الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

أكدت مجلة “إيكونوميست” أن القدس تقع في قلب الصراع الدامي الحالي بين الاحتلال والفلسطينيين سواء في الضفة أو غزة أو أراضي الـ48، وقالت الصحيفة في افتتاحية عددها الأخير إن المواجهة كانت جاهزة للانفجار مع أن العالم كان يفضل تجاهلها.

وذكرت أن القتال الذي لم ير مثله بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ سنوات كانت في قلبه القدس، وأكدت الصحيفة أن المعركة بدأت عندما قرر قادة الشرطة الإسرائيلية إغلاق ساحة “بوابة دمشق” (باب العامود) التي تقود إلى المدينة القديمة المسورة ومكان تجمع الفلسطينيين في ليالي رمضان. وجرح المئات ثم بدأت الصواريخ بالوصول.

وتقول الصحيفة إن “القدس تعبر عن المشكلة”، وتضيف أن “إسرائيل تحاول تقوية زعمها في المدينة من خلال إحاطتها ببيوت جديدة لليهود وإجبار سكانها على الخروج. ومع أنهم يشكلون نسبة 38% من السكان إلا أن الفلسطينيين فيها لا يعتبرون مواطنين بل مجرد “مقيمين” ولهم الحق في العناية الصحية والاجتماعية ولكن ليس على قدم المساواة مع اليهود“.

وتابعت: “بدا التباين في القانون في القضية المعروضة أمام المحكمة العليا (الإسرائيلية) والتي سخنت من حرارة الجو، فهي تقوم بمراجعة قرارات لطرد عائلات فلسطينية من الشيخ جراح، بالقدس. وبيوتهم قائمة على أرض كان يعيش فيها اليهود قبل 1948. ويمنح القانون الإسرائيلي الورثة الحق باستعادة أملاك في القدس الشرقية، وهو حق ليس مضمونا للفلسطينيين الذين شردوا من بيوتهم في القدس الغربية أو أي مكان في إسرائيل. وليس غريبا استعداد الفلسطينيين المقيمين في المدينة للاحتجاج. ولكن الظلم في أماكن أخرى أسوأ، فقد راقب الفلسطينيون في الضفة الغربية إسرائيل وهي تصادر أراضيهم وتبني مستوطنات عليها، وهو عمل غير قانوني حسب القانون الدولي. وعليهم التعامل مع حواجز التفتيش ونظام التصاريح المرهق. وفي غزة هناك أكثر من مليوني مواطن قطعوا عن العالم من خلال الحصار الذي فرضته مصر وإسرائيل منذ عام 2007 عندما سيطرت حماس على القطاع، وتعاني المنطقة من مشاكل توفير الطاقة الكهربائية ومياه الصنابير وسخة، وقاد اليأس من الوضع إلى العنف في 2018 و2019 ويغذي الجولة الحالية. ومع ذلك، فإن الساسة الإسرائيليين يتجاهلون النزاع.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا تحدثت فيه عن ترويج جيش الاحتلال الإسرائيلي بيانات كاذبة لوسائل الإعلام العالمية بهدف خداع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة واستهداف أكبر عدد من المقاتلين.

وقالت الصحيفة في تقريرها إن الجيش الإسرائيلي أعلن بعد منتصف الليل يوم الجمعة من خلال تغريدات على تويتر ورسائل نصية للصحفيين وتصريحات متحدث باسم الجيش يتحدث الإنجليزية، أن قواته البرية بدأت “هجوما على قطاع غزة“.

وقد قامت العديد من المؤسسات الإخبارية الدولية، بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز، على الفور بنشر خبر توغل القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو ما يُعتبر تصعيدا خطيرا في مسار الأحداث.

في غضون ساعات، تم نفي الخبر واتضح أن قوات الاحتلال لم تقتحم القطاع، بل اكتفت بإطلاق النار على أهداف في غزة من داخل الأراضي الإسرائيلية، بينما استمرت الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار في الهجوم من الجو، وأعلن متحدث عسكري رفيع المستوى مسؤوليته عن الخبر غير الدقيق وألقى باللوم على “ضباب الحرب“.

وذكرت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الخبر غير الصحيح لم يكن مجرد خطأ، ولكنه كان في الواقع جزءا من استراتيجية خداع متكاملة.

وقالت التقارير الإعلامية إن الهدف كان خداع مقاتلي حماس وإيهامهم بأن غزوا بريا قد بدأ، حتى يقوموا بالرد ويصبحوا في مرمى نيران جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضحت نيويورك تايمز أن المتحدث الناطق باللغة الإنجليزية، المقدم جوناثان كونريكوس، أصر على أن الخبر الكاذب كان خطأه، ولكنه لم يكن نوعا من الخداع، حيث أخبر المراسلين الأجانب في وقت مبكر من مساء يوم الجمعة بأنه أساء فهم المعلومات الواردة “من الميدان” ونشرها دون التحقق منها بشكل كاف.

لكن الصحافة الناطقة بالعبرية أشادت بالجيش الإسرائيلي بسبب نجاحه في استدراج مقاتلي حماس للتحرك داخل شبكة من الأنفاق التي قصفتها حوالي 160 طائرة إسرائيلية في موجة من الغارات الجوية التي بدأت حوالي منتصف الليل.

واستهلت محطة أخبار القناة 12 الإسرائيلية تقريرا لمراسلها العسكري بالقول “هكذا أصبحت الأنفاق فخاخا للإرهابيين في غزة”، ووصفت نشر المعلومات المضللة للصحفيين الأجانب بأنها “خطة مبرمجة”. ونقلت الصحافة الإسرائيلية عن الجيش قوله إن الخطة نجحت، ولكن لا يمكن التحقق من هذا الادعاء بشكل مستقل، حيث لم تعلن حماس عن وقوع إصابات أو استهداف لعناصرها.

وذكرت الصحيفة أن هذه التقارير عن احتمال استخدام وسائل الإعلام الدولية لإيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوف المقاتلين الفلسطينيين بقطاع غزة، أثار موجة من الأسئلة حول ما جاء في المؤتمر الصحفي الافتراضي للعقيد كونريكوس، بينما أصر المسؤولون الإسرائيليون على أن تصريحاته لم تكن رسمية.

وتساءل مراسلو “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” و”وول ستريت جورنال” والإذاعة الوطنية العامة ووكالة فرانس برس، والتي أعلنت جميعها عن طريق الخطأ عن غزو بري في وقت مبكر من يوم الجمعة، حول حقيقة تحويلهم إلى أداة دعاية بيد الجيش الإسرائيلي، وسبب تأخر الإعلان عن عدم مصداقية الخبر، وكيف يمكنهم مستقبلا أن يثقوا في البيانات الرسمية التي يصدرها الجيش.

وقد قال الكولونيل كونريكوس وهو ضابط مخضرم إنه لم تكن هناك “محاولة لخداع أي شخص أو جعلكم تكتبون أي شيء غير صحيح”، مضيفا أنه “يمكنني أن أفهم أن الأمر قد يبدو مختلفا” وأنه شيء “محرج“.

لكن الكولونيل كونريكوس، الذي من المقرر أن يتقاعد من الجيش في نهاية حزيران/ يونيو، أقر أيضا بأن الجيش سعى بالفعل لخداع المقاتلين في غزة، من خلال تكتيكات مثل تحريك أعداد كبيرة من الدبابات والمدرعات إلى الحدود، كما لو أن الغزو كان سيحدث بالفعل.

وقال كونريكوس إن الهدف كان إجبار مقاتلي حماس على الخروج من مخابئهم والبدء بإطلاق النار على القوات الإسرائيلية، ما يسمح باكتشاف مواقعهم وتدميرها، وخداع مقاتلين فلسطينيين آخرين للتحرك داخل شبكة الأنفاق تحت الأرض.

لكن ذلك أثار موجة اعتراضات من الصحفيين ووسائل الإعلام التي يعمل مراسلوها في قطاع غزة، مؤكدين أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي يعرضهم لخطر أكبر.

وقد أعرب دانيال إسترين، مراسل الإذاعة الوطنية العامة في القدس المحتلة، عن استيائه مما حدث قائلا: “إذا وقعنا في فخ الاستغلال، فهذا غير مقبول. أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي حدث، ولماذا تنقل وسائل الإعلام الإسرائيلية على نطاق واسع أننا تعرضنا للخداع؟“.

وحسب نيويورك تايمز فإن مكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي استخدم تكتيكات خداع مماثلة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك سنة 2019، عندما نُظمت عملية إجلاء طبي مزيفة لجنود جرحى عبر طائرة هليكوبتر، لإيهام وسائل الإعلام اللبنانية بأن الهجوم الصاروخي الذي شنه حزب الله أسفر عن إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين.

وانتظر مكتب المتحدث الرسمي ساعتين -وهي فترة كافية لمقاتلي حزب الله لإعلان النصر والانسحاب من المنطقة-، قبل الإعلان عن عدم إصابة أي جندي إسرائيلي في العملية.

ويرى عاموس هاريل المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن مشاركة مكتب المتحدث الرسمي للجيش في خداع وسائل الإعلام تطور مثير للقلق.

وقال هاريل في هذا السياق: “إنه أمر خطير للغاية بالنسبة للجيش الاسرائيلي أن يكون متهما بتضليل الصحافة الدولية، لا سيما عندما يكون هناك تصعيد مع حماس، حيث تحتاج إسرائيل بشكل كبير إلى وسائل الإعلام العالمية لتبرير موقفها“.

وأضاف هاريل: “إنه أمر خطير بالنسبة للصحفيين أيضا. قد يتناسى الجيش الإسرائيلي أن الصحفيين موجودون على الجانبين، وقد يكون هناك خطر على حياتهم إذا اشتبه الفلسطينيون بأنهم يشكلون جزءا من عمليات الخداع الإسرائيلية“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى