مقالات مختارة

الاحتياطيّ ينفد.. والتعنّت يتفاقم: بشارة مرهج*

 

مهما طال الزمن ومهما صدر من قرارات أو أحكام فإنّ مسؤولية الانهيار المالي والنقدي تقع على ثلاثة أطراف. 1: الفئات الحاكمة. 2: المصارف. 3: البنك المركزيّ. هذه الأطراف الثلاثة التي أساءت الأمانة واغتنت من تعب الناس وابتاعت الدور والقصور في فقرا ولندن وغشتاد، تحاول التهرّب اليوم من المسؤولية عن طريق تبادل التهم وتغييب الحقيقة وأحياناً عن طريق استخدام الشارع.

 

هذه الأطراف هي التي هدرت و»استلفت» وسطَت على المال العام والودائع على حدّ سواء. تلك هي الحقيقة الناصعة مهما حاول إعلاميون أو سياسيون أو خبراء في شؤون البلاط توسّل التضليل لتزييف ما جرى وتصويره وكأنه مجرد حادثة تسبّب بها مجهول. والمأساة الكبرى أنّ هذه الفئات الثلاث – وأكرّر هذه الفئات الثلاث المتعنّتة الموحّدة في آن – لا تزال مُصرّة على مقاومة الإصلاح وتحميل مجمل الخسارة للشعب والسيطرة على مقاليد الحكم ولو أدّى ذلك الى الدمار الشامل. ولسان حالها: «إما أنا أو لا أحد» وكأن الحكم جنة وليس مسؤولية عامة تقتضي، في ما تقتضيه، صون مكانة الدولة، والمحافظة على أموال البلاد والناس، لا سيّما الفقراء منهم الذين تزداد أعدادهم بالآلاف كلّ طلعة شمس جراء تمنّع المصارف عن الدفع وإيفاء الحق لأصحابه، فضلاً عن سياسة الدعم الفاشلة وجنون الأسعار وجشع التجار الكبار وجنوح المستفيدين، من الفوائد العالية والهندسات المالية، الى إدارة الظهر لكلّ طلب أو مطالبة بإعادة الأموال المنهوبة أو المهرّبة.

وفي الوقت الذي يلفظ فيه احتياطي البنك المركزي أنفاسه الأخيرة ويجري فيه تبديد فرص المعالجة، بحجة من هنا وأخرى من هناك، من حقنا أن نسأل لماذا المراوغة والمناورة وتأجيل التدقيق الجنائي لحسابات البنك المركزي؟ ولماذا المماطلة في التحقيق العدلي في جريمة المرفأ؟ مع أنّ أكثر من جهة أجنبية عاينت الانفجار وأخذت راحتها في إجراء التحقيق على الصعيد التقني وسواه؟ أما الحكومة العتيدة فلن نسأل عنها لأنه، كما يبدو، لا مصلحة للفئات الحاكمة، حتى الآن، في تشكيلها تهرّباً من تنفيذ الوعود التي التزموا بها أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي.

وبعد، يأخذون على الشعب توجّعه وقلقه واستياءه وإصراره على التظاهر ورفع الصوت عالياً. إنهم حقاً لا يدرون ماذا يفعلون، فما استهان أحد بالشعب وحقوقه إلا وكان الخذلان والخسران نصيبه..

وإنّ غداً لناظره قريب.

*نائب ووزير سابق.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى