“بيان وزاري دولي” لحكومة لبنانية مؤجلة: داود رمال
قبل أن يُكلف سعد الحريري بتأليف الحكومة، وقبل أن تُنجز التشكيلة الحكومية، وقبل أن تُؤلف اللجنة الوزارية التي تتولى صياغة البيان الوزاري عادة، قبل كل ذلك وغيره، تُحاول بعض «الدول» ممثلة بقناصلها، ممارسة وصاية دولية بإملاء مسبق لعناوين البيان الوزاري للحكومة العتيدة
مع إستئناف الرئيس المكلف سعد الحريري مشاوراته الحكومية، إرتفع منسوب الحث الرئاسي للإسراع في إنضاج المولود الحكومي وعدم انتظار وقت إضافي جديد، لما في ذلك من خطر حقيقي على الوضع الاقتصادي والمالي.
وعلى رغم أن لا مهلة محددة أو ملزمة في الدستور للتأليف، «إلا أن عجلة المؤسسات الدستورية خصوصاً بعد انتخاب مجلس نيابي جديد كان يفترض أن تكون منتجة واستثائية على مستوى التشريع والتنفيذ واتخاذ القرارات، بدل المراوحة المستمرة منذ شهر والتي تأكل يومياً من رصيد العهد»، على حد تعبير مصدر معني.
لذلك، فإن اللقاء المرتقب، مساء اليوم، في بعبدا، بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف، سيشكل محطة أساسية لتقييم الموقف الحكومي في ضوء أول مسودة للحكومة الثلاثينية سيسلمها إلى العماد عون الذي سيشدد مجدداً على وجوب تشكيل الحكومة العتيدة بالسرعة اللازمة.
ولن يتوانى رئيس الجمهورية في وضع الرئيس المكلف في صورة الانعكاسات السلبية لتأخير تشكيل الحكومة، خصوصا على الوضع الاقتصادي، فضلاً عن استشعاره مناخات تشنج كتلك التي سادت قبيل إجراء الانتخابات النيابية، «وبالتالي من المهم جداً الاستثمار على نتائج الانتخابات في وضع مسودة الحكومة العتيدة ليصار إلى تكثيف التفاوض والتشاور تمهيداً لإصدار المراسيم وبدء العمل الحكومي وفق خريطة طريق لبنانية 100 في المئة».
وإذا كانت الرئاسة الأولى ليست في وارد الإنصات لإشارات ونصائح تستبطن إملاءات خارجية معينة، غير أن تأخير التشكيل بالتوازي مع مؤتمرات الدعم للبنان (روما وباريس وبروكسيل) وما صدر عنها من توصيات، تجعل الدول المعنية تتسلل من خلال توصيات هذه المنتديات «لممارسة تدخل ما، يُخشى أن ينعكس مزيداً من التعقيد في المشهد السياسي الداخلي».
وفي هذا الإطار، يكشف مصدر رسمي لـ«الأخبار» أنه تحت لافتة «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان»، تحرك سفراء هذه المجموعة باتجاه مراجع ومواقع رسمية في الآونة الأخيرة، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، واضعين سقفاً «هو في الحقيقة عبارة عن بيان وزاري دولي لحكومة سعد الحريري اللبنانية المنتظرة».
«مجموعة الدعم» تقدمت بمذكرة إلى عون ضمنتها ما يفترض أن تتبناه الحكومة العتيدة من «مبادئ»
ما الذي طرحه سفراء «مجموعة الدعم» في مذكرة سلمت إلى دوائر القصر الجمهوري تتضمن تصورهم لما يفترض أن تتبناه الحكومة العتيدة من «مبادئ» يرون ضرورة «للمحافظة عليها»؟
يكشف المصدر نفسه أن سفراء «مجموعة الدعم» وعلى رأسهم سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد «شددوا على ضرورة التقيد بالقرارات الدولية لا سيما القرار 1559 والقرار 1701 والخطة الاقتصادية المتكاملة ببنودها الإصلاحية وسيادة سلاح الشرعية»، أي النقاط التي جرى تضمينها مقررات وتوصيات مؤتمر الدعم للبنان، وتمنوا أن يتضمن البيان الوزاري خريطة طريق من أبرز عناوينها، الآتي:
تعزيز المؤسسات الرسمية اللبنانية.
التجاوب مع التوصيات التي صدرت عن المؤتمرات الدولية.
الالتزام باتفاق الطائف.
إطلاق مؤتمر الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية من جديد.
دعم قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (قوات اليونيفيل المعززة).
تحريك ما سبق ووعد به الرئيس ميشال عون لجهة بحث الاستراتيجية الدفاعية بما ينسجم مع قرارات مجلس الأمن (وخصوصاً القرارين 1559 و1701) وصولاً إلى جعل الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الرسمية القوة الشرعية الوحيدة التي تبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية.
احترام قرار النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية.
تطبيق رؤية اقتصادية تأخذ بالتزامات لبنان في مؤتمر سيدر (باريس 4).
التشديد على أهمية استمرار الشراكة مع المجتمع الدولي.
الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والبيئية والاقتصادية.
التمسك بما سبق وتوافقت عليه لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني لجهة الالتزام بالرؤية اللبنانية الموحدة للجوء الفلسطيني في لبنان.
الالتزام برؤية المجتمع الدولي إزاء مسألة النازحين السوريين.
وحول النقطة الأخيرة، أوضح المصدر أن جميع سفراء «مجموعة الدعم» أكدوا الالتزام بعودة النازحين السوريين، ولكن من دون وجود إجابة صريحة على الهواجس اللبنانية لجهة تحديد المجتمع الدولي متى وكيف يعود هؤلاء إلى ديارهم.
أما ما لفت في اجتماع سفراء «مجموعة الدعم الدولية» مع رئيس الجمهورية، فهو رفض السفيرة الأميركية ومعها السفير الألماني مارتن هوت اتهام لبنان للمجتمع الدولي بالتحريض على إبقاء النازحين السوريين في لبنان، الأمر الذي قوبل بإعادة التأكيد على الموقف الرسمي اللبناني «الرافض لأي محاولة من شأنها تكريس بقاء النازحين في لبنان، ومن أن عدم وجود خطة دولية واضحة لإعادتهم إلى المناطق الآمنة في سوريا يعرض لبنان لمزيد من الأخطار التي ليست وقفاً على لبنان إنما تطاول الخارج نتيجة تسرب النازحين باتجاه أوروبا ودول أخرى في ظل عدم قدرة لبنان على استيعاب متطلبات إيوائهم».
(الاخبار)