مقالات مختارة

إدارة السيّد نصر الله للمعركة حوّلت الـمأزق الـى فرصة لمسار شرقـي فتراجعت واشنطن رضوان الذيب

ماكينزي سأل عـن الــدور التركي وقيادات إرهابيّة والفلتان الأمــنـي والحدود

  الــهـمّ الأوّل لـواشنطن الإستقرار ولا مُشكـلـة بـالـتعاون كهربـائياً مـع سوريـا ونـفـطـياً مــع الـعراق

 يعتقد الكثيرون من القوى السياسي اللبنانية يميناً ويساراً ووسطاً، ان الولايات المتحدة الاميركية «خاتماً» في اصبعهم ونقوذها العالمي بامرهم. ويتحرك مسؤولوها حسب التوقيت اللبناني وشهوات ورغبات هذه القوى، وتحت هذه المعادلة انطلق المبشرون اللبنانيون يميناً ويساراً ووسطاً بالتطبيل للمشروع الاميركي، والترويج لنهاية حزب الله، كما بشروا بنهاية الرئيس بشار الاسد عام 2011، واسدوا النصائح الخبيثة ووصلت الى حد المطالبة بالتنحي كي لا يلاقي مصير الرئيس الليبي معمر القذافي من باب «الشفقة» والحرص على تاريخ العائلة، وها هم اليوم يعيشون الخيبة…حتى ان بعض الوزراء السابقين «استشاط غضباً» عندما حاول اعلامي لبناني الدفاع عن التوجه الشرقي. ورد متهكماً، «اميركا بس والباقي خس»، ووحده زعيم لبناني وافق اعلامي لبناني كبير راحل عدم ثقته بالسياسة الاميركية وتقلباتها والحفاظ على خط الرجعة، دائماً لان الاميركيين باعوا حليفهم الاول الكردي في المنطقة والخوف من ان نذهب وكذلك الاخرون «فرق عملة» في سياسة المصالح الاميركية.

 وتذكر المصادر السياسية المتابعة بالتنازلات الاميركية مع سياسات دين براون عام 1975 والانسحاب من لبنان عام 1983 ودعم الانقلاب على الرئيس امين الجميل والانفتاح على الرئيس الراحل حافظ الاسد وتسليمه اوراق المنطقة. ومن يتابع السياسات الاميركية يعرف انها جاءت كلها على حساب حلفائهم وكثيراً ما قطعوا حبال حلفائهم في قعر البئر، وحتى اسرائيل الحليف الاول لواشنطن تفتش عن بدائل ومسارب اخرى.

 وحسب هذه المصادر، تعيش اميركا لاول مرة في هذا الشرق مأزقاً حقيقياً وجذرياً سيفرض تبدلاً في سياساتها، وهذا التبدل يعود لموازين القوى الجديدة في لبنان التي فرضها حزب الله بقوة مجاهديه، وحكمة قائد المقاومة السيد حسن نصر الله الذي يدير المواجهة بكفاءة عالية واستثنائية حولت المأزق الى فرصة لانقاذ الوطن عبر الدعوة الى نهج اقتصادي جديد، بعد ان اثبت النهج الاقتصادي المتبع منذ الاستقلال بانه السبب الاول في تدمير البلد، كما استطاع السيد بادارته للمعركة الى جعل المأزق اميركياً وتفتيش واشنطن عن حلول لازمة لبنان والتعامل بنمط جديد، وهذه الاستثنائية في ادارة الصراعات الكبرى تجسدت عبر التاريخ بماوتسي تونغ في الصين ولينين في الاتحاد السوفياتي وجياب وهوشي منه في فيتنام وكاسترو وغيفارا في كوبا وفي الشرق بالسيد حسن نصر الله الذي يرسم معادلات جديدة يواجهها الاميركيون لاول مرة في صراعهم التاريخي مع العرب. ولذلك فان الشرق العربي والاسلامي سينتقل كله من ضفة الى اخرى بفضل القيادة الحكيمة للسيد نصر الله في ادارة الصراع مع العدو الاسرائيلي، وقد قدمت الشعوب العربية بحوراً من الدماء والدموع في صراعها مع العدو الاسرائيلي واميركا ولم تصل كل هذه التضحيات الى مبتغاها وتحقيق الحلم العربي الكبير نتيجة مساومات وتسويات للقادة على دماء الشعوب ومتاجرتهم بالقضية الفلسطينية والانكى انهم شرعوا كل الابواب لاميركا تحت ستار فلسطين.

 وتجزم المصادر السياسية بان هذا المشهد تبدل كلياً مع حزب الله في ظل مواجهة مفتوحة ادت الى تبدلات جذرية عبر توجيه ضربات يومية «بوخزات الابر» انهكت واشنطن في العراق وسوريا وفلسطين واليمن ولبنان بالاضافة الى ادارة مفاوضات الصراع بجذرية وكفاءة عالية لم تسمح للاميركي بالخروج من مأزقه في المنطقة، وتوالت الانتصارات مع تراجع الاميركي الذي لجأ الى سياسة التجويع ودعمها بحملة اعلامية وبتطبيل وتزمير «بمجاعة» وما شابه، وسادت اجواء غير طبيعية مع لعبة «الدولار» وغلاء تجاوز كل السقوف، مع تسريبات عن ضرورة دفن الرؤوس في الرمال، وبالتالي سادت سياسات تدعو الى الواقعية و«الحياد» واستقالة الحكومة، و«تقديم التنازلات» ووحده حزب الله كان ينظر للامور بمنظار مختلف ويعرف اهداف الحملة وبات رأسه هو المطلوب، وتعامل معها بهدوء وثقة، وهذا ما دفعت بأحد الاعلاميين الى القول لزميل له بعد لقاء مسؤول في حزب الله «هؤلاء يعيشون في عالم اخر»، محاولاً معرفة اسباب الثقة والهدوء والارتياح في ممارساتهم وتحليلاتهم، وما المعلومات التي يملكونها وخلاصة ما استنتجه الاعلامي ان «الاميركيين وحزب الله» متفقان للمرة الاولى على الاستقرار رغم خلافهما وحربهما، وان الاميركيين يعرفون ان هز وضرب الاستقرار يعني سيطرة حزب الله على البلد وتاليا سوريا وايران وروسيا والصين، وهذا السيناريو لا يريده الاميركيون مطلقاً ولذلك عامل الوقت ليس لصالح اميركا مطلقاً وسيتنازلون في النهاية… ومن يراقب التطورات يدرك مدى التراجع الاميركي والموافقة قريباً على تجديد المعاهدة الكهربائية بين لبنان وسوريا وقبول الدعم العراقي نفطياً مع التحذير من التعامل مع ايران.

 وتضيف «المصادر السياسية» ان الاميركيين وتحديداً قائد القوات الوسطى الاميركية ماكينزي الذي يدير حالياً من مسقط الاتصالات غير المباشرة مع الايرانيين، والمباشرة مع السوريين والاكراد في شرق سوريا والذي يشرف على المصالحة الكردية وحضهم على الانفتاح على الدولة السورية وتقاسم النفط معها، سأل في بيروت عن الدور التركي وحجمه ومدى الدعم لبعض الاطراف اللبنانية، كما سأل عن مجموعات ارهابية في طرابلس والبقاع والحدود وطريق الجنوب وما يجري في الناعمة وبرجا ومن يقف وراء هذه التحركات مع معلومات اميركية عن وجود خلايا ارهابية وظهر للمسؤولين اللبنانيين ان هم الاستقرار هو الاول عند الاميركيين ويتقدم على كل الملفات، وهذا الامر سيدفع الاميركيين الى «قب الباط» الاقتصادي بعد خوفهم وقلقهم من فلتان الامور وتصدر حزب الله للمشهد الميداني على الارض، لكن ذلك وحسب المصادر السياسية لا يعني خروج الاميركيين وترك البلد بل سيعمدون الى اساليب جديدة.

 وتؤكد المصادر السياسية ان تراجع او تعديل التوجه الاميركي يعود الى حكمة السيد نصر الله في ادارة الصراع، وواجه الضغط الاميركي بهدوء وبخطة عمل جديدة كشفت مكامن الضعف الاميركي عبر التوجه شرقاً وقدرة حزب الله على تحقيق هذه المعادلة وطرح خطة اقتصادية مغايرة للسياسات التي دمرت البلد والتوجه شرقاً. وهذا ما اثار جنون الاميركيين لانهم وحدهم يدركون مخاطر دخول الصين الى لبنان، وهذا الطرح لسيد المقاومة سيدفع بالأميركي الى الانكفاء عاجلاً ام اجلاً، فدخول الصين الى لبنان يعني اكبر صفعة لواشنطن منذ وصول ترامب الى الحكم، ولذلك نجح السيد نصر الله في التخفيف من حدة الازمة وتصحيح مسار الامور بالحد الادنى كون الخلافات السياسية والحرتقات تشكل المعطل الاول للدولة فيما الضغوط الاميركية تأتي ثانياً لكن الاميركيين فهموا ان عصراً جديداً في لبنان قد بدأ ولن يتبدل مهما كان حجم الضغوط.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى