مقالات مختارة

جاروشة الحياد غسان الشامي

 

كلما تكلّم البطريرك الراعي عن الحياد كلّما ازداد التخبيص في المفاهيم والمصطلحات؛ لأنه يعتقد أن التكرار والتعابير المرتجلة يمكنها أن تؤثر في الرأي العام المتعب والمأزوم والمفلس والذي يريد “الحاج خلاص“.

 

هذا الإصرار واستجداء المناصرين له لا يقلي بيضاً ولا يسلق قمحاً، فمن خدعه، أو جعله يفكر بدور سياسي في زمن لا يحتاج إلى ساسة بل إلى قادة مصلحين؟!

كيف يمكن أن تكون بطريركاً على “أنطاكيا وسائر المشرق” ومحايداً في الوقت عينه!؟

والله إن هذا لأحجية، لا يستطيع فهمها سوى أمثال ميشال سليمان وبعض زرازير السياسة ممن يشبهونه.

هل أنت محايد تجاه ما جرى “لأنطاكيا”، لكنائس لم تسلّمها السلطنة لكم حتى اللحظة، لتاريخ المدينة ورمزيتها!!؟؟

هل يمكن أن تكون محايداً تجاه ما يحصل في “سائر المشرق” من مآسٍ وحروب ونزوح وقتل وإرهاب وهجرات، ومنها هجرات الموارنة من حلب على سبيل المثال!؟ بحجة “تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية”، وهل يمكنك الطلب من 120 دولة عدم التدخل في سوريا وإرسال إرهابيين إليها؛ لأنها أيضاً من “سائر المشرق” ومار مارون ومار يوحنا مارون منها، وناووس “بيّ الطايفة” في براد يحتله التركي، وللبطريركية فيها ثلاث أبرشيات!؟.

هل يمكن أن تكون محايداً تجاه هجرة وتهجير ثمانية ملايين سوري، بينهم ستمئة ألف مسيحي، جرّاء الإرهاب الذي ما كان محايداً تجاههم ودمّر كنائسهم وخطف مطارنتهم وكهنتهم ودمر حواضر لهم في معلولا والقريتين وإدلب وغيرها؟!

هل يمكن أن تكون محايداً تجاه تقسيم العراق، وهو أيضاً من “سائر المشرق”، وفيه بطريركية على اسم “المشرق”، وهجرة وتهجير مسيحييه من بغداد والموصل وسهل نينوى باتوا بلا مأوى على قارعة الأمم؟!

هل يمكن أن تكون محايداً وكنيستا البشارة والقيامة محتلتان بطريقة أو بأخرى، والفلسطيني أيضاً من “سائر المشرق”، أما المسيحي الفلسطيني فقد بات مثل الهنود الحمر بمن فيهم رعيتكم التي زرتموها عبر معبر قيافا؟!

هل يمكن أن تكون محايداً تجاه الخطر الذي يستهدف الأردن ومغطسه والغور ومستقبله في الصراع مع إسرائيل؟!

هل يمكن أن تكون محايداً تجاه ما يحصل للسريان والآشوريين والكلدان والأرمن في الجزيرة السورية، وأنتم جزء من سريان هذه المنطقة أصلاً وطقساً!؟

ألا يخالف هذا ما جاء في مجمع العام 2006 ”كنيسة أنطاكية سريانية ذات تراث ليتورجي خاص“؟!.

هل وهل وهل…” حياد إيه اللي أنت چاي تقول عليه “يا صاحب الغبطة، وتكرره ليلاً نهاراً كأسطوانة مشروخة وتحشد فاقدي الحضور والأهلية لدعمه، وتلومون من لا يحايد معكم.

سيدي، لا يمكنك أن تكون بطريركاً على أنطاكيا وسائر المشرق، وتحاول تحييد لبنان، الذي هو الجزء الأصغر منه، والمسيحيون يمثلون الجزء الأصغر في هذا الجزء الأصغر.

إن الحياد مخالف لاسم وواقع وأساس ودور البطريركية المارونية الأنطاكية المشرقية السريانية الأصل، وأي بطريركية أخرى… وإن الإصرار عليه يتوجب قلب الاسم أو تبديله ليصبح بطريركية بكركي وسائر الديمان

والسلام والهدى على من اتبع أنطاكيا وسائر المشرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى