مقالات مختارة

لهذه الاسباب يتعامل حزب الله «ببرودة» مع “حرب المرسوم”: ابراهيم ناصرالدين

 

الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المنشغل في ترتيب «البيت الداخلي» الفلسطيني لتأطير المواجهة المفتوحة مع اسرائيل بعد اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لاسرائيل، والمنشغل ايضا في اعادة ترتيب الاولويات بعد الانتصار على «داعش» في سوريا والعراق، والمنشغل دوما في كيفية رفع مستوى جهوزية المقاومة لمواجهة اي احتمال لحرب مفتوحة في المنطقة، وهو القائد الذي يدير عمليا استراتيجية الدفاع عن محور المقاومة من اليمن الى بيروت، ملّ «الزواريب» اللبنانية الداخلية و«الكباش» السياسي الذي لا امل في نهاية قريبة له على ملفات قد تكون «حساسة» و«مهمة»، ولكن ليست ذات اولوية في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ لبنان والمنطقة… ولذلك فان الغرق في متاهاتها ليس الا تضييع للوقت والجهد لان اي من الاطراف الداخلية ليس في موقع يخوله تغيير الواقع، وكذلك لا تضع الاطراف الخارجية التغيير في لبنان ضمن اولوياتها، فالتفاهمات السياسية التي انتجت اتفاق الطائف مستمرة، ولا احد قادر على تعديلها، وكل الخلافات حول الصلاحيات تبقى تحت هذا «السقف»، وهذا يعني ان لا ازمة وطنية كبرى على «الابواب»، وطالما ان الاستقرار الامني مصان، والتوتر السياسي «مضبوط»، والانتخابات النيابية ليست في خطر، فليس من داع «للتوتر» او «الهلع»، وكل «الصراخ العالي» جزء من عدة «الشغل» الانتخابية، وبعد النتائج سيكون هناك كلام آخر انطلاقا من موازين القوى في المجلس النيابي الجديد

هذه القراءة الهادئة للازمة الراهنة في البلاد على خلفية الخلاف بين الرئاستين الاولى والثانية على مرسوم الضباط، تختصر بحسب اوساط مقربة من حزب الله، واحدة من اسباب «برودة» الحزب في التعاطي مع هذا «الكباش» بين حليفيه، خصوصا بعد ان نجح في الحصول على تعهد «مبدئي» من الطرفين بان تبقى الحكومة بمنأى عن هذا الصراع، اي عدم شل العمل الحكومي فيما تبقى من الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية، وعدم تعطيل مصالح الناس والدولة بفعل تجاذب سياسي من المتوقع ان يبقى على حاله… و«الكرة» الان في «ملعب» رئيس الحكومة سعد الحريري وعليه تحمل مسؤولية ايجاد مخرج للازمة بعد ان وقع المرسوم ثم عـاد وطلـب عدم نشـره بـعد تبلغّـه اعتـراض الرئيس بـري…وهذا يرتب عليه مسؤولية كبيرة لا يستطيع التهرب منها،والمطلوب الان تفعيل حركته «الخجولة»… ووفقا للمعلومات فإن «التفاهم» على ابقاء الحكومة على «قيد الحياة» لم ينسحب بعد على جملة أمور أخرى، وبينها عدم حصول التوافق حتى الان على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب قبل حلول موعد الدورة العادية في أول ثلاثاء بعد 15 آذار حيث يبقى انعقاد هذه الجلسة التشريعية العادية رهن ايضا بالاجواء السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية

واستبعدت تلك الاوساط ان ينعكس ما حصل خلال انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق قانون الانتخاب في السراي الحكومي توترا في العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر على الرغم من اعتراض الحزب على تعديل بعض مواد القانون لا سيما منها تلك التي تتعلق بانشاء «الميغاسنتر»، وكان الوزيرين محمد فنيش وعلي حسن خليل على «موجة» واحدة في الاجتماع في مواجهة الوزير جبران باسيل… الا ان عدم حصول اتفاق في «وجهات النظر» بشأن النقاط الخلافية لن يخلف في «الود قضية»، وهو امر سبق وحصل خلال النقاشات الحادة على قانون الانتخابات، وانتهت الامور الى تفهم كل طرف «لهواجس» الطرف الاخر… وفي هذا الاطار حصلت اتصالات «رفيعة المستوى» خلال الساعات القليلة الماضية بين «التيار» و«الحزب» لحصر الاضرار ووضع «النقاط على الحروف»، وستكون كل هذه القضايا قريبا على «طاولة» البحث، في لقاء من المنتظر ان يعقده السيد نصرالله مع الوزير باسيل، وذلك في اطار الاجتماعات الشهرية الدورية التي يحرص رئيس التيار الوطني الحر على عدم تفويتها، حيث يعلن عن القليل منها، ويبقى اكثرها بعيدا عن الاضواء.

ووفقا للمعلومات، فان التيار الوطني الحر ابلغ حلفاءه انه غير معني بتطيير الانتخابات، وما يحكى ان باسيل يرغب بطرح التعديلات لتأجيل موعدها حتى يتناسب مع موعد اختيار رئيس الجمهورية المقبل في خريف 2022، كلام غير واقعي ولا يمت الى الحقيقة بصلة، لان «التيار» غير واثق بالنتائج وهو يحتاج الى تجربة القانون الجديد، ولا يريد الدخول بمغامرة غير محسوبة النتائج، ومن هنا تبدو الحاجة ملحة لاجراء «بروفة» لاكتشاف الثغرات والعمل على سدها في الانتخابات «المصيرية» بعد اربع سنوات

وبحسب اوساط نيابية مطلعة، يرفض التيار الوطني الحر أي تفاهم على «سلة» متكاملة لما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، بعد ان رفض الرئيس بري بشكل قطعي ادخال اي تعديلات على القانون الانتخابي، الامر الوحيد المتفق عليه حتى الان هو تثبيت موعد الانتخابات نهائياً، وتبقى الخريطة التي سترسو عليها التحالفات مفتوحة على مصراعيها… حزب الله اطلق عمليا نقاشات داخلية لحسم من سيبقى من النواب الحاليين، ومن هي الشخصيات التي ستدخل لوائحه، ثمة ثلاث ثوابت حتى الان اولها وجود ارتياح واضح بأنه وحلفاؤه سينجحون في تكوين غالبية نيابية مريحة، والثابتة الثانية هي التحالف ضمن لوائح موحدة مع حركة امل، والثابتة الثالثة الالتزام بالتحالف مع التيار الوطني الحر على نطاق واسع مع الاقرار بوجود «فراق» سيحصل حكما في بعض الدوائر… في المقابل فان التيار الوطني الحر يرتاب من النتائج في اكثر من دائرة انتخابية، ويشعر بالحاجة «الملحة» لاستنهاض الناخب المسيحي، ولذلك تعمل بعض قيادته على التسويق لكلام مفاده «انه اذا كانت عودة الرئيس بري إلى رئاسة المجلس محسومة بالنسبة الى البعض، فهي ستكون «خجولة» لان مكون مسيحي اساسي لن يعطيه اصواته ردا على محاولاته اضعاف رئاسة الجمهورية، دون ان ينسوا التذكير بالموقف السلبي لرئيس المجلس من انتخاب الرئيس عون»…

وازاء هذه «المعضلة» غير القابلة للحل في غياب «الكيمياء» بين عون وبري، ثمة قرار حاسم لدى حزب الله بعدم خسارة اي من حليفيه، وهو يوازن بين مصالح الرئاستين الاولى والثانية، ويتعامل بحساسية شديدة مع الموقف كي لا يتحول الى جزء من مواجهة لا يريدها، على الرغم من تأييده «الضمني» لموقف رئيس المجلس في ملف «المرسوم»، لكنه لا يجد نفسه مضطرا لتعريض علاقته مع بعبدا لاي اهتزاز، وطالما لم تتجاوز الامور «الخطوط الحمراء»، سيبقى الحزب يدير التوازنات ويضبط «ايقاع» المشهد دون التدخل مباشرة على خط الازمة.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى