مقالات مختارة

لا بد من الإسراع بتصفية الأونروا: البروفيسور آريه الداد

 

في عهد حملة «الرصاص المصبوب» كان بنيامين نتنياهو رئيس المعارضة. وكان وعد أنه عندما سيصبح رئيس وزراء فلن يوقف الجيش الإسرائيلي قبل أن ينهار حكم حماس. وقد منحت له الفرصة في الجرف الصامد، ولم يفعل ذلك. يحتمل أن يكون رأى أن الثمن في حياة الإنسان سيكون جسيما جدا. يحتمل أن يكون رأى بالذات ميزة في حكم حماس في القطاع وفي الانقسام بين غزة ورام الله. يمكن أن نجادل فيما إذا كان مخطئًا أم محقًا .

على شيء واحد لا يمكن أن يكون جدال: كل زعيم إسرائيلي وطني ملزم بأن يقاتل ضد التطلعات القومية العربية لإقامة دولة في قلب وطننا، وضد مطالبتهم بأن تعترف إسرائيل بـ «مطلب العودة» للاجئين كي تشطب إسرائيل.

«حل مشكلة اللاجئين» هو حجر أساس في المطالب العربية من إسرائيل، مطلب نيته شطب إسرائيل كدولة يهودية. «اللاجئون» هم أيضا عنصر أساس في قدرة العرب على تجنيد الدعم الدُّولي في مصلحتهم، وهم أيضا مخزون القوة البشرية الأساس لمنظمات الإرهاب. «اللاجئون» لا يزالون موجدودين، حتى بعد 70 سنة من حرب الاستقلال، في مخيمات لاجئين في غزة، في يهودا والسامرة وفي الدول العربية. الظروف هناك صعبة. هذه مملكة الفقر، البطالة، الجريمة والإرهاب. المخيمات تديرها الأونروا: المنظمة الدُّولية «الخاصة» لـ «اللاجئين الفلسطينيين». هذه منظمة مزدهرة. بدأوا مع أقل من 700 ألفا في أواخر حرب الاستقلال، واليوم يوجد لهم أكثر من 5 ملايين. هم لاجئون إلى الأبد. الأحفاد وأبناء الأحفاد وأبناء أبنائهم، حتى بعد مئة جيل. اللاجئون في العالم يفقدون مكانة اللجوء بعد خمس سنوات، ولهذا فهم يجتهدون لإعادة التأهيل والتوطين.

وحدها الأونروا تربي على الطفيلية، على العيش على المخصصات، من تبرعات دول العالم، وعلى الحرب الخالدة ضد إسرائيل. زعماء الفلسطينيين يعترفون بالقيمة الهائلة للاجئين كسلاح سياسي، وطالما كان هذا منوطا بهم ـ فهم لن يعاد تأهيلهم أو توطينهم. والتعليم في مدارس الأونروا هو الكراهية الصافية لإسرائيل وجهاز لغسل الدماغ للإرهاب ضدنا. الأونروا هي أيضا رب العمل الأساس لمخربي حماس في غزة.

سنوات كثيرة وإسرائيل تندد بالتحريض والتعليم على الكراهية في مدارس الأونروا وتطالب بتصفية هذه المنظمة. ولكن أحدا في العالم لم يستمع لمطالباتنا. دول العالم واصلت تمويل المنظمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، المتبرعة الأساس لها.

ولكن ها هو قام رئيس جديد في الولايات المتحدة ـ ليس مستعبدا للأكاذيب وللدعاية العربية ـ لا يفهم لِمَ يتعين عليه أن يواصل التبرع لهم بالمليارات ويتلقى الإرهاب بالمقابل. وله مندوبة في الأمم المتحدة هي الأخرى ملّت الإرهاب العربي، وهما يَعِدان بتقليص المساعدة الأمريكية لهذه المنظمة. هذا هو أحد الأنباء الأكثر طيبة التي سمعناها في السنوات الأخيرة. ولكن ماذا فعل رئيس وزراء إسرائيل؟ صب الماء البارد ومنح كل الموظفين مؤيدي العرب في وزارة الخارجية الأمريكية سُلّمًا مريحًا للنزول عليه عن شجرة تصريح ترامب. لقد أعلن نتنياهو أننا وإن كنا نؤيد تقليص ميزانيات المنظمة، ولكن «بالتدريج».

يمكن أن نجد كل أنواع المعاذير الملتوية أو الأسباب العاجلة والمقنعة لمثل هذا التصريح: جهاز الأمن يحذر من الاشتعال في غزة إذا ما أقيل بضع عشرات آلاف المعلمين الذين يعملون بميزانيات الأونروا ويربون جيلا آخر على كراهية إسرائيل. لعل نتنياهو نفسه غير معني بمثل هذا الاشتعال في هذا التوقيت، أو أنه يخشى حقا الضرر الإنساني لسكان القطاع (عفوا. ليس حقا).

ولكن؛ أي من هذه الأسباب او المعاذير لا تتغلب على الفرصة التي تلوح مرة واحدة لأن نحل إحدى المشاكل الأساس للنزاع؛ مشكلة تستخدم مصدر وقود يحرك شعلة الكراهية. إسرائيل ستعرف كيف تتصدى للصعوبة المؤقتة، الاشتعال أو الأزمة الإنسانية (فكم من اشتعال كهذا سبق أن كان منذ فك الارتباط؟ ماذا «كسبنا» منها؟)، على أن نتخلص من هذا الشر المريض.

لا يمكن أن نعرف كم من الوقت سيحكم ترامب الولايات المتحدة، ومن سيأتي بعده. إذا كان ترامب مستعدا لأن يخنق الأونروا الآن ـ فيجب أن نشجعه، نساعده، لا أن نبرد حماسته. لا أن نقترح أن يتم هذا «بالتدريج»، روريدا رويدا، إلى أن ينتظم العرب فيجدوا تمويلا آخر. بالعكس. على إسرائيل أن تركز جهدا دبلوماسيا واسعا كي تقنع المزيد من الدول للانضمام إلى مبادرة ترامب. وان تري كل العالم بانه يكاد لا يكون تبقى «لاجئون فلسطينيون»، فقط انسال أنسالهم، ولا يوجد أي سبب يجعلهم يواصلون تمويلهم حتى نهاية كل الأجيال. ثمة بالتأكيد لنتنياهو الكثير من الضائقات والمشاكل العاجلة، ولكن أيا منها لا يشكل سببا لتفويت الفرصة التاريخية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى