مقالات مختارة

مقامرة فلسطينية فاشلة: زلمان شوفال

 

دونالد ترامب هو سياسي من نوع نادر جدا والذي خلافا لسابقيه يتوعد ويفي بوعوده. في نهاية الأسبوع أعلن أن السفارة الإسرائيلية سوف تعلن في القدس في شهر أيار القادم. رسالته للعالم كانت واضحة وبالأساس للفلسطينيين: إذا واصلتم طريقكم الحالي فإنكم لن تستفيدوا شيئا، هذه المرة بشأن السفارة الإسرائيلية، غدا تكون الأمور أكثر أهمية .

الاستراتيجية الفلسطينية ترتكز على افتراض ضعف قوة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في صالح روسيا، إضافة إلى العلاقات المهتزة بين واشنطن وأوروبا، فقد خلقت ظروف لإزاحة الولايات المتحدة من موقعها كوسيط حصري في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. ربما أن مشاكل ترامب الداخلية وزعزعة استقرار الحكم في إسرائيل لعب دورا في قرار الفلسطينيين للقيام بخطواتهم لتدويل الصراع، أي مصادرة الموضوع من أيدي الولايات المتحدة ونقله إلى الأمم المتحدة أو لأطر دولية أخرى.

الخطوة الأولية التي قام بها أبو مازن (البرنامج الفلسطيني للسلام) في مجلس الأمن، خليط من (التزييفات التاريخية العادية إلى جانب اقتراحات غير جديدة، لتحقيق اتفاق شكلي مع إسرائيل. حتى ذلك لم يُقل بصورة صريحة، فإن «الخطة» تلغي إطار المفاوضات بين الطرفين وتسعى إلى إلغاء القرار 242 لمجلس الأمن، الذي ربط الانسحابات الإسرائيلية بتحديد حدود آمنة.

العالم الكبير المنشغل بأزمات أخرى، بما فيها كوريا الشمالية تقريبا لم يهتم بالموضوع الفلسطيني، في لجنة الأمن التي عقدت في هذه الأيام في ميونخ او على سبيل المثال لقد تم دفع المسألة الفلسطينية تماما إلى الهامش. أيضا وضع مجلس الأمن في مركز الخطوة الفلسطينية كان خطأ، حيث ان أي إدارة أمريكية وبالأحرى إدارة ترامب لن تسمح لهذا الجسم قيادة أمنيات فلسطينية غير متناسقة مع سياستهم.

باستثناء الأقوال التي قالها السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة داني دانون بعد خطاب ابو مازن والرد القصير للحكومة أيضا إسرائيل انتقلت إلى جدول الحياة اليومي العادي. يوجد لإسرائيل حقا اقتراحات خاصة بها للنزاع مع فلسطين ولكن لن تطرحها علنا طالما أن الرئيس ترامب لم ينشر خطته للسلام، الأمر الذي حسب نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة المتوقع حدوثه ولكن، الرجل غير الموجود في المرحلة الحالية رغم أن ظله يحوم فيها، هو فلاديمير بوتين رئيس روسيا. منذ المبادرة المشتركة منذ السبعينات من القرن الماضي مع إدارة كارتر لعقد مؤتمر جنيف، وهي المبادرة التي أنزلها بيغن وديان والرئيس السادات عن السكة، فإن روسيا لم تلعب دورا هاما، وحتى أنها لم تطالب بالقيام بذلك للشأن الفلسطيني. رغم أنباء متناقضة أيضا ليس واضحا فيما إذا كان الرجل معنيا بتغيير ذلك الآن. مع ذلك الدور الهام الذي تلعبه الآن في الشرق الأوسط كنتيجة للتدخل العميق لها في سوريا إلى جانب الولايات المتحدة وإيران، من شأنه ان يخلق واقعا أيضا في السياق الفلسطيني، ولو من أجل شل معضلات محتملة فيما يتعلق بالمواجهة الثائرة ما بين إسرائيل وإيران في سوريا ولبنان، وإذا تطور ذلك إلى اشتعال كبير.

فقط شخص أحمق سيحاول أن يتوقع اليوم كيف ستتطور الأمور في سوريا. من المعقول الافتراض انه بالرغم من الاستقرار النسبي في وضع الرئيس الأسد، ذلك تم تحقيقه في روسيا وإيران الهدوء والمتانة لن تعود بسرعة هذا إذا عادت احتمالية اتفاق سياسي ما بين سوريا وإسرائيل والذي لم يكن أكثر احتمالا أيضا في السابق، يبدو انه ما زال مشكوكا فيه بالمستقبل، لكن بالتحديد بسبب ذلك ممكن للعلاقات الجيدة بين نتنياهو وبوتين أن تلعب دورا هاما في إطفاء الحرائق المحتملة في المجال السوري. التفاهمات الهادئة بشأن حيرة العمل (النسبي) لإسرائيل في سوريا قد اجتازت اختبار الأحداث الأخيرة، ومن شأنها ان تكون ذات أهمية في الشأن الفلسطيني.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى