الصحافة الأمريكية

من الصحافة الاميركية

 

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الدعوى القضائية التي رفعها أهالي ضحايا هجمات سبتمبر بالولايات المتحدة ضد السعودية، لإثبات تورطها في تلك الهجمات تحركت خطوة هامة، بعد مساع لرفع السرية عن وثائق حكومية قد تدين السعودية واستجواب مسؤولين سعوديين.

ومع اقتراب الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر، “يضغط أقارب الضحايا على المحاكم” للإجابة على أسئلتهم حول مزاعم وجود “دور” للحكومة السعودية في الهجمات، وفق الصحيفة.

وتزعم الدعوى أن السعودية “سهلت عمدا” تنفيذ تلك الهجمات، وفي المقابل نفت المملكة مرارا وتكرارا تلك الاتهامات.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الدعوى “تحركت خطوة كبيرة إلى الأمام” هذا العام مع استجواب مسؤولين سعوديين سابقين تحت القسم، لكن هذه الشهادات لا تزال سرية، وقد حجبت الولايات المتحدة مجموعة من الوثائق الأخرى باعتبارها “حساسة للغاية”.

وأثار هذا “الفراغ المعلوماتي” غضب أسر الضحايا التي حاولت لسنوات إثبات أن الحكومة السعودية قامت بـ”تسهيل” هذه الهجمات.

ويخطط محامو أهالي الضحايا لمطالبة القضاء الأمريكي بإلغاء السرية على المعلومات حتى يتمكنوا من الوصول إلى وثائق حكومية بهذا الشأن، بالإضافة إلى شهادات الأشخاص الذين تم الاستماع لهم العام الماضي.

وقد خلصت التحقيقات الأمريكية السابقة إلى وجود علاقة بين مواطنين سعوديين وبعض خاطفي الطائرات التي تم استخدامها في الهجمات، لكنها لم تثبت أن الحكومة متورطة بشكل مباشر.

وكشفت الوثائق العامة التي تم الكشف عنها، خلال العقدين الماضيين، ومنها وثائق “لجنة 11 سبتمبر” بالتفصيل العديد من التشابكات السعودية ولكنها لم تثبت تواطؤ الحكومة.

وقالت اللجنة، في 2004، إنها لم تجد أي دليل على أن الحكومة السعودية أو كبار المسؤولين السعوديين قد موّلوا “تنظيم القاعدة”، رغم أنها أشارت إلى أن الجمعيات الخيرية المرتبطة بالسعودية كان بإمكانها تحويل الأموال إلى التنظيم.

وفي عام 2016 تم رفع السرية عن الفصل الأخير من تقرير للكونغرس حول الهجمات، والذي حدد الأشخاص الذين كانوا يعرفون الخاطفين بعد وصولهم إلى الولايات المتحدة وساعدوهم في الحصول على شقق وفتح حسابات مصرفية والتواصل مع المساجد.

وقال تقرير الكونغرس إن بعض الخاطفين كانت لديهم صلات بأشخاص قد يكونون على صلة بالحكومة السعودية ويتلقون الدعم منهم، وإن المعلومات الواردة من مصادر مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) تشير إلى أن شخصين على الأقل ساعدا الخاطفين ربما كانا ضابطين في الاستخبارات السعودية، لكن التقرير لم يتوصل إلى نتيجة بشأن التواطؤ.

ويضغط مشرعون جمهوريون على إدارة الرئيس، جو بايدن، لنشر وثائق “أف بي آي” ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) علنا والتي يقولون إنها قد تكشف تورط السعودية المحتمل في الهجمات.

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الولايات المتحدة تتعافى من جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” وأزمة اقتصادية، في وقت يواجه الرئيس السابق دونالد ترامب مأزقا قانونيا وماليا، ومع ذلك لا يبدو أن ثمة ما يوحي بأن هناك عملية في المتناول لإعادة ترتيب المسرح السياسي في البلاد.

ولو أن الأحداث الجارية حاليا وقعت في وقت غير هذا الزمان لكنا على يقين أنها ستتمخض عن تحول كبير في السياسة الأميركية، أو على الأقل تحول ملموس وذي مغزى، حسبما ورد بمقال كتبه مراسل الشؤون السياسة المحلية بالصحيفة ألكسندر بيرنز.

ففي غضون الأسابيع الماضية، تراجعت نسبة الوفيات من فيروس كورونا مما جعل السلطات الأميركية تخفف إلى حد كبير من القيود الصحية العامة المفروضة.

وأعلن الرئيس جو بايدن أواخر الشهر الماضي إبرام صفقة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تقضي بإنفاق مئات المليارات من الدولارات في إعادة إعمار البنية التحتية المتهالكة، وهو ما اعتبره كاتب المقال أهم اتفاق تشريعي حزبي خلال 3 عقود تقريبا “إذا قُدِّر له أن يبقى صامدا”.

وحسب تقديرات مكتب الميزانية بالكونغرس، فإن الاقتصاد الأميركي في طريقه لاستعادة كل الوظائف التي فقدها إبان الجائحة بحلول منتصف عام 2022.

وفي ضربة للمعارضة “المتصدعة” أُصيب ترامب -الذي تعتبره الصحيفة الشخصية المهيمنة في سياسة الحزب الجمهوري- بانتكاسة قانونية “محرجة” في وقت استأنف فيه للتو أنشطة على غرار الحملات الانتخابية.

فقد وجّه مكتب المدعي العام لمقاطعة مانهاتن بمدينة نيويورك لائحة اتهام لمؤسسة ترامب -التي تملكها عائلة الرئيس السابق- ومديرها المالي لارتكاب جرائم مالية “واسعة النطاق وبجرأة متهورة”.

ويرى المقال أن مثل هذه التطورات لربما كانت حتى لوقت ليس بالبعيد تشكل اختبارا للحدود الفاصلة بين الحزبين فيما يتعلق بالسياسة الأميركية، بحيث يدفع الناخبين بشكل غير متوقع نحو إعادة النظر في ما يعتقدونه تجاه الرئيس الحالي وسلفه، والحزبين الكبيرين وما يمكن أن تفعله الحكومة للشعب الأميركي.

غير أنه من العسير في الوقت الراهن -برأي صاحب المقال- تصور أن نقطة تحول سياسية من هذا القبيل في المتناول.

وقد أعرب منظم الاستفتاءات الديمقراطي مارك ميلمان عن اعتقاده بأن الأميركيين يتجاوبون مع الخطوات الصغيرة “لكنني لست متيقنا عما إذا كانوا يتقبلون الخطوات الكبيرة”.

وقال “الانتماء الحزبي جعل نظامنا (السياسي) عصيا على الاستجابة السريعة للتغييرات الحقيقية في أرض الواقع”.

وفي خضم الأحداث الحافلة بالإثارة مطلع هذا الصيف، فإن لحظة الحقيقة تبدو وشيكة، كما يقول الكاتب. وهي لحظة ستكشف عما إذا كان الناخب الأميركي ما يزال قادرا على تقبل تحولات واسعة النطاق بالآراء، أو ما إذا كانت البلاد ستظل أسيرة حالة انقسام وانفصام في المستقبل المنظور، في ظل انحياز 53% من الأميركيين لجانب جو بايدن و47% منهم لمعسكر ترامب.

ويلفت الكاتب إلى أن نسبة التأييد الشعبي للرئيس الحالي ظلت ثابتة معظم السنة في حدود منتصف الـ 50% بفضل ترويج إدارته لنجاحها في الانتصار على فيروس كورونا وإنعاش الاقتصاد. لكن نسب تأييده أضعف فيما يتعلق بقضايا مثل الهجرة والجريمة، وهما المجالان اللذان ركز عليهما الجمهوريون في انتقاداتهم له.

وتطرق في مقاله إلى ما سماها “الجولة الاحتفالية” التي قام بها بايدن في عيد الاستقلال -الذي يوافق 4 يوليو/تموز- إلى ميشيغان، وهي إحدى الولايات المتأرجحة التي صوتت لصالحه بانتخابات الرئاسة الأخيرة، في وقت توجهت نائبته كامالا هاريس إلى لاس فيغاس للاحتفال بالتقدم الذي أحرزته البلاد في مكافحة “كوفيد-19”.

غير أن نيويورك تايمز ترى في مقال مراسلها أن الثقة في أي من الحزبين الكبيرين ما تزال ضعيفة، حتى أن ميول الناخبين نحو بايدن وحلفائه توشك أن تهتز بغض النظر عما إذا كان العديد من الأحداث في صالحه على ما يبدو.

ولا ينظر خبراء الحزب الديمقراطي الإستراتيجيون إلى ذلك على أنه خطأ بايدن، بقدر ما هو الواقع المحبط للتنافس السياسي هذه الأيام. فالرئيس -أي رئيس- قد يكون قادرا على الحد من شكوك الناخبين في حزبه أو من استخفافهم بواشنطن، لكنه لن يستطيع إعادة صياغة شاملة للمزاج العام.

ويعتقد منظم الاستفتاءات مارك ميلمان أن الانقسام السياسي بالولايات المتحدة يفضل بايدن وحزبه حاليا بأغلبية بسيطة من الناخبين، لكنها مستقرة، تميل نحو الرئيس.

ولكن حتى المنجزات الكبيرة التي تحققت باحتواء فيروس كورونا، وإجازة قانون البنية التحتية، قد تسفر عن تغييرات طفيفة فقط في توجهات جمهور الناخبين.

إن مقاومة الناخبين العنيدة للأحداث الخارجية لا تنطوي على مفاجأة كبيرة بطبيعة الحال لكل من عاصر انتخابات الرئاسة لعام 2020، وفقا للكاتب.

فقد كان ترامب الرئيس عندما خرجت جائحة كورونا عن السيطرة وأودت بحياة مئات الآلاف من البشر وتسببت في انهيار الاقتصاد، على حد تعبير نيويورك تايمز.

وقد أهان ترامب كبار المسؤولين عن الصحة العامة، واستخف بإجراءات السلامة الأساسية كارتداء الكمامات، وهدد بسحق المظاهرات الجماهيرية باستخدام القوة العسكرية، ولم يحدد جدول أعمال لولايته الثانية، وجاء أداؤه بالمناظرات السياسية كأسوأ ما يكون نموذجا لتدمير الذات لأي مرشح رئاسي في التاريخ الحديث، على حد تعبير الكاتب.

ولعل الانقسامات التي اجترحها ترامب بالخريطة الانتخابية ما تزال ماثلة للعيان في جوانب أخرى أيضا، فحتى مع إعادة فتح البلاد واقترابها من إعلان نصرها على فيروس كورونا، فإن الولايات التي ما تزال تقبع في مؤخرة الركب فيما يتعلق بحملات التلقيح جميعها تقريبا من معاقل الحزب الجمهوري.

غير أن الشروخ الاجتماعية التي أحدثها ترامب، وجعلت منه شخصية دائمة الحضور، هي نفسها التي عززت مكانة بايدن كرئيس لتحالف أغلبية يسيطر بشكل واسع على أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى