مقالات مختارة

وزارة الطاقة تستعدّ لإيجاد بدائل من النفط الجزائري: «سوناطراك» ترفض تزويد لبنان بالفيول: إيلي الفرزلي

بعدما وافقت «سوناطراك» على الاستمرار في تسليم لبنان الكميات التي ينصّ عليها العقد، يبدو أنها عادت وفرملت خطواتها. هي تشترط سحب الدعوى التي رفعتها مؤسسة كهرباء لبنان أولاً، وإذا لم يحصل ذلك فهي تهدد باللجوء إلى التحكيم. في المقابل، فإن سحب الدعوى التي صارت في عهدة القضاء لا يبدو سهلاً ولا مقبولاً، ولذلك فإن الأمور مجمدة بانتظار الانتهاء من المفاوضات التي تجريها وزارة الطاقة وسط تكتم شديد

 

لم تحسم بعد مسألة الاستمرار في الحصول على الفيول من شركة «سوناطراك». الملف لا يزال قيد البحث بين وزارة الطاقة والسفير الجزائري والشركة واللواء عباس إبراهيم والسلطات الجزائرية. الشركة كانت قد طلبت في رسالة رسمية (21/9/2021) من وزارة الطاقة تسلّم الكميات التي لم تتسلّمها خلال الأعوام الثلاثة السابقة، تحت طائلة طلب تعويض تصل قيمته إلى 18.6 مليون دولار (6 دولارات عن كل طن لم يتمّ شراؤه) من جرّاء مخالفة لبنان لبنود العقد. بناءً عليه، رفعت وزارة الطاقة اقتراحاً إلى مجلس الوزراء بالموافقة على الحصول على الكميات المتبقية. ثم عُرض الأمر على هيئة الاستشارات والتشريع لتبيان مدى توافقه مع القوانين اللبنانية. وقد خلصت الهيئة، في استشارة صادرة في 12/10/2020، إلى وجوب التفاوض مع «سوناطراك» لشراء الكميات المتبقية، معتبرة أن ذلك يدخل ضمن مفهوم تصريف الأعمال، نظراً إلى ما يمكن أن تقع فيه البلاد في حال تأخر المناقصات الجديدة لشراء المحروقات. زيارة اللواء عباس إبراهيم للجزائر صبّت في هذا الاتجاه، وقد وافقت الشركة بعدها على الاقتراح اللبناني القاضي باستكمال الحصول على الكمّيات التي ينصّ عليها العقد، وهي على الشكل الآتي: 212 ألف طن من الغاز أويل، 1640 ألف طن من الفيول Grade A و1248 طناً من الفيول Grade B.

هذا الاتفاق الذي جرى التوصل إليه قبل نهاية العام لم ينفّذ، ويبدو أنه تعرّض لانتكاسة. تفيد المعلومات بأن السفير الجرائري التقى وزير الطاقة ظهر يوم الثلاثاء الماضي، وأبلغه رسمياً ما كان قد تردد سابقاً، أي موافقة الشركة على المضيّ قدماً باستكمال تزويد لبنان بالكمّيات المتبقية من سنوات 2018 و2019 و2020، لكن بشرطين: سحب كهرباء لبنان الدعوى المرفوعة ضد الشركة في قضية الفيول المغشوش ودفع المستحقات المتبقية لها عن السنوات السابقة والمقدّرة بـ 3.2 ملايين دولار. وفي حال عدم تحقق هذين الشرطين ستلجأ إلى التحكيم في دعوى الإساءة إلى سمعتها. لكن فيما يتم تناقل هذه المعلومات بين العاملين في القطاع، فإن الوزارة تتحفّظ على الإدلاء بأي معلومة تتعلق بالموضوع «نظراً إلى حساسيته». أما بشأن الدعوى القضائية التي رفعتها «كهرباء لبنان»، فإن مصادر قضائية تشير إلى أن هذه الدعوى صارت بيد القضاء وسيكون هنالك صعوبة، حتى لو أرادت المؤسسة، في سحبها، لكونها تطال الحق العام. أما بالنسبة إلى شركة «سوناطراك»، فهي تعوّل على سحب الدعوى نظراً إلى ما تشكّله من ضرر للشركة الأمّ، التي ترى أن المشكلة تتعلق بالشركة التي تعاقدت معها أي ZR energie، علماً بأن الدولة اللبنانية غير مرتبطة بأي عقد مع الأخيرة، وبالتالي فإن المسؤولية تقع بالنسبة إليها على شركة سوناطراك BVI الذراع التجاري لسوناطراك.

بالنتيجة، تشير مصادر مطّلعة إلى أن وجهة الملف غير واضحة بعد، وسط التضارب في المعلومات. الأكيد أن الدولة اللبنانية لم توقّع على أي شحنة جديدة منذ بداية العام، فالشحنة التي انتهى تفريغها أمس تعود إلى العام الماضي. لكن تفيد المعلومات بأن منشآت النفط تعمل حالياً على إعداد الطلبات المتعلقة بشحنات أخرى، بالتوازي مع تحضيرها لإعلان مناقصة لشراء باخرة فيول عن طريق spot cargo لتكوين فكرة عن مدى إمكانية الاعتماد على هذا النوع من عمليات الشراء، وخاصة أن أهل القطاع يؤكدون أن اعتماد هذه الطريقة ليس رائجاً بالنسبة إلى الفيول أويل، ويُخشى أن لا تكون هذه المادة متوفرة مسبقاً، وخاصة بالنسبة إلى المواصفات التي يطلبها لبنان. لكن في المقابل، فإن مصادر معنية تشير إلى أن الأمر يحتاج إلى التجربة، وهو ما يحصل حالياً، وخاصة أن ثمة من يؤكد أن هذا النوع من النفط متوفّر بكثرة في أميركا، ويمكن أن يصل الأمر إلى بيعه بالمجان أحياناً.

حتى اليوم، فإن العقود التي أجريت على أساس Spot Cargo كانت مشجعة، بحسب المعنيين. فالبريميوم (كلفة النقل والتأمين والربح…) المدفوع مقابل الشحنات التي يتم شراؤها كانت قيمته منافسة، حتى بالمقارنة مع العقود الطويلة الأمد ومنها العقد مع «سوناطراك». وقد انخفض هذا البريميوم من نحو ثلاثين دولاراً للطن إلى ١٥ دولاراً أخيراً، علماً بأن المعدّل العام لكلفة البريميوم يبلغ 18 دولاراً. وقد انخفضت هذه الكلفة نتيجة عوامل عدة؛ أبرزها: فتح الاعتمادات مسبقاً وانخفاض كلفة التأمين لعدم وجود مخاطر استثمار.

المشكلة أنه حتى لو تأمّن «الفيول أويل» عبر Spot Cargo، فإن هذا الحل ليس مستداماً ولا يمكن الاعتماد عليه لتأمين الاستقرار في إمدادات الفيول إلى كهرباء لبنان. وهذا أمر تدركه الوزارة جيداً، ولهذا هي تعطي الأولوية لمناقصة شراء الفيول.

بالنسبة إلى الغاز أويل، الأمر مختلف. أولاً، هذه المادة المخصصة لمعملَي دير عمار والزهراني متوفّرة بكثرة، وبالتالي فإن بالإمكان إيجادها في العقود الفردية بسهولة. لكن الأهم أن العقد مع مؤسسة البترول الكويتية مدّد لمدة ثلاثة أشهر، بموافقة الطرفين اللبناني والكويتي. وخلال هذه المدة، سيتم تزويد كهرباء لبنان بثلاث شحنات (شحنة كل شهر) زنة كل منها ٦٠ ألف طن، علماً بأن الشركة الكويتية كانت تؤمن نحو ٤٥٠ ألف طن سنوياً، من إجمالي ١٢٥٠ طناً تشكل حاجة لبنان من هذه المادة.

لكن هل هذا يعني أن العتمة يمكن أن تطلّ برأسها مجدداً؟ حتى اليوم، كل المؤشرات تؤكد أن الأمر مستبعد. أولاً لأن المخزون من الفيول أويل يكفي لشهرين، وثانياً لأن كهرباء لبنان بدأت بالفعل إجراءات تقشفية، وثالثاً لأن الديزل أويل مؤمّن، ورابعاً لأن مساعي تفعيل عمليات الشراء عبر Spot Cargo بدأت بالفعل، وخامساً لأنه يُتوقع أن لا تتأخر عملية إطلاق المناقصة الجديدة.

(الاخبار)

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى