مقالات مختارة

العرب قوة إضافية لإسناد الكيان الإسرائيلي!: د. وفيق إبراهيم

هذا الاتهام ليس مصوباً نحو الشعوب ولا يستهدف إلا مجموعة دول خليجية تحاول التعويض عما خسره الكيان المحتل بسبب التراجع الأميركي الكبير في الشرق الاوسط.

 

هناك بالطبع أسباب أخرى لها صلة بنيوية بالصعود العمودي لقوى المقاومة في المنطقة، خصوصاً حزب الله المجابه الاساسي والحصري لها منذ أكثر من اربعة عقود.

السؤال الاول هو لماذا تأخذ السعودية والإمارات هذه المهمة المكشوفة التي يترتب على عدم نجاحها، تدهور اساسي في النظامين السياسيين لآل سعود وآل زايد.

تعتقد هاتان الأسرتان ان تقهقر الدور الأميركي الذي خسر في سورية قلب الشرق، ما استتبع تراجعات ملموسة في اليمن والعراق ولبنان، هذا بالإضافة الى غزة «شوكة» فلسطين المصوبة على غير العدو.

انما لا يمكن في هذا المضمار نسيان الدور الإيراني الكبير الصامد منذ اربعين عاماً في وجه أعتى حصار اقتصادي تتعرض له دولة في العالم.

لجهة الجانب الآخر، الذي فاقم من الانهيار السعودي الاماراتي، فله ارتباط بنيوي بالعجز الأميركي المتعدد الاسباب، عن الرد على قصف بواخر وناقلات في بحري الخليج والأحمر، اما المأساة الكبرى قصف جيش صنعاء وأنصار الله اليمنيين مصافي سعودية نفطية بينها اكبر مصفاة يعتمد عليها الاقتصاد الغربي وهي أرامكو ذات القدرة الكبرى، بالاضافة الى قصف سابق لخطوط نفطية من وسط السعودية الى ساحلي الخليج والبحر الاحمر.

فأصيب آل سعود وآل زايد بإحباط لتمنع الأميركيين عن أي ردّ على إيران التي أسقطت في وقت سابق مسيَّرة أميركية حديثة فوق ساحلها البحري ولم ينبس الأميركيون إلا بشكر للجيش الإيراني بعدم إسقاطه طائرة عسكرية أميركية كانت تنقل عشرات الجنود.

امام هذا المشهد السيريالي المستند الى تهديدات أميركية بتدمير ايران لا تزال تتصاعد من دون ادنى انواع الرد.

وجدت انظمة الخليج نفسها مدفوعة للبحث عن بديل مقبول يساند استراتيجياً وعسكرياً.

فاستبعدت تركيا لأنها المنافسة الاساسية على زعامة العالم الاسلامي، ولم تتجرأ على استدعاء القوة الروسية الصاعدة خشية غضب أميركي بوسعه احلال من يشاء من الأمراء الجدد في مناصب المحمدين: بن سلمان وبن زايد.

ولان مصر والأردن ضعيفتان لا تقويان على دعم فعلي للخليج باستثناء الخطابات والمؤتمر والصور الفوركلورية ومهاجمة ايران، لذلك لم يبقَ امام هذه الدول المضيفة إلا الكيان الإسرائيلي الذي يُلبي الكثير من تطلعاتها.

اولاً فهي قوة تحتل قسماً عزيزاً من الشرق العربي، ولها حدود مع بحري الأحمر المتوسط. وتتمتع بقوة عسكرية وازنة في المنطقة.

اما الأهم فإن الاستعانة الخليجية بـ»إسرائيل» لا تُثير غضب الأميركيين، وتؤسس في الوقت نفسه لحلف عربي إسرائيلي يزوّد الحصار الأميركي على إيران شحنات جديدة من العداء والكراهية، دافعاً الى استمرار العدوان الخليجي على اليمن.

كيف يَتمُ هذا السيناريو؟

مواصلة استعداء ايران بشحنات عداء إعلامية تشمل مصر والاردن والخليج وجانب من محطات عراقية ولبنانية وأردنية وإعلام القسم الجنوبي من اليمن ومعظم دول المغرب العربي الكبير وأفريقيا والاعلام الاوروبي والأميركي. هذا ما نراه فعلياً على شاشات اعلام كوني يروج لمقولة ايران الارهابية التي تعمل على انتاج قنابل نووية لقصف العرب والعالم بأسره.

على مستوى التقارب، فهناك اربع دول خليجية قالت إسرائيل إنها بصدد اقامة علاقات دبلوماسية معها وبناء حلف عسكري لما زعمت أنه دفاع عن المنطقة، وهي السعودية والإمارات وعمُان والبحرين، أما قطر فعلاقاتها تحالفية مع الكيان المحتل، فهل تصمد الكويت وحيدة في رفض أي علاقة مع الكيان المحتل؟

هناك اذاً تحالف عسكري مرتقب ينبثق من تحالف سياسي معادٍ لإيران، لكنه يشمل ايضاً بهذه العدائية اليمن والعراق وسورية وحزب الله في لبنان وغزة كتأكيد على شمول المشروع الخليجي الإسرائيلي لتدمير القضية الفلسطينية وإنهائها. فتصبح الدول العربية التي لها علاقات كاملة مع العدو أو تفتح له مكاتب دبلوماسية على اراضيها، هي المغرب ومصر وقطر والاردن والسلطة الفلسطينية والسعودية والامارات والبحرين وعمان مع اتجاهات تطبيعية لبعض التيارات السياسية في العراق ولبنان والمعارضات السورية المشبوهة.

فيظهر أن سورية تنفرد بين الدول العربية برفض الكيان المحتل ومعها حزب الله على المستوى العربي وإيران في الشرق الأوسط، وهل يمكن نسيان «غزة الشموس»؟

هناك اذاً رفض كبير للكيان المحتل، لكن هناك أيضاً مجموعة كبيرة من دول عربية تتحشد في إطار حلف يعمل على إسناد «إسرائيل» للاستفادة من قوتها العسكرية للاحتماء بها، انما مِن مَن؟ فإيران لم تهاجم بلداً عربياً منذ الفتوحات الإسلامية قبل اثني عشر قرناً.

ولم تفعل إلا التصدي لحرب شنها عليها الرئيس العراقي في 1980 بتغطية أميركية سعودية.

كما أن حزب الله يحصر جهاده في خطرين هما إسرائيل والإرهاب، كذلك فإن العراق ينوء بحروب أميركية وإرهابية تجعله يلغي أحلامه الخليجية والإقليمية والعربية.

وهذا يؤدي الى التشديد في البحث عن إجابات منطقية لأسباب مسارعة الخليج لبناء حلف مع «إسرائيل»؟

يتضح بسرعة ان هذا الحلف هو مشروع أميركي بديل بملابس جديدة، يريد الاستمرار في تطويق سورية وإنهاء غزة وتقسيم العراق واليمن، معتمداً على إثارة رعب الخليج من اعداء مفترضين هم اليمن والعراق وسورية وايران، وربما زنجبار اذا اراد الأميركيون توسيع دائرة الترويع؟بالمقابل إن خروج العراق ولبنان من دائرة الاضطراب الداخلي، جدير بتعزيز الحلف مع إيران وسورية بما يشكل عائقاً نوعياً قد يردع المغامرين المتهورين في الخليج، او يعمل على هزيمتهم في الميدان كما فعل مع الأميركيين والإرهاب و»إسرائيل» في جنوب لبنان.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى