مقالات مختارة

احتجاجات إيران: هل هي ثورة ملونة؟ ليلى نقولا

 

يتابع العالم باهتمام ما يحصل في إيران من احتجاجات في مناطق عدة، والتي سرعان ما استغلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليعلن أنه يدعم تلك الاحتجاجات، المراقبون والمحللون من الداخل الايراني يجمعون على أن لا وحدة للشعارات المرفوعة في المدن الإيرانية، فمن تظاهروا في مشهد مطالبهم تختلف عن مطالب المتظاهرين في طهران، وتختلف عن التظاهرات التي حصلت مدن أخرى كمدينة كرمنشاه، والتي خرجت أساساً بسبب الأوضاع الصعبة التي يعانيها شعب هذه المدينة من جراء الزلزال الذي ضربها .

يتابع العالم باهتمام ما يحصل في إيران من احتجاجات في مناطق عدة، والتي سرعان ما استغلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليعلن أنه يدعم تلك الاحتجاجات، ويذكّر العالم بما قاله في خطابه في الأمم المتحدة ضد إيران.

المراقبون والمحللون من الداخل الايراني يجمعون على أن لا وحدة للشعارات المرفوعة في المدن الإيرانية، فمن تظاهروا في مشهد مطالبهم تختلف عن مطالب المتظاهرين في طهران، وتختلف عن التظاهرات التي حصلت مدن أخرى كمدينة كرمنشاه، والتي خرجت أساساً بسبب الأوضاع الصعبة التي يعانيها شعب هذه المدينة من جراء الزلزال الذي ضربها.

إذًا هي مسببات اقتصادية، يتم استغلالها سياسياً لتقويض حكم الرئيس روحاني، والتي يعتقد البعض في الغرب وبعض دول الخليج، بأنها قد تشكّل فرصة تاريخية للإطاحة بالنظام الإيراني برمّته من خلال “ثورة ملونة”، كما حصل في العديد من دول العالم كاوكرانيا وجورجيا وبعدها تونس ومصر.

ولعل مقاربة هذا التصور ومدى صوابيته، تعيدنا إلى خصائص “الثورات الملوّنة” بالذات، وأهمها:

   تتمّ في نظام إستبداديّ في الأساس، لكنّه يقبل بالتّعددية وتتميّز بوجود أحزاب صوريّة متنوّعة من خلال نظام إنتخابات شكلي، أي أنّ النظام يقيم الانتخابات الشكلية من أجل تجميل صورته أمام العالم حتى لا يبدو كنظام مستبدّ، فيسمح بأحزاب تشارك في الإنتخابات من إتجاهات سياسيّة مختلفة دون أن يكون لها أي مشاركة حقيقيّة في القرار السّياسيّ.

   نتج عن رفضٍ عامٍّ من الشعب للقائمين على النّظام السياسيّ ولسياساتهم، يستتبعه شعورهم بالحاجة إلى تغيير هذه الوجوه وهذه السّياسات.

   تندلع بتحرّكات من قوى المعارضة بعد أن تتناسى خلافاتها وتتّحد تحت مظلّة واحدة محاولة الإئتلاف ساعيةً وراء إيجاد دورٍ فعّالٍ لها نظرًا لغيابها الملحوظ عن المشهد السّياسيّ.

     تقوم كردّة فعلٍ على الفساد المستشري في مؤسسات الدّولة متوازية مع تحرّك المجتمع المدنيّ والوسائل الإعلاميّة السّياسيّة.

   تتميّز بكونها إحتجاجات واسعة في الشوارع والميادين غالبًا ما تكون مليونيّة، تتّسم بالتّنظيم الشديد والغضب إلّا أنّها في الآن عينه تستخدم الطـّرق السلميّة للتعبير عن آرائها.

   ترفض أثناءها قوّات الأمن والجيش إطلاق النّار على المتظاهرين بدافع ذاتيّ أو مصلحيّ، فتنأى بنفسها فلا تقف مع طرفٍ على حساب آخر بل تنتظر من ينتصر.

وانطلاقًا مما سبق، يمكن القول أن معايير وخصائص الثورات الملونة، قد لا تنطبق على الوضع الإيراني بشكله الحالي، فالمعارضة الإيرانية أو من يخرجون للتظاهر اليوم لا يملكون برنامجًا موحدًا؛ فهناك المحافظون وهم أبناء الثورة الإسلامية، وهناك مؤيدو الملكية والمطالبون بعودة الشاه، وهناك من يريد الالتحاق بالغرب ورفض السياسات الإيرانية منذ الثورة ولغاية اليوم برمتها، وهناك من يرفع شعارات التحرر ورفض الحجاب وغيرها… وإذا دققنا في هذه العناوين لوجدناها تتباين بين بعضها البعض أكثر من تباينها مع السلطة الحاكمة في إيران.

ثانيًا، يختلف الأمر في إيران عن الدول التي قامت فيها ثورات ملونة، إذ شهدت إيران انتخابات برلمانية ورئاسية أدّت الى وصول الرئيس روحاني إلى السلطة بتأييد شعبي بلغت نسبته 57%، وهذا يعني أن الشعب الغاضب الذي خرج للتظاهر، لا تنعدم فرصه بالتغيير في حال قرر ذلك، إذ يمكن له أن يقوم بهذا التغيير من خلال الانتخابات التي تنعقد دوريًا في إيران.

ثالثًا، إن الشعارات التي يركّز عليها الغرب حول اعتراض المحتجين على الدور الإيراني في الشرق الأوسط، والتي يتم رفعها بشكل دائم في كل الاحتجاجات قد لا تعكس توجهًا عريضًا لدى الشعب الإيراني، بدليل أن استطلاعًا للرأي قام به مركز الدراسات العالمية والأمنية (جامعة ماريلاند) بالتعاون مع موقع الكتروني إيراني، في تموز/ يوليو 2017، أشار إلى أن نسبة 64.9% من المستطلعين أيدّوا الدعم العسكري الذي تقدمه بلادهم للرئيس السوري بشار الأسد وذلك بزيادة 2.3% عن السنة التي سبقتها.

رابعًا، إن التقاء المحافظين الإيرانيين مع توجهات البيت الأبيض ودونالد ترامب على هدف إلغاء الاتفاق النووي الإيراني وتقويض سلطة الرئيس روحاني، لا يعني بالضرورة أن مصلحتهما واحدة، إذ أن ترامب يريد إنهاء الثورة الاسلامية في إيران برمتّها وتغيير النظام ليصبح مواليًا للغرب، وهذا ما لا يريده المحافظون الإيرانيون بالتأكيد.

وعليه، يبدو أن الاحتجاجات في إيران لن تستطيع تحقيق التغيير السياسي للنظام الإيراني من الداخل الذي يطالب به الغرب، ولن تستطيع أن تحقق ما لم تستطع “الثورة الخضراء” أن تحققه عام 2009.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى