مقالات مختارة

سياسة إسرائيلية منفردة حيال غزة: غيورا آيلاند

 

إن خطابات أبي مازن الفظة الأخيرة، والأزمة بينه وبين الولايات المتحدة والاعتراف المتزايد بأنه لا يوجد حل سياسي للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني أدت جميعها إلى تقديرات بشأن انهيار متوقع للسلطة الفلسطينية او في الأقل انهيار الاتفاقات القائمة بينها وبين إسرائيل. ليس هذه هي المرة الأولى التي ينشأ فيها مثل هذا التقدير .

وفي نيسان 2002 شنت إسرائيل حملة «السور الواقي». وزير الدفاع في حينه فؤاد بن اليعيزر تخوف بالضبط من هذين الأمرين: انهيار السلطة وانهيار التسويات بينها وبين إسرائيل.

هذا لم يحصل في حينه، ولن يحصل الآن. فالمصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة لنا وللسلطة، مضاف إليها ارتباط البنى التحتية للطرقات، الكهرباء والماء، سيمنع أزمة حقيقية مندون صلة بهذه الإعلانات السياسية او تلك.

وبرغم ذلك، فإن الوضع في غزة معاكس. فالواقع الاقتصادي في القطاع من شأنه أن يؤدي إلى واحد من سيناريوهين: إلى مواجة عسكرية مشابهة لتلك التي كانت في 2014 أو أخطر من ذلك بكثير- خليط من الفوضى السلطوية إلى جانب أزمة إنسانية شديدة تدفع آلاف الغزّيين اليائسين نحو الجدار والتحرك إلى داخل إسرائيل. لقد نشأ هذا الواقع الخطير، ضمن أمور أخرى، بسبب خمسة أخطاء لإسرائيل.

في 2005 فكت إسرائيل ارتباطها عن غزة، ولكنها امتنعت عن خطوة سياسية كان يمكنها أن ترفع مسؤوليتنا عن القطاع. من ناحية القانون الدُّولي مكانة المنطقة لا يمكنها أن تكون إلا واحدة من ثلاثة: إما دولة (أو جزء من دولة)؛ إما منطقة برعاية دُولية؛ وإما أرض محتلة. والنتيجة هي أن غزة لا تزال تعرف كأرض محتلة من إسرائيل.

الخطأ الثاني والمتواصل هو أننا لم نعمل بشكل رسمي على الاعتراف بأن غزة هي دولة بكل معنى الكلمة. برغم أنها عمليًا هكذا.

الخطأ الثالث هو أنه في نهاية «الجرف الصامد»، وفي ضوء الاستعداد الدُّولي للمساهمة في إعمار غزة، أيدنا أن تقود الخطوة مصر وأن تتلقى السلطة الفلسطينية المال. وهكذا سمحنا لقطين سمينين حراسة القشدة، إذ أنه إذا كان هناك جهتان غير معنيتين بإعمار غزة تحت حكم حماس فهما بالضبط مصر وأبو مازن.

الخطأ الرابع هو أننا منعنا حلولا متوافرة، هكذا مثلا اقترحت تركيا أن توقف أمام شاطئ غزة سفينة مع مولد كهرباء ضخم قادر على أن يزيد انتاج الكهرباء في القطاع بعشرات من مئة. كان يمكن لهذا الحل أن يعمل بكامله في غضون عدة أسابيع. ولكن الأمر لم يُقر.

أما الخطأ الخامس فهو أننا نواصل خدمة أبي مازن الذي يدير حربا اقتصادية تهكمية ضد حماس، ولكن النتيجة هي انه لا توجد كهرباء وماء، والمجاري تفيض على ضفافها والبطالة هائلة.

من الواجب إجراء تغيير جذري وفوري في النهج ووضع استراتيجية ذات سبعة مبادئ:

الأول، العمل على الاعتراف بأن غزة هي دولة؛

الثاني، الاعتراف بأن الحكم في حماس يقرره سكانها. (وفي هذه المرحلة فإن الحكم الشرعي هو حكم حماس)؛

الثالث، الإصرار على أن تعطى التبرعات لإعمار غزة لحكومة غزة؛ الرابع، الاشتراط بأن أساس التبرعات تستهدف إقامة شبكات كهرباء، مياه ومجارٍ؛ الخامس، الموافقة على إقامة ميناء في غزة؛ السادس، حتى إقامة البنى التحتية تضاعف إسرائيل ضخ الكهرباء والمياه إلى القطاع؛والسابع، الضغط على مصر للسماح بآلاف من سكان غزة الخروج عبرها للعمل في الدول العربية.

غزة هي دولة عدو، على كل نار نحونا صحيح الرد والأنفاق صحيح التدمير، ولكن لا يمكن أن تقام السياسية فقط على العصي من دون الجزر، ولا يمكن الاعتماد على أن يوفر أبو مازن الجزر لغزة. حقيقة أن أبا مازن يعلن أن في نيته إلغاء الاتفاقات مع إسرائيل هي بالضبط الفرصة لتصميم سياسة إسرائيلية مستقلة تُجاه غزة والتوقف عن مراعاة إدارة الفلسطينيين في أن تواصل غزة والضفة كونهما كيانا سياسيًا واحدًا.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى