مقالات مختارة

تلويث الليطاني: حكم قضائي يكرس مفهوم “الجريمة المائية”: آمال خليل

 

في حكم هو الأول من نوعه، كرّس القاضي المنفرد الجزائي في زحلة مفهوم «الجريمة المائية» عبر إلزام مدعى عليه، بجرم تلويث الليطاني،a بتنظيف قسم من مجرى النهر وزرع شجر على ضفتيه

باسم الشعب اللبناني، أصدر القاضي المنفرد الجزائي في زحلة محمد شرف، أمس، حكماً بحق ع. ب.، وهو صاحب مسلخ دجاج في رياق (قضاء زحلة،) بتهمة تلويث الليطاني بالنفايات الصلبة، وبصرف صناعي قدرت كميته بما يراوح بين 8 آلاف و10 آلاف ليتر يومياً من دون معالجة.

«لا يمكن الوصول إلى حياة مستقرة وسليمة بيئياً إلا بوقف مصادر التلوث». بهذه العبارة، علّل القاضي شرف حكمه، وجرّم المدّعى عليه بمواد وردت في قوانين المياه وحماية البيئة والمحافظة على البيئة ضد التلوث من النفايات الضارة والمواد الخطرة. وقضى الحكم بإنزال العقوبة الأشد وحبس المدعى عليه لمدة سنة وتغريمه 15 مليون ليرة. لكن العقوبة الأهم «إلزامه بتنظيف مجرى النهر بطول 600 متر، تبدأ من النقطة الموازية للمسلخ، على أن يزرع على ضفتي النهر في المنطقة المحددة 300 غرسة من اشجار الصنوبر». وقرر شرف «إبقاء الأعمال متوقفة في المنشأة حتى إجراء التصليحات الآيلة إلى إزالة المخالفة ومعالجة التلوث». وألزم المتهم بدفع عشرة ملايين ليرة لمصلحة الليطاني بدل عطل وضرر. أما بالنسبة إلى الحبس لسنة، فقد قرر القاضي وقف تنفيذ العقوبة، شرط أن ينفّذ بقية الأحكام في غضون ثلاثة أشهر.

رئيس المصلحة سامي علوية، قال لـ «الأخبار» إن شرف «كرّس مفهوم الجريمة المائية. إذ لم تعد الموارد المائية مكاناً ميسوراً لرمي النفايات الصلبة والسائلة. كذلك كرّس مفهوم العدالة البيئية، لأن الاعتداء عليها لم يعد مخالفة يستسهل الحق العام المصالحة بشأنها». ونوّه بما تضمّنه الحكم من «إعادة الاعتبار إلى مفهوم إعادة الحال إلى ما كان عليه من خلال إلزام المدعى عليه بتنظيف الجزء الذي سبّب تلويثه من المجرى وغرس الشجر على ضفتيه».

الحكم جاء في ختام محاكمة المتهم بناءً على ادعاء النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، المستند إلى إخبار قدمته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في آب الماضي، ضد مؤسسات صناعية في البقاع بتهمة تلويث الحوض الأعلى.

في النهر الذي يبعد عن المسلخ (المرخص) أقل من 30 متراً، عاينت مفرزة زحلة القضائية وموفدون عن وزارات الصناعة والصحة والبيئة والمصلحة في أيلول الماضي كيف تصرف النفايات الصلبة والسائلة الناتجة من المسلخ. وتبيّن، بحسب التحقيقات، أن «المياه العادمة تذهب إلى قسطل الصرف الصحي الذي يصبّ الدماء والبقايا الحيوانية مباشرة في النهر». وخلال استجوابه في المحكمة، أقرّ المتهم بأنه لا يعالج النفايات الناتجة قبل تصريفها في النهر، برغم أن لديه محطة تكرير «لأنها بدائية ولا تعمل»، جازماً بأنه «لم يكن بإمكاني تصريف المياه إلا في مجاري الصرف الصحي».

   إلزام المدّعى عليه بتنظيف 600 متر من مجرى النهر وزرع شجر على ضفتيه

المتهم كان قد تعهد بإنشاء محطة تكرير، وطلب منحه ثلاثة أشهر لتركيبها. وعليه، أعطته النيابة العامة الاستئنافية مهلة أسبوع لتصريف البضاعة الموجودة مع تعهده بعدم ذبح الدجاج وسلخه وتقطيعه أو العمل في المعمل قبل تركيب محطة تكرير صالحة. لكنه، وفق مجريات المحاكمة، «لم يلتزم تعهداته، وبقيت وتيرة العمل في المسلخ على حالها»، ما دفع النيابة إلى الادعاء عليه في 19 أيلول الماضي، قبل أن تتخذ المصلحة صفة الادعاء الشخصي بحقه في 7 تشرين الثاني الماضي.

إشارة إلى أن القاضي المنفرد الجزائي في زحلة يتابع جلسات محاكمة أصحاب 73 مؤسسة صناعية في البقاعين الأوسط والغربي بتهمة تلويث الليطاني. أما في بعلبك – الهرمل، فقد ادعى النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات على تسع مؤسسات صناعية، وأحالها على القاضي المنفرد الجزائي في بعلبك. وينتظر أن تبادر المصلحة الاثنين المقبل إلى اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بحق المؤسسات التسع، إلى حين تحديد مواعيد جلسات محاكماتها.

(الاخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى