مقالات مختارة

من طار: الحكومة أم المطار؟! بقلم: ابراهيم عوض

من المعروف أن الكاميرا تلتقط صورا معينة وفقا لرغبة المصور وغايته منها. وكثيرا ما كانت الصورة الواحدة تغني عن مقالة أو تقرير. إذ تضحي خير معبر عن الواقع أو الحدث الذي يُراد تغطيته واعلام الجمهور به

.

أنا لست من هواة التصوير. لكنني أقدّر عمل المصورين وجهدهم وتعبهم. وهم باتوا يحملون معدات ثقيلة للقيام بمهمتهم، خصوصا مصوري التلفزيون. لكن- للأسف – ما فتئ إناس كثر لا يعيرونهم اهتماما ولا يعاملونهم باحترام. ولا أبالغ اذا قلت بأن هذا السلوك البشع ينسحب على بعض أهل الاعلام والفكر الذين لطالما رأيتهم يتذمرون من كثرة المصورين ويتعاطون معهم باستعلاء.

مقدمتي هذه ليست بيت القصيد. فما أود عرضه مشهدين أو حدثين التقطهما قلمي في عملية رصد لـ “أحداث الساعة” وكانت هذه المرة سياسية وأمنية. وسأسعى جاهدا لاظهارهما على الورق مع الاقرار بأنني مهما برعت وأجدت في الوصف، لا يمكن أن أجاري صورة جسدت المطلوب في لحظة تخفق معها عشرات الأسطر في تقديمه كما ينبغي ولا بأس أن أستعير هنا بالمثل الشعبي المعروف القائل “الحكي ما متل الشوف“.

لقطتي الاولى تركزت على ما آلت اليه عملية تشكيل الحكومة، التي مضى على اناطة الرئيس سعد الحريري بمهمة تأليفها أكثر من أربعة أشهر من دون أن يوفق حتى الساعة.

قيل أن المشكلة في توزيع الحصص. وأجمع كثيرون على أن العقدة الأبرز مسيحية بالتحديد متمثلة بنزاع قائم بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. تأتي بعدها العقدة الدرزية، حيث يتمسك رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط بحصوله على المقاعد الدرزية الثلاثة لأبناء الطائفة الكريمة في الحكومة الثلاثينية، فيما يرفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رغبة جنبلاط خوفا من أن يلجأ الأخير، في احدى المحطات، الى دفع “فرسانه الثلاثة” للانسحاب أو الاستقالة ما يعني فقدان الحكومة للميثاقية بغياب مكون أساس فيها. ومن هنا يأتي اصراره وعزمه على منح جنبلاط حقيبتين فقط على أن تعطى الثالثة لغريمه رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان.

واذا كانت هاتان العقدتان الأكثر تداولا في الأوساط السياسية وفي وسائل الاعلام، فان الرئيس الحريري تحدث صراحة عن عقدة ثالثة تتعلق ب “المردة” هذه المرة الذين يصرون على ابقاء حقيبة وزارة الأشغال، التي يتولاها حاليا الوزير يوسف فينيانوس بيدهم، الأمر الذي يعارضه “التيار الوطني الحر” بشدة.

والى العقد الثلاث السابقة الذكر تبرز أيضا عقدة رابعة عنوانها “المعارضة السنية” التي يطالب نوابها، غير المحسوبين بالتأكيد على “تيار المستقبل”، بمقعدين من منطلق أنهم يمثلون حوالي 30 % من أبناء الطائفة كما قال بالحرف النواب فيصل كرامي وعبد الرحيم مراد وعدنان طرابلسي.

هذا في الظاهر البادي على السطح. أما ما في الخفاء فان العقدة “الأم” من وجهة نظري تكمن في خلاف “مستتر” بين الرئيسين عون والحريري يحرص كل منهما على عدم البوح به والايحاء بأن العلاقة صلبة بينهما، فيما الوقائع والمواقف الصادرة عن الرجلين لا توحي بذلك. نذكر الجديد منها إذ اقترح الرئيس عون، من على متن طائرة العودة الى بيروت قادما من نيويورك، بتشكيل حكومة أكثرية. وهذا ما يعارضه الحريري كليا من دون أن يغفل كما حال رئيس الجمهورية عن التنويه بـ “التسوية” المسماة رئاسية.

* اللقطة الثانية التي أود التوقف عندها ، ما جرى ويجري في “مطار رفيق الحريري الدولي”. إذ لا يعقل أن يتعرض المطار المذكور الى ثلاث هزات من العيار الثقيل في ظرف أقل من شهر.

فبعد تعطل أجهزة الكومبيوتر الخاصة بتذاكر الركاب وآلات تفتيش الحقائب وغيرها من الأمتعة، ناهيك عن توقف المكيفات عن العمل، وحالة الهرج والمرج التي سادت داخل المطار وخارجه نتيجة “تكدس” أعداد المسافرين الذين تعذرت عليهم المغادرة والسفر، بعد أن شُلت حركة الاقلاع والهبوط. واستلزم الأمر ما يقارب الثماني والأربعين ساعة لاعادة الوضع الى طبيعته، تأتي قصة الطائرتين الرئاسيتين لتزيد الطين بلة من دون أن تتكشف حقيقة ما حصل حتى الساعة، حيث ما زال التحقيق جاريا لمعرفة على من يقع اللوم. على الحرس الجمهوري أم على القيمين على شركة “طيران الشرق الأوسط”؟!. ومن الذي تسبب بتأخير اقلاع الطائرة المتجهة الى القاهرة لأكثر من سبع ساعات وقع خلالها الركاب أسرى “الانتظار المميت“.

وكأنه لم تكفِ المطار، الذي لطالما أشدنا به، هاتين الخضتين اللتين شوهتا صورته بعض الشيئ. ها هو يتعرض لـ”ضربة” ثالثة، موجعة هي الأخرى، على يد جهازين أمنيين ينضويان تحت أمرة وزير الداخلية والبلديات الزميل نهاد المشنوق ويشكلان مع جهازين أخريين ما بات متعارفا عليه باسم “جهاز أمن المطار”. فعلى مرأى من المسافرين “السيئي الحظ” الذين انتظروا لساعات أيضا احتدم الصراع بين الجهازين، وكاد الأمر أن يصل حد استخدام السلاح لولا مسارعة الوزير المشنوق الى معالجة الموضوع بعد أن توجه الى حيث “حلبة الصراع” و “ضبضب” القضية وقام بالاعتذار من المسافرين..

ما حصل قد حصل.. نعم.. وقد بات معلوما من الجميع. ولكن أحدا لم يجب عن السؤال المطروح على ألسن الناس والمتداول في كل مكان: “هل هي الصدفة وراء ما شهده مطار رفيق الحريري الدولي؟!.” أم أن المسألة أبعد من ذلك بكثير خصوصا، اذا ما أصغينا الى أصوات يتحدث أصحابها عن “مؤامرة” كبرى تستهدف العهد وسيد. تستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة بما في ذلك المطار وغيره؟!..

اخيرا والى ما سبق لابد أن أضيف المستجد. وهو على جانب كبير من الخطورة. وأعني ادعاء رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإخفاء “حزب الله” صواريخ له بجانب المطار. أهي مصادفة أن يتزامن هذا الحديث مع ما شهده المطار من أحداث غريبة عجيبة؟. نأمل ألا يكون كذلك..

موقع الانتشار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى