مقالات مختارة

هل يتجرع سنة لبنان الكأس المرة بخلاف “الأخوين”؟؟! محمد شمس الدين

لم يعد خافيا الخلاف الحاد بين “الشقيقين الحريريين” بهاء الدين, وسعد الدين. ذلك أن محطات عديدة تظهَر فيها هذا الخلاف بصورة “عدوانية” على الأقل من جانب جمهوريهما على الأرض في اكثر من محطة مواجهة لا سيما في الأشهر القليلة الماضية وفي ظل حراك 17 تشرين الذي انهار معه النظام المالي والمصرفي، إلى تدهور الوضع الإقتصادي والمعيشي للناس بشكل فادح و”فاضح“.

 

لا شك أن بهاء الحريري مصر على حجز مساحة خاصة به على الساحة السنية في لبنان. وطبيعي أن يكون هذا الإصرار مرتكزاً في مكان ما على قراءة سياسية لدى دوائر القرار المعنية بالشأن اللبناني، لا سيما في واشنطن والرياض، حتى يتجرأ الرجل على خوض ما يخوضه من دون ان يصده أحد، خصوصاً وأن محاولاته تصل الى حدود المس بالوضع الأمني الذي سرعان ما يهتز عند أقل احتكاك يحصل في الشارع بين مناصري “الحريرين“.

شهدت بيروت وبعض المناطق ذات أغلبية معينة الكثير من المواقف التي تعبر عن مشاحنات واشتباكات حال دون تطورها عدم وجود السلاح في أيدي المشتبكين، إلا أنها عبّرت عن غضب عارم ناتج عن عدم رضى “تيار المستقبل” وبعض أعضائه عن الأداء الذي مورس خلال الفترة الماضية، وهو ما بنى عليه بهاء، ومن خلال معلومات وتقييمات قدمتها له “قيادات مستقبلية وسنية عامة”، وإن كان معظمها ينشد الإستفادة المالية في لحظة أبدى فيها “الطامح” استعدادا للبذل في سبيل “قضيته“.

لبهاء علاقات كما لسعد في السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وهي لا تقل أهمية عن ما يملكه رئيس الحكومة السابق، ليسمع ويناقش امكانية أن يتصدر المشهد لا سيما إذا قدم عرضاً لأداء بديل طالما طلب من سعد تأديته في مواجهة العديد من الملفات ومنها ما هو فائق الحساسية، لكن الأخير كان يرفض انسجاماً مع ما يقال عنه “خصوصية لبنان ودرءاً للفتنة”. في حين أن بهاء غمز مراراً من قناة قدرته على مواجهة ما خاف أخوه من مواجهته وتحديدا ملف حزب الله ومقاومته وسلاحه, ناهيك عن تطلعه الدائم لشد العصب السني و”إخراج الطائفة” من موقع الضعيف المهزوم الى حيز انتزاع الحقوق ولو “بالقوة”، وهذا المنطق نفسه الذي استخدمه ولي العهد السعودي في المملكة وطالب رئيس الحكومة اللبنانية السابق بتنفيذه في لبنان وعاقبه على عدمه في حادثة اعتقاله الشهيرة كما اشيع، لكن تبقى حقيقة هذا الإعتقال في مكان آخر.

في ظل الوضع القائم بين الشقيقين المتمتعين بالتوجيه اللازم من الخارج بما يتوافق مع مصالح هذا الخارج، لا بد من طرح السؤال عما إذا كان من الممكن أن تفلت الأمور من عقالها وتدفع الطائفة السنية الكريمة الى تجرع كأس الإقتتال الداخلي المرَة في لحظة ما، لتتساوى بذلك مع بقية الطوائف التي شربت من  الكأس نفسها في أوقات سابقة وكانت نتيجتها ما هو موجود اليوم من قوى ومناطق نفوذ “ثنائية”، الأمر الذي سيغيَر المشهد السياسي الحالي مع كل المخاطر التي يحملها هذا الخيار على صعيد لبنان برمته وفي ظل وضع إقليمي متفجر قابل للتصعيد.

تشير المعلومات المتداولة الى أن افطارات رمضانية أقامها حزب “المستقبل” لكوادره وعناصره في بعض أحياء العاصمة بيروت ناقشت “بلهجة تعبوية وصوت عال وحماس شديد” ضرورة الإستعداد حتى عسكريا لضرب كل ما أسموه “زحف بهاء من عدة مناطق في البقاع والشمال الى بيروت” “والدفاع عن زعيم الأمة” سعد. المعلومات ذكرت ايضا أن بعض “الزواريب” البيروتية تشتمل على عدد كبير من المسلحين المدربين جيدا والمتحمسين لخوض المواجهة.

اللبنانيون جميعاً يذكرون أن القوى المشكِلة حاليا للمنظومة السياسية في لبنان خاضت كلها هذه التجربة القاسية والمرة وهي بحكمتها تجهد لعدم تكرارها، في حين أنه لا شيء يمنع من خوضها لمن لم يخضها سابقاً، لا سيما وأن مشروع إعادة تشكيل لبنان ما زال في مهده على ما يبدو.. لا بد من الحذر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى