الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

تحدثت الصحف الأمريكية الصادرة اليوم عن الأهداف والمكاسب التي حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن يجنيها من وراء توظيف حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مؤكدة أنه ناور على محورين، أحدهما النيل من مكانة ولي العهد السعودي، والثاني محاولة التقرّب من ترامب لتقديم بلاده كحليف لأمريكا في الشرق الأوسط بدل الرياض .

وقالت نيويورك تايمز إن الرئيس ترامب عطل بموقفه الواضح والحازم من العلاقة مع السعودية، ما سعى أردوغان لتحقيقه على مدار أسابيع من التسريبات الإعلامية بتتابع مخابراتي، والتي كان الهدف منها النيل من مكانة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأخذ مكان السعودية في التحالف مع الولايات المتحدة بالشرق الأوسط. وأشارت إلى أن أردوغان لم يحصّل كلّ ما كان يأمل به، لكن موقفه تحسن، خصوصًا أن خطته كانت تقوم على هدفين: الضغط على السعودية للنيل من مكانة ولي عهدها، والضغط على ترامب، وهو ما حصد جزءًا منه.

علق ناشر صحيفة واشنطن بوست على بيان ترامب المثير للجدل بشأن قضية خاشقجي بأنه كان رسالة واضحة وخطيرة للطغاة في جميع أنحاء العالم، وهي “أغدقوا بالمال على رئيس الولايات المتحدة ويمكنكم الإفلات حرفيا من أي جريمة قتل“.

ووصف فرد ريان البيان بأنه شاذ وخاطئ ومشوش وأنه برأ الحكومة السعودية من القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي وفي نفس الوقت قذف رجلا طيبا وبريئا عندما وصف خاشقجي بأنه “عدو الدولة” ذاك الوصم الذي لم يستخدمه السعوديون أنفسهم علنا، في الوقت الذي أعلن فيه للعالم أن علاقة ترامب بولي العهد السعودي الشاب أهم من المجازفة بها بسبب مقتل صحفي.

وذكر الكاتب أن مقتل خاشقجي بالنسبة لكثيرين في صحيفة واشنطن بوست هو أمر شخصي لأنه كان زميلا يحظى باحترام كبير وفقدانه أثر فيهم، ولكنهم واعون أيضا لمهمتهم لخدمة الجماهير، وهي أنه عندما يتخلى المسؤولون في واشنطن عن المبادئ التي انتخبهم الشعب للتمسك بها فإن من واجبهم الاستمرار في بذل كل ما في وسعهم لكشف الحقيقة بطرح أسئلة صعبة وتقصي الحقائق بلا هوادة لتسليط الضوء على الأدلة الحاسمة.

وفند ريان ما ظل ترامب يؤكده طوال هذه الأزمة بأنه يهتم بـ “مصالحنا الوطنية” وقال إن رد فعله لا يعزز مصالح الولايات المتحدة بل يخونها وأنه يقدم قيم الدولار للصفقات التجارية على القيم الأميركية الغالية من احترام الحرية وحقوق الإنسان ويقدم العلاقات الشخصية على العلاقات الإستراتيجية.

وأشار الكاتب إلى أن الشراكة الأميركية السعودية لأكثر من 60 عاما كانت مهمة لأنها كانت تقوم على أساس الثقة والاحترام، ولكن يبدو أن ترامب قرر أن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى الصدق والقيم المشتركة من شركائها.

ومع أن الأمن -كما أشار ترامب في بيانه- مصلحة أميركية مهمة، فإن الولايات المتحدة لا تجعل العالم أكثر أمنا من خلال وضع معيار مزدوج للدبلوماسية تتخلى بموجبه عن قيمها لمن يعرض شراء ما يكفي من أسلحتها، وهي لا تجعل العالم أكثر أمنا بالتخلي عن التزامها بالحريات الأساسية وحقوق الإنسان.

وأردف الكاتب بأنه تحت حكم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اقترفت المملكة فظائع إذا ارتكبتها دول أخرى فستنال نصيبها من التوبيخ القوي من الولايات المتحدة. وأضاف أن الإخفاق في المطالبة بالمساءلة عن هذه الجرائم لا يجعل أميركا أكثر أمنا، والمجتمعات المستقرة والمسالمة التي يحكمها قادة يحترمون حقوق شعوبهم تحتاج إلى صحفيين يستطيعون فضح المخالفات ومحاسبة الأقوياء.

وذكر أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) توصلت بثقة كبيرة إلى أن قتل خاشقجي تم بتوجيه من ولي العهد السعودي، واستطرد الكاتب بأنه إذا كان هناك سبب لتجاهل نتائج سي آي أي فينبغي علي الرئيس إبراز هذا الدليل فورا. وإلا فإنه في غياب هذا الدليل وبالنظر إلى هذا الفشل في القيادة من جانب ترامب فإن المسؤولية الآن تقع على عاتق الكونغرس لوضع “أميركا أولا” من خلال الدفاع عن قيمها المقدسة ومصالحها الدائمة ويجب أن يطالب بأكثر من مجرد التضحية بكبش فداء والتأنيبات الخفيفة.

وبدلا من ذلك -يقول ريان- يجب على الكونغرس أن يستخدم سلطات التحقيق والاستدعاء الخاصة به للضغط من أجل تحقيق مستقل وشامل بغض النظر عن المكان الذي تقود إليه، كما يجب أن يستخدم صلاحيته في الإشراف على الإنفاق وسلطته في تنظيم التجارة الخارجية لفرض عقوبات فعالة على قتلة خاشقجي وتعليق بيع الأسلحة الأميركية للسعوديين.

وأشاد الكاتب في الختام بأن الأميركيين يمكنهم أيضا أن يشعروا بالامتنان لأن لديهم صحافة نابضة بالحياة يحميها التعديل الأول للدستور وتسعى بلا هوادة إلى محاسبة الأقوياء، ويمكنهم الوثوق بأنها ستلتزم بهذه المهمة في حالة خاشقجي، وهذا السعي من أجل الحقيقة والعدالة هو ما يستحقه رجل برئ قتل بوحشية وهو ما تطلبه القيم الحقيقية لأميركا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى