أعمالهم”، كما يكتب روزين وقال إن معظم المتمردين حملوا السلاح في بداية الانتفاضة ليس للدفاع عن أنفسهم كما هو شائع إنما “للتمرد بدافع الحماس الديني أو التطرف السياسي.”

ووصف روزين زعماء المتمردين المدعومين من الولايات المتحدة بأنهم “أمراء الحرب” والمرتزقة فحتى من يسمون ب “المتمردين المعتدلين”، ” يفضلون حكومة إسلامية، ويتبنون توجهات معادية لليبرالية، تكشفها وجهات نظرهم بشأن المرأة والعلمانية والديمقراطية، وينخرطون في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان [أو] جرائم حرب “.

يأتي تقرير روزين في وقت تبدو المعارضة المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة في موقف أضعف مما كانت عليه منذ سنوات وفي ظل قيام جبهة النصرة بتصفية ألوية الجيش السوري الحر في محافظة إدلب الشمالية في الشهر الماضي، والاستيلاء على بعض من المساحات الأخيرة من الأراضي التي يسيطر عليها حلفاء الولايات المتحدة في البلاد. وفي الوقت نفسه، فإن نظام الأسد يواصل تقدمه على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في حلب، حيث يقاتل الجماعات المسلحة على حد سواء الجهادية والمعتدلة.

بخصوص المصالحات المحلية واتفاقات وقف إطلاق النار عن طريق التفاوض في مواقع مختلفة في جميع أنحاء سوريا، يشير روزين، أن ذلك يمكن أن يقدم مخططا لوقف هذا التطرف المتنامي وإنقاذ بعض الأمل في التغيير السياسي. من خلال وساطة الأمم المتحدة ومركزالحوار الإنساني وقال انه يدعو إلى انتشار هذا النموذج من عمليات وقف القتال لتمهيد الطريق لتقدم عملية اجتثاث العنف، وهزيمة الجماعات الجهادية مثل الدولة الإسلامية، وتحقيق اللامركزية في السلطة التي سوف تنتج التغيير السياسي في سوريا. ولن تعالج قضية رحيل الأسد إلا في وقت لاحق، وخمس سنوات على الأقل في المستقبل.

روزين لا يسأل كثيرا عن الولايات المتحدة لتحقيق هذه الخطة: ويقر بأن المصالحة الأميركية مع نظام الأسد في هذه المرحلة ستكون مستحيلة من الناحية السياسية، ويطلب فقط أن تظهر التصريحات الإيجابية من واشنطن حول إمكانات تقدم الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار لإقناع القادة المتعنتين عبر جهود داعمة لهذه الخطة من بلدان أخرى، مثل ألمانيا أو النرويج، يمكن أن تأخذ زمام المبادرة لدعم وقف إطلاق النار.

مثل هذا الاتفاق لا يقدم الوعد الذي يريده البعض لمستقبل ( الرئيس ) بشار الأسد في لاهاي مثل [الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان] ميلوسيفيتش أو على حبل المشنقة مثل صدام [حسين]،” ويخلص روزين. واضاف “لكنها صيفة تنقذ الأرواح، وتمنع المزيد من نزوح السكان، وتعزز الاستقرار والتخفيض التدريجي للصراع، هذا الخيار هو أفضل حل يمكن أن نأمل به.”

السيد تجميد

روزين ليس هو الوحيد الذي يأمل أن الاتفاقات المحلية يمكنها وقف الانزلاق السوري على ما يبدو إلى ما لا نهاية له في الفوضى والتطرف. المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا طرح مؤخرا فكرة “مناطق التجميد” لوقف القتال، التي يأمل عبرها في تحسين الوضع الإنساني، وتؤدي إلى تشكيل جبهة مشتركة ضد الدولة الإسلامية، وفي حال نجاحها، يمكن ان تمهد الطريق لحوار وطني واسع يسهم في التوصل إلى حل سياسي.

مثل روزين، دعا فريق دي ميستورا لهذا الخيار مع التركيز في البداية على حلب، المحور الاقتصادي الشمالي الذي هو في خطر وقوع كارثة إنسانية وقد سافر دي ميستورا إلى مدينة بجنوب تركيا هي غازي عنتاب الأسبوع الماضي لمناقشة خططه مع جماعات المعارضة، بما في ذلك ممثلين عن قوات المتمردين في حلب.

لا يوجد في الخارج توقعات بأن اسنتاجات روزين أسهمت في تكوين أفكار دي ميستورا حول طبيعة النظام السوري أو المعارضة المسلحة وعندما سئلت عن أوجه الشبه والاختلاف بين الخطتين، قالت جولييت توما، المتحدثة باسم مكتب دي ميستورا إن مبعوث الامم المتحدة أمضى ما يقرب من 50 يوما على الطريق في جمع الأفكار من مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة المعنية بالأزمة السورية، ولكن فكرة “التجميد” هي مبادرة من الامم المتحدة وحدها “، [وهي] تختلف عن كل ما تم تنفيذه من قبل على أرض الواقع من الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار”.

دي مستورا استخدم بشكل مقصود لغة مختلفة في محاولة لتمييز خطته عن الجهود المبذولة حاليا في سوريا. انه يتحدث عن “تجميد” بدلا من “وقف إطلاق النار”، وتشجيع “عملية سياسية وطنية” بدلا من “المصالحة”، والذي هو مصطلح يستخدم من قبلالدولةالسورية .

وقالت توما ان “وقف اطلاق النار لا يمكن كسره برصاصة واحدة، أو تصعيد طفيف” وتابعت “بالنسبة لنا، التجميد يستلزم أن الجميع يتوقف حيث هم الآن، وأنه لا يوجد أي تقدم … والشيء الأكثر أهمية هو أن العنف سيجري تجميده”.

ولكن يمكن السؤال من قدم في الواقع خطة السلام في سوريا روزين أو دي ميستورا ؟ روزين لا يغوص في الكثير من التفاصيل الخاصة باتفاقات وقف إطلاق النار في مناطق مزقتها الحرب في البلاد. وهو يضرب مثلا في اللاذقية وطرطوس وحماه و- المدن التي لم تشهد أسوأ ما في القتال في سوريا، وظلت إلى حد كبير تحت سيطرة النظام. وفي الوقت نفسه، يكرس فقط فقرة لاتفاقات وقف إطلاق النار الهامة في ضاحية دمشق برزة ومدينة حمص. ويقول عن اتفاق حمص إنه “كان مثالا آخر على قدرة كلي الجانبين في التفاوض بحسن نية، وتحقيق النجاح.”

بعض المراقبين يشككون في واقعية الرهان على أي شيء من هذا القبيل. وقال مسؤول سابق في الأمم المتحدة من الذين عملوا على أزمة سوريا أن اتفاق حمص، مثل غيره من الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار، لم يتم التوصل إلا بعد أن كانت القوات السورية قد حاصرت المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لعدة أشهر ومنعت عنهم المواد الغذائية والإمدادات الطبية،وحصلت الاتفاقات فقط عندما واجهت جماعات المقاتلين المحليين احتمال مشاهدة أسرهم يتضورون جوعا واحتمال الموت أمامهم.

وفي أحيان أخرى، قوضت التباينات داخل القوات النظامية المفاوضات بقدر ما فتت المتمردين. وروى المسؤول الأممي السابق حادثة عندما وصل ما يقرب من 100 مقاتل من محافظة دير الزور إلى اتفاق مع بعض الأجهزة الأمنية على إلقاء أسلحتهم في مقابل أن يسمح لهم بالعودة إلى حياتهم إلا أن بعضهم اعتقل من قبل جهاز أمني آخر في الأسبوع التالي واضاف “انها أزمة درامية واصفا صيغة الاتفاقات المحلية بانها غير واقعية وسخيفة “.

في الواقع، هناك مجموعة متزايدة من البحوث حول تقييم العشرات من الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار التي ظهرت في جميع أنحاء سوريا. ريم تركماني، رئيسة المنظمة غير الحكومية السورية، والتي تدعو إلى التحول الديمقراطي في سوريا، لديها ورقة عن نجاحات وإخفاقات الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار أعدتها بالتعاون مع كلية لندن للاقتصاد وشاركت في تأليف تقرير مكرس لتقييم 26 هدنة في جميع أنحاء البلاد. وأنتجت المنظمة غير الحكومية إيتانا السورية تقارير متعمقة حول جهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار في حمص. هذا البحث، فضلا عن مصادر أخرى، تشير إلى أن هناك المزيد من الأسباب للتشاؤم حول الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار.

يسهل العثور على تقارير تفيد بأن بعض اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية لم تفعل شيئا يذكر لتخفيف المعاناة الإنسانية. وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في مخيم اليرموك، على سبيل المثال، لم يوقف تدابير قوات الأمن السورية للتحكم بحجم المساعدات المسموح بها إلى ثمانية عشر ألفا من سكان المخيم شخص تحت الحصار ويخلص البعض إلى الاستنتاج أن اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية “لا تمثل بدايات نحو عملية بناء السلام”، وكانت بدلا من ذلك جزءا من استراتيجية النظام نحو “إجبار المعارضة على الاستسلام من خلال استغلال الاحتياجات الإنسانية الملحة. “

وقد ساهم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في في حمص القديمة إلى حد كبير في انتصار النظام بدلا من تسهيل ظهور المؤسسات المحلية أو التقدم في العملية السياسية لوقف إطلاق النار فقد بدت الميليشيات الموالية للنظام معادية للصفقة عدة مرات وحاولت تخريب المفاوضات، سواء باختطاف مفاوضين وقصف قافلة للامم المتحدة تحمل الإغاثة إلى المناطق المحاصرة. ووفقا لممثل هيومن رايتس ووتش نديم حوري، فإن بعض السوريين الذين تم إجلاؤهم بإشراف الجيش فقدت الأمم المتحدة أثرهم بعد عدة أسابيع. واضاف حوري ان “الحقيقة الصادقة هي أننا لا نعرف ما حدث لهم بعد ذلك”.

العديد من المدنيين والمقاتلين الذين تم إجلاؤهم من حمص القديمة توجهوا الى منطقة قريبة في حي الوعر – ويجري الآن تشديد الحصار على هذه المنطقة، ومنع التموين عنها وقد دفع وقف إطلاق النار مسؤولي النظام ليكونوا أكثر تصلبا في المفاوضات مع قادة المعارضة في حي الوعر: “[إن نفس ممثلي الحكومة الذين كانوا في السابق يعملون لصالح اتفاق عن طريق التفاوض إلى حد ما يتبنون مواقف أكثر تشددا الآن بكثير، نتيجة النصر في البلدة القديمة “، وفقا لما كتبته تركماني.

إذا كان للمرء أن يبحث عن بصيص من الأمل في أن اتفاقا محليا لوقف إطلاق النار يمكن أن يمهد الطريق لمستقبل أفضل، فإن أفضل سبيل المثال من المحتمل أن يكون في ضاحية دمشق برزة. وبموجب شروط الصفقة، فقد سمح للواء الجيش السوري الحر في المنطقة بالاحتفاظ بسلاحه والحفاظ على مواقعه وهو نموذج لإنهاء العنف على نحو فعال ومأسسة سيطرة المعارضة على منطقة معينة وكانت المعارضة قادرة على التفاوض على شروط أفضل في برزة، تقول تركماني، ويعود ذلك جزئيا إلى كون جماعات متمردة تسيطر على الطريق الرئيسي الذي يربط المناطق التي يسيطر عليها النظام، والضغط على الضاحية الموالية للنظام المتاخمة لبرزة.

ولكن هذا النجاح يثير العديد من التساؤلات بقدر الأجوبة. كل من روزن ودي ميستورا، بعد كل شيء، يعد في المستقبل بأن تجميد العنف سوف يؤدي إلى تحسن الظروف للصالح المعارضة – إما من خلال اللامركزية أو المصالحة الوطنية – من خلال ما تم التوصل إليه في الماضي. لكن المعارضة في برزة كانت فقط قادرة على تحقيق شروط أفضل لأنها كان تفاوض من موقع القوة النسبية. وإذا كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمارس على قادة المتمردين ضغوطا للموافقة على الصفقات المحلية، فمن الواضح أنها لم تعد تدعو إلى خروج الأسد، وبالتالي فإن النظام السوري لديه أسباب أقل وأقل لتقديم تنازلات لقوى المعارضة.

على الرغم من التحديات الواضحة، لم توجه إدارة أوباما دعوات ل “مناطق التجميد” أو الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار – هناك، بعد كل شيء، ومع زوال خيارات أخرى لوقف العنف في سوريا. ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق من هذا الشهر أن البيت الأبيض كان “تيحث في طرق قصيرة للانتقال السياسي الكامل للحد من الصراع” بما في ذلك خطة دي ميستورا للتجميد، وعلى الرغم من الاعتقاد بأن مبادرة الأمم المتحدة تحظى بفرصة ضئيلة للنجاح.

لنكن صادقين معكم” قال المسؤول : “أنا شخصيا لا أعرف ما إذا كنت أوافق على الاتصال بشان الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار، وحول مذكرة روزين قال المسؤول الأممي السابق إنه متشائم حول هذا الطريق وكونه مخرجا للأزمة من خلال صيغة استسلام محلية “.

مجلة فورين بوليسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى