مقالات مختارة

مسرحية ميونيخ استعراض الضعف: أليكس فيشمان

 

يقف رئيس وزراء إسرائيل أمام زعماء وخبراء أمن من أرجاء العالم ويلوح بحطام جناح طائرة بلا طيار، مثل دعائي انتخابات يحاول إثارة انطباع جمهور نائم بسحب الحمام من كمّيه. لحظة، الناس الذين يجلسون أمامه في المؤتمر في ميونيخ هم أناس مؤدبون، ولذا لم يسخروا منه بصوت عال. ولكن في داخلهم لا بدّ أنهم تساءلوا: ما الذي يفترض بالمسرحية الصبيانية أن تعبر عنه؟ ما هذا العرض لبؤس إسرائيل؟

إذ يعرف كل الخبراء بإن إسرائيل هي قوة عظمى في الطائرات غير المأهولة، الثانية في قدراتها في العالم بعد الولايات المتحدة. فالطائرات الإسرائيلية غير المأهولة، حسب مصادر أجنبية، حرثت في عشرات السنين الماضية سماء الشرق الأوسط صبحا مساء آلاف المرات. لا توجد دولة لم تطر فيها طائرات إسرائيلية غير مأهولة، وحسب مصادر أجنبية حتى سقطت بسبب هذا الخلل أو ذاك. فما الذي في الطائرة الإيرانية غير المأهولة يخيف إسرائيل جدا؟ غير أن نتنياهو لم يتحدث إليهم، بل تحدث للجمهور في البلاد الذي لا يزال يتأثر بـ «أحابيله» وبعناقات المجاملة من زعماء من العالم، تترجم على الفور في إسرائيل كإنجازات دبلوماسية غير مسبوقة.

ملك الكلمات والتخويفات عرض أيضا الصاروخ السوري الذي أصاب الطائرة الإسرائيلية الأسبوع الماضي كتهديد شبه وجودي. نحن في حرب، وإسرائيل أطلقت نارا نحو الأراضي السورية مئات المرات في السنوات الأخيرة. وحسب منشورات أجنبية، أطلقت إسرائيل نارا أيضا نحو أهداف أبعد بكثير. هناك تقارير عن طائرات إسرائيلية تطير فوق لبنان وسوريا ودول أخرى. ولكن عندما ينجح السوريون في إسقاط طائرة إسرائيلية حربية، في سماء إسرائيل، عندنا تنطلق على الفور صراخات النجدة والبؤس.

قرر أحدهم عملية غير ضرورية حقا، ترتبط أكثر بوعي العدو: ضرب منصة رقابة إيرانية على مسافة 300 كيلو متر عن الحدود. أسقطت طائرة إسرائيلية. فهل هذا يغير الوضع في الشرق الأوسط؟ يجعلنا مساكين؟ لا. هذا ثمن الحرب. ولكن لدى أحدهم رغبة في تضخيم الحدث من أجل تضخيم إحساس الخوف الوجودي للجمهور.

بشكل عام، لدولة إسرائيل سياسة أمن غريبة: نخرج لعملية، يقع خلل، وعلى الفور رد فعل شرطي: العقاب. وإلا فإن الجمهور في إسرائيل سيكون في حالة اكتئاب، ولعله يفقد الثقة بقيادته، ولعل إسرائيل تفقد الردع. وعندها نخرج في حملات العقاب، التي كل واحدة منها في كل نقطة زمنية من شأنها أن تشعل المنطقة. في قطاع غزة مثلا، كجزء من حملة العقاب على العبوة التي انفجرت على الجدار وأصابت أربعة مقاتلين، قصفت إسرائيل نفقا هجوميا. ما الصلة بين العبوة وقصف النفق؟ إذا كان هناك نفق تعرف عنه إسرائيل، فعليها أن تدمره من دون صلة بهذا العقاب أو ذاك. لماذا تحتاج أن تنتظر فشلا تنفيذيا ما كي تصلحه بعملية هي دوما حيوية، من دون صلة بالفضائل المعنوية والدعائية لها. صباح أمس شرح لها وزير شؤون الاستخبارات، إسرائيل كاتس بأن العبوة التي انفجرت هي جزء من مؤامرة إيرانية. يا للخوف. من حظنا أنه يوجد لدينا بيبي الذي يري الإيرانيين ما هي حطام طائرة غير مأهولة.

ينبغي أن نقول الحقيقة: أصر الجيش ألا يهاجم بشكل جذري منظومات مضادات الطائرات السورية التي عرضت للخطر طائرات سلاح الجو في السنتين الأخيرتين، باستثناء هجمات قليلة وغير ذات مغزى. والسبب بسيط: خافوا هنا من أنه بدلا من البطاريات التي ستدمر سيحصل السوريون من الروس على بطاريات أكثر تطورا. وقبل أسبوع تلقينا دليلا على أن هذا كان خطأ استراتيجيا. وبالتالي فمن أجل ماذا نعرض المسكنة الآن؟

يعرض رئيس الوزراء في ميونيخ إسرائيل كدولة وضع حول رقبتها حبل الإرهاب الإيراني. لا يوجد رجل مهني جلس في تلك القاعة في ميونيخ لا يقرأ من مصادر أجنبية ويفترض أن إسرائيل هي قوة عظمى نووية. إذن، عن أي دولة مسكينة يرفرفر خطر حبل المشنقة فوق رأسها يتحدث؟

يجب أن تعالج الحكومة ورئيس الوزراء بتصميم التهديدات الأمنية في غزة، وسوريا وإيران وفي كل مكان آخر، لا البكاء والعويل وتسخيف إسرائيل بعرضها كدولة تطاردها المخاوف.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى