الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن ربط إسرائيلي بين المساعدات المنوي تقديمها لغزة بعد العدوان الأخير على القطاع، وبين تحقيق المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضحت الصحيفة أن “مسؤولين إسرائيليين أخبروا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أنهم سيمنعون المساهمة في حزمة المساعدات لغزة، ما لم تتوقف السلطة الفلسطينية عن التعاون مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المرتكبة ضد الفلسطينيين“.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أمريكي كبير في ختام جولة بلينكن إلى الشرق الأوسط، أن زيارته تهدف إلى منع التوترات المتصاعدة وعودتها من جديد.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجهود السابقة لإعادة إعمار قطاع غزة وانتشال سكانه من الفقر المدقع، قد فشلت، منوهة إلى أن واشنطن قدمت حتى الآن 360 مليون دولار كمساعدات إنسانية وتنموية للفلسطينيين، لكن مسألة السيطرة على هذه المساعدات تظهر الصراع الطويل بين السلطة الفلسطينية وحماس.

ولفتت إلى أن تل أبيب أبلغت الولايات المتحدة بنيتها تعطيل أي مساعدات، بحال لم تتوقف تحركات السلطة الفلسطينية الدولية، وتحديدا فيما يتعلق بملف الجنائية الدولية.

قالت صحيفة واشنطن بوست إن وزارة العدل الأميركية طلبت، أمس الجمعة، من قاضٍ اتحادي رفض دعوى قضائية تمّ رفعها ضد الرئيس السابق دونالد ترامب، ووزير العدل السابق وليام بار، ومسؤولين آخرين، بشأن التصدي بقوة ضد محتجين سلميين خلال تظاهرة قرب البيت الأبيض في حزيران/يونيو 2020.

ونقلت الصحيفة عن محاميي وزارة العدل قولهم إنه “ينبغي اعتبار ترامب والمسؤولين الأميركيين الآخرين محصنين من الدعاوى المدنية بشأن الإجراءات التي اتخذتها الشرطة لحماية ترامب وتأمين تحركاته“.

واستهدفت الدعوى إصدار أمر يعلن أن ترامب وبار ومسؤولين آخرين انتهكوا الحقوق الدستورية للمتظاهرين.

يذكر أن هذه الدعوى رفعها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، وجماعات أخرى، بسبب أسلوب التعامل مع المتظاهرين خلال تظاهرة ضد العنصرية، ووحشية الشرطة، وذلك في أول حزيران/يونيو 2020، في أعقاب وفاة المواطن الأميركي الأفريقي جورج فلويد، في منيابوليس، بعد أن جثا رجل شرطة أبيض على رقبته لأكثر من تسع دقائق حتى فارق الحياة.

وأطلقت قضية فلويد العنان لموجة من الاضطرابات على صعيد الولايات المتحدة والعالم.

وأعادت رئيسة البلدية موريل باوزر تسمية هذه المنطقة خارج البيت الأبيض باسم ساحة “حياة السود مهمة” (Black Lives Matter) وأزاحت الستار عن لوحة جدارية عملاقة بعد أن غردت برسالة دعت فيها ترامب إلى “سحب كل قوات الشرطة والقوات العسكرية التي نشرت بشكل استثنائي من مدينتنا“.

نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقال رأي تحدث فيه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد الأمريكية ستيفان والت، عن دواعي إنهاء الولايات المتحدة للعلاقة الخاصة التي تجمعها مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقال الكاتب إن الجولة الأخيرة من القتال بين الإسرائيليين والفلسطينيين قدمت المزيد من الأدلة على أن الولايات المتحدة يجب أن توقف من الآن الدعم الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي غير المشروط للاحتلال، في ظل انعدام الفوائد السياسية مقابل التكاليف المرتفعة. وبدلا من علاقة خاصة، تحتاج الولايات المتحدة إلى إرساء علاقة طبيعية مع “إسرائيل“.

وذكر الكاتب أنه “كان من الممكن تبرير علاقة الولايات المتحدة الخاصة مع إسرائيل سابقا بالأسس الأخلاقية، فقد كان يُنظر إلى إنشاء دولة يهودية على أنه استجابة مناسبة لقرون من معاداة السامية العنيفة في الغرب المسيحي. ولكن القضية الأخلاقية كانت لتكون مقنعة فقط لو تجاهل المرء العواقب المترتبة عنها بالنسبة للعرب الذين عاشوا في فلسطين لقرون عديدة، ولو كانت لإسرائيل قيم أساسية مشتركة مع الولايات المتحدة” على حد وصفه.

أوضح الكاتب أن عقودا من السيطرة الإسرائيلية الوحشية قد قضت على الحجة الأخلاقية للدعم الأمريكي غير المشروط. لقد وسّعت الحكومات الإسرائيلية المستوطنات وحرمت الفلسطينيين من حقوقهم السياسية المشروعة وعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية داخل دولة الاحتلال. بالنظر إلى كل هذا، ليس من المستغرب أن تصدر منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” مؤخرا تقارير مقنعة تصف هذه السياسات المختلفة على أنها “نظام فصل عنصري“.

في الماضي كان من الممكن القول إن الاحتلال يمثل رصيدا استراتيجيا قيما للولايات المتحدة. فخلال الحرب الباردة، على سبيل المثال، كان دعم إسرائيل وسيلة فعالة لكبح النفوذ السوفيتي في الشرق الأوسط لأن الجيش الإسرائيلي كان قوة قتالية أقوى بكثير من القوات المسلحة للعملاء السوفييت مثل مصر أو سوريا. كما قدمت “إسرائيل” معلومات استخبارية مفيدة في بعض الأحيان.

وأشار الكاتب إلى أن الدعم غير المشروط للاحتلال اليوم يخلق مشاكل لواشنطن أكثر مما يقدمه من حلول. “فلم تفعل إسرائيل شيئا لمساعدة الولايات المتحدة في حربيها ضد العراق، بينما كان على الولايات المتحدة إرسال صواريخ باتريوت إلى إسرائيل خلال حرب الخليج الأولى لحمايتها من هجمات سكود العراقية.

 

وتابع: “حتى لو كانت إسرائيل تستحق الثناء على تدمير مفاعل نووي سوري ناشئ سنة 2007 أو المساعدة في تطوير فيروس ستوكسنت، فإن قيمتها الاستراتيجية أقل بكثير مما كانت عليه خلال الحرب الباردة. لا يتعين على الولايات المتحدة أن تقدم لإسرائيل دعمًا غير مشروط لجني مثل هذه الفوائد“.

في غضون ذلك تستمر تكاليف هذه العلاقة الخاصة في الارتفاع. وغالبًا ما يشير منتقدو الدعم الأمريكي لإسرائيل إلى المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تقدمها واشنطن لإسرائيل كل سنة، والتي تزيد عن ثلاثة مليارات دولار، على الرغم من أن إسرائيل الآن دولة غنية يحتل دخل الفرد فيها المرتبة التاسعة عشرة في العالم.

وأكّد الكاتب أن إدارة بايدن حريصةٌ على استعادة سمعة وصورة الولايات المتحدة بعد أربع سنوات من إدارة دونالد ترامب، كما تريد أن تميز بين سلوك الولايات المتحدة وقيمها وتلك الخاصة بخصومها مثل الصين وروسيا، وأن تعيد ترسيخ نفسها كمحور أساسي لنظام قائم على القواعد. لهذا السبب، أخبر وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن الإدارة ستضع “الديمقراطية وحقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية“.

عندما تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد ثلاثة قرارات منفصلة لمجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار وتعيد التأكيد مرارا وتكرارا على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” وترسل شحنة أسلحة إضافية بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل، وتقدم للفلسطينيين خطابا أجوف حول حقهم في العيش بحرية وأمن مع دعم حل الدولتين، فإن ادعاءاتها بالتفوق الأخلاقي مبنية على النفاق.

وأضاف الكاتب أن بايدن وبلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان أمامهم مشاكل مقلقة أكبر من تصرفات دولة شرق أوسطية صغيرة. ومع ذلك، ها هي الولايات المتحدة متورطة في أزمة من صنعها إلى حد كبير تتطلب اهتمامها وتستهلك وقتا ثمينا كان يجب تخصيصه للتعامل مع قضايا مثل تغير المناخ والصين والوباء والانتعاش الاقتصادي. وإذا كان للولايات المتحدة علاقة طبيعية مع إسرائيل، فسوف تحظى بالاهتمام الذي تستحقه ولكن ليس أكثر.

وبيّن الكاتب أن الدعم غير المشروط للاحتلال يؤدي إلى تعقيد جوانب أخرى من دبلوماسية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. سيكون التفاوض على اتفاقية جديدة للتراجع عن إمكانات الأسلحة النووية الإيرانية ووضع حد لها أسهل بكثير إذا لم تواجه الإدارة معارضة مستمرة من حكومة نتنياهو، ناهيك عن المعارضة الشرسة للعناصر المتشددة من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. “ومن شأن علاقة طبيعية أكثر مع إسرائيل – الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية بالفعل – أن تساعد جهود واشنطن طويلة الأمد للحد من انتشار الأسلحة في أماكن أخرى“.

وأفاد الكاتب بأن “الرغبة في حماية إسرائيل تجبر الولايات المتحدة على الدخول في علاقات مع حكومات أخرى في الشرق الأوسط ليس لها قيمة سواء من الناحية الاستراتيجية أو الأخلاقية. ودعم الولايات المتحدة للديكتاتورية البغيضة في مصر يهدف جزئيا إلى إبقاء مصر على علاقة جيدة مع إسرائيل ومعارضة حماس“.

 

 

ساعدت عقود من الدعم غير المشروط لإسرائيل في خلق الخطر الذي واجهته الولايات المتحدة من الإرهاب. كان أن أسامة بن لادن وشخصيات رئيسية أخرى في القاعدة كانوا واضحين في هذه النقطة: كان مزيج الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل والمعاملة الإسرائيلية القاسية للفلسطينيين أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى مهاجمة “العدو البعيد”. لن تختفي مخاطر الإرهاب إذا كان للولايات المتحدة علاقة طبيعية مع إسرائيل، لكن موقفا أكثر اعتدالا سيساعد في التقليل من المواقف المناهضة للولايات المتحدة التي أسهمت في التطرف العنيف في العقود الأخيرة.

ترتبط العلاقة الخاصة أيضًا بالمغامرات الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك غزو العراق في سنة 2003. في البداية، عارض بعض القادة الإسرائيليين الفكرة وأرادوا أن تركز إدارة جورج دبليو بوش على إيران بدلا من ذلك. ولكن بمجرد أن أكد بوش أن الإطاحة بالزعيم العراقي صدام حسين آنذاك ستكون الخطوة الأولى في برنامج “التحول الإقليمي”، ساعد كبار المسؤولين الإسرائيليين – بمن فيهم نتنياهو ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك وشمعون بيريز – في الترويج لهذه الحرب إلى الشعب الأمريكي. وصاغ باراك وبيريز حججا تبرر الحاجة للحرب وظهرا على وسائل الإعلام الأمريكية لحشد الدعم لها، وتوجه نتنياهو إلى الكابيتول هيل لإعطاء رسالة مماثلة إلى الكونغرس.

على الرغم من أن الدراسات الاستقصائية أظهرت أن اليهود الأمريكيين ضد فكرة الحرب، إلا أن لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية ومنظمات أخرى في اللوبي الإسرائيلي ألقت بثقلها وراء “حزب الحرب” أيضًا. لم تتسبب العلاقة الخاصة في نشوب الحرب، وإنما ساعدت العلاقات الوثيقة بين البلدين في تمهيد الطريق لاندلاع الحرب.

وأشار الكاتب إلى أن العلاقة الخاصة – والشعار المألوف بأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل “لا يتزعزع” – جعل تأييد “إسرائيل” معيارًا أساسيًا للتعيينات الحكومية. ستحظى بمنصب رفيع في الحكومة إذا كنت داعما شرسا للاحتلال، أما حتى إذا كنت داعما معتدلا فلن تتمتع بنفس الميزات التي يتمتع بها المدافعون الشرسون عنها.

من شأن تصنيف مسؤول على أنه مدافع معتدل عن الاحتلال أن يؤثر على تعيينه لأي منصب رفيع المستوى، مثلما حدث عندما تم اختيار الدبلوماسي المخضرم ومساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاس دبليو فريمان في البداية لرئاسة مجلس الاستخبارات الوطني في سنة 2009، أو مع كولين كال الذي تم ترشيحه كوكيل وزارة الدفاع ولكنه بالكاد حصل على موافقة مجلس الشيوخ على الرغم من أوراق اعتماده التي لا تشوبها شائبة، ناهيك عن العديد من الأفراد المؤهلين الذين لم يتم النظر في تعيينهم رغم كفاءتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى