الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

جاء في عمود بصحيفة نيويورك تايمزأن إفشال الجمهوريين مساعي تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث مبنى “الكابيتول” الدامية كان إشارة واضحة أخرى إلى أن “الولايات المتحدة ما بعد الرئيس السابق دونالد ترامب” لم تتوقف فقط عن فقدانها سمات الدولة بل سمات الديمقراطية أيضا.

وأوضح الكاتب تشارلز بلو أن موقف الجمهوريين الأخير كان استثنائيا من جميع النواحي، حيث رفضوا الدفاع عن الديمقراطية من غوغاء قدموا لمبنى الكونغرس من أجل الإضرار بها في ذات اليوم (6 يناير/كانون الثاني الماضي) الذي عقدت فيه جلسة المصادقة على نتائج انتخابات الرئاسة، مضعفين بذلك أسسها وقيمها.

لكن إضعاف الديمقراطية الأميركية -يضيف الكاتب- لم يقتصر فقط على جمهوريي الكونغرس بل امتد أيضا لكافة ربوع الولايات المتحدة، وكان آخر تجلياته مجموعة مشاريع قوانين قمع الناخبين التي سنت مؤخرا.

فالجمهوريون -برأي الكاتب- لم يعودوا يرغبون في العودة لاستشارة الكتلة الناخبة الحالية المتغيرة، بل يريدون تقليصها ما أمكن حتى الوصول للشكل الذي يرغبون به والذي يناسبهم أكثر. فهم يسعون في الظاهر للحد من أعداد وأنواع الأشخاص الذين يمكنهم التصويت، لكنهم يحاولون في واقع الأمر منح أنفسهم خيار إبطال الأصوات الانتخابية من الأساس.

وبحسب الكاتب ربما يعد أحد الإجراءات الأكثر خبثا في هذا الإطار ذلك الذي سيسهل على الولايات -مثل مشروع القانون الذي تسعى حاليا تكساس للمصادقة عليه- مهمة إلغاء نتائج الانتخابات.

وسيتيح مشروع القانون هذا على سبيل المثال -كما أشارت إلى ذلك -بدقة- هوستن كرونيكل (The Houston Chronicle) الصحيفة اليومية الأكبر في تكساس- ليس فقط تغيير دليل إثبات وقوع حالات احتيال وتزوير من “دليل واضح ومقنع” إلى “رجحان عدد الأدلة” بل سيسمح أيضا للقاضي “بإلغاء الانتخابات إذا كان العدد الإجمالي لأوراق الاقتراع التي تبين أنها مزورة يتجاوز هامش الفوز”. وفي مثل هذه الحالات يمكن لهذا الأخير “إعلان بطلان الانتخابات دون محاولة تحديد كيف صوت الناخبون بصورة فردية“.

جانب آخر من محاولات الجمهوريين، التضييق على المشاركة الانتخابية ما أمكن، هو من خلال منع المزيد من الأشخاص -خاصة أولئك الذين لا يأتون من أوروبا- من دخول البلاد والتحول لمواطنين كاملي الحقوق.

وكثيرا ما كان أحد أكبر الأسباب التي أعاقت القيام بإصلاح شامل لنظام الهجرة بالولايات المتحدة هو مخاوف الجمهوريين من جعل المزيد من الوافدين من بلدان أميركا اللاتينية مواطنين، لأنه عادة ما يصوت اثنان من كل ثلاثة منهم لصالح خصومهم الديمقراطيين.

دون أن ننسى -يضيف الكاتب- التأثير الذي يراد أن يمارسه كبار أغنياء البلد، وأغلبيتهم الساحقة من البيض، على مسار ونتائج الانتخابات لاسيما بعد حكم “مواطنون متحدون” (Citizens United) الفظيع الذي أصدرته المحكمة العليا في يناير/كانون الثاني 2010 والذي اعتبر الإنفاق السياسي شكلا من أشكال حرية التعبير المحمي بموجب التعديل الأول من الدستور، مما فتح الباب فعليا للشركات والنقابات لإنفاق مبالغ غير محدودة لدعم مرشحين بعينهم.

وبحسب المقال فقد كشف تقرير صدر مؤخرا عن مؤسسة “الإصدار الأول” (Issue One)، وهي منظمة أميركية غير ربحية تسعى لتقليل دور المال في السياسة، أن “12 فقط من كبار المانحين -ثمانية منهم على الأقل من كبار أغنياء البلد- ساهموا بمبلغ إجمالي قدره 3.4 مليارات دولار لمرشحين فدراليين ومجموعات سياسية بين يناير/كانون الثاني 2009 وديسمبر/كانون الأول 2020” وأن تبرعاتهم تعني “أن 12 مانحا كبيرا وزوجاتهم -19 فردا في المجموع- كانوا يسهمون سياسيا بدولار واحد من كل 13 دولارا على المستوى الفدرالي” خلال ذات الفترة.

ويعتقد الكاتب أن أميركا لم تؤسس أصلا كدولة ديمقراطية حقيقية، حيث لم يُسمح في البداية إلا للبيض الأثرياء باختيار قادة البلد، كما أن واضعي الدستور لم يفكروا على الأرجح أن الأمور ستكون يوما ما على غير تلك الصورة.

بعد ذلك وسعت البلاد نطاق التصويت، واقترب الأميركيون من المثل الأعلى للديمقراطية، لكن تحركات مثل هذه دائما ما كانت تقابل بمقاومة شديدة وأحيانا ردة إلى الوراء.

أميركا الآن -يختم الكاتب- دخلت حقبة جديدة من القيود المتطرفة وفكر تفوق العرق الأبيض وحكم الأقلية البيضاء، يحاول فيها الجمهوريون الحفاظ على السلطة من خلال إعادة تعريف رجعي للديمقراطية وإحياء “دولتهم” من جديد حيث كان البيض أصحاب السيطرة الكاملة على أروقة السلطة ودواليب الاقتصاد.

سلطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الضوء على تزايد مخاوف المسؤولين العسكريين الأمريكيين في العراق حيال تصاعد وتيرة هجمات الميليشيات المدعومة من إيران باستخدام طائرات بدون طيار، للتهرب من أنظمة الكشف المتمركزة حول القواعد العسكرية والمنشآت الدبلوماسية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين، قولهم إن هذه الميليشيات تتجه بدلا من إطلاق الصواريخ، إلى استخدام طائرات مسيرة صغيرة تحلّق على ارتفاع منخفض للغاية، بما يجعل من الصعب على الأنظمة الدفاعية التقاطها.

ووصف مسؤول في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة تطور تهديد الطائرات المسيرة بأنه “أكبر مصدر قلق” للمهمة العسكرية في العراق.

ونسبت الصحيفة الأمريكية إلي مسؤولين مطلعين على الأمر، قولهم أنه في أبريل الماضي، استهدفت غارة بطائرة بدون طيار مجمع طائرات تابع لوكالة المخابرات المركزية في مدينة أربيل الشمالية. وقال مسؤول التحالف إن المنظومة الدفاعية تعقبت رحلة الطائرة بدون طيار على بعد 10 أميال من المطار، لكن مسارها اختفى بعد ذلك عندما انتقلت إلى مسار طيران مدني.

وقال مسؤول آخر من التحالف للصحيفة الأمريكية إن السلطات عثرت علي أجزاء من حطام الطائرة التى نفذت الغارة، ورجحت التحاليل الأولية إلي أنها إيرانية الصنع.

ووفقا للواشنطن بوست، أثار الهجوم قلق مسؤولي البيت الأبيض والبنتاجون بشدة بسبب الطبيعة السرية للمنشأة وتعقيد الضربة.

ونسبت إلى مسؤولين غربيين، القول أنه على الرغم من أن هذه الضربة لم تسبب في خسائر بشرية، إلا أنها دفعت إلى ليلة طويلة من المداولات حول كيفية الرد. ودعا بعض المسؤولين الأمريكيين إلي التفكير الجاد في الرد العسكري، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قررت في النهاية عدم القيام بعمل عسكري.

وأثار هجوم مماثل بطائرة بدون طيار في مايو على قاعدة عين الأسد الجوية المترامية الأطراف مخاوف مماثلة بين قادة التحالف حول كيفية تكييف الميليشيات لتكتيكاتها لدى قيادات التحالف.

ولفتت واشنطن بوست إلى أن الهجمات الصاروخية التي تشنها الجماعات المدعومة من إيران تسببت في بعض الأحيان في مقتل جنود أمريكيين وأفراد أمن ومدنيين عراقيين، مما دفع الولايات المتحدة إلى العمل العسكري الانتقامي ودفع واشنطن وطهران إلي شفا صراع مباشر علي الأراضي العراقية.

وعلى الرغم من خفة حدة التوترات منذ أن تولى بايدن منصبه، فإن المسؤولين قلقون من أن الهجمات المستقبلية لا تزال تخاطر بإثارة حلقة جديدة من العنف المتبادل حيث تحاول الجماعات المدعومة من إيران دفع قوة التحالف المنتشرة خارج العراق تمامًا.

واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالقول إنه في غياب دفاعات فعالة، يثير تهديد الطائرات بدون طيار الآن احتمالية تصعيد مفاجئ للعنف. ويثير كل هجوم جديد موجة من الاتصالات حيث يسعى المسؤولون الأمريكيون إلي تحديد ما إذا كان الأمريكيون قد قتلوا أو أصيبوا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى