مقالات مختارة

قصف الأنفاق لإضعاف حماس: اليكس فيشمان

 

شدة الضجيج الذي تخلقه قنابل بمئات الكيلوغرامات التي تلقى من الجو مخيفة. ولهذا فقد وجد الجيش من الصواب أن يصدر بيان تحذير مسبق لسكان غلاف غزة قبل قصف النفق ليلة أمس الأول. عمليًا، كانت هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها إسرائيل بأن سلاح الجو يشارك مشاركة فاعلة في تدمير الأنفاق .

هذه المرة هاجم سلاح الجو فتحة نفق توجد قرب رفح على مسافة بضع مئات من الأمتار من حدود غزة. لم يكن سلاح الجو وحيدا في الهجوم. فقد دمر النفق أيضا من الأرض. ففي الأسبوع الماضي فقط، زار رئيس الأركان غلاف غزة كي يفحص مناورة نفذتها إحدى الوحدات الخاصة في الجيش وتضمنت سيطرة على نفق هجومي وتدميري. والتقنيات التي تم تطويرها في السنة الأخيرة طبقت منذ الآن في تدمير أربعة أنفاق في الشهرين الأخيرين، وهي آخذة في التطور فقط.

غير أن للتكنولوجيا ــ في العثور والتدمير للأنفاق التي تخرج من قطاع غزة ــ جانب سياسي أكثر تركيبا وتعقيدا بكثير. فمعالجة الأنفاق هي كالزحف في حقل ألغام. تكتشف لغما، ولغما آخر، وتتقدم ـ ولكن ليس لديك أي فكرة إذا كنت ستنجح في الوصول سليما إلى نهاية الحقل، أي أن تدمر كل الأنفاق حتى نهاية السنة من دون أن تتدهور إلى حرب.

صحيح حتى اليوم، فإن الحرب الشاملة مع غزة تتعارض والمصلحة الإسرائيلية. فمن شأنها أن تشوش استكمال العائق التحت أرضي والجدار الفاصل الجديد حول غزة وتؤدي إلى التدهور في الساحة الفلسطينية بشكل عام، وخلق مصاعب مع مصر، والأهم من كل ذلك: لا يوجد عنوان آخر يمكن نقل الحكم في القطاع اليه. أما السياسة الوحيدة الواضحة لإسرائيل فهي محاولة تجفيف حماس لإعطاء غزة وسيلة وجود للحد الأدنى، للسماح لها بإبقاء الرأس فوق الماء ـ ليس أكثر من ذلك، على أمل أنه في يوم من الأيام سنصل إلى صيغة تجريد القطاع مقابل الإعمار.

ببساطة لا يريدون عندنا تحطيم الأواني. مسموح الافتراض بأن إسرائيل يمكنها، على أساس الوسائل التي تحت تصرفها اليوم، أن تعرف بوجود مزيد من الأنفاق. من تجربة الماضي، في اللحظة التي يشخص فيها الجيش مسار نفق متسلل فإنه يحتاج إلى وقت غير طويل كي يستعد لتدميره. مسموح أيضا الافتراض بأن إسرائيل يمكنها أن تنفذ تدمير عدد من الأنفاق في آن واحد. ولكن حتى الآن اختارت أن تنفذ التدمير لكل نفق على انفراد، في مسافة زمنية كي تسمح للطرف الآخر أن يستوعب.

إن السياسة التي قررها جهاز الأمن هي من جهة دحر حماس إلى الزاوية والإيضاح لها أن سلاح الأنفاق يؤخذ منها ومن جهة أخرى عدم دفعها نحو خطوات يائسة. وبالتالي، عندما تطلق اليوم بين الحين والآخر صواريخ من غزة، يُعدّ رد الجيش هزيلًا جدًا. في هذه المسألة يوجد لوزير الدفاع ليبرمان دور مركزي في لجم حماسة زملائه في الحكومة، ممن يرون في كل صاروخ لا يرد عليه ضربة نار فتاكة نزعة انهزامية.

إن الاختبار الحقيقي، كما يقولون في جهاز الأمن، ليس في اختبار الصواريخ، بل في القدرة على مواصلة تدمير الأنفاق من دون أن يؤدي ذلك إلى تصعيد زائد. ولهذا فهم لا يدمرون على الفور كل نفق يكتشف. معقول جدًا الافتراض بأنه قبل كل تدمير للهدف يدرس المهنيون مزاج العدو.

يمكن لخطأ في التوقيت أن يكون ذا آثار سياسية إقليمية، ولهذا ينبغي الافتراض بأنهم يسعون إلى تلطيف حدة الرد من خلال خلق رواية تجعل من الصعب على الطرف الآخر أن يرد. في الحالة الأخيرة مثلا كلفت إسرائيل نفسها عناء النشر لتفرع النفق ـ الذي وصف كنفق تنفيذي لحماس ـ إلى داخل الأراضي المصرية أيضا. أي أنه نقلت في النفق وسائل قتالية ومقاتلون إلى غزة ومنها، تحت أنف السيد المصري.

الصور التي نشرها الجيش تفيد أن هذا نفق شاذ في حجمه يمكن أن تتحرك فيه سيارات أيضا. والآن يفحصون بالتأكيد ردود الفعل على النفق الرابع ويستعدون للنفق الخامس.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى