مقالات مختارة

“الرجل المريض” وانفجار مرفأ بيروت. بقلم الدكتور غسان غوشة

 

صحيح ان بداية التراجع في مسيرة السلطنة العثمانية تزامنت مع عجز ااسلطان سليمان القانوني عن فتح فيينا مرتين , ورغم احتساب عهد السلطان سليمان بانه من اهم العهود واعتبر من اهم الفاتحين .

 

الا ان إطلاق تسمية الرجل المريض على السلطنة ،

لم يبدأ الا في منتصف القرن التاسع عشر ،واستمرت التسمية حتى نهاية الحرب العالمية الاولى واقتسام أراضي واسعة منها على يد المنتصرين في الحرب , اَي الإنكليز والفرنسيين.

اما لماذا أطلقت تسمية رجل اوروبا المريض على السلطنة العثمانية ?

الجواب هو ان هزاءم كثيرة لحقت بها

ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر وتمكنت اثرها الدول الأوروبية من انتزاع الكثير من الأراضي والممتلكات السلطانية الممتدة على ثلاث قارات .

لكن , اليوم من هو “الرجل المريض”؟.

اكيد ان هذا الوصف لا ينطبق على تركيا،

فالأخيرة حققت في السنوات الثلاثين الاخيرة نهضة علمية واقتصادية وعسكرية وعندها قيادة طموحة جدا. يصفها البعض بالمتهورة والتي تسعى بكل قوة الى التوسع وإعادة تكوين عالم تركماني

واسع الامتداد.

ولَم تتردد القيادة التركية الحالية بالتوسع في الإقليم وفِي البحار الثلاث؛

الأبيض والأحمر والخليج العربي.

هذا التوسع ارعب اوروبا من جديد، وخاصة فرنسا الإمبراطورية الهوى،والتي تحاول جاهدة الحفاظ على مناطق نفوذها التاريخية.

لكن ما هي وضعية اوروبا اليوم ؟

الاكيد ان القارة العجوز تعيش

اياما صعبة ،واتت جاءحة كورونا لتثبت ان كل بلد يغني على ليلاه .ولم يبادر الى مساعدة إيطاليا وغيرها غير الصين وروسيا وكوبا.

وجاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ،على الأرجح

بتنسيق مع ترامب،ليعيد اوربا الى وضعية لا تحسد عليها،

ولَم يبقى من التماسك الأوروبي الا التنسيق والتحالف المهزوز بين ألمانيا وفرنسا،

لذا تجد فرنسا نفسها في وضعية متراجعة جداعلى مستوى النفوذ،خاصة بعد التدخل التركي في ليبيا وفِي دول الصحراء الأفريقية:

مالي ،تشاد،النيجر ،

وحتى في سوريا والعراق ولبنان وأرمينيا وأذربيجان.

فرنسا ،سارعت بعد انفجار مرفأ بيروت للتأكيد على نفوذها التاريخي في لبنان وعلاقتها الخاصة بالموارنة،

وقد اكد الوزير لودريان على هذه العلاقة الخاصة في زيارته الاخيرة للبنان وتخصيص المساعدة المالية للمدارس الكاثوليكية فقط

واستبعاد بقية المدارس الفرنكوفونية.

غير ان اهم ما يمكن ملاحظته في خلفية زيارة ماكرون الى لبنان،هو انه جاء ليحذر من التمدد والتوسع التركي في شرقي المتوسط ،وحاملا اقتراحا مبطنا لحزب الله للتحالف والتنسيق سوية في مواجهة التمدد التركي.

إذن ماكرون يسعى لإغراء حزب الله وإيران بفوائد التنسيق ضد اردوغان مقابل الاعتراف بشرعية نفوذ حزب الله السياسي في لبنان والعالم. واضح ان حزب الله تلقف بايجابية المبادرة الفرنسية رغم ان الموقف الرسمي الايراني كان سلبيا من تصريحات وتصرفات ماكرون في لبنان .

هل يقبل حزب الله وإيران الاقتراح الفرنسي ؟؟

اعتقد ان ايران تعلم ان اَي تسوية جدية في لبنان والمنطقة هي التي تعقد مع الامريكي وقد لاحظ حزب الله بعد ايّام من زيارة ماكرونان هيل لم يتبنى المبادرة الفرنسية حتى يعتقد ،انه خربها وزيارته الى لبنان هدفت الى تعقيد الامور ،بدل حلها، وأظهرت بجلاء ان اَي تسوية تعقد في لبنان والمنطقة يجب ان تجري مباشرة مع امريكا او على الاقل حسب التوجيهات الامريكية.

وهكذا طار اقتراح حكومة الوحدة الوطنية وربما ايضا

طار ت الموافقة على سعد الحريري كرءيس للحكومة العتيدة .

ما يهم امريكا،غير ما يهم فرنسا.

فهم امريكا الاول هذه الأيام ،

هو نجاح ترامب بالانتخابات الرئاسية،وإرضاء اللوبي الصهيوني وتقديم الهدايا له .

وأمريكا لن تعمل صفقة مع حزب الله،بل تسعى الى اجراء هذه الصفقة مع ايران،قبل الانتخابات.

غير ان ماكرون صدم بالموقف السعودي،التي لا تريد اَي انفتاح على حزب الله وإيران قبل ان تحصل على تنازلات منهم تخرجها من المستنقع اليمني.

صحيح ان السعودية ومعها الإمارات منزعجتان من التمدد التركي ،بل مرعوبتان،الا ان الملفات عندهم ليست “دكمة”، ولَم تتوقف السعودية عن مهاجمة ايران وحزب الله

اما الامارات,فهي تعطي الاولوية لمواجهة تركيا,ولكنها

لا تخالف السعودية في لبنان.

لذا نستطيع ان نقول بكل وضوح ان تركيا اليوم،في وضعية الساعية الى اعادة

توسيع دائرة نفوذها في مناطق السلطنة سابقا،

وان فرنسا تخسر على طول الخط وهي اليوم في وضعية

الرجل المريض“.

                            ماذا عن لبنان؟

لبنان ليس مهما اليوم للكثير من الدول النافذة،المشغولةبامورها وهمومها.اما الأطراف المتواجدة على الساحة اللبنانية فمصالحها متضاربة

مما يجعل التوصل الى تسوية

جديدة، صعبا للغاية.

فقط اتفاق امريكي إيراني

 على مستوى شامل يعيد اجواء التسوية الى لبنان.

وهذا،ليس حاصل حاليا،

وان كانت بعض الاتصالات

تجري تحت الطاولة.

هذا الاتفاق، قد يحصل قبل الانتخابات الامريكية وقد لا يحصل.

فرنسا لها مصلحة في ان يحصل وتحصل من خلاله

على وضعية الضامن لمصالح الموارنة.  

        من سيضمن مصالح السنة؟

ماذا ستفعل روسيا؟

لماذا الصين صامتة؟

للبحث صلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى