مقالات مختارة

نتنياهو يحتضن الشخص غير الصحيح: دان مرغليت

 

الفلسطينيون يستثمرون جهدا كبيرا في الدعاية التي تستهدف عرض الأمريكيين وسيطا غير نزيه في صراعهم مع إسرائيل. رفيف دروكر ذهب أبعد من ذلك وكتب هنا في 18/12 إن الأمريكيين لم يكونوا في أي يوم وسيطا نزيها. كل الرؤساء تظاهروا بأنهم كذلك، لكنهم قاموا بتأييد إسرائيل، ودونالد ترامب مزق القناع وأظهر الحقيقة التي تقول إن أمريكا ضد العرب .

لا توجد شواهد في تأريخ العلاقة مع الولايات المتحدة. الرئيس آيزنهاور كان متشددا ضد إسرائيل بعد عملية سيناء، جون كنيدي اقترب من القطيعة مع دافيد بن غوريون في سعيه المثير لإحباط بناء المفاعل النووي، موشيه ديان وصف أقوال جيمي كارتر بـ «قطار متوحش»، الذي هو مناهض لإسرائيل حتى الآن، ولكن بمؤهلاته المميزة توصل إلى اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.

في عهد كلينتون تم توقيع اتفاق سلام مع الأردن واتفاق أوسلو، التي حتى من يؤيدونها لا يصفونها مرجحة في مصلحة إسرائيل. براك أوباما وصل إلى منصبه وهو متنكر لاحتياجات إسرائيل واختار إلقاء خطابه حول الشرق الأوسط في القاهرة لا في القدس. ولكن في نهاية المطاف اهتم بأمن إسرائيل بسخاء برغم تحريض بنيامين نتنياهو الذي تسلل إلى بيته الوطني من النافذة الخلفية.

ترامب هو نوع مختلف من الزعماء، أقواله همجية وأسلوبه هائج، والعالم لا ينظر إليه بجدية، لذلك يستطيع أن يصدر أصواتا، كانت في أوقات أخرى ستنتهي بقطع العلاقات الدبلوماسية، لكن في عام 2017 لا تعتبر أكثر من تغريدات في تويتر.

في هذا السياق أصلح ترامب ظلما تأريخيا من خلال اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكن على طريقته ومن دون تفكير مسبق. ولو أن هنري كيسنجر كان إلى جانبه لكان بيقين سيقنعه بالاعتراف بغربي القدس عاصمة لإسرائيل وأن يضيف ملحوظة نيابة عن المتحدث باسمه، أنه من الواضح أنه في إطار الاتفاق مع الفلسطينيين سيكون حائط المبكى جزءا من السيادة الإسرائيلية. الهجوم الغامض على القدس بشكل عام، نوع من القدس العليا والقدس السفلى، من شأنه أن يبدو إنجازا سياسيا كبيرا جدا على مقاسات النزاع.

هناك مشكلتان ظهرتا الآن على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة. الأولى هي أن ترامب شخص غير متوقع. ربما نتنياهو الذي يعتبر نفسه مؤهلا سياسيا كبيرا، يعتقد أنه يستطيع الركوب على ظهر النمر، لكن ليس هناك ثقة بشأن ما يمكن أن تطرحه إدارة حظيت بتأييد كبير من القدس كحل للنزاع. ولكن هذا الأمر ما زال بعيدا ولا يظهر في الأفق. الثانية هي طبيعة العلاقة بين نتنياهو وترامب. من المريح للحكومة حتى هذه الأثناء (أو بشكل عام) أن ترامب هو الرئيس، لكن هذين الشخصين يتموضعان الآن في الرأي العام العالمي وفي بلادهما مثل توأمين سياميين سياسيين. نتنياهو يضر بإسرائيل وأمريكا عندما يبارك بشكل علني الرئيس، وسفيرته في الأمم المتحدة، حتى لو كانت أقواله ترضي «أنا» ترامب.

من الجيد أن الولايات المتحدة تفرض الفيتو في مجلس الأمن على نية المس بتصريح ترامب حول مكانة القدس. ولكن نتنياهو متمسك به ولا يتركه. من الأفضل أن يقوم المتحدث بلسان وزارة الخارجية أو وزير في الحكومة بشكر السفيرة نيكي هيلي، حتى لو كانت أقواله سيكون لها صدى أقل في وسائل الأعلام العالمية. كل ذلك بسبب أن التماهي السيامي هذا يعمق الاغتراب نحو إسرائيل من جانب أعضاء الحزب الديمقراطي والليبراليين في الحزب الجمهوري. في يوم ما ستدور الدائرة وعندها ستجد إسرائيل نفسها ملتصقة بالرئيس الأمريكي الـ 45 الذي كان من أكثر الزعماء إخجالا في تأريخ بلاده. عناق الدب في وسط المدينة هو ضد إسرائيل. يجب أن نذكر ما الذي حدث لها عندما وجدت نفسها ملتصقة بنظام الابرتهايد الأبيض في جنوب أفريقيا، هذا ليس الحالة نفسها، لكنه الحرج نفسه.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى