مقالات مختارة

هل سترد مصر الجميل لحكومة نتنياهو؟: يوسي ميلمان

 

السبب الأساسي الذي لا يجعل التوتر في غزة يتصاعد ليصل إلى مواجهة واسعة هو المصادفة. ففي نهاية الأسبوع أيضا لم توقع الصواريخ التي أطلقت نحو إسرائيل ضحايا في الأرواح، ولم تلحق أضرارا. وردا على ذلك قصف سلاح الجو، لليلة الثانية على التوالي أهدافا لحماس. ولكن ردود فعل إسرائيل مُقَنْوَنَة وتحاول ألا توقع إصابات في الطرف الفلسطيني. وتطلق الصواريخ منظمات عاقة صغيرة، لا تقبل بإمرة حماس وتعمل على تحديها وإحراج حكمها. فهذه المنظمات معنية بجر إسرائيل لمواجهة مع غزة .

يواصل الوضع الاقتصادي للقطاع التدهور. فعدد الشاحنات التي تنقل البضائع من إسرائيل عبر معبر كرم سالم، انخفض بأكثر من 50 في المئة من نحو 800 في اليوم إلى 300. وسبب الانخفاض في كمية البضائع التي تنقل إلى القطاع ليس قيودا جديدة أو تشديد الحصار الإسرائيلي على القطاع، بل ضعف القوة الشرائية لـ 2 مليون فلسطيني يسكنون فيه. فليس لسكان القطاع المال، وإذا نفذت إدارة ترامب تهديدات الرئيس لتقليص المساعدات للسلطة الفلسطينية وللوكالة، فإن الضائقة في غزة، والتي من الصعب أن نتصور إلى أين يمكن أن تنزل أكثر، ستصل إلى ذرى جديدة.

في الحكومة وفي جهاز الأمن يعترفون بالحاجة العاجلة إلى الشروع في مشروعات لإعادة بناء اقتصاد القطاع. فقد اجتمع في بروكسل هذا الأسبوع مندوبو الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، ومرة أخرى طرحت أفكار ممتازة، ولكن أحدا لا يسارع إلى إدخال اليد إلى الجيب. عائق آخر هو الخلافات في الحكومة الإسرائيلية حول المساعدات، وبالأساس معارضة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لإعادة بناء القطاع إلى أن توافق حماس على نزع سلاحها وتجريد غزة من السلاح.

هذا لن يحصل. فحماس ستفضل الحرب على نزع سلاحها ـ الأمر الذي ترى فيه المنظمة وصفة للتصفية الذاتية الطوعية. في هذه المرحلة لا يوجد، ومشكوك أن يوجد، الحل للأزمة مع غزة. فالطرفان ـ حماس وإسرائيل ـ لا يريدان جولة حرب جديدة، ولكن ما يفصلنا في الأشهر الأخيرة، والتي تعاظمت فيها حالات إطلاق النار والحوادث النارية مع غزة، عن الانخراط في جولة جديدة هو الاحتمال الاحصائي فقط.

فعدم القدرة على تقليص مشاكل غزة محبطة أكثر من ذلك على خلفية التعاون الأمني الاستخباري الوثيق بين إسرائيل ومصر. ففي الماضي سبق أن نشرت أنباء في الصحافة الدُّولية أفادت بان إسرائيل توفر المعلومات الاستخبارية لقوات الأمن والجيش المصري التي تقاتل ضد منظمات الإرهاب في سيناء وعلى رأسها «لواء سيناء» الفرع المحلي لداعش. كما كانت تقارير، بما في ذلك ادعاءات من «لواء سيناء»، في أن سلاح الجو يُستدعى بين الحين والآخر للمساعدة في الهجمات.

وكشفت الـ «نيويورك تايمز» أمس النقاب عن كامل حجم هذه العلاقة حين بلغت عن أن سلاح الجو نفذ منذ 2015 نحو مئة غارة على أهداف إرهابية في سيناء بما في ذلك الإحباط المركز لنشطاء الإرهاب وزعمائه. وحسب النبأ، في هذه الغارات شاركت طائرات، مروحيات وأدوات طائرة غير مأهولة، أخفت علامات التشخيص الإسرائيلية التي عليها. وبدأت الغارات، بعد أن زرع الإرهابيون قنبلة وأسقطوا طائرة مسافرين روسية كانت تقل سياحًا من شرم الشيخ.

لإسرائيل بالطبع مصلحة عُليا في القضاء على الإرهاب في سيناء، الذي عمل في الماضي ضد إسرائيل أيضًا، ولا سيما بتكليف من حماس. ولكنها تتوقع بمقابل المساعدة العسكرية التي تقدمها إسرائيل في الحرب ضد الإرهاب، أن ترد لها مصر الجميل على المستوى الدبلوماسي وتلطف حدة مشروعات التنديد ضد إسرائيل، والأهم من ذلك أن تساعد في التخفيف عن إسرائيل في حل ضائقة غزة، وذلك ضمن أمور أخرى من خلال الموافقة على أن يقام ميناء في العريش ينقل البضائع إلى القطاع، وأن تزيد توريد الكهرباء وتقام محطة تحلية للمياه في الأراضي المصرية، مثلما اقترحت إدارة ترامب، وبالتأكيد أن توافق مصر على فتح معبر الحدود في رفح أمام حركة البضائع والأشخاص. ولكن مصر لا تفعل شيئا من كل هذا، وهي في واقع الأمر تلقي بغزة إلى بوابة إسرائيل وهكذا تقول: «هذه مشكلتكم».

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى