الصحافة الأمريكية

من الصحافة الاميركية

قالت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها، إن حجب 150 مليون دولار من المساعدة الأمريكية لمصر تطور مهم ولكنه مرتبط برد النظام المصري وعبد الفتاح السيسي.

وتابعت بأن قرار الرئيس بايدن حجب 130 مليون دولار من الدعم الأجنبي العسكري المخصص لمصر واشتراط الإفراج عنه بتحقيق مصر مجموعة من المطالب المتعلقة بحقوق الإنسان، لن ينهي الانتهاكات الفظيعة والمستمرة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وربما كانت الرسالة أقوى لو حجبت الإدارة مبلغ 300 مليون دولار التي ربطها الكونغرس بالمجالات المتعلقة بتقدم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بحسب الصحيفة.

ومع ذلك فإن سياسة بايدن تعطي صورة عن تحول في الاتجاه، وعلينا مراقبة ما إذا كانت ستؤدي إلى تحول مهم. ومن بين 1.3 مليار دولار من الدعم العسكري السنوي لمصر، اشترط الكونغوس الإفراج عن 300 مليون دولار بعد شهادة من وزير الخارجية تؤكد أن مصر “اتخذت الخطوات الفعالة والمستدامة” لـ “تقوية حكم القانون، المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان”، بما في ذلك الإفراج عن السجناء والسماح لمنظمات المجتمع المدني بممارسة نشاطاتها وفتح المجال أمام حرية الصحافة والتحقيق في عمليات القتل خارج القانون، من بين عدة أمور.

إلا أن الولايات المتحدة، عاما بعد عام أصدرت إستثناءات لهذه المطالب بناء على مصالح الأمن القومي وأن مصر تلعب دورا مهما في استقرار الشرق وتتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وتقول الصحيفة إن بايدن الذي تعهد في أثناء حملته الانتخابية بالتوقف عن “تقديم الصكوك المفتوحة لديكتاتور ترامب المفضل”، يسجل سابقة عن الممارسة السابقة من خلال حجبه 130 مليون دولار. وفي 11 أيلول/ سبتمبر أعلن السيسي وسط ضجة كبيرة عن استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان جاءت في 78 صفحة وقال إنها “ستعمل على تعزيز احترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية”.

وتعلق الصحيفة بأن الاستراتيجية تعطي صورة عن شعور السيسي بالضغط، ولن يكون لها أي معنى إلا إذا قرنت بالفعل. وتساءلت الصحيفة عن ما يريده بايدن مقابل الإفراج عن الدعم؟

وبحسب التقارير الصحافية فإن هذه المطالب تضم الإفراج عن 16 شخصا وإغلاق التحقيق الذي يجري منذ عقود على عمل المنظمات غير الحكومية والتي تعرف بحالة 173. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس رفض في 15 أيلول/ سبتمبر تقديم تفاصيل عن المطالب قائلا: “لا أرغب في الكشف عن أحاديث خاصة” مع مصر. وتساءلت الصحيفة: لماذا كل هذه السرية؟ لكن السؤال الأهم عن سياسة الإدارة يتعلق في رد مصر على مطالبها وما هي الطريقة.

فلو تم إخفاء الشروط فإن من الصعب الحكم على أي شيء. ومن الواضح أن الإدارة طالبت بالإفراج عن عدد قليل جدا من المعتقلين السياسيين الذين يعدون بالآلاف في سجون السيسي. فهل لدى الديكتاتور المصري انطباع بأنه قادر على إرضاء الولايات المتحدة بلفتات رمزية في وقت تواصل فيه قوات الأمن انتهاكاتها؟

وترى الصحيفة أن على الولايات المتحدة الانفتاح حول تجربتها في الضغط على النظام المصري. فلو تجاهل السيسي الإدارة فستكون هناك حاجة لكي ترسل واشنطن له رسالة أقوى.

وأضاف: “صحيح أن بايدن تحول عن الممارسات السابقة وما يحتاجه هو النتائج. والنتيجة الوحيدة المقبولة هي تحسن مستدام وواضح في حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية لكل المصريين”.

دعت ليزا كيرتيس مديرة برنامج أمن إندو- باسيفيك بمركز الأمن الأمريكي الجديد والمسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الأمريكي واشنطن إلى تجنب الأخطاء الدبلوماسية التي أفشلت الانسحاب من أفغانستان.

وقالت في مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” إن الولايات المتحدة أنهت وجودها في أفغانستان وبدأت الآن بالبحث عن أسباب الفشل العسكري الأمريكي على مدى 20 عاما. إلا أن النهاية الكارثية للحرب لم تكن في ميدان المعركة ولكن نتيجة لكاتالوغ من الأخطاء، وعلى واشنطن إعادة النظر بجدية في جهودها الدبلوماسية، وبخاصة اتفاقية السلام مع طالبان التي قادها المفاوض الأمريكي زلماي خليل زاد.

وأضافت أن المفاوضات التي تمت بناء على شروط طالبان والتي لم تكن ضرورية أو مرغوبة، والاتفاقية التي وقعت في الدوحة سرعت من انتصار الحركة.

مشيرة إلى أنه “لو أراد بايدن أن يحكم على انسحابه من أفغانستان، كقرار دبلوماسي مقبول فعلى إدارته أن تتعامل مع الفشل الدبلوماسي واتخاذ الخطوات الصعبة والواقعية تجاه طالبان. والقيام بهذه الخطوات هي الطريقة الوحيدة لمنع عودة ملجأ للإرهاب العالمي. وللأسف، فتسرع إدارة ترامب لتوقيع اتفاقية مع طالبان سيعقد من العملية”.

وبعد ثلاثة أعوام من المفاوضات، أدت لتقوية المتشددين في طالبان حيث بات عدد كبير منهم يلعب دورا مهما في الحكومة الجديدة مثل سراج الدين حقاني التي ارتبطت حركته بالقاعدة.

وبعد تشكيل استراتيجية ما بعد الانسحاب، على المسؤولين الأمريكيين تغيير أساليبهم الدبلوماسية- أي الحكم على طالبان من خلال أفعالها قبل منحها وقادتها الاعتراف الدولي. ومدخل كهذا مرفق باستراتيجية مكافحة الإرهاب هو الطريقة الوحيدة لحماية المصالح الأمريكية في السنوات المقبلة.

ومع أن الولايات المتحدة خاضت مفاوضات مع طالبان ولعدة سنوات إلا أن نهجها قام على التعلل بالأماني. وكما كشفت “أوراق أفغانستان” التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” عام 2019 فإن القادة العسكريين رسموا في معظم الأحيان تقييما ورديا للوضع العسكري أو أخبروا القادة السياسيين أنهم لم يتركوا حجرا إلا وقلبوه في الحرب ضد طالبان، رغم أن الواقع يقول العكس.

وذكرت الكاتبة أنها شاهدت أثناء عملها كمساعدة ورئيسة لمجلس الأمن القومي لشؤون جنوب ووسط آسيا في الفترة ما بين 2017- 2021 المسؤولين المدنيين يتجاهلون أو يخفون الحقائق التي لا تتناسب مع أجندتهم الدبلوماسية. وأدى هذا إلى عدد من الأخطاء التفاوضية الجسيمة والتي أنتجت اتفاق الدوحة والذي عبّد الطريق أمام خروج الولايات المتحدة مقابل تعهد طالبان بمحاربة الإرهاب والإمتناع عن استهداف القوات الأمريكية وهي في طريقها للخروج.

وكان أول خطأ ارتكبته الولايات المتحدة هو الاعتقاد الضال بأن طالبان ستتفاوض في فترة لاحقة مع الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في كابول- والتي استبعدتها واشنطن من محادثات الدوحة، وهو ما أضفى الشرعية على حركة طالبان.

أما الخطأ الثاني فهو الفشل في ربط ظروف السلام بمستويات العنف التي ترتكبها طالبان. وكان عدم استعداد واشنطن لتعليق المفاوضات، حتى وسط تصاعد العنف، وكشف عن الحالة اليائسة للولايات المتحدة ومحاولتها الحصول على صفقة. وكل ما حصلت عليه الولايات المتحدة هو اشتراط تخفيض العنف لمدة ستة أيام قبل توقيع الاتفاقية.

أما الخطأ الثالث، والذي عبر عن أمان أمريكية، وهو أن طالبان مهتمة بالمفاوضات السياسية ولا ترغب بالوصول إلى السلطة عبر القوة العسكرية، وإجبار حكومة أشرف غني للإفراج عن 5.000 سجين بدون أي تنازلات من طالبان مثل تخفيض العنف. ومن بين الذين أفرج عنهم رقيب عسكري في الجيش الأفغاني، هو قاري حكمة الله الذي قتل عام 2012 ثلاثة جنود أستراليين بدم بارد عندما كانوا يرتاحون في قاعدتهم. وناشد رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ترامب بألا يضغط على غني للإفراج عن حكمة الله. وكان من غير الضروري الإفراج عن هذا القاتل، وبخاصة مع معارضة حليف موثوق به لهذا الإفراج.

ومن جانبها تأملت إدارة ترامب أن يؤدي الإفراج عن حكمة الله إلى تسهيل محادثات السلام، وهو اعتقاد ثبت خطؤه. وبدلا من ذلك استخدمت طالبان محادثات الدوحة لتعزيز شرعيتها الدولية وتقسيم القيادة الأفغانية. وأدت كل التنازلات الأمريكية إلى إضعاف حكومة غني وبذرت الانقسام داخل القيادات المعارضة لطالبان وأظهرت لقوات الأمن الأفغانية أن الولايات المتحدة تقوم باستبدال الخيول مما أضعف من إرادتها على القتال.

وكانت الولايات المتحدة في وضع أحسن لو تفاوضت مباشرة مع الحكومة الأفغانية، وهو أمر اقترحه غني عام 2019. ولو فعلت هذا لتجنبت أمريكا انهيار معنويات شركائها الأفغان. ولكن واشنطن انتهت بتوقيع معاهدة مع عدو الحكومة الذي قاتلته مدة 20 عاما وانسحبت بشكل متتابع، أي أنها سلمت البلاد إلى حركة طالبان. وفشلت الولايات المتحدة بتقييم علاقات طالبان مع الحركات الإرهابية، فرغم زعم كل من وزير الخارجية مايك بومبيو وخليل زاد أن طالبان قطعت علاقاتها مع القاعدة إلا أن الأدلة تشير لغير هذا. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020 قال إدموند فيتون- براون منسق فريق رصد تنظيم الدولة والقاعدة وطالبان في الأمم المتحدة إن طالبان وعدت القاعدة قبل توقيع اتفاق الدوحة أنها ستحافظ على التحالف معها. وقال إن القاعدة تحتفل برحيل القوات الأمريكية والناتو باعتباره انتصارا للراديكالية العالمية.

وفي تقرير صدر في تموز/يوليو 2021 قالت الأمم المتحدة إن العلاقة بين طالبان والقاعدة قوية وأن حركة طالبان فعلت القليل لقطعها بل و”قوت علاقاتها مع الجيل الثاني”، هذا على الرغم من اللغة الصريحة في اتفاقية السلام أن طالبان ستطلب من عناصرها عدم التواصل مع القاعدة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى