الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

أدرك حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بعد تولي جو بايدن الرئاسة الأميركية أن “هناك سقفاً لا يمكن أن تحققه القوة العسكرية” وأن خفض التصعيد والعمل على تحقيق النمو الاقتصادي وتكثيف العمل الدبلوماسي، هو التوجه الذي ستعتمده الإدارة الأميركية في المرحلة المقبلة.

وفي هذا السياق ذكر الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست أن “المسؤولين الأميركيين لاحظوا تغيرات عدة خلال جولة لهم في المنطقة شملت السعودية والإمارات ومصر والعراق وبلدانا أخرى”، مضيفا أن “هذه البلدان أدركت أن هناك سقفًا لا يمكن أن تحققه القوة العسكرية، وبالتالي يجب أن تعمل على تحقيق النمو الاقتصادي وتكثيف العمل الدبلوماسي”.

وأضاف الكاتب أن “هذه البلدان أدركت أن الولايات المتحدة فقدت صبرها حيال الحروب التي تشن بالوكالة، وبالتالي تحاول خفض التصعيد وإعادة بناء اقتصاداتها بعد وباء “كورونا”.

وتحدث الكاتب عن تكثيف المساعي الدبلوماسية على مستوى المنطقة، مشيرًا إلى أن “السعودية والإمارات تجريان محادثات مع إيران، فيما تجري الامارات ومصر محادثات اخرى مع تركيا”، كما يبحث “أمراء الحرب” في اليمن وليبيا في اتفاقيات السلام”.

ونقل الكاتب عن مسؤولين أميركيين قولهم إن “الامارات أوقفت دعمها العسكري للجماعات التي تقاتل الحكومة الليبية التي تحظى بدورها بدعم تركيا”، لافتًا إلى أن “وفدا تركيا زار القاهرة لإجراء أول حوار حقيقي بين الطرفين منذ أعوام“.

وبحسب المسؤولين، “سيزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الإمارات لإجراء محادثات قد تشمل الملف اليمني“.

كما نقل الكاتب عن مسؤولين أميركيين وعرب آخرين أن “المتغيرات هذه سببها أن الكثير من الدول تخشى اندلاع حرب كبرى وايضًا عدم إمكانية التعويل على المظلة العسكرية الأميركية”.

كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس استهدف الكيان الإسرائيلي بالصواريخ بشكل مكثف، وقالت الصحيفة إنه “ربما تغلبت على الدفاعات الإسرائيلية“.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للمحلل توماس فريدمان قال فيه إن الأحداث الجارية في القدس، أثبتت أن القضية الفلسطينية لم تمت.

وذكر فريدمان أن أحداث القدس أثبتت أن اتفاقيات التطبيع مع دول خليجية وعربية لم تنه القضية الفلسطينية، وأشار إلى أن الجيل الذي يقود الأحداث الأخيرة لا ينتظر القيادة من أي جهة في فلسطين.

ويعتقد فريدمان أن عدم سيطرة الفلسطينيين والإسرائيليين والدول الجارة على الشارع سيؤدي إلى تحول الأحداث إلى انتفاضة، ستحدث هزة أرضية في المنطقة وستهز إسرائيل وحماس والسلطة الوطنية ومصر والأردن واتفاقيات التطبيع.

وقال “ما حدث هو انفجار للعنف حول القدس يوم الاثنين، انتقل سريعا إلى جبهة غزة والناس يتساءلون: هل سيكون هذا حدثا كبيرا؟ وهل هذه بداية انتفاضة فلسطينية جديدة؟ وتريد الحكومة الإسرائيلية والدول العربية والسلطة الوطنية أن يكون الجواب قاطعا “لا”- لأن إسرائيل لن تجد دعما كثيرا لقمع الفلسطينيين من البيت الأبيض الميال لليسار، علاوة على بقية العالم”.

أما الحكومات العربية فهي تريد مواصلة التعامل مع صناع التكنولوجيا الإسرائيليين ولا تريد الخوض في عملية الدفاع عن رماة الحجارة الفلسطينيين. أما السلطة الفلسطينية فستكشف الأحداث عن عدم قدرتها على السيطرة على الشارع الفلسطيني.

ويقول إن الأحداث الأخيرة على خلاف انتفاضتي 1987 و2000 لا يوجد طرف أو جهة أو فلسطينية تستطيع التعامل معها على الجانب الآخر من الهاتف، وإن كان موجودا فهو فلسطيني عمره 15 عاما ينقر على هاتفه المحمول بالأوامر ويبحث عن الإلهام عبر “تيك توك”، تطبيق الفيديو الذي يستخدمه الشبان الفلسطينيون لتشجيع بعضهم البعض على مواجهة إسرائيل.

وأشار لما كتبه جاك خوري، الخبير بهذه الديناميات العربية في صحيفة “هآرتس”، حيث كتب أن عجلة الاحتجاج في الجانب الفلسطيني هي “حركة شعبية” وتتكون في المعظم من “جيل شاب لا ينتظر قيادة سياسية- لا السلطة الوطنية ولا القادة العرب في إسرائيل وقطاع غزة.

فهناك يوم القدس الذي يحتفل فيه باحتلال القدس عام 1967 وتوحيد شرق وغرب المدينة، ويحتفل اليهود به في حائط المبكى. وتزامن اليوم اليهودي مع ليلة القدر في يوم السبت.

ولا تعتبر أهم ليلة في رمضان بل في التقويم الإسلامي، لأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن على النبي محمد وأحيا الليلة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الأقصى.

ويقول إن التداخل في الموعدين المقدسين أدى إلى مواجهات في أزقة القدس الشرقية وبلغ ذروته في يوم الاثنين عندما داهمت الشرطة المسجد الأقصى، وجرح المئات من الفلسطينيين و20 من الشرطة.

وأشار إلى تحليل هالبرتال الذي قال إن الوضع تفاقم حول “الأماكن المقدسة” ومحاولة اليهود المتطرفين إخلاء 6 عائلات فلسطينية من بيوتها في حي الشيخ جراح.

 وهنا أكد فريدمان ما يقوله الإسرائيليون، أن المنازل الفلسطينية بنيت على أراضي يهود فروا عام 1948. ويحاول الفلسطينيون مقاومة أوامر الإخلاء، وكانت المحكمة العليا ستنظر في قرار إخلائهم يوم الاثنين لكن القرار أجل بسبب الأحداث.

وقال فريدمان إن المواجهات على التواريخ والأماكن المقدسة كافية لإشعال النار، لكن مشاهد على تيك توك، حملها فلسطينيون وتظهر محاولة اعتداء على يهود أرثوذكس قادت إلى قيام مجموعة يهودية اسمها ليهافا بتنظيم مسيرة في بوابة دمشق وهتف أفرادها “أيها العرب، اخرجوا“.

ويرى الكاتب أن كل هذه تعطي صورة عن أن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني لم ينته، خلافا للإجماع في إسرائيل الذي ظهر خلال السنوات الماضية واقترح أن إسرائيل قمعت العنف ورضي الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة بالعيش وبشكل دائم تحت السيطرة الإسرائيلية.

وكان هذا الإجماع قويا بدرجة أن موضوع النزاع الإسرائيلي وكيفية حله تم تجاهله في الجولات الانتخابية الأربع الأخيرة أو لم يكن على الأجندة. وأكدت اتفاقيات التطبيع التي هندستها إدارة ترامب بين إسرائيل ودول عربية وهي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب أن الموضوع الفلسطيني أصبح في الماضي، ولكن عناوين الأخبار اليوم تكشف عن خطل هذا التفكير.

كما أن إدارة جوزيف بايدن ليست مهتمة في الوقت الحالي بالرد على عناوين الأخبار. ولا تعتقد أن الظروف مناسبة لأي تقدم على الموضوع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهذا آخر ما تريده، في وقت تركز فيه على إحياء الملف النووي مع إيران، وهو موضوع يتسبب بتوتر كبير في إسرائيل. ولا تريد أن ينحرف نظرها عن هذا الموضوع الأساسي بالتوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين أو وقف محاولات إيران إشعال الوضع في القدس.

كل هذا يعتمد على بنيامين (بيبي) نتنياهو. ومن أكثر المصادفات جنونا، وربما الأكثر جنونا أن الأحداث اندلعت ونتنياهو في طريقه إلى الخروج من السلطة بعد أكثر من 12 عاما. ومن مصلحة نتنياهو فشل منافسيه في تشكيل حكومةـ ما يعطيه الفرصة للتمسك بالسلطة وربما تجنب السجن في قضايا الفساد التي يحاكم عليها.

ومن الطرق التي قد يلجأ إليها نتنياهو هي إشعال الوضع بدرجة تقنع منافسيه بالتخلي عن محاولات الإطاحة به والقبول بأن الوقت لم يحن بعد لتغيير القيادة. وهذا يعتمد أيضا على حماس، فقد فشلت في تحقيق نمو اقتصادي في القطاع الذي تحكمه ولا تقدم سياسيا مع إسرائيل.

وحقيقة تأجيل السلطة الوطنية للانتخابات التي كان من المتوقع أن تفوز بها، يعني أنها ستظل عالقة. وعندما تجد نفسها في هذا الوضع، ماذا تفعل حماس عادة؟ تطلق صواريخ على إسرائيل، ولكنها في يوم الاثنين أطلقت صواريخ على القدس، لكي تتسلم القيادة وتشعل انتفاضة هناك. وردت إسرائيل بقصف غزة حيث قتلت أكثر من 20 فلسطينيا.

وفي النهاية فقد ينتهي كل هذا في ثلاثة أو أربعة أيام لأن حماس وإسرائيل ومصر والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية، ستعرف ما إذا كان من مصلحتها فرض إرادتها على الشارع أم لا. ولو تحول الأمر إلى انتفاضة وفرض الشارع نفسه على القيادات فستكون بمثابة هزة قد تهز إسرائيل وغزة والضفة الغربية والأردن ومصر واتفاقيات إبراهيم. ولو حدث هذا “فأقترح عليكم تحميل تيك توك لمتابعتها بشكل مباشر وحي“.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى